قام الفريق البرهان هذا الأسبوع بزيارتين هامتين إلى كل من كينيا وإثيوبيا على التوالي، والبلدين يلعبان دوراً هاماً في الإتحاد الأفريقي والايقاد، جاءت هذه الزيارات في أعقاب مؤتمر مهم في المملكة العربية السعودية تناول الشأن السوداني كما تستضيف المملكة السعودية عملية جدة لسلام السودان، وقد شاركت الايقاد في الجولة الأخيرة من المحادثات.



السؤال الجوهري هنا: هل تتأتي زيارات الفريق البرهان إلى نيروبي وأديس أبابا في إطار التكتيكات القديمة المتمثلة في شراء الوقت والمناورة لإطالة آمد الحرب بهدف كسبها؟ أم أنها تعني تغييراً استراتيجياً في الاتجاه نحو تعبئة المنطقة لوقف الحرب وإنهائها؟

بغض النظر عن النوايا الأساسية خلف هذه الزيارات فانها قد اتخذت اتجاهًا معاكسًا للتكتيكات الإسلاميين والمؤتمر الوطني التي ترمي للتبضع في سوق المبادرات، مع العلم ان الإسلاميين يلعبون دورًا محوريًا في تشكيل سياسات القوات المسلحة السودانية. وقد حاول الإسلاميون عبر وزارة الخارجية استغلال التناقضات الإقليمية واختلاف المصالح لإطالة آمد الحرب أملاً في الفوز بها.

لذلك يجب أن تكون هذه الزيارات موضع ترحيب من قبل الحركة المدنية المناهضة للحرب، حيث يمكن لهذه الزيارات أن تخدم بشكل استراتيجي توحيد المنابر ومبادرات السلام المختلفة. بالإضافة إلى ذلك ستساعد الزيارات في خلق مناخ مواتي بين دول الإيقاد وإزالة العوائق أمام مبادرة الإيقاد، والتي حاول الإسلاميون والمؤتمر الوطني تخريبها .

علاوة على ذلك، يمكن استخدام هذه الزيارات كفرصة جديدة لتعزيز بيئة العمل بين عملية السلام في جدة والاتحاد الأفريقي والإيقاد وينبغي استغلال هذا الزخم وهذه البيئة على الفور، باعتبارهما فرصتين عظيمتين لإنشاء منبر موحد لعملية السلام في السودان، وخاصة بين الإيقاد والاتحاد الأفريقي، والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة.

جدير بالذكر أن البيئة الجديدة توفر فرصة لتطوير إطار عمل بين المجتمعين الإقليمي والدولي، وخلق شراكة لتحقيق السلام في السودان، وينبغي أن يشمل ذلك دول الخليج، ومصر، وتشاد، وإريتريا، والأمم المتحدة، وأوروبا، والترويكا. وعلينا أن نستخدم الزخم الحالي ونحافظ عليه لأنه قد يغير قواعد اللعبة إلى الأفضل.

الفريق البرهان وقيادة الجيش:

لقد نفذ الفريق البرهان وقيادة الجيش أجندة المؤتمر الوطني في انقلاب 25 أكتوبر وحرب 15 أبريل، وعلى الرغم من الدمار المروع فإن لديهم فرصة لتحويل الكارثة إلى منفعة وبالتالي يحتاج الفريق البرهان إلى النظر في زياراته إلى نيروبي وأديس أبابا بشكل استراتيجي من أجل:

1. توحيد المنابر على نحو استراتيجي لخدمة مصالح السودان، ووقف الحرب من خلال تحديد أولويات واضحة لمعالجة الأزمات الإنسانية والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
2. إعادة تأسيس الدولة السودانية على أساس الديمقراطية، والمواطنة بلا تمييز، مع بناء قوات مسلحة غير مسيسة ومهنية، تعكس التنوع السوداني وتكون مرآة للوحدة في التنوع.
3. إكمال مهام ثورة ديسمبر وتكوين حكومة مدنية انتقالية، مع دور فعال للمدنيين والحركات المناهضة للحرب في العملية السياسية.
هذا من شأنه أن يجسر العلاقة بين قيادة الجيش والشعب السوداني والاقليم والمجتمع الدولي، ويخلق أساسًا لحل النزاع بين الأطراف المتحاربة، اما إذا اتخذ الجنرال البرهان من زياراته الناجحة إلى نيروبي وأديس أبابا تكتيكياً لكسب الوقت ومواصلة الحرب، فلن يؤدي هذا إلا إلى إضافة سجل جديد من الفشل إلى فشله السابق في الانقلاب والحرب.

