أثار تحريض مجلة عسكرية إسرائيلية لجيش الاحتلال على الهجوم على لبنان، وإيران، وكذلك توجيه ضربة استباقية لمصر، الجدل والتساؤلات حول مدى تغير الخطاب الإسرائيلي مع القاهرة، خاصة وأن المجلة الصادرة عن وزارة "الدفاع" لدى الكيان اتهمت مصر بتسليح حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وانتهاك إتفاق السلام مع "تل أبيب".



ومنذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ويشن الكيان الصهيوني حربا دموية على قطاع غزة استهدفت تهجير نحو 2.3 مليون فلسطيني من أراضيهم إلى مصر، وقامت بعمليات قصف دموي وغزو بري أدت إلى استشهاد أكثر من 11 ألفا وإصابة أكثر من 27 ألف فلسطيني، في ظل صمت عربي وإدانة دولية لحركة (حماس)، العدو الأول للكيان المحتل.


"هجوم على مصر والسيسي"
لكن، التحليل الذي كتبه الطيار المقاتل السابق وقائد "السرب 101"، المقدم لدى الاحتلال يورام بيليد، الاثنين الماضي، بمجلة "يسرائيل ديفنس"، جاء تحت عنوان "على إسرائيل أن تهاجم لبنان وتهدد حقول النفط الإيرانية، وإذا لزم الأمر، فإن إسرائيل مطالبة بتهديد مصر، وإذا لزم الأمر، الهجوم على جميع الجبهات".

وقال الكاتب: "نشأت حولنا جيوش من (القتلة) بتشجيع ومساعدة إيرانيين، ولكن ليس فقط، بل وتدعمهم مصر ولبنان وسوريا وتزودهم بالبنية التحتية والأسلحة"، في إشارة إلى دعم المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي.

وزعم أنه يجري إعداد الحركات المسلحة المناهضة لإسرائيل بكميات هائلة من الأسلحة، مدعيا أن "مصر تغض الطرف عن ذلك"، فيما انتقد في المقابل، توقيف وسجن مصر، لسائح إسرائيلي دخل سيناء وفي حقيبة ظهره رصاصا.

بل ذهب الخبير العسكري الإسرائيلي إلى اتهام مصر بانتهاك اتفاق السلام مع إسرائيل "كامب ديفيد 1978"، قائلا إنها "تنتهكه بشكل صارخ دون أي رد إسرائيلي خوفا من الإضرار بالاتفاق".

وادعى أن المصريين خالفوا الاتفاقية التي مر على توقيعها برعاية أمريكية 45 عاما، وقاموا ببناء 3 مطارات عسكرية في سيناء، وأقاموا معسكرات عسكرية دائمة، وأوجدوا قوة قوامها 100 دبابة في رفح، وأنشأوا 6 معابر أسفل قناة السويس إلى سيناء، وبنوا 3 محطات رادار.

لكنه وبرغم وصفه لرئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي بالصديق، إلا أن تحليل المجلة الصادرة عن الجيش الإسرائيلي اتهمه بالعمل ضد إسرائيل، قائلا: "السيسي (صديقنا) يعمل ضدنا بإصرار".

ويرى المحلل الإسرائيلي أن حرب غزة الجارية كشفت الإخفاقات الاستراتيجية، التي تراكمت منذ الاتفاق مع مصر، مطالبا الجيش الإسرائيلي بعدم الثقة الزائدة، مشيرا لإخفاق القبة الحديدية في وقف "طوفان الأقصى" 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ومطالبا بتطوير القوات الجوية الإسرائيلية لتكون قادرة على مواجهة التحديات.

وأشار إلى ضرورة "الهجوم" و"المباغتة"، مبينا أنهم في حروب 1948، و1956، و1967، و1973، حاربوا جيوشا نظامية وتفوقوا عليها وكانت "الاستراتيجية هي الهجوم أولا، ونقل الحرب إلى أراضي العدو".

وقال نحن نعتمد "على مصر التي حرصت على تسليح حماس، وتنتهك بشكل علني أي اتفاق مع إسرائيل دون خوف"، مؤكدا أنه يجب "تحذير مصر من أية انتهاكات وتسليح حماس، وخلق ورقة تهديد ضدها، واستخدام القوة إذا لم يتحقق ذلك".


"ليس الاتهام الأول"
تحليل المجلة العسكرية يأتي بالتزامن مع اتهامات وجهها الموقع العبري المحسوب على تيار اليمين الإسرائيلي المتشدد "بحدري حريديم"، لمصر، الاثنين الماضي، زاعما قيام القاهرة بتسليح المقاومة الفلسطينية في حماس، والسماح بدخول أسلحة مضادة للدبابات عبر الأنفاق، وبالشاحنات القادمة من مصر لغزة.

