صحيفة التغيير السودانية:
2025-03-16@17:00:39 GMT

الخيانة والعمالة في حديث الحرب

تاريخ النشر: 16th, November 2023 GMT

الخيانة والعمالة في حديث الحرب

رشا عوض

اكثر النقاط المثيرة للغثيان في خطاب الدعاية الكيزانية الحربية هي اتهامات العمالة والخيانة الوطنية لخصومهم السياسيين المعارضين لهذه الحرب التافهة، وأكبر خطأ يمكن أن نقع فيه هو القبول بأن نضع أنفسنا في مواقع دفاعية الأولى بها هم العملاء والخونة الحقيقيون!

اي تدخل اجنبي مشبوه في السودان فتح ثغرته هؤلاء الكيزان!

ايام المراهقة الإنقاذية الأولى جعل شيخهم السودان مرتعا للمتطرفين والارهابيين، لم يثبتوا على ذلك ومن باب الحرص على حماية كرسي السلطة من غضب السيد الأمريكي، فخانوا “اخوتهم في الجهاد” إذ طردوا أسامة بن لادن بعد ان نهبوا أمواله! وصلاح قوش سلم  ال CIA أخطر المعلومات والملفات  عن ” المجاهدين”  والتذلل لأمريكا بلغ درجة ان يقول وزير خارجيتهم متباهيا: كنا عيون واذان أمريكا في المنطقة!

بعد المحاولة الفاشلة لاغتيال الرئيس المصري في أديس ابابا احتلت مصر حلايب واحتلت اثيوبيا الفشقة فصمتوا صمت القبور ( بغم ما قالوها)! خانوا الوطن عندما تسببوا في احتلال جزء من أراضيه بمغامرتهم الصبيانية تلك! وخانوه عندما تخاذلوا وجبنوا   عن تحريره من المحتل الاجنبي وقبلوا بالاحتلال وبنهب موارد البلاد وبالتنازل عن اراضي زراعية شاسعة في صفقات مجحفة قبلوها صاغرين !  بل خانوا حتى الدراويش المساكين الذين نفذوا أوامر اغتيال حسني مبارك! قتلوهم  لمحو آثار الجريمة ولحماية الرؤوس الكبيرة!   قتلوهم جميعا الواحد تلو الاخر بوسائل خسيسة افتضح أمرها بعد ان اختصموا حول غنائم السلطة! وظهر الترابي في قناة الجزيرة يحكي بلا حياء تفاصيل هذه الجريمة التي كان هو على علم بها ان لم يكن  شريكا فيها تخطيطا وتحريضا! واعترف بأنهم قتلوا كل منفذيها وشهودها من السودانيين! وكان يظن وهو يكشف هذه الفضيحة انه يفضح تلاميذه ولكنه نسي انه فضح الانحطاط الاخلاقي المشين لنظامه الشبيه بنظام العصابات!

هل من خيانة للوطن اكبر من الصمت عن احتلال جزء من أراضيه وبيع مصالحة بثمن بخس تحت الابتزاز؟

هل من خيانة للوطن أكبر من التضحية بوحدته مقابل البقاء في السلطة كما فعل الكيزان مع جنوب السودان!

هل من خيانة للوطن أكبر من تخصص الاجهزة الامنية والاستخبارية في صناعة الاجسام الانفصالية التي تدعو الى تقسيم البلاد كمنبر السلام العادل ثم دولة البحر والنهر ؟

هل من خيانة وعمالة أكثر من توجيه الدعوة لروسيا لانشاء قاعدة عسكرية في البحر الاحمر كما فعل البشير؟

اشعال الحرب

أما الخيانة العظمى فهي إشعالهم لهذه الحرب واصرارهم على اطالة امدها وتوسيع دائرتها مع عجزهم عن الانتصار العسكري عجزا فاضحا تعكسه الوقائع على الأرض! وسبب الهزيمة هو خيانتهم للوطن عبر إضعاف الجيش فنيا وعدديا وتقوية المليشيا الموازية له التي صنعوها هم عبر عناصرهم في الجيش! سلحوها ودربوها والان بكل “بجاحة وقوة عين” يصعدون الى مقعد الاستاذية الوطنية  في الحديث عن الجيش الواحد رمز السيادة  ويصدرون احكام الاعدام السياسي على خصومهم بزعم انهم لم يدينو انتهاكات المليشيا !! يتحدثون بلا حياء عن الانتهاكات من مقاعد الاستاذية  وهم من بدأ عهدهم بدق مسمار في رأس طبيب وانتهى بدق خازوق في جسد معلم وبين البداية والنهاية مجازر جماعية وجرائم غير مسبوقة في تاريخ السودان نفذها الجنجويد بقيادة موسى هلال الكوز تحت غطاء طيران جيش الكيزان وتحت حماية جهاز امن الكيزان الذي كان يسجن من يفتح فمه ضد هذه الانتهاكات!!

