جريدة الرؤية العمانية:
2024-07-05@08:37:43 GMT

تراخيص المحاجر.. إلى أين؟

تاريخ النشر: 16th, November 2023 GMT

تراخيص المحاجر.. إلى أين؟

 

سارة البريكية

sara_albreiki@hotmail.com

عن كثب، كانت الصورة واضحة، وعن دراية كان المشهد مكتملًا، وعن وضوح كان الوضع مثيرًا للريبة والشك، وعن سبق الإصرار والترصد كانت العودة إلى نقطة الصفر، وبعد إلغاء تصريح إقامة محجر ما في قرية سيح المعاشي، يعاودون منح التصريح مُجددًا بعد سنواتٍ من الهدوء؛ هكذا كان الذي حدث ظنًا منهم أن الناس نائمة وأن أحدًا لن ينتبه لمنح هكذا تصريح في ظل ظروف ومتغيرات الحياة والزمن وهكذا هو!

بعض المشاهد الطبيعية والبيئية والمتعلقة بجغرافية ما في حيز من الطبيعة تُعد من الإرث الثقافي والتراثي للمجتمع الإنساني، وقد تكون أحيانًا جزءًا من التراث العماني بل والعالمي وجب المحافظة عليه؛ كونه جزءًا من البيئة المحيطة، وبها يرتبط الإنسان ويصبح جزءًا من هُويته، ليس بالضرورة أن يكون التراث هو ما صممه وخلفه الإنسان عمدًا فأصبح من الماضي، ولكن يمكن أن يكون مكانًا طبيعيًا ينتمي القاطنون له، ويصبح كالمشهد الثقافي يحظى بالتقدير ولا بُد من المحافظة عليه باعتاره عنصرًا متميزًا وهذا ينطبق عليه ما ذكر سلفًا.

لقد تفاجأ أهالي قرية سيح المعاشي والقرى المجاورة لها مرة أخرى بمنح إحدى الشركات المحلية ترخيصًا لإقامة محجر للرخام في المنطقة، وهي منطقة مُطلّة على مساكن المواطنين وتقع في محيط أماكن الرعي وإنتاج النحل.

لم يكترث المعني بالأمر بما سيفعله ذلك الترخيص من أضرار وكوارث للبيئة وتلوث ومخلفات وغبار وأتربة، كل ذلك حتمًا سوف يؤثر على صحة السكان ومرتادي تلك المناطق، مقابل عائد مادي يعود لصاحب المحجر الذي لم يهتم لأمر السكان المتأثرين بذلك الضرر البيئي الحاد.

أضف إلى ذلك السلسلة الصخرية المُستهدفة، والتي تُشكِّل لوحة جمالية وشواهد معمارية وصخرية لتلك المنطقة.

ويبقى تساؤل لدى المواطنين: هل قدَّم صاحب الترخيص ما يُفيد التزامه بالاشتراطات الصادرة من الجهات الحكومية كشرطة عمان السلطانية ووزارة التراث والسياحة وزارة الإسكان والتخطيط العمراني ووزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه وهيئة البيئة وغيرها.. إذ إن الواقع يبدو غير ذلك، وهناك تجاوزات لتلك الاشتراطات ويجب الوقوف عليها ومحاسبة أصحاب الشأن؛ لأن حياة البشر مُهمة، وحياة الحيوانات والطيور التي تعيش في تلك المناطق مُهددة بالأزمات الصحية بسبب مخلفات المحجر الذي يمثل وجوده خطأً غير مقبول البتة، وكل ما من شأنه الإضرار بأرواح الناس ومختلف الكائنات الحية.

إن المحافظة على تراث عُمان وعلى سلاسلها الجبلية ومواقعها التراثية وعلى أوديتها وأفلاجها وعيونها ومواردها الطبيعية، واجبٌ كل على مواطن ومقيم، والمساهمة في جعل عمان آمنه مطمئنة وعدم التدخل والعبث بمكوناتها التي وهبها الله تعالى إن لم يكن بشكل إيجابي، فيجب منع المساس بها على الإطلاق، وبمواقعها الجغرافية، مثل جبل الكور والسلاسل الجبلية المتصلة به؛ فجبل الكور يقع بين ولاية بهلاء ومحافظة الظاهرة؛ حيث ولاية عبري، وتُمارس في هذا الجبل مختلف الرياضات مثل الهايكنج والمشي والتنزه وغيرها، كما إنه مكان يجذب الناس ومتنفس لهم؛ حيث يحتوي على ينبوع ماء صغير أشبه بالجدول، يشرب منه السكان والحيوانات والطيور. وقرية سيح المعاشي والبويضاء ومصبيخ ونجد المخاريم مناطق قريبة جدًا من السلسلة الجبلية التي يجري التخطيط لإقامة المحجر عليها.

