حماية الأطفال والنشء: بناء مقاومة نفسية في عالم متغير
تاريخ النشر: 16th, November 2023 GMT
يعتبر الأطفال والنشء هم أساس المجتمع، ولذلك يكمن في حمايتهم وتعزيز صحتهم النفسية مسؤولية كبيرة. يتعرض الأطفال في عصرنا الحالي للعديد من التحديات والضغوط التي يمكن أن تؤثر على صحتهم النفسية. في هذا السياق، يُسلط هذا المقال الضوء على كيفية حماية الأطفال والنشء من الإصابة بالاضطرابات النفسية.
يعتبر الأطفال والنشء هم أساس المجتمع، ولذلك يكمن في حمايتهم وتعزيز صحتهم النفسية مسؤولية كبيرة.1. التواصل العائلي:الحديث المفتوح والفعّال بين الأهل والأطفال يُسهِم في فهم تحدياتهم ومشاكلهم اليومية، مما يساعد في تحديد أي تغييرات في سلوكهم أو مزاجهم. 2. توفير بيئة داعمة:البيئة المحيطة بالأطفال يجب أن تكون محفزة وداعمة، حيث يشعرون بالأمان والحب. يُشجع على تقديم الدعم العاطفي والتحفيز لتعزيز الثقة بالنفس.3. التعليم حول الصحة النفسية:يجب تعزيز التوعية حول الصحة النفسية لدى الأهل والمعلمين، وتوفير المعلومات الصحيحة حول كيفية التعامل مع ضغوط الحياة وتحفيز الطفل على التحدث عن مشاعره. 4. النشاط البدني والغذاء الصحي:يلعب النشاط البدني دورًا هامًا في تحسين المزاج والصحة النفسية. كما يجب الاهتمام بتوفير تغذية صحية لتحسين وظائف الدماغ والحفاظ على توازن الهرمونات.5. تعزيز المهارات الاجتماعية:تعلم الأطفال والنشء كيفية التعامل مع المشاعر والتفاعل مع الآخرين بشكل صحيح يعزز القدرة على التكيف مع التحديات الاجتماعية.6. التفاعل مع الفنون والثقافة:يعتبر التفاعل مع الفنون والثقافة وسيلة فعّالة للتعبير عن المشاعر والتعبير عن الذات، مما يُحسِّن الصحة النفسية.7. مراقبة السلوك والتغييرات:إذا ظهرت أي تغييرات في سلوك الطفل أو المراهق، يجب متابعتها بعناية وفحص الأسباب المحتملة لهذه التغييرات.8. البحث عن المساعدة الاحترافية:في حالة الحاجة، يجب البحث عن المساعدة الاحترافية من أخصائيين نفسيين أو مرشدين تربويين للتعامل مع القضايا النفسية بشكل أفضل. أسباب الأمراض النفسية والعقلية للأطفال: علامات التعرف عليها وأساليب العلاج واصل لأقصى مرحلة المرض النفسي..كريم فهمي يهاجم مزيفي الحسابات
حماية الأطفال والنشء من الإصابة بالاضطرابات النفسية يتطلب جهدًا مشتركًا بين الأهل والمعلمين والمجتمع بأسره. من خلال توفير بيئة داعمة وتعزيز الوعي بالصحة النفسية، يمكن بناء مقاومة نفسية قوية وتعزيز النمو الصحيح للأطفال والنشء في عالم يتغير بسرعة.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: البيئة المحيطة الصحة النفسية الاضطرابات النفسية الأطفال حماية الطفل الأطفال والنشء
إقرأ أيضاً:
المراكز الصيفية بين رغبة الأهل وموافقة الأبناء .. مقاربة تربوية
ما الذي يدفع بعض الأبناء لرفض المراكز الصيفية، حتى عندما يحرص الأهل على اختيار برامج نافعة ومناسبة لهم؟ وهل من الخطأ أن يُفرض عليهم ذلك (من باب المصلحة)؟ هل تقاس التجربة التربوية بنجاح التنفيذ أم بمدى القناعة والمشاركة الفعلية؟
هذه الأسئلة تطرح كل صيف داخل كثير من البيوت، حين تتقاطع رغبة الأهل في الاستفادة من الإجازة، مع فتور أو رفض من الأبناء.
في هذا المقال، نفتح الملف التربوي الذي يعاد طرحه سنويًا:
هل مشاركة الأبناء في المراكز الصيفية تحتاج إلى موافقتهم أم أن القرار يتخذ لمصلحتهم حتى إن لم يقتنعوا به؟ وما الطريقة المثلى لجعل التجربة التربوية فعالة لا شكلية؟
مع نهاية العام الدراسي، يبدأ أولياء الأمور بالبحث عن مراكز صيفية تحتضن أبناءهم خلال الإجازة الطويلة، في محاولة لاستثمار أوقاتهم بما هو نافع ومفيد. لكن خلف هذا الحرص يكمن قلق حقيقي من أن تمضي الإجازة سدى: ساعات طويلة أمام الشاشات، نوم مضطرب، انشغال مفرط بتطبيقات ترفيهية، وتراجع في المسؤولية والانضباط. وهذا القلق مشروع ومفهوم، بل يعكس وعيًا بأهمية استثمار الوقت.
لكن المشكلة لا تكمن في الحرص، بل في طريقة ترجمته إلى قرار؛ فحين يُدار هذا الخوف بالإجبار بدل الحوار، يتحول من دافع تربوي إلى ضغط يولد رفضًا أو جمودًا من الطرف الآخر.