ومن امثلة خيانتهم الوطنية العظمى استجلابهم لقبائل عربية من خارج الحدود وتوطينها في اراضي القبائل الدارفورية السودانية ومنحهم الجنسية السودانية، بل انهم في مرحلة سابقة من مراحل هوسهم جعلوا الجنسية السودانية من حق كل مسلم على وجه الارض وطبعا المقصود منحها للاسلامويين وليس كل مسلم! والان يتصايحون بلا حياء من عرب الشتات والغزو الاجنبي والتغيير الديموغرافي! وهم اول نظام في العالم يعبث بجنسيته وارضه بهذا الشكل! اليست هذه مسخرة بحق!

من فتح الثغرات؟

اما بخصوص الصياح والولولة من التدخل الاماراتي فمن الذي فتح الباب الذي دخلت منه الامارات الى الشأن السوداني؟

من الذي أنشأ الدعم السريع؟ من الذي قرر المشاركة في حرب اليمن؟ من الذي اسس للفساد وابتدع بدعة التجنيب والنشاط الاقتصادي الموازي خارج ولاية وزارة المالية وتحت سيطرة العسكر خصوصا في النفط ثم الذهب؟ من الذي مكن موسى هلال من جبل عامر وبسبب ضعف الجيش فشل في تحريره منه فورثه حميدتي بعد ان طرد منه موسى هلال تحت مباركة عمر البشير واصبح هذا الذهب الملطخ بالدماء هو جسر العلاقة المباشرة مع الامارات؟

ان الاجهزة الامنية والعسكرية بسبب الفساد والحصانة المطلقة من المساءلة على أي مستوى، ثم بسبب انقسام العصابة الاسلاموية وصراعها على غنائم السلطة، انقسمت هذه الاجهزة تبعا لذلك! جزء منها باع نفسه للامارات، وجزء باع نفسه لمصر، وكل مخابرات الاقليم باعت واشترت في هذه الاجهزة الكيزانية الفاسدة والرخيصة ، وبالتالي فحديث العمالة للامارات لا تسأل عنه القوى السياسية الديمقراطية بل تسأل عنه اجهزتهم الفاسدة البائعة والمبيوعة! وفي هذه الحرب فان الدعم السريع عن طريق المال اخترق كل اجهزة الدولة الامنية والعسكرية واصبحت له فيها عيون واذان وايدي  ساعدته على التقدم الكاسح في الميدان!

ولكن بسبب “البجاحة المقززة” و”المكابرة الرعناء” التي يتصف بها الكيزان – كبارهم وصغارهم – فإنهم دائما في حالة بحث عن شماعة خارجية لتعليق خيباتهم بدلا من التأمل في عيوبهم الذاتية التي اوردتهم موارد الهزائم العسكرية والسياسية والاخلاقية.

وبسبب عمى البصيرة يتصايحون الان ان في الجيش طابورا خامسا وان كتائب المجاهدين والمستنفرين يجب ان لا تأتمر بامر الجيش وان تخوض معاركها بنفسها كما ورد في تسجيلات اسفيرية، وطبعا هذا ينسف فرضية ان هذه حرب الانتصار لمؤسسية القوات المسلحة كجيش وطني كما يزعمون، إذ تتواتر الاتهامات الكيزانية للجيش بالتخاذل وهناك مطالبات باستبداله بالمقاومة الشعبية (وطبعا شعبية تقرأ كيزانية بواسطة كتائب الظل)

