القدس المحتلة- تحت ذريعة الحد من تصاعد وتيرة العمليات التي تنفذها المقاومة الفلسطينية ضد أهداف إسرائيلية، صادق وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، على إجراءات تسرّع منح تصاريح حمل السلاح لليهود، ومنع مصادرة أسلحة مطلقي النار على منفذي العمليات، وحظر التحقيق معهم.

ووفق التعليمات الجديدة، التي صادق عليها بن غفير بالتعاون مع قسم التحقيقات بالمقر المركزي لقيادة الشرطة بالقدس المحتلة، سيتم تخفيف الشروط وشطب بعضها وتوسيع دائرة منح تراخيص الأسلحة للإسرائيليين، كما سيتم تشجيع اليهود على حمل السلاح في الأماكن العامة، وفق ما أفادت القناة 12 الإسرائيلية.

ووفقا للتعليمات الجديدة، سيعيد مسؤول الشرطة بعد التحقيقات الميدانية السلاح إلى الإسرائيلي الذي أطلق النار، ويظل هذا الإجراء ساريا إذا كانت العملية "هجوما قوميا"، وإذا كان مطلق النار قد تصرف "دفاعا عن النفس"، أو إذا أصيب منفذ العملية أو تم تصفيته، وإذا توقف إطلاق النار فورا بعد زوال الخطر و"تحييد" المنفذ.

وقبل هذه التعليمات التي صودق عليها بالتزامن مع عملية الدهس الأخيرة في تل أبيب قبل أيام والتي أتت ردا على العدوان الإسرائيلي على جنين، كان مطلقو النار على منفذي العمليات ملزمين بتسليم أسلحتهم للشرطة وأحيانا لفترة زمنية طويلة، ويتم إخضاعهم للتحقيق "تحت طائلة التحذير".

مظاهرة ضد المليشيات المسلحة والإجراءات التي تسهّل الضغط على الزناد من قبل المستوطنين وشرطة الاحتلال (الجزيرة) تحصين القاتل

وأتت صياغة التعليمات الجديدة لتشجّع اليهود على حمل الأسلحة المرخصة، وأيضا على مواجهة منفذي الهجمات وإطلاق النار عليهم وتصفيتهم، مع الحصول على حصانة قانونية تمنع محاكمة مطلقي النار أو مساءلتهم أمام القضاء الإسرائيلي.

وأبدت مؤسسات حقوقية مخاوفها من أن تُسهم إجراءات الشرطة الجديدة بتسريع إصدار تراخيص الأسلحة وتشجيع اليهود على إطلاق النار على منفذي العمليات، في تسهيل ظاهرة الضغط على الزناد وشرعنة القتل حتى في الحالات التي "قد لا يكون إطلاق النار فيها مبرَّرا".

وستمكّن هذه التعليمات من منح رخص الأسلحة لـ30 ألف إسرائيلي سنويا، وفق ما أفادت صحيفة "إسرائيل اليوم"، علما أنه منذ مطلع العام الجاري وبظل تصاعد وتيرة عمليات المقاومة الفلسطينية، تضاعف عدد الطلبات للحصول على رخص حمل السلاح.

ووفقا للصحيفة، فإن هناك 17 ألف طلب لحمل السلاح قُدمت لوزارة الداخلية الإسرائيلية منذ مطلع العام الجاري، وعقب إصلاحات بن غفير سيتم الموافقة عليها.


تسليح اليهود.. مؤشرات متصاعدة

وحول حمل السلاح في إسرائيل، تشير البيانات الرسمية إلى أنه في الربع الأول من العام 2023، تم منح 12 ألف رخصة حمل سلاح، بزيادة قدرها 280% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي حيث تم منح 4054 ترخيصا طيلة العام. وقفز العدد بنسبة 450% مقارنة بالفترة المماثلة من عام 2021، حيث تم منح 2049 رخصة جديدة.

ووفق إحصاءات وزارة الداخلية الإسرائيلية، فإن نحو 200 ألف مدني إسرائيلي لديهم رخصة لحمل السلاح، إضافة إلى عدد المتطوعين المدنيين في سلك الشرطة والأجهزة الأمنية الذي يُقدر عددهم بنحو 35 ألفا.

وتنسجم التعليمات الجديدة مع خطة بن غفير لتسليح الإسرائيليين اليهود، وتجيز لكل من بلغ 21 عاما فما فوق أن يقدم طلبا للحصول على رخصة حمل سلاح، بعد أن كان الأمر يتطلب عمر 27 عاما كحد أدنى واقتصار الطلبات على مَن خدم في الجيش الإسرائيلي والوحدات القتالية.