الاتحاد الأفريقي والحاجة إلى آلية رفيعة المستوى بشأن السودان:

نظراً لأهمية الاتحاد الأفريقي بالنسبة للسودان والانقسام الدولي الحالي، خاصة في مجلس الأمن الدولي فمن الأهمية بمكان أن يأخذ الاتحاد الأفريقي ملف السودان على محمل الجد وعلى نحو مؤسسي ولا ينبغي أن يُترك ملف السودان لأفراد، فقد حان الوقت لكي يقوم الاتحاد الأفريقي ومجلس السلم والأمن الأفريقي بتعيين آلية رفيعة للملف السوداني، تتكون من رجال ونساء دولة يمثلون ارجاء افريقيا المختلفة. ستساعد هذه الآلية الرفيعة في سد الفجوة بين المبادرات المختلفة ووضع خطة منظمة ومنهجية للتعاون مع أصحاب المصلحة الإقليميين والدوليين والعمل بشكل وثيق مع الأمم المتحدة، خاصة وأن الأمين العام للأمم المتحدة ربما يختار رجل دولة أفريقي كمبعوث للسودان.

ومن المؤكد أن الآلية الأفريقية الرفيعة ستحظى باحترام السودانيين والمنطقة والمجتمع الدولي.

15 نوفمبر 2023.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الاتحاد الأفریقی الفریق البرهان هذه الزیارات

إقرأ أيضاً:

حالة الطوارئ الإنسانية المتفاقمة في السودان

المقال بقلم دكتور ماجد رفيزاده باحث علوم سياسي امريكي من اصل ايراني

نشر في جريدة عرب نيوز السعودية

الترجمة من إعداد حسن عباس النور

مع استمرار الحرب الأهلية في السودان ، تواجه البلاد أزمة لاجئين متصاعدة أصبحت واحدة من أكثر حالات الطوارئ الإنسانية إلحاحا في العالم. أدى الصراع ، الذي اندلع في أبريل / نيسان 2023 بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع شبه العسكرية ، إلى إغراق البلاد في حالة من الفوضى ، مما أدى إلى نزوح الملايين وأثر بشدة على الدول المجاورة.. لقد خلق العنف الذي لا هوادة فيه مأساة إنسانية لا مثيل لها ، حيث يواجه اللاجئون الجوع والمرض والعنف داخل السودان وفي البلدان المجاورة. وبدون تدخل دولي عاجل ، تهدد الأزمة بالتصاعد أكثر ، مما يؤدي إلى تفاقم عدم الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة.
انه حجم النزوح الناجم عن الحرب مذهل. ومنذ بدء النزاع قبل عامين تقريبا ، نزح أكثر من 6.1 مليون شخص داخليا ، بينما فر 1.5 مليون آخرين من البلاد بحثا عن الأمان. تستمر هذه الأرقام في الارتفاع مع اشتداد القتال. وأفاد شهود عيان بأن قوافل المساعدات الإنسانية تعرضت للهجوم واعترضت المساعدات الغذائية والطبية وتركت اللاجئين في وضع يائس بشكل متزايد. يجد العديد من السودانيين الفارين من النزاع أنفسهم محاصرين في دائرة وحشية من النزوح ، حيث يضطرون إلى التحرك بشكل متكرر بسبب خطوط المواجهة المتغيرة والعنف الذي لا يمكن التنبؤ به.

بالنسبة لملايين السودانيين الذين شردتهم الحرب ، فإن البقاء على قيد الحياة هو صراع يومي. غالبا ما يعيش المشردون داخليا في ملاجئ مؤقتة أو مخيمات مكتظة حيث يكون الوصول إلى الضروريات الأساسية مثل الغذاء والمياه النظيفة والرعاية الطبية محدودا للغاية.

كما يعاني الكثيرون من سوء التغذية بسبب نقص الغذاء ، في حين أن تفشي الكوليرا وأمراض أخرى أمر شائع بسبب الظروف غير الصحية ونقص الإمدادات الطبية.

ويزداد الوضع الإنساني تفاقما بسبب الجهود المتعمدة التي يقال إنها تبذل لعرقلة المعونة. وقد تركت هذه الاستراتيجية المتمثلة في استخدام المجاعة كسلاح في الحرب الملايين يترنحون على حافة الموت ، مع وجود الأطفال بين الضحايا الأكثر ضعفا.

بالنسبة لأولئك الذين تمكنوا من الفرار من السودان ، فإن التحديات لا تنتهي عند الحدود. غالبا ما يجد اللاجئون الذين يصلون إلى البلدان المجاورة أنفسهم في مخيمات مكتظة حيث الموارد ضعيفة. غالبا ما تكون الحصص الغذائية غير كافية ، مما يترك الكثيرين على شفا المجاعة ، في حين أن الوصول إلى الرعاية الصحية ضئيل. فرص التعليم والعمل شحيحة ، مما يترك للاجئين القليل من الأمل في مستقبل مستقر.

وقد تحملت تشاد ، الجار الغربي للسودان ، وطأة أزمة اللاجئين. تستضيف الآن أكثر من 600000 سوداني. ومع ذلك ، قبل اندلاع الحرب ، كانت تشاد بالفعل دولة هشة تواجه تحدياتها الاقتصادية والأمنية. وقد فرض وصول هذا العدد الكبير من اللاجئين ضغوطا هائلة على موارد البلاد المحدودة ، مما أدى إلى إجهاد البنية التحتية المحلية وأدى إلى تصاعد التوترات بين النازحين السودانيين والمجتمعات المضيفة.

