سودانايل:
2025-01-13@19:02:50 GMT

في ذكر مآثر محمد الأمين حمد النيل الطاهر ود الإزيرق

تاريخ النشر: 16th, November 2023 GMT

خرجت عصر ذلك اليوم، وقلبي مثقل بالأسى، أعبر أبهاء مستشفى (نوفا الكساندريا) ، الابهاء المستقيمة، النظيفة اللامعة، وقطع رخامها التي تنعكس عنها الأضواء، فكأنما قد رصت للتو، رصا، تمتد من أمامي ومن خلفي، وكأنها صراط دهري.
خرجت إلي الطريق العام، وعيناي غارقتان في الدمع، خلفت ورائي في غرفة بالطابق الثاني، هادئة، يجللها السلام والسكون ، وتحف بها الملائك، الأستاذ، وقد أضنى النضال بدنه، مستلقٍ، يرفل في أبهى حلل الطمأنينة، وعلى وجهه ابتسامة باتجاه السماء، وموظف الإستقبال، المنحدر من القرن الأفريقي، تتسع عيناه من الدهشة، يسائلني:محمد الأمين .

. الفنان، يا إلهي سازوره بعد انتهاء نوبتي..
قلت أحدث نفسي..وهل يعلم الأطباء، ذوي المعاطف، والقسمات العاطفة، وجيش الممرضات الحسناوات، أن هذا المريض، ذو الملامح الوادعة، الساكن بين أياديهم الخبيرة، المدربة على أحابيل دمل الجراح، وكبح الآلام، إنما هو، فلذة كبد أمة كاملة ؟
هل يعلمون أن هذا الساكن إلي مباضعهم،هو سيناترا بلادنا، وراي تشارلس وجيمي هندريكس وديلان مجتمعين؟
عبد الوهاب وبليغ والطويل، وعبادي الجوهر، محمد عبده، فريد وبلان، ووديع الصافي، وعجرم، وشارل ازنافور وديميس روسوس، وتلاهون، ومارلي... فريد عصره، ونسيج وحده، العلم في تاريخ موسيقى الوطن الواحد، السودان! ليتهم..
ولكن هيهات، فذا الامر، بركة، و رشفة من الكأس المقدسة، لمن جاوز عبير الأضرحة المشاوير إليه، والمدى ما بينهم منطرح.
وبلا أجنحة!
ولكنهم كانوا ، رفقاء به، كما ينبغي للعرفاء، والنطاسيين، يهزون رؤوسهم من عجب حين يعلمون، وحين يشع جبينه، بذلك الألق الذهبي، الذي لا تراه العين، فتدركه البصيرة، هالة فوق رؤوس المبدعين.
ثم الشارع يحتضنني، ويأخذ بيدي من يأس، فوق أرصفة المشاة، المنمقة، المهندسة، وسائق الاوبر، علي الجانب المقابل، يحادث عبر الهاتف محبوبته، ظننت ذلك، فأحسنت به الظن، فيبتسم، وكأني به، هامساً.. من يوم ما شفتك... وكأني بالكون كله يغني، قلبي للدنيا ابتسم.
وكأني بالفنان في استغراقه الوجودي، يسترق السمع، إلى موسيقى السماء
وأنه يود لو أن الناس استمعوا لآخر ألحانه
ولكن جبروت الحرب، حال بينه وبيننا، فارتد إليه فؤاده
كسيراً أسيفا.
واحتبس صوته، الذي كان يهدر كالعاصفة
مبشراً بالثورة التي انطلقت، ويوصي باليقظة والحذر والإستعداد، ويرحب بشهر عشرة، حبابو عشرة، ويغرد من داخل السجن، بشعر محجوب شريف
عصافيراً مجرحة بسكاكينك... مساجينك!
وأوقف حركة المجرة بلحن الملحمة، فصنع مجداً لإنسان السودان، ذلك صارم القسمات، حي الشعور.
هل يعلمون كم نحن نحبه، وكم سنذكره!
سنذكره
كلما برق بارق في سماء الجزيرة، وكلما احتدم أفقها، وخوخت الشم، وارعدت فضاءاتها، وهطلت مدرارا!
سنذكره كلما اشتعلت الشوارع بالغضب، كالمرجل اليغلي, وأشرق نبلها.
كلما أطل في فجرنا ظالم، وكلما سقط طاغية, وتداعى، من منسأة مهترئة نخرة.
سنعاين الشارع ونراه في عيون المغلوبين
قادماً، من بوابة سنار ، يحمل مصلاه من جلد الجاموس، والإبريق الجمجمة ومسبحة من أسنان الموتى.
سنجده، في رسم البردي، ونحوت الاهرامات وسيرة ابادماك
في الغابة والصحراء وسهل السافنا و شمس المدار، والنيرفانا.
يؤمنا يوم الشدة حين يتجلى البأس
سيخلده الخماسي، والسباعي، والمردوم، والحومبي، والدليب، والمارشات العسكرية.
سيصدح لحنه، في الأورغ وتراتيل الكمانات، ومقدمة زاد الشجون الأثيرية، والتي لا تنتجها إلا روح عبقرية.
ستستشف روحه، وترق، في مدائح العركيين، التي تسامر القلوب، والقباب ، في عزلة الفراغ العريض.
سيولد منا وفينا حتى الأزل
باهراً في اخضرار العَسِين، وشموس الأصائل وسحر البكور
سيذكره أهل التـُّـقـَّـابـة والمسيد
وأهل الكلم والقصيد
سيظل في وجداننا
موسيقار الأجيال، ومفجر النضال، الفريد في
سمو وجدانه، المتوشح
بهموم شعبه، خصيب الإلهام، عميق الشجو،
مبلغ ومنتهى فنون أهل السودان والإنسانية جمعاء
فخرنا بين العالمين
محمد الأمين حمد النيل الطاهر الإزيرق

