موقع 24:
2024-10-05@02:11:12 GMT

الانهيار الأخطر للقضية الفلسطينية

تاريخ النشر: 16th, November 2023 GMT

الانهيار الأخطر للقضية الفلسطينية

رغم البكائيات المنثورة على دماء المدنيين والعزل من أبناء الشعب الفلسطيني، ورغم حالة الحشد العاطفي المحمومة التي تشنها تنظيمات وجماعات أيديولوجية متطرفة بالتنسيق مع بعض الدول الإقليمية، فإن القضية الفلسطينية تواجه أخطر منزلق في تاريخها، فالقضية نفسها باتت مهددة بالاندثار وهناك توجه نحو تحويلها إلى عنوان فرعي في صراع كبير يطغى عليه الجانب الديني برعاية إيرانية صرفة.

تتحول القضية الفلسطينية تدريجياً أيضاً إلى مادة في الصراع الدائر بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة وما يسمى بمحور “المقاومة” الذي تقوده إيران من جهة أخرى، وهو صراع سيتحول إلى ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات في حال نجح هذا المحور في إنهاء الصراع الدائر في غزة لمصلحته. واللافت هنا أن حماس ارتكبت خطيئة تاريخية حين لم تنتبه إلى خطورة وتبعات نزع الهوية عن القضية الفلسطينية، والتورط في العمل ضمن محور إقليمي يسعى إلى تحقيق أهداف إستراتيجية لا علاقة لها بالقضية والشعب الفلسطيني وإنما بأهداف تتصل بضمان المكانة والنفوذ لإيران وحلفائها من التنظيمات والميليشيات.

حصر القضية الفلسطينية في صراع حماس وإسرائيل هو الجريمة الأخطر التي ارتكبتها الحركة بإيعاز من طهران، فلم يعد أحد يتحدث عن مصير الشعب الفلسطيني، ولا تسمع أحدا يتكلم عن مستقبل القدس، ولا عن أراضي 1967، ولا اللاجئين ولا غير ذلك من ثوابت الملف الفلسطيني، بل بات الحديث متمحوراً حول مستقبل غزة نفسها ومن يديرها، ومن يتولى المسؤولية الأمنية فيها، وعن المستشفيات وأين تقام وكيف تمول، وعن توفير الطعام والغذاء، والأهم من هذا وذاك برأي “حماس” وشركائها، هو مصير المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية!
ما كان أي عاقل يخشاه منذ السابع من أكتوبر الماضي هو أن تختزل القضية الفلسطينية في صراع غزة، وأن تتحول الجهود والمساعي العربية والدولية –بغض النظر عن فاعليتها وحدود تأثيرها– من البحث عن تسوية نهائية عادلة للقضية الفلسطينية إلى سعي حثيث لإخراج القوات الإسرائيلية إلى حدود ما قبل السابع من أكتوبر 2023، ما يحول مسار القضية برمتها بحيث تتحول كلياً إلى قضية إنسانية بحتة، شأنها شأن قضايا دولية عديدة يريد أصحابها الحصول على هويات في أي دولة وكفى!
ندرك أننا نكتب في التوقيت الخاطئ لأنه لا أحد عربياً يريد أن يسمع صوت العقل، والكل يبحث عن "بطل" ويفاخر ببطولات "أبوعبيدة"، المتحدث باسم كتائب القسام، في ردة إلى الوراء تذكرنا بما فعله أسامة بن لادن ورفاقه في الحادي عشر من سبتمبر 2001، حين هلل السذج والبسطاء والأغبياء لتدمير برج التجارة العالمي بنيويورك، ولم ينتبه أحدهم للثمن الرهيب الذي ستدفعه الشعوب الإسلامية جراء هذه الاعتداءات الآثمة.
الأمانة تقتضي أن ندق أجراس الخطر من ضياع القضية الفلسطينية وتحولها من قضية حقوقية عادلة إلى ملف إنساني وعنوان فرعي ضمن عناوين الصراع الإستراتيجي الإقليمي والدولي بغرض ترسيم قواعد النظام العالمي الجديد. وهنا نعتقد أن الأطراف الفلسطينية جميعها مسؤولة عما يحدث وليست حماس فقط، وإن كانت هي الطرف الذي دفع بالأمور إلى الهاوية الحالية، فالسلطة أيضاً تبدو غير منتبهة إلى السيناريو الخطير الذي يهدد القضية والشعب الفلسطيني، ولا يهمها سوى الحصول على "كعكة" غزة والانتقام من أعدائها "الحمساويين"، وإثبات دورها كممثل وحيد عن الشعب الفلسطيني، ولكنها لا تمتلك تصوراً حقيقياً لإدارة الأزمة ولم تشغل نفسها بوضع بدائل تضمن تسوية وضع ما بعد الحرب بما يضمن استمرار بقاء غزة ضمن الأراضي الفلسطينية، كما كان عليه الحال قبل السابع من أكتوبر، وتكتفي فقط بمناشدة الأطراف الدولية ومطالبتها بأن تكفل لها حكم غزة ما بعد الحرب.