ومع إدراك ولي الأمر لأهمية البرامج الصيفية وما تحققه من تهذيب وصقل وتوجيه، إلا أن الواقع قد يفاجئه أحيانًا برفض من قبل أحد الأبناء، وفتور في الحماس، أو مقاومة صريحة، مما يضع الأسرة في موقف حرج بين القناعة بأهمية التجربة، وغياب استعداد الابن للانخراط فيها.
وهنا يُطرح السؤال التربوي الجوهري:
هل موافقة الابن أمر ضروري فعلا؟
تجمع الدراسات الحديثة في علم النفس التربوي على أن الدافعية الذاتية هي المحرك الأهم للتعلم الفعال والتطور السلوكي. بمعنى آخر، لا يكفي أن يكون البرنامج جيدًا أو أن تكون النية صادقة، بل يجب أن يكون الابن مقتنعًا ومندمجًا ليحقق الأثر المرجو.
عندما يُلحق الابن بمركز صيفي دون اقتناع، غالبًا ما يظهر أحد نمطين سلوكيين:
إما الحضور الجسدي مع غياب ذهني ووجداني، أو اتخاذ موقف الرفض والمقاومة، من خلال التذمر المستمر أو افتعال المشكلات. وفي كلا الحالين، تفرغ التجربة من مضمونها التربوي. ومن هنا نحتاج أن ندرك أن رفض الابن لا يعني بالضرورة تمردًا. فقد يكون بسبب تجربة سابقة سلبية، أو شعور بالملل من البرامج التقليدية، أو خوف من البيئة الجديدة، أو ببساطة: غياب التوضيح، أو اختلاف في الميول. وفي هذا السياق، لا بد من التذكير أننا في زمن تنوعت فيه البدائل بشكل غير مسبوق، فالمراكز الصيفية لم تعد نمطًا واحدًا. هناك مراكز لتحفيظ القرآن الكريم وتدبره، إلى جانب مراكز للفنون، وللتقنية، وورش لتنمية المهارات القيادية، بالإضافة إلى دورات رقمية مرنة تناسب ميول الأبناء المختلفة، وهذا يعني أن فرض خيار وحيد لم يعد مبررًا، بل قد يكون نتيجة تقصير في البحث أو ضعف في الحوار. لكن من المهم أيضًا الإشارة إلى أن هذا التنوع لا يعني أن جميع البدائل مكلفة أو نخبوية، فحتى التجارب البسيطة إن صُممت بحب وتوجيه فإنها قادرة على إحداث فرق في شخصية الابن.
ولا يُغفل أن تقبل الأبناء للمراكز الصيفية يبدأ من البيت، فكلما غُرست فيهم قيمة الوقت، والفضول المعرفي، واحترام الخبرات، كانوا أكثر استعدادًا لتجارب تربوية جديدة. فالرفض أحيانًا لا يعود للبرنامج بحد ذاته، بل لسياق التكوين المعرفي والمزاجي الذي سبق التجربة.
ولا بد من الإشارة إلى أن هذه المشاركة لا تعني التنازل عن دور ولي الأمر، بل تعني ممارسته بأسلوب ناضج. فالتربية الرشيدة تجمع بين الحزم واللين، وتربي على المسؤولية من خلال الاحترام. وموافقة الابن لا تعني أننا نخضع لرغباته دائمًا، بل إننا نشعره بأنه شريك، وأن رأيه معتبر ضمن نطاق الرعاية والتوجيه. وإشراك الابن في القرار لا يعني أننا نساويه بولي أمره في السلطة التربوية، بل نعلّمه كيف يبدي رأيه ضمن إطار المسؤولية، ونشعره أن الحوار لا يُلغي التوجيه، بل يعمقه.
ويجب أيضًا أن نفرق في التعامل حسب العمر، فالابن في المرحلة الابتدائية يحتاج إلى توجيه واضح وإطار محدد، بينما في مرحلة المراهقة يحتاج إلى مساحة من الاستقلال التدريجي، تناسب متطلبات مرحلته العمرية وتطلعه للنضج وبناء الذات، لذا فإن إدارة المرحلة العمرية بوعي تجنب الكثير من التصادم التربوي. فإذا رفض الابن الالتحاق بالمركز، فإن الحل لا يكون بالضغط المباشر، بل بالإنصات أولًا، وتقديم بدائل، ومراعاة اهتماماته، وربما اقتراح تجربة قصيرة (للاختبار) لا للإلزام.
كذلك من المهم استبدال التهديد بالتحفيز، واستخدام لغة تظهر الثقة لا الخوف. وفي حال استنفدت الوسائل، يبقى من حق ولي الأمر أن يوجه القرار، ولكن بروح راقية تحترم كرامة الابن، وتُشعره بأن القرار لرعايته لا لكسر إرادته.
وقد يقول البعض: «دع الابن يذهب ولو مكرهًا.. فربما يندمج مع الأيام ويتأقلم»، وهذا احتمال وارد فعلا، لكنه ليس قاعدة تربوية يمكن التعويل عليها. فبعض الأبناء ينسجمون لاحقًا، لكن البعض الآخر ينغلق أكثر، أو يخرج بانطباع سلبي يزيد نفوره من أي تجربة مستقبلية مشابهة.
لذا فإن فرض المشاركة دون تمهيد أو إشراك في القرار، قد ينجح أحيانًا، لكنه ليس بالضرورة نجاحًا تربويًا ناضجًا.
التربية الرشيدة تحسن قراءة شخصية الابن، وتختار له ما يناسبه، لا ما يناسب افتراضاتنا العامة.
فالمراكز الصيفية لا تصنع التحول حين تكون مفروضة، بل حين تُدار بحوار، وتُخاض بقناعة.
عندها فقط، يكون الصيف وقتًا للنضج لا للاستهلاك.
د. صابرة بنت سيف الحراصية أكاديمية تربوية عمانية