(هانحن نحييك بتحية مدني، حسناء الجزيرة وغادتها نحييك ، مدنى الـسُّـنـِّى الراقـدة على شاطىء النيل الأزرق مستحمة من مائه ، مستجمة على رماله ، مستدفـئة بحبابه، مستـكـنة فى رحابه، متوسـدة تربه وترابه، حرفه وجرفه، منها،هى الجزيرة، مبتدأك وخبرك ومنتهاك).
فلترقد في سلام أبدي
و يسبغ عليك الله رحمة تخصك من فضله
وإنا لفراقك لمحزونون.
وإنا لله وإنا إليه راجعون.
وبعد
فلولا أن الكلام يعاد، لنفد.

تاج السر الملك


tajmultimedia@gmail.com
////////////////////

   

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

الناطق الرسمي للحكومة يحيي المنتصرين في مدينة ود مدني وولاية الجزيرة

صرّح الناطق الرسمي باسم الحكومة، وزير الثقافة والإعلام الأستاذ خالد الأعيسر، في منشور له بمناسبة انفتاح القوات المسلحة والقوات المساندة في مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، قائلاً: “أتوجه بالتحية باسم الحكومة السودانية إلى أهلنا الصابرين والصامدين المنتصرين في مدينة ود مدني، وولاية الجزيرة، وكل ولايات السودان”.

وأضاف الأعيسر في منشوره على صفحته بمنصة فيسبوك: “الشعب السوداني، بإرادته القوية وإيمانه الراسخ، لا يُقهر. سيظل شامخًا، ثابت العزيمة كالجِبال، ومصممًا على النصر مهما اشتدت التحديات وتعددت الأزمات والمؤامرات”.

وأكد قائلاً: “النصر بيد الله وحده، وهو القادر على تدبير الأمور.” ووجه التحية إلى القوات المسلحة السودانية، والقوات النظامية، وجهاز المخابرات، والقوات المشتركة، والمستنفرين، وكل من ساهم في نصرة القضية الوطنية.

وختم بقوله: “ستستمر رحلة العطاء والوفاء دون انكسار حتى نصل إلى النهاية المنشودة. نسأل الله أن يحفظ السودان وأهله من كل مكروه، وأن يمنّ على بلادنا بالنصر، والأمن، والسلام، والحرية، والعدالة، ويبعد عنها كل ظلم واعتداء.”

سونا

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • والي الجزيرة : مدني قلب السودان النابض وإستردادها نصر كبير
  • الجزيرة .. درع السودان !!
  • أطباء السودان تناشد لاستعادة الخدمات الصحية بولاية الجزيرة
  • احذروا ممارسات الكتائب الإرهابية في الجزيرة
  • الناطق الرسمي للحكومة يحيي المنتصرين في مدينة ود مدني وولاية الجزيرة
  • مناوي: بعزائم رجال ونساء السودان تطهير قلب الجزيرة والسودان
  • بسبب أخدود النيل الأزرق.. مخاطر النشاط الزلزالي في إثيوبيا
  • مسيرات احتفالية في مدينة عطبرة لتحرير عاصمة الجزيرة
  • الجيش السوداني يُسيطر على عاصمة ولاية الجزيرة
  • تفاقم معاناة النازحين في ولاية النيل الأزرق جنوبي السودان مع شح الغذاء