في إثيوبيا ، جعلت التوترات السياسية والصراعات الاقتصادية من الصعب استيعاب أعداد كبيرة من اللاجئين. في جميع الدول المضيفة ، يتزايد عبء الأزمة ، مما يهدد بزعزعة استقرار المناطق الهشة بالفعل.

وعلى الرغم من تزايد حدة أزمة اللاجئين السودانيين ، لم تكن المساعدات الدولية كافية. أطلق المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ، إلى جانب 33 شريكا دوليا ووطنيا ، خطة الاستجابة للاجئين في السودان لعام 2025 ، مناشدا تقديم 633.7 مليون دولار لمساعدة ما يقرب من 900000 لاجئ وطالب لجوء. ومع ذلك ، لا يزال التمويل قصيرا للغاية ، وكثيرا ما يعوق انعدام الأمن والتحديات اللوجستية قدرة منظمات المعونة على العمل. إن عجز القوى العالمية الكبرى عن تقديم مساعدات مستمرة يهدد بتعميق معاناة اللاجئين وزيادة زعزعة استقرار المنطقة.

ثانيا ، يجب على المجتمع الدولي زيادة التمويل لجهود الإغاثة في حالات الطوارئ ، وضمان وصول الأغذية والإمدادات الطبية والمأوى إلى المحتاجين. يجب على الدول والمنظمات المانحة العمل على التغلب على العقبات البيروقراطية التي تعيق إيصال المساعدات والتفاوض على الوصول الآمن للمجموعات الإنسانية العاملة في مناطق الصراع.ويتطلب التصدي لأزمة اللاجئين في السودان اتخاذ إجراءات عاجلة ومنسقة. الخطوات التالية ضرورية للتخفيف من معاناة النازحين السودانيين ومنع المزيد من عدم الاستقرار الإقليمي.

أولا وقبل كل شيء ، إن الحل المستدام للنزاع هو السبيل الوحيد لإنهاء دورة النزوح. يجب بذل الجهود لإحياء محادثات السلام بين الأطراف المتحاربة ، بناء على مفاوضات سابقة مثل إعلان جدة لعام 2023 ، الذي كان يهدف إلى حماية المدنيين وتسهيل المساعدات الإنسانية لكنه فشل في نهاية المطاف بسبب الانتهاكات المستمرة.

ثالثا ، تحتاج الدول التي تستضيف اللاجئين السودانيين إلى دعم مالي ولوجستي أكبر لإدارة الأزمة. ويشمل ذلك المزيد من التمويل للبنية التحتية المحلية والتعليم والرعاية الصحية لتخفيف الضغط على المجتمعات المضيفة وتعزيز التماسك الاجتماعي بين اللاجئين والسكان المحليين.

رابعا ، إن تعزيز التعاون الإقليمي والدولي أمر بالغ الأهمية. إن بذل جهد دبلوماسي منسق يشارك فيه الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والحكومات المجاورة أمر بالغ الأهمية في معالجة الأزمة. وينبغي فرض عقوبات وحظر على الأسلحة ضد المسؤولين عن إدامة العنف ، في حين ينبغي توفير حوافز سياسية واقتصادية لتشجيع مفاوضات السلام والحكم
الشامل في السودان.

باختصار ، تعد أزمة اللاجئين السودانيين واحدة من أشد حالات الطوارئ الإنسانية في عصرنا ، حيث يتعرض الملايين لخطر المجاعة والمرض والعنف. ومع استمرار الحرب دون نهاية تلوح في الأفق ، تزداد معاناة النازحين السودانيين ، مما يهدد ليس فقط حياتهم ولكن أيضا استقرار المنطقة الأوسع. وبدون تدخل دولي فوري ومستدام ، سيتدهور الوضع أكثر ، مع عواقب وخيمة على السودان وجيرانه. ويتطلب حل الأزمة مساعدات إنسانية فورية واسعة النطاق ، ودعما عالميا حاسما ومستداما ، واستراتيجية ملموسة لتحقيق سلام دائم في

رابط المقال ( https://www.arabnews.com/node/2590954 )

modnour67@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • البرهان يدعو إلى احتواء الأزمات بالبحث… والصفوة في شغل عنه (1-2)
  • السودانيون لا توحدهم حكومتان
  • حالة الطوارئ الإنسانية المتفاقمة في السودان
  • كيف يحاول البرهان أحياء الوثيقة الدستورية وهي رميم؟
  • شكرا مصر والتالية ريتا!!
  • قرض إماراتي لكينيا بقيمة 1.5 مليار دولار بعد استضافة مؤتمر لـالدعم السريع
  • لو برهان عفا عن قحت الجيش لن يعفي لكم ي قحاتة ي كوم الرماد
  • خبراء دوليون يناقشون رؤى استراتيجية لغزة ما بعد الحرب في سياق عالمي
  • غزة ما بعد الحرب.. خبراء يناقشون رؤى استراتيجية في سياق عالمي
  • نصيحة لوجه الله للجنرال البرهان وكل عاقل في صفوف الجيش السوداني من غير عضوية الحركة الاسلامية