الموقع العبري، قال إنه "قبل سنوات، واجهت القوات الإسرائيلية الحجارة والزجاجات الحارقة التي ألقاها الفلسطينيون، أما هذه الأيام فيواجه الجيش الإسرائيلي أسلحة مثل الصواريخ الموجهة بالليزر والأسلحة المضادة للدبابات في غزة".

"نكران إسرائيلي"
المثير هنا في الاتهامات الإسرائيلية لمصر، أنها تاتي بعد نحو 10 سنوات من العمل الجاد الذي قامت به حكومات السيسي، وقادة الجيش المصري في حماية أمن الاحتلال.

وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، قال السيسي، لقناة "فرانس24" الفرنسية، إنه لن يسمح بأن يتم تهديد أمن إسرائيل من خلال سيناء، أو أن تكون قاعدة لتهديد الجيران، معلنا عن اتخاذه إجراءات أمنية مشددة لتنفيذ قوله.

وهو الأمر الذي أكد عليه السيسي، مرارا كان أشهرها خلال كلمته بالأمم المتحدة في نيويورك في أيلول/ سبتمبر 2017، حين دعا للمفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل "من أجل ضمان أمن المواطن الإسرائيلي".

وفي كانون الثاني/ يناير 2019، قدم السيسي "اعترافا نادرا" وفق وصف وكالة "رويترز"، بوجود تعاون أمني وثيق مع إسرائيل في شبه جزيرة سيناء، وذلك خلال مقابلة مع شبكة (سي.بي.إس) الإخبارية الأمريكية، حيث أكد حينها أن تعاونه هو "الأوثق والأعمق مع إسرائيل".

وعلى الأرض، قام الجيش المصري بتعليمات من السيسي، بهدم الأنفاق بين مصر وقطاع غزة، بتفجيرها تارة وإغراقها بمياه البحر المتوسط تارة أخرى، فيما أقام منطقة عازلة على الحدود المصرية مع غزة، قبل تهجير سكان المنطقة بالكامل، ما اعتبره مراقبون تجفيف لمنابع حماس، وزيادة في حصار قطاع غزة، الذي يمثل صداعا في رأس الاحتلال.


"التنصل من كامب ديفيد"
وفي قراءته لتحليل المجلة التابعة لجيش الاحتلال، والموقع المتشدد، وما قد يحمله من دلالات على تغيير لغة الخطاب الإسرائيلي مع مصر، قال الأكاديمي والمؤرخ المصري الدكتور عاصم الدسوقي، إن "مواقف إسرائيل وتصرفاتها ضد مصر ناشئة من محاولة مصر التنصل من شروط اتفاقية كامب ديفيد".

الدسوقي، وفي حديثه لـ"عربي21"، أكد على ضرورة قراءة هذه الإتفاقية التي وصفها بـ"المعيبة"، مؤكدا أنها "كانت مصيدة لمصر"، موضحا أنها "تمنع الجيش المصري من وضع أسلحة ثقيلة على الحدود".

ولفت إلى أن "كامب ديفيد، تشترط أيضا، استخدام المطارات المصرية في سيناء استخداما تجاريا لجميع الدول، وليس استخداما عسكريا"، مبينا أنها كذلك "تمنع مصر من القيام برد فعل لتصرفات إسرائيل مع أى دولة عربية".

"خطير وكاشف"
وحتى كتابة هذا التقرير، لم يصدر رد فعل رسمي مصري ينفي عن القاهرة الاتهامات الإسرائيلية بتسليح من دعتهم المجلة بـ"القتلة"، وعن اتهامها الجيش المصري بخرق اتفاقية السلام مع إسرائيل، وكذلك تهديد مصر بالهجوم عليها.

لكن، إعلاميون موالون للنظام المصري بينهم أحمد موسى، ومصطفى بكري، تناولوا مقاطع من تقرير المجلة الإسرائيلية، والموقع العبري، واعتبروا أن حديثهما يمثل تهديدا لمصر، مشيرين إلى أن رفض مصر عمليات تهجير الفلسطينيين إليها هو سبب ذلك الموقف.

بكري، السياسي والبرلماني أيضا، وصف تحليل "يسرائيل ديفنس" بأنه "خطير"، واعتبره "يحرض ضد مصر"، ناقلا فقرات من التقرير وخاصة قول المجلة إن "إسرائيل مطالبة بتهديد مصر، إذا لزم الأمر، وعلى تل أبيب الهجوم على جميع الجبهات".

