عبد الرزاق مقري: الإسلاميون وجدوا مشقة في العبور خلال الربيع العربي لكنهم بصدد التأسيس لمسار نظري جديد
تاريخ النشر: 9th, July 2023 GMT
يعتقد الرئيس السابق لحركة "مجتمع السلم" عبد الرزاق مقري -في الجزء الثاني من حديثه لبرنامج "المقابلة"- أن الإسلاميين في الوطن العربي يفتقرون إلى الأدوات الفكرية التي تسمح لهم بالتعامل مع تناقضات الحكم، مؤكدا أن ممارسة الدعوة غير ممارسة السياسية، لكنه يرى أن التيارات الإسلامية بصدد التأسيس لمسار نظري جديد.
ويقول إن الإسلاميين لديهم مشكلة فكرية في كيفية التعامل مع الاستبداد، وكيفية التعامل مع المجتمعات المعقدة، مبرزا أنه في مرحلة الدعوة كان التعامل مع مجتمعات بسيطة بخطاب ديني يوائم الجميع، ولكن عندما دخل الإسلاميون مجال العمل السياسي، وجدوا الوضع يختلف.
ويذكر مقري أنهم في حركة مجتمع السلم الجزائرية قرروا الحفاظ على سيادتهم واستقلاليتهم من دون الدخول في صدام مع الحكم، وأنهم لا يقبلون بأن يبتلعهم النظام أو يدجنهم.
وبالإضافة إلى أزمتهم الفكرية، يعاني الإسلاميون -حسب مقري وهو أيضا الأمين العام لمنتدى كوالالمبور للفكر والحضارة العالمي- أزمة ممارسة، إذ صارت الحركات الإسلامية ترتكب أخطاء كثيرة بسبب نقص الخبرة، فضلا عن مشاكل أخرى تتعلق بمناهج العمل ومناهج التغيير.
وحسب ضيف حلقة (2023/7/9) من برنامج "المقابلة"، فقد وجد التيار الإسلامي مشقة في العبور خلال أحداث الربيع العربي، لأن الإسلاميين لا يملكون -ما سماه- "فكرا مؤسسا ومؤصّلا"، فأغلبهم لا يقرؤون عن الاقتصاد، ولا عن علم الاجتماع، ولا عن العلاقات الدولية.
لكنه في المقابل، يعتقد أن الإسلاميين، الذين دخلوا الآن في مسار وهدف جديد وهو المنافسة على الحكم، بصدد التأسيس لمسار نظري جديد، ومن ثم فإن الأخطاء التي ترتكبها الحركات الإسلامية أمور طبيعية، لأنها تجرب في شيء جديد، موضحا أن ما يحدث في هذه المرحلة هو "التقاء بين صيرورة تاريخية وحتمية نصية"، متوقعا أن منهج الإسلاميين سيُضبط وستنتقل الفكرة الإسلامية إلى الدولة.
وفي السياق نفسه، يوضح أن الإخوان المسلمين في مصر لم يخفقوا في تحقيق الهدف الذي اشتغلوا عليه العقود الماضية، وهو الدعوة، لكنهم دخلوا في مسار جديد وهو المنافسة على الحكم، فوجدوا صعوبات وعراقيل، مؤكدا أن الاستبداد هو سبب الأزمة التي وقعوا فيها، وحسب رأيه، فإن صراع الإسلاميين مع الأنظمة ليس سببه أنهم إسلاميون، بل لأنهم ينافسون على السلطة.
تقييم تجربة الإخوانوعن تجربة جماعة الإخوان المسلمين في مصر، يقول السياسي الجزائري إن هذه التجربة هي الأبرز على المستوى الدعوي، لكنها متأخرة على المستوى السياسي عن التجارب التي عرفتها بعض الدول مثل الجزائر والمغرب وموريتانيا والكويت.
ويضيف أن الإخوان في مصر ارتكبوا أخطاء سياسية كبيرة جدا، أبرزها أنهم تخلفوا عن الالتحاق بالثورة الشعبية وخرجوا منها قبل الوقت، فبعد إسقاط نظام حسني مبارك شرعوا في الحوار مع المجلس العسكري، وهذا كان خطأ، باعتبار أنه كان يتعين عليهم عدم السماح بأن تكون المرحلة الانتقالية بيد المجلس العسكري وحده.
وكان من المفترض -يواصل المتحدث- أن يكون لدى الإخوان المسلمين حرص شديد بشأن مسألة خوض الانتخابات على مستوى الرئاسة، خاصة أن قرارهم الجازم كان يقضي بألا تنافِس الحركة الإسلامية على الرئاسة، كاشفا عن أن الإخوان لاموا بشدة حركة مجتمع السلم، عندما رشحت رئيسها الشيخ الراحل محفوظ نحناح لخوض الانتخابات الرئاسية في الجزائر عام 1995. ويرى أن جماعة الإخوان المسلمين كان عليها أن تدخل الانتخابات في مصر بتوافق.