جريمة أصحاب القرار الفلسطيني لم تبدأ في "طوفان الأقصى"، بل بدأت حين تحالفت حماس”ولا تزال مع طهران وبقية أذرع ما يسمى بـ"محور المقاومة"، ولم تنتبه إلى خطورة تحولها من حركة نضال وطني مشروع إلى "ترس" في آلة الإرهاب الطائفي الذي تديره إيران، وبدأت كذلك حين صمت الجميع على تنامي قوة الميليشيات بما فيها حماس، وحزب الله حتى تحولت إلى تهديد تتحسب له القوة الأعظم عالمياً، واستغلت هذه التنظيمات السنوات الطويلة الماضية في تعزيز قدراتها وتطوير قواتها حتى خرجت بأزمة وقف الجميع عاجزاً أمامها.
لا أحد يحب البكاء على اللبن المسكوب، ولكننا نكتب لأننا نرى الخطأ يتواصل ولا تزال يد إيران هي الأعلى ولها الكلمة العليا في التحكم بدفة الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، والكل يتابع إطلاق الصواريخ من اليمن والعراق وسوريا ولبنان وغزة من دون أن يمتلك حلولاً، ولو أن الصراع في غزة انتهى، لخرج كل هؤلاء يهتفون ويحتفلون بتحقيق نصر وهمي على جثث أكثر من عشرات الآلاف من الضحايا.
الكل ينتظر أن تأتي الحلول من الولايات المتحدة، والكل يعلم كذلك أن إدارة الرئيس جو بايدن لم تستطع خوض صراع عسكري منذ توليها السلطة، فكيف لها أن تقرر خوض صراع وهي تستعد لانتخابات رئاسية تطمح من خلالها للحصول على ولاية رئاسية ثانية، لا أدعو هنا إلى مواقف عربية غير واقعية أو خارج حدود المنطق والمعقول، ولا نحمّل أحدا بعينه مسؤولية هذه التراكمات التاريخية التي شارك الجميع إقليمياً ودولياً في وجودها وترسخها واستمرارها، ولكن ليس من المنطق ألا تسمي الأمور بمسمياتها الحقيقية، وأن تدرك كل الأطراف أن تشخيص الواقع بدقة هو البداية الصحيحة للعلاج، الذي يبدأ بعلاج الأسباب لا الأعراض.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل القضیة الفلسطینیة

إقرأ أيضاً:

من هو النصف الآخر للسنوار الذي أعلنت إسرائيل مقتله؟

أعلن الجيش الإسرائيلي، الخميس، أنه "قضى" على روحي مشتهى "رئيس حكومة حركة حماس" في قطاع غزة، إلى جانب مسؤولين أمنيين في الحركة وهما سامح السراج الذي تولى الملف الأمني في المكتب السياسي لحماس ورئيس آلية الأمن العام لحماس سامي عودة.

وصف الجيش الإسرائيلي مشتهى بأنه "رئيس الوزراء الفعلي" لحركة حماس في قطاع غزة وقد جرى استهدافه مع الآخرين عبر ضربة جوية حصلت قبل ثلاثة أشهر في شمالي غزة واستهدفت نفقا كان الثلاثة يختبئون فيه.

وقال الجيش الإسرائيلي إن النفق هو عبارة عن مجمع تحت الأرض محصن ومجهز، وكان يعمل كمركز قيادة وتحكم لحماس ويمكّن كبار العناصر من البقاء بداخله لفترات طويلة من الزمن.