ووفق خطة بن غفير، سيتم توسيع الشرائح التي تملك رخص حمل السلاح لتشمل كل من خدم "كمقاتل" بالجيش، وكل من يتطوع في الإسعاف والإنقاذ في "نجمة داود الحمراء"، وجنود الاحتياط الذين خدموا لفترة قصيرة وتعلموا بمعاهد دينية أو من يدرسون بالمعاهد التوراتية في المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية. وتقضي الخطة بتقليص إجراءات إصدار الرخص وتقصير مدة البت بالطلب والمصادقة عليه.

مستوطنون في مدينة اللد يدعون لقتل العرب (الجزيرة) انعكاسات سلبية

وفق تقديرات المحامية آن سوتشيو، من "جمعية حقوق المواطن" في إسرائيل، فإن خطة بن غفير قد تؤدي بشكل غير مسبوق وغير محتمل إلى زيادة العدد المحتمل لحاملي تراخيص السلاح الناري بمقدار 600 ألف شخص إضافي.

ووفقا للخطة الجديدة، يحق لأي شخص خدم في جيش الاحتلال الإسرائيلي وخضع لتدريب قتالي، حتى لو مر 50 عاما على انتهاء خدمته، أن يحصل على سلاح ناري. ما يعني -كما تقول المحامية سوتشيو- أن "السلاح سيوجد على طاولة المطبخ في منزل كل إسرائيلي".

وأوضحت أن التعليمات الجديدة بمثابة رخصة لقتل الفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر تحت ذريعة "مكافحة العمليات على خلفية قومية" (العمليات الفدائية الفلسطينية)، مشيرة إلى أن هذه التعليمات من شأنها أن تنعكس سلبا حتى على المجتمع الإسرائيلي وتُسهم أيضا برفع العنف والجريمة وزيادة جرائم القتل خاصة في صفوف النساء الإسرائيليات.

وذكرت المحامية سوتشيو أن جمعية حقوق المواطن قد التمست سابقا ضد توسيع دائرة منح تراخيص حمل السلاح، وما تزال المحكمة العليا تناقش الإجراءات المعمول بها في وزارة الداخلية الإسرائيلية، "وتأتي خطة بن غفير لتزيد الأوضاع سوءا بكل ما يتعلق بتوسيع دائرة تسليح المدنيين".

وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير يدعو الجميع من موقع عملية تل أبيب إلى حمل السلاح#الأخبار pic.twitter.com/0I4JItOGKS

— قناة الجزيرة (@AJArabic) July 4, 2023

"رخصة للقتل"

وحذّر رئيس اللجنة الشعبية في مدينة اللد المحامي خالد زبارقة، من خطة بن غفير وتعليماته الجديدة لتوسيع حمل السلاح، وقال إنها رخصة لقتل الفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر "تحت ذرائع وحجج واهية".

ويمثّل المحامي زبارقة عائلة الشهيد موسى حسونة ابن اللد الذي قُتل برصاص عصابة مستوطنين خلال ما عُرف بـ"هبة الكرامة" في مايو/أيار 2021.

ويقول للجزيرة نت إن تسريع إجراءات منح رخص الأسلحة للإسرائيليين يندرج في سياق "تعزيز المليشيات المسلحة التي شُكلت وتتواجد تحت سيطرة بن غفير".

وحذّر من مغبة اتساع دائرة قتل الفلسطينيين من قبل المدنيين الإسرائيليين "تحت ذريعة الدفاع عن النفس"، مشيرا إلى أن التحصين القانوني لمن يطلق الرصاص على الفلسطينيين بمثابة "منح شرعية لاستباحة الدم الفلسطيني".

وأشار زبارقة إلى أن الشعب الفلسطيني على جانبي الخط الأخضر (في الضفة الغربية والداخل) يقف أمام مرحلة مفصلية ومصيرية، مضيفا أن "المسؤولية تقع علينا جميعا في حماية وجودنا، حاضرنا ومستقبلنا من التهديد الممنهج الذي تقوده المؤسسة الإسرائيلية بكل أذرعها السياسية والأمنية والحكومية".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: إلى أن

إقرأ أيضاً:

إدارة بايدن تتراجع عن فرض عقوبات على بن غفير وسموتريتش

كشف مسؤولون أمريكيون أن إدارة الرئيس جو بايدن لن تفرض عقوبات على الوزيرين الإسرائيليين اليمينيين المتطرفين إيتامار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش قبل نهاية ولايته.