خلاصة ذلك هي ان هذه الحرب منزوعة البعد الوطني والمشروعية السياسية او الاخلاقية، هي صراع سلطة عاري بين الكيزان والدعم السريع، وداء الخيانة والعمالة المستوطن في الاجهزة الامنية والعسكرية الكيزانية أعجزهم عن النصر، والان بعض ابواق الحرب الكيزانية تراجعت عن نغمة “بل بس” واستبدلتها باحاديث خائبة عن فصل دارفور واقامة دولة البحر والنهر واستدعاء الاستعمار المصري لشمال السودان عبر ما يسمى دولة وادي النيل وامثلهم طريقة يحرض على تدمير الخرطوم بالكامل ونسف كل جسورها ومبانيها! أي تطبيق سياسة الأرض المحروقة بعد ان يئسوا من النصر! فهل من عمالة وخيانة وطنية وانحطاط اكبر من ذلك!

وهل الخائن والعميل هو من يسعى لإيقاف هذه الحرب والحفاظ على ما تبقى من وطن انقاذا لحياة المواطنين وكرامتهم؟ ام الخائن والعميل الحقيقي هو الكوز الذي يدعو لتوسيع الحرب ونقلها شرقا وشمالا وجنوبا مع كامل علمه بان هذا مدخل لاحراق البلاد وتقسيمها اذ لا منطق في افتراض ان الجيش الذي لم يصمد في عاصمة البلاد سوف يصمد في الأقاليم الاخرى!

انها “متلازمة البجاحة ” ولا شيئ غير ذلك!

 

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: هذه الحرب من الذی بعد ان

إقرأ أيضاً:

هل دخل السودان عصر الميليشيات؟

هناك أكثر من سردية لبداية الحرب في السودان، ومن هو صاحب المصلحة في إشعال الحرب، لكن السردية الحكومية الرسمية تقول إن ميليشيا «قوات الدعم السريع» تمردت على سلطة الدولة وحاولت الاستيلاء على السلطة، فاضطر الجيش للتصدي لها. لكن حتى من يقول بتلك السردية يعترف بأن «قوات الدعم السريع» تكونت في عهد حكومة الإنقاذ الإسلامية، وكانت مهمتها هي القيام بالأعمال التي لا يمكن للجيش أن يقوم بها، بخاصة في دارفور التي كانت مشتعلة. وصدر قانون «الدعم السريع» في ظل حكومة الإنقاذ، وتم السماح لها بالتمدد من ناحية العدد ونوعية التسليح حتى صارت تشكل خطراً حقيقياً، ثم جاء الفريق عبد الفتاح البرهان وعدّل قانون «الدعم السريع» ليمنحها مزيداً من الصلاحيات، ويعطيها قدراً من الاستقلالية عن القوات المسلحة السودانية.

إذا افترضنا حسن النية في كل ما حدث، إن كان ذلك ممكناً، فالطبيعي أن يتعلم الناس من التجربة، ويمتنعوا عن تكرارها، على الأقل في المستقبل القريب، ويتجهوا ناحية تقوية الجيش الرسمي، وإعادة تأهيله وتسليحه وتدريبه ليكون القوة الوحيدة الحاملة للسلاح، ولكن ما حدث عكس ذلك تماماً.

أعلنت الحكومة الاستنفار، وكان المفهوم هو قبول متطوعين من المدنيين للالتحاق بالجيش. وفعلاً بدأ هذا العمل في عدد من الولايات، لكن في الوقت ذاته ظهرت «كتيبة البراء بن مالك» التابعة للحركة الإسلامية، وبدأت من جانبها فتح باب التجنيد وسط الشباب، واتخذت لنفسها شعاراً وراية مختلفين، وأدبيات مستوحاة من تاريخ الحركة الإسلامية وفصائلها المسلحة في العهد الماضي، ثم أعلنت حركات دارفور المتحالفة مع الحكومة تخليها عن الحياد وانضمامها لصفوف الجيش، مع فتح معسكرات للتجنيد والتدريب داخل وخارج السودان، وبالتحديد في دولة إريتريا المجاورة، ثم ظهر نحو خمسة فصائل من شرق السودان فتحت معسكراتها في إريتريا وبدأت تخريج المتطوعين. وكان الملمح الظاهر لكل هذه المجموعات المسلحة، بما فيها حركات دارفور وشرق السودان، هو الطابع القبلي للحشد والتعبئة والتجنيد.

