يعتبر اليمن من الدول التي ركزت بدرجة رئيسية على الجانب العسكري والتسليح طوال الأعوام الماضية، بالنظر إلى الاضطرابات والصراعات المزمنة وطبيعة النظام السياسي والمجتمع القبلي وتضخم التشكيلات العسكرية.

 

ويفاقم دخول اليمن طرفاً في الحرب الإسرائيلية على غزة، من الإنفاق العسكري وسط أزمات اقتصادية ومالية ومعيشية خانقة تعيشها البلاد.


والتهم التسليح معظم الموارد المتاحة في اليمن، في ظل استحواذ الإنفاق العسكري على النسبة الأكبر في ميزانيات البلاد التي كانت وفق خبراء اقتصاد عبارة عن موازنات شبه عسكرية بسبب عدم الاستقرار وطبيعة النظام السياسي في إدارة الدولة، وصولاً إلى الحرب الأخيرة الدائرة منذ عام 2015 التي كشفت عن ترسانة ضخمة من الأسلحة تستحوذ عليها أطراف هذه الحرب.


ووصل حجم الموازنة العامة للدولة في اليمن، وفق آخر موازنة قبل الحرب في 2014، إلى نحو 8 مليارات دولار، حيث استحوذ الإنفاق العسكري والتسليح على حوالى 25%، وخصص نحو 35% من الموازنة العامة لتغطية بند المرتبات الخاصة بموظفي الدولة في الجهازين المدني والعسكري، إذ تلتهمها المرتبات العسكرية الملغمة بالكشوفات الوهمية بنسبة كبيرة.


كذلك يقدَّر إجماليّ الإنفاق العسكري في تحليل لبنود وبيانات الموازنة العامة للدولة في اليمن في آخر موازنة للبلاد قبل عام 2014 بنحو 4% من إجمالي الناتج المحلي، فيما تتصدر البلاد مشهد الصراعات الدولية المتأججة أخيراً والمتصاعدة بشكل واسع مع تدفق القطع والسفن البحرية للدول الكبرى في المنطقة. وأقرت الحكومة اليمنية العام الماضي مشروع الموازنة العامة للدولة لعام 2022، ومشاريع موازنات الوحدات المستقلة (عن الوزارات) والملحقة، والصناديق الخاصة، لأول مرة منذ ثمانية أعوام، دون أن تحدد قيمة الموازنة المخصصة للجانب العسكري.


في السياق، يربط الباحث الاقتصادي عمار سعيد، في حديثه لـ"العربي الجديد"، بين طبيعة اليمن وموقعها الجغرافي الاستراتيجي، وبين الاهتمام العسكري والتركيز الكلي على التسليح، إذ تتحكم البلاد بأهم الممرات التجارية الدولية على البحر الأحمر، وذلك من خلال باب المندب، أو موقعها على البحر العربي ونافذة للقرن الأفريقي، إضافة إلى موقعها الاستراتيجي في طريق الحرير، وصولاً إلى الحرب البشعة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة.
يرصد مراقبون في تصريحات لـ"العربي الجديد"، تدفقاً واسعاً للأسلحة إلى اليمن بشكل كبير طوال السنوات القليلة الماضية، مع بروز منافذ تهريب واسعة للأسلحة، يبدو أنها كانت بإشراف بعض الدول الكبرى، بالتزامن مع تموضع بعض الكيانات والتشكيلات العسكرية في مواقع ومناطق محددة، كالحديدة وباب المندب والمخاء وسواحل البحر الأحمر، وخليج عدن والبوابة الشرقية لليمن في المهرة وسقطرى وحضرموت، وكذلك شبوة.
واشار الخبير في الاقتصاد السياسي خالد مرغم، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى الصراعات الدولية المحتدمة بين المحور المتمثل بأميركا وأوروبا وإسرائيل، والمحور الذي تمثله الصين وروسيا ودول أخرى، انعكس على اليمن بشكل واضح مع تركيز كل محور على دعم ومساندة وتسليح حلفائه والموالين له في البلاد.


وجاء ذلك، مع تغير كلي لسياسة الإنفاق العسكري واتباع استراتيجيات مختلفة عن الآلية التي كانت متبعة في سنوات من قبل عام 2014، حيث كانت تجري وفق تعامل منفرد بين وزارة الدفاع التي تتقدم بميزانية سنوية لوزارة المالية لاعتمادها، بينما تقوم وزارة المالية بمراجعة وتدقيق الميزانية كما تعمل مع كل الوزارات، وتُخصص الموارد وفقاً لآلية محددة لفترة تصل إلى 6 أشهر، بحيث لا يُخضَع الإنفاق العسكري لأي تدقيق أو مراجعة من خارج وزارة الدفاع، حسب مرغم.


وتعتمد الموازنة العامة في اليمن على الموارد النفطية والغازية بدرجة أساسية بنسبة تتعدى 80%، وقد واجه اليمن صعوبات وعقبات في إدارة الموازنة العامة للدولة في ظل توقف صادرات النفط والغاز وعدم القدرة على تحصيل بقية الموارد العامة من الضرائب والجمارك وتشتتها بين أطراف الصراع الدائر في البلاد.