يذكر أن الدكتور مقري سياسي وبرلماني جزائري، وهو عضو مؤسس لحركة مجتمع السلم عام 1991، ورافق مؤسسها محفوظ نحناح منذ البداية. ولد مقري في أكتوبر/تشرين الأول 1960 في ولاية المسيلة، وانخرط في الدعوة الإسلامية عام 1974 في سن 14 عاما. وله عدة كتابات ومؤلفات، منها "صدام الحضارات" و"الحكم الصالح وآليات مكافحة الفساد" و"الانتقال الديمقراطي في الجزائر: رؤية ميدانية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی مصر
إقرأ أيضاً:
إنجازات مضيئة وأثر بارز.. جهود الأعلى للشئون الإسلامية خلال 2024
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
واصل المجلس الأعلى للشئون الإسلامية مسيرته المتميزة خلال عام ٢٠٢٤، محققًا إنجازات واسعة النطاق في مجالات الدعوة والفكر والثقافة، تجسدت في عدد من الفعاليات والمؤتمرات والأنشطة التي تؤكد دوره الريادي في خدمة الإسلام والمجتمع، وجائت الإنجازات كالتالي:-
أقام المجلس الأعلى للشئون الإسلامية المؤتمر الدولي السنوي الخامس والثلاثين تحت عنوان «المؤتمر الدولي الأول للواعظات: دور المرأة في بناء الوعي»، الذي انعقد في الفترة من ٢٥ إلى ٢٦ أغسطس، مسلطًا الضوء على أهمية المرأة ودورها المحوري في تعزيز الوعي الديني والفكري.
ونظم المجلس ملتقى الفكر الإسلامي بمسجد الإمام الحسين رضي الله عنه، خلال شهر رمضان المبارك، إذ اجتمع العلماء والدعاة لمناقشة قضايا الإيمان والتقوى، مقدمين رؤى ثرية حول القيم الإسلامية.
وحرص المجلس أيضًا على تعزيز دوره في نشر القرآن الكريم، إذ شارك في تنظيم النسخة الحادية والثلاثين من المسابقة العالمية للقرآن الكريم، وأقام النسخة الخامسة من مسابقة الطلاب الوافدين الدارسين بالأزهر الشريف، والتي توّجت بفوز إحدى المتسابقات وتمثيل ٢٠ متسابقًا في المسابقة العالمية.
واستكمالًا لدوره الثقافي، نفذ المجلس ثمانية معسكرات تثقيفية استهدفت الأئمة والواعظات والطلاب الوافدين، مقدمًا برامج تدريبية متقدمة تهدف إلى تطوير مهاراتهم وتعزيز وعيهم الديني. كما أقام المجلس ٢٧ معرضًا لعرض وبيع مطبوعاته، أبرزها مشاركته في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته ال٥٥، محققًا إيرادات تجاوزت ١.٦٥ مليون جنيه.
وعلى صعيد الإصدارات، قام المجلس بطباعة ٣٦ كتابًا جديدًا، من بينها ترجمة «المنتخب في تفسير معاني القرآن الكريم» إلى الروسية والألمانية والإنجليزية، إضافة إلى إصدار ١٢ عددًا من مجلتي «منبر الإسلام» و«الفردوس»، اللتين تم تحويلهما لاحقًا إلى نسخ إلكترونية متطورة.
وفي إطار دعمه للطلاب الوافدين، قدم المجلس ٤١٠٠ منحة دراسية للدارسين بالأزهر الشريف، إضافة إلى تصدير تسع مكتبات علمية تضم ١٤٤٤ كتابًا علميًا إلى تسع دول مختلفة، ما يعزز دوره في نشر الفكر الوسطي عالميًا.
من ناحية أخرى، شهد العام عقد عدد كبير من الفعاليات العلمية والثقافية، منها ثماني لجان علمية وأربعة صالونات ثقافية، إضافة إلى تنظيم ٦٥ مجلس حديث في المساجد الكبرى، تخللتها قراءة كتب مثل «الأربعون النووية» و «موطأ الإمام مالك» و «صحيح الإمام البخاري».
عمل المجلس كذلك على تطوير موقعه الإلكتروني ليواكب مكانته العلمية والثقافية، وتم إنشاء مركز إعلامي متخصص لنشر كل ما يتعلق بأنشطة المجلس، بما في ذلك المؤتمرات والمعارض والمجالس الحديثية؛ ما عزز من تواصله مع الجمهور.
سعى المجلس إلى الحفاظ على التراث الإسلامي، إذ كلف مجموعة بحثية بالبحث عن الكتب والتسجيلات النادرة؛ ما أثمر عن اكتشاف تلاوات قرآنية نادرة وكتب تراثية قيمة سيعاد نشرها للاستفادة منها.
أولى المجلس اهتمامًا خاصًا باللغة العربية، إذ نظم احتفالات إلكترونية بمناسبة يوم اللغة العربية على صفحاته الرسمية طوال أسبوع كامل، ما يؤكد التزامه بدعم اللغة وتعزيز مكانتها.
كما أقام المجلس معرضًا خاصًا عن آل البيت في مساجدهم، مسلطًا الضوء على الجوانب الإنسانية المشرقة من سيرهم، لتكون مصدر إلهام للأجيال في بناء مجتمع متماسك أخلاقيًا وروحيًا.
واستكمالًا لجهوده في دعم التراث، نظم المجلس تدريبًا ميدانيًا لطلاب كلية أصول الدين بالمنوفية، لتعليمهم كيفية تحقيق كتب التراث، وهو ما يؤكد اهتمامه بتأهيل الكوادر العلمية الشابة.
اهتم المجلس أيضًا بتطوير بنيته التحتية، إذ تم تجديد أساس المقر وترتيبه بما يليق بمكانته بوصفه مؤسسة علمية وثقافية، بما يعزز من قدرته على تقديم خدماته بجودة وكفاءة.