من هو مشتهى؟

وفقا للجيش الإسرائيلي، فقد كان روحي مقربا جدا من زعيم الحركة يحيى السنوار، حيث أسسا معا قوة الأمن الداخلي لحركة حماس، وأمضيا فترة من الزمن في سجن إسرائيلي.

كانت مهمة هذه القوة المعروفة باسم "قوة المجد" هي تعقب المتعاونين من السكان المحليين مع إسرائيل.

أكد بيان الجيش الإسرائيلي أن "روحي مشتهى كان لغاية اندلاع الحرب في غزة في السابع من أكتوبر أعلى شخصية في المكتب السياسي لحماس في قطاع غزة، وخلال فترة الحرب قاد الأنشطة الحكومية لحركة حماس."

في نوفمبر الماضي وصف رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في جامعة تل أبيب مايكل ميلشتاين مشتهى بأنه بمثابة "النصف الآخر لسنوار".

وُلد مشتهى في حي الشجاعية في غزة، وهو ابن لعائلة لاجئة فلسطينية من مدينة بئر السبع الواقعة في جنوب إسرائيل.

تلقى مشتهى تعليمه في مدارس حي الشجاعية وانضم إلى جماعة الإخوان المسلمين في سن مبكرة، وأصبح نشطا في مؤسساتها، وفقا لصحيفة "هآرتس".

في عام 1988، وبالتحديد بعد نهاية الانتفاضة الفلسطينية الأولى، اعتقل مشتهى أثناء وجوده في مستشفى بغزة، حيث أصيب أثناء محاولته تجميع أو تركيب قنبلة، مما أدى إلى كسر في أصابعه، بحسب الصحيفة.

اعتقل بعدها وجرت محاكمته في إسرائيل وصدرت عليه سبعة أحكام بالسجن المؤبد.

خلال فترة سجنه، شغل مشتهى منصب "كبير السجناء" في حماس، حيث كان مسؤولا عن قيادة المفاوضات مع ممثلي إدارة السجون الإسرائيلية بشأن ظروف السجناء، وشارك في تنظيم إضرابات عن الطعام.

أطلق سراح  الرجل مع السنوار في أكتوبر 2011 كجزء من صفقة تبادل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، لينتخب بعدها عضو في المكتب السياسي لحماس في عام 2013. ومنذ ذلك الحين، ظل عضوا، حيث أعيد انتخابه مرتين في عامي 2017 و2021.

خلال عمله في المكتب السياسي، كان مسؤولا عن علاقة حماس مع مصر، وأدار المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل من خلال الوسطاء المصريين.

يعتبر مشتهى واحدا من أقوى الشخصيات في حماس، وفي عام 2014، نجا من محاولة اغتيال عندما جرى قصف منزله.

في 2015 أدرجت وزارة الخارجية الأميركية مشتهى على لائحتها السوداء "للإرهابيين الدوليين" واعتبرته من مؤسسي كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس. 

مقالات مشابهة

  • 3 مسؤولين من حماس يكشفون ما الذي يفكر فيه السنوار بعد عام من "طوفان الأقصى"
  • ياسر قورة: رسائل السيسي بدعم القضية الفلسطينية لها مدلول خاص
  • من يكون الفلسطيني الضحية الوحيد الذي سقط بصواريخ إيران في الضفة الغربية؟(صورة)
  • من هو النصف الآخر للسنوار الذي أعلنت إسرائيل مقتله؟
  • شيخ الأزهر يقرِّر تخصيص منح دراسية "للدومينيكان" تقديرًا لموقفها المنصف تجاه القضية الفلسطينية
  • الأزهر يقرِّر تخصيص منح دراسية للدومينيكان تقديرًا لموقفها تجاه القضية الفلسطينية
  • كابت صحفي: الدبلوماسية المصرية لها دور كبير في الترويج للقضية الفلسطينية
  • مركز الدراسات الإستراتيجية: إيران تُزايد على العرب في دعم القضية الفلسطينية
  • النعيمي يؤكد أهمية حضور الشعر والكلمة الحرة في دعم القضية الفلسطينية
  • "الضحية الرسمية الوحيدة"..دفن الفلسطيني الذي قتله صاروخ إيراني