ويؤكد خبراء اقتصاد أن اليمن يعاني بسبب هذه الصراعات والإنفاق العسكري المتضخم من فقر مزمن وتعثر في تنمية القطاعات الاقتصادية الواعدة التي تساهم في التخفيف من حدة البطالة المتوسعة، إذ يتطرق الخبير الاقتصادي صادق علي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن كل ذلك كان على حساب تفتيت البلاد والعبث بمواردها الشحيحة المتاحة والهيمنة الدولية على ثرواتها الطبيعية وموقعها الاستراتيجي، لافتاً إلى أن الوقت قد حان لتضع جميع الأطراف خلافاتها وتتوحد فيما بينها في ظل المخاطر المحدقة التي تلوح في المنطقة مع استمرار تمدد الحرب الإسرائيلية وتوسعها، واستمرار مجازرها البشعة في غزة والدول الداعمة لها، والتي تكثف بشكل غامض وجودها بالمنطقة.


ويعاني اليمن من فقر يتجاوز 80% مع توسع البطالة واقتراب عدد العاطلين من العمل من تجاوز حاجز 5 ملايين شخص، بينما مخصصات الموازنات العامة في اليمن خلال السنوات الماضية للتعليم وقطاعات الزراعة والمعادن والاستثمار والأسماك والرعاية الاجتماعية لم تتجاوز 15%.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن اقتصاد الإنفاق العسكري اسرائيل غزة الموازنة العامة للدولة الإنفاق العسکری العربی الجدید فی الیمن

إقرأ أيضاً:

حرب غزة ترفع الإنفاق العسكري الإسرائيلي 65% في 2024

زاد الإنفاق العسكري الإسرائيلي 65% في عام 2024 إلى 46.5 مليار دولار، بفعل الحرب على غزة وتداعياتها، لتكون هذه الكلفة الحربية الأكبر منذ حرب الأيام الستة عام 1967 على مصر وسوريا والأردن.

وحسب تقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام السنوي حول الإنفاق العسكري لكل دولة، والذي نقلت صحيفة غلوبس الاقتصادية الإسرائيلية ما يخص إسرائيل، فإن "الإنفاق العسكري في الشرق الأوسط سيصل إلى ما يُقدر بنحو 243 مليار دولار في عام 2024، بزيادة 15% عن عام 2023، و19% عن عام 2015″. وفي ديسمبر/ كانون الأول 2024 وحده، بلغ الإنفاق العسكري الإسرائيلي 5.7 مليار دولار.

وعلى مدار العقد المنتهي بنهاية عام 2024، ارتفع الإنفاق العسكري الإسرائيلي بنسبة 135%، ما رفع إسرئيل من المركز 14 عالميًا من حيث حجم ميزانية الدفاع في عام 2023 إلى المركز 12 في عام 2024، متجاوزةً بولندا، وإيطاليا.

وأشارت صحيفة غلوبس في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، إلى أن إسرائيل تحتل المرتبة الثانية عالميًا من حيث الإنفاق العسكري كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، بعد أوكرانيا، ويقدر معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام هذه النسبة بـ 8.8%.

الإنفاق العالمي

يشار إلى أن الإنفاق العسكري العالمي في العام 2024 شهد أكبر زيادة له منذ نهاية الحرب الباردة، ليصل إلى 2.7 تريليون دولار، نتيجة الحروب والنزاعات الدائرة حول العالم، وفق معهد ستوكهولم.

إعلان

وارتفع الإنفاق بنسبة 9.4% في عام 2024 – وهو العام العاشر على التوالي من الزيادة – مقارنة بعام 2023.

وقال شياو ليانغ، الباحث في برنامج "الإنفاق العسكري وإنتاج الأسلحة" في المعهد إن "هذا يعكس بوضوح التوترات الجيوسياسية الشديدة. إنه أمر غير مسبوق. إنها أكبر زيادة منذ نهاية الحرب الباردة".

وأشار التقرير إلى أن أكثر من 100 دولة زادت ميزانياتها الدفاعية العام الماضي.

مقالات مشابهة

  • الجارديان: وعد ترامب بالسلام في اليمن لكنه جلب معه زيادة سريعة في عدد الضحايا المدنيين (ترجمة خاصة)
  • الإنفاق العسكري العالمي يسجل أعلى مستوى له منذ نهاية الحرب الباردة
  • حرب غزة ترفع الإنفاق العسكري الإسرائيلي 65% في 2024
  • رئيس الوفد الوطني المفاوض: الوحشية الأمريكية لن تغطي الفشل العسكري في العدوان على اليمن
  • تجاوز 2.72 تريليون دولار.. الإنفاق العسكري العالمي يسجل أرقاماً قياسية
  • 2.72 تريليون دولار.. الإنفاق العسكري العالمي نحو أعلى زيادة منذ الحرب الباردة
  • ارتفاع قياسي في الإنفاق العسكري العالمي خلال عام 2024.. الأكبر منذ الحرب الباردة
  • ارتفاع قياسي بالإنفاق العسكري العالمي خلال عام 2024.. الأكبر منذ الحرب الباردة
  • زيادة قياسية في الإنفاق العسكري العالمي خلال 2024
  • الإنفاق العسكري العالمي يسجل أعلى مستوى له منذ نهاية الحرب الباردة: هل نحن على حافة سباق تسلح جديد؟