* حسن جاسم النويس، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي للمجموعة في «M42»

هنالك قول مأثور في الطب «عالج الأسباب وليس الأعراض»...

كفل التطور التكنولوجي على مر العصور تعزيز قدرات المتخصصين في قطاع الرعاية الصحية القائم على التقنيات، على الرغم من أن هذا التطور جاء على مراحل ولم يكن أبداً وليد لحظة واحدة. ونتيجة الحاجة لسلسلة طويلة من الخطوات لتحقيق التطور المنشود، كانت القدرة على تقديم أفضل الخيارات العلاجية للمرضى محدودة نسبياً، لاسيما وأن العديد من التقنيات التي كانت تظهر بين حين وآخر ضمن رحلة التطور المذكورة، استهدفت الأعراض الدالة على تدهور الصحة، وابتعدت بشكل أو بآخر عن التعمق في الأسباب.

والأمر ذاته ينطبق أيضاً على أزمات الرعاية الصحية الكبرى التي شهدها العالم، فضلاً عن الأزمة الأكبر التي تلوح في الأفق، والمتمثلة بتغير المناخ.

وفي تبدل جذري عما عهدته البشرية منذ فجر تاريخها، شهدنا في عام 2023 لحظة فارقة مع ولادة العديد من التقنيات الكبرى في فترات زمنية متقاربة، مبشرة بإمكانية تأسيس منهجية تكنولوجية سباقة وقادرة على إحداث نقلة نوعية في قطاع الرعاية الصحية. فظهور تقنيات حفظ السجلات الرقمية، وأدوات التشخيص المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وتقنيات الجينوم المتطورة، وعلاجات الخلايا الجذعية وزيادة معدلات العمر، مكننا من تكوين فهم شامل لحالة أي مريض. وفي ضوء ذلك، أصبح بوسعنا تقييم احتياجات الرعاية الصحية بين أفراد المجتمع واجتثاث أسباب المرض من جذورها، والمضي نحو أفضل المخرجات العلاجية الممكنة بذكاء وفطنة.

إن هذه المنهجية التكنولوجية لتقديم حلول الجيل المقبل في قطاع الرعاية الصحية مهدت الطريق لولادة M42. وكشركة متكاملة للرعاية الصحية وقائمة على التقنيات الحديثة تعد الأولى من نوعها في القطاع، نواصل تطوير أحدث التقنيات الطبية الناشئة وأفضل خدمات المرضى وإدخالها ضمن منشآتنا العالمية للرعاية الصحية والمنتشرة حول العالم، لينعم المرضى بالرعاية الدقيقة والشخصية والوقائية.

فهذه أسسنا الأخلاقية والقوّة الدافعة لرحلة نمونا. فنحن نبحث دائماً عن أفضل الشركاء ونغتنم فرص التعاون المثمرة لتحسين خدماتنا في قطاع الرعاية الصحية القائم على التقنيات. وما استحواذنا مؤخراً على ديافيرم، إلا دليل جليّ على التزامنا هذا، إذ أنها ثالث أكبر مزود في العالم لخدمات غسل الكلى، ولديها 440 عيادة حول العالم، إلا أن تركيز الشركة على توفير أفضل مستويات الرعاية المصممة خصيصاً لتلبية احتياجات المرضى وتطلعاتهم، واعتمادها على أحدث الابتكارات الرقمية، جعل من استحواذنا عليها خطوة حيوية، ليس على مستوى جدوى الأعمال فحسب، وإنما نظير تقاسمها معنا ذات القيم والأولويات.

إن معالجة القضايا المعقدة التي تتسم بعمق التأثير وطول الأمد على غرار الصحة والعافية العامة والاستدامة البيئية، تستدعي إقامة علاقات تعاون بنّاءة على مختلف الصعد. فالأهمية هنا ليست لتفوق مزود خدمات ما، بل لإنشاء منظومة صحية متكاملة وقائمة على أحدث التقنيات، وتطبق أفضل الممارسات وقادرة على تقديم أكثر الخيارات العلاجية كفاءة وإتاحتها على نطاق واسع والاستمرار بتطويرها لمواكبة كل جديد.

أخبار ذات صلة سلتيكس ينقض على «صدارة الشرق» سكالوني يكشف الحالة الطبية لميسي

ومع اقتراب موعد انعقاد مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP28، ستكون عيون العالم شاخصة على استضافة دولة الإمارات لهذا الحدث الهام. وخلال قمة المناخ هذه، ستخضع العلاقات والروابط الممكنة بين القطاع الصحي والتغير المناخي للحوار والنقاش بشكل أكثر تفصيلاً من أي دورة سابقة للمؤتمر. وضمن جدول أعمال دورة هذا العام، ستنظم منظمة الصحة العالمية ومجموعة من الشركاء الرئيسيين يوم الصحة الأول من نوعه على الإطلاق في تاريخ 3 ديسمبر، ليحظى الحضور بفرصة استكشاف ومناقشة الجوانب الحيوية للعلاقة بين الصحة والمناخ، مثل الحوارات الصحية للعمل المناخي، وتدابير التكيف والمرونة الصحية، وأفضل السبل للتعلم من قصص نجاح كل دولة أو منطقة.