الاختلاف الوحيد ظهر في منطقة البطانة، شرق الجزيرة، وولايتَي سنار والنيل الأزرق، حيث ظهرت مجموعات مسلحة انضمت لـ«الدعم السريع»، بقيادة أبو عاقلة كيكل في منطقة البطانة، والبيشي في منطقة سنار، والعمدة أبو شوتال في النيل الأزرق. وبالطبع كان الطابع القبلي لـ«قوات الدعم السريع» أظهر من أن يتم إخفاؤه؛ فقد اعتمدت بشكل أساسي على القبائل العربية في ولايات دارفور.

كانت التحذيرات تتردد من دوائر كثيرة، ليست فقط بين المجموعات المدنية التي وقفت ضد الحرب، ولكن حتى من بين صفوف السلطة والقوات المسلحة، واتفقت كلها على أن تمرد ميليشيا لا يمكن محاربته بتكوين عشرين ميليشيا أخرى لا تخضع بشكل مباشر لسلطة القوات المسلحة، وإنما لسلطة القبيلة.

بعد الانقلاب الكبير الذي قاده أبو عاقلة كيكل في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، وانضمامه للقوات المسلحة مع قواته المسماة «درع السودان»، شنت «قوات الدعم السريع» حملات انتقامية على مدن وقرى منطقة البطانة وشرق النيل، وقتلت المئات من المدنيين، وشردت مئات الآلاف من قراهم، ونهبت متاجرهم وممتلكاتهم. ورغم السخط الكبير على كيكل باعتبار أنه كان مسؤولاً عن استيلاء «قوات الدعم السريع» على ولاية الجزيرة، فإنه استفاد من التعبئة القبلية في المنطقة وضاعف حجم قواته، واستطاع أن يحقق انتصارات كبيرة ضد «الدعم السريع».

مع تقدم الجيش وتحقيق الانتصارات سرعان ما بدأ صراع الفصائل يظهر على السطح، بخاصة من خلال صفحات «السوشيال ميديا»، بين مجموعات «القوات المشتركة» المكونة أساساً من حركات دارفور المسلحة، وقوات «درع السودان» التي تمددت في منطقتَي شرق وغرب الجزيرة حتى غطت على ما عداها، ومجموعات الكتائب الإسلامية التي أحست بوجود منافسة مبنية على الأساس القبلي والمناطقي تحد من تمددها في المناطق المختلفة. وتحولت الانتقادات إلى اتهامات بالفساد وارتكاب الجرائم والتصفيات، ووصلت لمرحلة تبادل اتهامات الخيانة والعمالة. وتزامن ذلك مع تبني البرهان وأركان الحكومة لما يُعرف بـ«خريطة الطريق» لمرحلة ما بعد الحرب، والتي أعدتها قوى سياسية ومسلحة متحالفة مع البرهان لم تشرك الحركة الإسلامية في إعدادها. وتضمن «الخريطة» للبرهان حكماً مطلقاً خلال فترة انتقالية قادمة، رأت فيها بعض الفصائل إنكاراً لدورها في الحرب.

الخطر الذي يخشاه السودانيون هو تحول هذه الصراعات الإسفيرية إلى صراعات ميليشيات مسلحة على الأرض، وهو ما بدا ظاهراً الآن؛ إذ تحول السودان إلى «كانتونات» تدخل البلاد في دوامة لا يعرف أحد حدودها وخطوط نهايتها.

فيصل محمد صالح
نقلا عن الشرق الأوسط  

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يسيطر على أهم مستشفيات الخرطوم.. والقصر الرئاسي مسألة وقت
  • السودان.. الجيش يسيطر علي مباني ومواقع استراتيجية في الخرطوم
  • عادل الباز يكتب: الخطة (ط): التطويق (1)
  • اختفاء 2000 شخص فى السودان منذ بدء الحرب
  • الجيش السوداني: سيطرنا على موقف شرونى المؤدى للقصر الجمهورى وسط الخرطوم
  • ???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه
  • كيكل: الوحدة التي حدثت بسبب هذه الحرب لن تندثر – فيديو
  • هل دخل السودان عصر الميليشيات؟
  • السلاح والغذاء في حرب السودان
  • هل ما زالوا يقولون انه “جيش سوسو” و “جيش الكيزان”؟!