وكانت واشنطن قد فكرت في خطوة غير مسبوقة على مدار العام الماضي من خلال أمر تنفيذي وقعه بايدن في فبراير (شباط) الماضي والذي مكن الإدارة من إصدار عقوبات ضد الأفراد والكيانات التي تزعزع الاستقرار في الضفة الغربية.

وقال المسؤولون الأمريكيون لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل" إنه تم منذ ذلك الحين تحديد 17 فرداً و16 كياناً في ثماني دفعات من العقوبات، وتخطط الإدارة لدفعة أخيرة قبل 20 يناير(كانون الثاني) المقبل.

وكشفت التحريات أن الوزير بن غفير وجه قوة الشرطة التي يشرف عليها كوزير للأمن القومي بعدم التحقيق في عنف المستوطنين المتزايد، وأن سموتريتش استخدم مناصبه كوزير للمالية ووزير في وزارة الدفاع مسؤول عن شؤون المستوطنين لإضعاف السلطة الفلسطينية بشدة مع السماح للبؤر الاستيطانية الإسرائيلية غير القانونية بالانتشار في جميع أنحاء الضفة الغربية.

وفي أغسطس (آب) صنفت الولايات المتحدة منظمة متطرفة أسسها أحد أقرب حلفاء بن غفير، بنزي غوبشتاين، مما يشير إلى أن إدارة بايدن كانت تقترب من الوزير نفسه.

وقال أحد المسؤولين الأمريكيين إن واشنطن نظرت أيضاً في فرض عقوبات على مجموعة ريجافيم المؤيدة للاستيطان، والتي شارك في تأسيسها سموتريتش ولها علاقات بعشرات البؤر الاستيطانية غير القانونية في جميع أنحاء الضفة الغربية.

وأوضح المسؤول الأمريكي أن بايدن استاء من الفكرة منذ البداية، واعتبر فرض عقوبات على وزراء من حليف ديمقراطي خطوة مبالغ فيها.

وأوضح المسؤول الأمريكي أن الفكرة تم تأجيلها مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الشهر الماضي، نظراً لإمكانية حدوث تداعيات سياسية، وبمجرد خسارة نائبة الرئيس كامالا هاريس، انخفضت احتمالات هذه الخطوة بشكل أكبر، نظراً لفهم أن الإدارة القادمة لدونالد ترامب ستتراجع عنها بسرعة.

????New: US President Joe Biden’s administration will not sanction far-right Israeli ministers Itamar Ben Gvir and Bezalel Smotrich before the end of his term, two US officials told The Times of Israel this week. (1/17) https://t.co/eEkc1ZBj6x

— Jacob Magid (@JacobMagid) December 19, 2024

ووجه ما يقرب من 90 ديمقراطياً في الكونغرس رسالة إلى بايدن بعد الانتخابات يحثون فيها الرئيس على معاقبة بن غفير وسموتريتش "لتشجيعهما على عنف المستوطنين". لكن الموقعين كانوا من نفس الديمقراطيين التقدميين الذين اتخذوا موقفاً أكثر صرامة تجاه إسرائيل من البيت الأبيض فقط ليتم رفض توصياتهم مراراً وتكراراً.

مقالات مشابهة

  • جيش الاحتلال الإسرائيلي يواصل خرق اتفاق وقف إطلاق النار في جنوب لبنان
  • لأول مرة.. الجيش الإسرائيلي يطلق النار على متظاهرين في الجولان
  • «القاهرة الإخبارية»: الاحتلال الإسرائيلي ينتهك السيادة اللبنانية
  • إصابة شاب سوري برصاص الجيش الإسرائيلي غرب درعا
  • مظاهرة بريف درعا ضد التوغل الإسرائيلي.. وجيش الاحتلال يطلق النار (شاهد)
  • لماذا لا يردّ حزب الله على الخروقات الإسرائيليّة؟
  • هذا هو المطلوب من حزب الله
  • خطة إسرائيل لتوسيع الاستيطان في الجولان السوري.. «روان أبو العينين» تكشف التفاصيل«فيديو»
  • أردوغان: الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة بلغت ذروتها
  • إدارة بايدن تتراجع عن فرض عقوبات على بن غفير وسموتريتش