لا يمكن أبداً التقليل من شأن هذا التركيز المتصاعد على الجوانب الصحية خلال مؤتمر الأطراف COP28، فهو يؤكد على العلاقة الوثيقة بين الصحة والمناخ، وأن أي تقدم يتم إحرازه في أحد هذين المجالين سيؤثر على الآخر دون أي هامش للشك، في حين أن الفشل في التعامل مع تحديات أيّ من القطاعين سيؤثر عليهما معاً. فعلى سبيل المثال، تزهق الأمراض المنقولة بالمياه حياة 3575000 شخص كل عام، في حين يعاني ملايين الأشخاص من الأمراض بسبب المياه الملوثة. لذلك فإن تعزيز الأمن المائي على مستوى العالم وتوفير المياه الصالحة للشرب يساهم في تجنب هذه المعاناة الجماعية بالكامل. وبصورة مماثلة، فإن إدخال التقنيات المتطورة في قطاع الرعاية الصحية يؤسس قطاعاً أكثر ذكاء واستدامة، ويعزز كفاءته بالنسبة لممتهني الرعاية الصحية، تزامناً مع تقليص النفايات الطبية والخطيرة والحد من الانبعاثات، ناهيك عن أن القطاع سيلعب دوراً أكبر في إلهام المرضى لعيش حياة أكثر صحة وأقل اعتماداً على الاستهلاك، وهو أمر يساهم في نهاية المطاف بزيادة الفوائد المناخية.

ودعماً لمساعي COP28 المتعلقة بالصحة، ستعمل M42 على حشد جهود مختلف المعنيين لتقليص البصمة الكربونية للقطاع، مع تعزيز سبل تقديم الرعاية لمجموعة من أكثر سكان العالم عرضة للخطر الناجم عن التداعيات للمناخية.

وسيقدم COP28 دعوة شاملة لحشد جهود التعاون، وسيذكر جميع المعنيين بأن السرعة هي عنصر حاسم على مستوى استشراف المستقبل المنشود للمناخ والصحة. فعلينا أن نتحلى بالجرأة، للاستفادة من إمكانات كل شيء متاح، بدءاً من التشخيص التنبؤي إلى التقنيات الصحية القابلة للارتداء، والاستمرار بإعادة التقييم لمدى ملاءمتها لمنظومة للرعاية الصحية المستمرة في التبدل، لتكون أكثر قدرة على تلبية احتياجات المستخدمين النهائيين.

ندرك أن وجود تجارب لم يُكتب لها النجاح عند تبني التقنيات الناشئة هو أمر قد يسبب القلق والتردد، لاسيما عندما يكتنف طريق التنفيذ على نطاق أوسع نوعاً من الغموض. ومع ذلك، فإن هذه الأسباب ليست كافية لتثنينا عن الاستثمار فيها، فالتجارب الجريئة، والتعاون الأوسع، هي فرص لا تتكرر كثيراً.

بالتعاون مع زملائنا من مقدمي الرعاية الصحية، يتحتم علينا تعزيز آفاق التعاون بين مختلف القطاعات، وهو أمر يمكننا من إيجاد أفضل السبل المتاحة للمضي قدماً عند تأسيس المعايير والاستفادة من التقنيات الجديدة. وستكون الشراكات والتحالفات على المستويين الاستراتيجي والتكتيكي أمراً حاسماً لتجنب أي تجارب فاشلة، مع الاستمرار بتوجيه تركيزنا نحو هدف محدد للاستفادة من التقنيات الناشئة وتحسين صحة الجميع.

وبالنسبة للجمهور العام، ستكون الدعوات المستمرة والدائمة للعمل المناخي ضرورية لضمان توجيه التركيز العالمي إلى مكانه الصحيح، وتخطي أكثر تحديات البيئة والصحة العامة صعوبة في تاريخ البشرية.

المصدر: الاتحاد - أبوظبي

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: فی قطاع الرعایة الصحیة من التقنیات

إقرأ أيضاً:

خبيرة : الطاقة الإيجابية تعتمد على ترتيب المكان وليس على الخرافات

أكدت خبيرة علم طاقة المكان، سها عيد، أن الاعتقاد بوجود أدوات سحرية لجذب المال وتحريك الطاقة، مثل "المعلقة السحرية" أو الحجاب، هو أمر بعيد تمامًا عن الصحة.

وأوضحت عيد، خلال تصريحاتها في برنامج صالة التحرير على قناة صدى البلد، أن علم طاقة المكان، المعروف بـ"الفينج شوي"، هو علم هندسي يعتمد على دراسة المسارات غير المرئية للطاقة في المكان، والتي تؤثر بشكل كبير على سلوك الإنسان وحالته النفسية.

وأشارت إلى أن تحقيق التوازن في طاقة المكان يتطلب الانتباه إلى عوامل مثل اتجاه دخول الشمس، ألوان الغرف، وترتيب الأثاث. 

وأكدت أهمية وضع السرير في اتجاه جغرافي صحيح للحصول على نوم هادئ وطاقة إيجابية.

واختتمت عيد حديثها بتشجيع الناس على الاعتماد على الأسس العلمية لترتيب أماكنهم بدلاً من تصديق الخرافات التي لا أساس لها من الصحة.

مقالات مشابهة

  • مؤتمر بطب جنوب الوادي يناقش التقنيات الحديثة فى أمراض الباطنة والكلى
  • «الصحة»: المضادات الحيوية لا تُعالج الإنفلونزا ونزلات البرد
  • وزارة الصحة: 7 أعراض تكشف عن سرطان البنكرياس مبكرا
  • عاجل - كوريا الجنوبية تعدل سياسات الرعاية الصحية لمواجهة أزمة الإضراب الطبي
  • تعاون مثمر بين هيئة الرعاية الصحية وجامعة بورسعيد
  • خبراء: الذكاء الاصطناعي سيقود مستقبل الرعاية الصحية
  • خبيرة : الطاقة الإيجابية تعتمد على ترتيب المكان وليس على الخرافات
  • لقاء في عدن يناقش سير إعداد مسودة استراتيجية خدمات الرعاية الصحية
  • 6 آلاف مستفيدًا من خدمات الرعاية الصحية المنزلية في الشرقية
  • ترامب يختار جراحًا أمريكيًا مسلمًا لتولي إدارة مراكز الرعاية والخدمات الصحية