وعلق بكري بالقول إنه "يكشف نوايا العدو الإسرائيلي ضد مصر"، مشيرا إلى "نوايا إسرائيل تجاه مخطط التهجير إلي سيناء"، ومؤكدا أن "مصر ليست لقمة سائغة"، وموجها رسالته للجيش الإسرائيلي بقوله: "سندفنكم في رمال سيناء إن فكرتم المساس بذرة تراب من أرض مصر المقدسة".

التقرير الذي نشرته اليوم مجلة ( إسرائيل ديفنس ) الصادرة عن وزارة الدفاع الإسرائيليه هو تقرير خطير ، ويحرض ضد مصر . التقرير تضمن إتهامات ضد مصر نصها الحرفي كالآتي :-
- قالت : إسرائيل مطالبه بتهديد مصر ، إذا لزم الأمر ، وعلي تل أبيب الهجوم علي جميع الجبهات
- قالت : إن الشرق الأوسط… — مصطفى بكري (@BakryMP) November 14, 2023

كما عرض بكري، لبعض اتهامات موقع "بحدري حرديم"، وزعمه بأن معظم ترسانة الأسلحة التي تمتلكها حماس جاءت من مصر، وتم تهريبها عبر الأنفاق من سيناء، وعبر الشاحنات التي تتحرك بين مصر وغزة.

وتساءل بكري، "ماذا وراء هذه الإدعاءات؟، وماذا تعني هذه الإتهامات؟"، مؤكدا أنها "استمرار لسياسة الاستفزاز، وكيل للاتهامات التي لا تخفى أهدافها عن أحد"، مؤكدا أن "مواقف مصر واضحة ومعروفة للقاصي والداني، وسياسة جر الشكل لن تجد معنا".

موقع إسرائيلي متشدد ( بحدري حرديم) يدعي أن معظم ترسانة الأسلحه التي تمتلكها ( حماس ) جاءت من مصر ، وتم تهريبها عبر الأنفاق من سيناء ، وعبر الشاحنات التي تتحرك بين مصر وغزه . ماذا وراء هذه الإدعاءات ، وماذا تعني هذه الإتهامات. . إنها إستمرار لسياسة الإستفزاز وكيل الإتهامات التي… — مصطفى بكري (@BakryMP) November 13, 2023
"ابتزاز وتلميع"
من جانبه، يعتقد الخبير في الشؤون السياسية والاستراتيجية الدكتور ممدوح المنير، في حديثه لـ"عربي21"، أن "تقرير مجلة وزارة الدفاع الإسرائيلية المحرض على السيسي، لا يعدو سوى نقطتين".

وقال إن "الأولى: أنها محاولة (تلميع) للسيسي"، موضحا أنهم "يدركون أن الشعوب العربية والإسلامية غاضبة وساخطة على السيسي، نظرا لإغلاقه معبر رفح، وتجويع 2 مليون فلسطيني".

"فضلا عن قتلهم بعدم استقبال الجرحى، ومنع الوقود، وإدخال الغذاء، حتى وصل به التدني إلى رفض استقبال أطفال حضانة مستشفى الشفاء، التي اقتحمتها قوات الاحتلال".

وأضاف: "وعليه فهم يدركون أن مهاجمة مجلة إسرائيلية، له، نقطة يمكن أن يستغلها لصالحه، فأعطوها له، وهذه سياسة صهيونية قديمة ومعروفة".

النقطة الثانية، بحسب رؤية المنير، أن "هناك رأي معتبر داخل دوائر صنع القرار الإسرائيلي، تقول إن السيسي فشل في منع تهريب السلاح لغزة، وبالتالي يتم الضغط عليه حاليا لابتزازه لأقصى درجة، وجعله ينفذ حرفيا ما يُطلب منه".

وأشار الباحث المصري إلى أنه يجب "ألا ننسى أن السيسي، ولخنق المقاومة ومنع تهريب السلاح أزال مدينة رفح المصرية من الخارطة، وبنى الجدار العازل، وقام بعمل قناة مائية لغمر الأنفاق".

وتابع: "وقلم أظافر قبائل سيناء، و ترك للكيان الصهيوني حرية الحركة داخل سيناء، ورصدت تقارير إعلامية عديدة أخبارا عن تواجد مسيرات صهيونية تدخل وتخرج بحرية من وإلى الأراضي المصرية".

وخلص للقول إن "السيسي، في الحقيقة كنز الصهاينة الاستراتيجي، وسيتم الإستفادة منه حتى يصبح ورقة مهترئة لا فائدة منها، وستتحرر غزة وفلسطين بعد تحرر القاهرة من هذا الطاغية".

وفي نهاية حديثه أكد على أنه "لم يحدث تغيير في الخطاب الإسرائيلي تجاه نظام السيسي، وإنما ابتزاز وتلميع وفقط"، ملمحا إلى أن هذا التحريض لزيادة عملية الابتزاز لمصر والحصول على مكاسب أكثر من نظامها.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مصر فلسطيني مصر فلسطين جيش الاحتلال سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الخطاب الإسرائیلی الجیش المصری مع إسرائیل کامب دیفید لزم الأمر مؤکدا أن إلى أن ضد مصر

إقرأ أيضاً:

برلماني: قرار الرئيس السيسي بالإفراج عن 54 من أبناء سيناء يقوي النسيج الوطني

ثمن النائب أحمد نويصر، عضو مجلس النواب، قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بإصدار عفو رئاسي عن 54 من المحكوم عليهم من أبناء سيناء، مؤكدًا أن هذا القرار يعكس حرص القيادة السياسية على تعزيز الاستقرار الاجتماعي وتحقيق العدالة والمصالحة الوطنية.

وأكد نويصر، في بيان له، أن الإفراج عن هؤلاء المحكوم عليهم يعد خطوة إيجابية نحو تقوية النسيج الوطني وتعزيز الثقة بين الدولة وأهالي سيناء، الذين لعبوا دورًا محوريًا في دعم جهود الدولة في مكافحة الإرهاب وحماية حدود الوطن.
وأضاف عضو مجلس النواب، أن هذا القرار يأتي في إطار توجه القيادة السياسية نحو دعم التنمية المستدامة في سيناء وتعزيز الاستقرار فيها، بما يتيح لأبنائها المساهمة الفعالة في نهضة مصر.


وأوضح النائب أحمد نويصر، أن الرئيس السيسي يواصل اتخاذ قرارات تاريخية من شأنها تحقيق التوازن بين تطبيق القانون وتحقيق المصالحة المجتمعية 
ولفت عضو مجلس النواب، إلى أن الإفراج عن أبناء سيناء يعكس إدراك الدولة لأهمية دعم أبنائها ومشاركتهم في مواجهة التحديات، خاصة في المناطق التي عانت لفترات طويلة من الإرهاب وعدم الاستقرار.


وتابع النائب أحمد نويصر، أن هذا القرار سيكون له أثر إيجابي على عائلات المفرج عنهم، مما يعزز روح التضامن والتلاحم الوطني، ويشجع على المشاركة الفعالة في بناء المجتمع وتنميته.


وأشار عضو مجلس النواب، إلى أن الدولة المصرية تثبت مجددًا التزامها بتحقيق العدالة وتعزيز الحقوق والحريات، بما يدعم التنمية الشاملة ويحقق الاستقرار.
وطالب النائب أحمد نويصر، بضرورة استمرار دعم الدولة لأهالي سيناء من خلال مشروعات تنموية حقيقية تساهم في تحسين مستوى المعيشة وفتح آفاق جديدة أمام الشباب، مؤكدًا أن سيناء كانت وستظل جزءًا لا يتجزأ من مشروع بناء الجمهورية الجديدة.

مقالات مشابهة

  • رياضة شمال سيناء: معالجة التحديات التي تواجه الأسر الأولى بالرعاية
  • التضامن تشارك فى ورشة عمل حول تعزيز دور المجتمع المدني المصري فى قضايا تغير المناخ
  • التضامن تشارك بورشة "تعزيز دور المجتمع المدني المصري في قضايا تغير المناخ"
  • إسرائيل تقتل 5 صحافيين في غزة في قصف سيارتكم التي تحمل رمز الصحافة
  • محلل إسرائيلي: إستراتيجية إسرائيل ضد حزب الله يمكن أن تغير موقف الحوثيين وتمنع هجماتهم
  • «الأرصاد» تحذر من تغير مفاجئ في طقس الساعات المقبلة: 3 ظواهر تضرب البلاد
  • أيمن غفرة: قرار العفو عن 54 من أبناء سيناء تعكس حرص الرئيس السيسي على تعزيز التسامح
  • برلماني: قرار الرئيس السيسي بالإفراج عن 54 من أبناء سيناء يقوي النسيج الوطني
  • إسرائيل: حماس تراجعت عن التنازلات التي أدت لاستئناف مفاوضات غزة
  • مجدي مرشد يثمن قرار الرئيس السيسي بالعفو عن 54 من أبناء سيناء