وجب التنبيه بضرورة إيقاف هذا الترخيص ومنح صاحبه مكانًا آخر بعيدًا عن المناطق السكنية والمناطق الحيوية التي من شأنها أن تؤثر تأثيرًا كبيرًا على المعالم التراثية والسياحية وحياة السكان والمخلوقات.

ختامًا.. أودُ التنويه أن هذا الترخيص قد مُنِعَ قبل عدة سنوات وتفاجأنا بمنحه مرة أخرى، وهذا يؤكد ضرورة إعادة النظر عاجلًا في أمر المسؤولين والجهات التي تمنح مثل هذه التراخيص، ومن ثم وقف هذا الترخيص تحقيقًا للمصلحة العامة.

جبال عُمان ممتدة بفضل الله، وأعتقد أن هناك أماكن أخرى تصلح للبحث عن الرخام وغيره، وهي فرص استثمارية لا نُنكرها؛ لكن بشرط أن لا تكون قريبة من المناطق المأهولة بالسكان ونطاق معيشتهم وحياتهم.

فلنكن يدًا واحدة لخدمة عُمان وقائدها المفدى.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

السودان.. الفارون من قتال سنار وسنجة يواجهون اوضاعا مأساوية

بعد رحلة استمرت أكثر من 70 ساعة تمكنت أسرة محمد عبد الله، الفارة من مدينة سنجة الفاصلة بين ولايتي سنار والنيل الازرق بجنوب شرق السودان من الوصول إلى إحدى القرى المتاخمة لمدينة القضارف في شرق البلاد رغم أن المسافة بين المدينتين لا تستغرق أكثر من 3 ساعات في اسوأ الأحوال.

ويواجه الفارين من القتال المحتدم في مناطق النيل الأزرق وسنار مصاعب كبيرة في ظل انحسار المخارج الآمنة، وإغلاق الجسور الرابطة بين المدن والمناطق المختلفة ووعورة الطرق.

وتكمن المعضلة الأكبر بالنسبة لسكان المناطق المتأثرة في النيل الأزرق وسنار في سرعة انتشار القتال وشموله مناطق جديدة خلال الساعات الماضية.

ويقول عبد الله لموقع سكاي نيوز عربية "عندما تحركنا من منزلنا في سنجة كنا نظن أن وجهتنا ستكون مدينة الدندر التي تبعد نحو ساعة، لكن قبل وصولنا إليها سمعنا باشتباكات تدور هناك مما جعلنا نفكر في طرق بديلة تبعدنا عن المنطقة ككل".

 ويضيف "كانت رحلة شاقة أصابت الأطفال بالكثير من الرهق قطعنا بعض مسافاتها مشيا على الأقدام وبعضها على ظهر دواب، قبل أن نتمكن في نهاية المطاق من العثور على شاحنة وافق سائقها على اصطحابنا على ظهرها في ظل طرق وعرة وظروف مناخية صعبة بسبب كثرة الخيران وهطول الأمطار في بعض المناطق".

ووفقا لمنظمات أممية ومحلية، فقد دفع القتال المستمر بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ أكثر من 10 أيام حول منطقتي سنجة وسنار، أكثر من 150 ألف من السكان للفرار بحثنا عن مناطق آمنة في ظل أوضاع إنسانية بالغة السوء فاقمها أكثر سقوط الأمطار في بعض المناطق.

وبعد سيطرة الدعم السريع على منطقة جبل موية الاستراتيجية الرابطة بين عدد من الولايات الحيوية في وسط وغرب السودان، في الرابع والعشرين من يونيو، امتدت الاشتباكات إلى مدينة سنجة التي سيطر عليها الدعم السريع أيضا بشكل كامل يوم السبت.

 ومنذ أكثر من 4 أشهر سعى الطرفان إلى تحقيق نصر في المنطقة الحيوية والتي تضم مشاريع زراعية وانتاجية شاسعة المساحة، والتي يقول مراقبون إن السيطرة عليها تضيق الخناق على عدد من المدن وعلى الفرق العسكرية الرئيسية في سنار وولاية النيل الأزرق المتاخمة، كما تعني التحكم في المثلث الذي يضم مدن الدويم وكوستي والمناقل.

وفي ظل اتساع رقعة القتال تنحسر المخارج الآمنة للمدنيين بسبب الوضع الجغرافي المعقد للمنطقة التي يعتمد أكثر من 80 في المئة من سكانها على الزراعة والرعي. ونشر ناشطون على وسائط التواصل الاجتماعي صورا تظهر المئات من المدنيين وهم يحاولون الهروب من المناطق الملتهبة في المنطقة وسط تكدس كبير للسيارات عند مداخل الجسور المغلقة التي تربط مدن وقرى المنطقة التي يفصل بينها اضافة الى مجرى النيل الأزرق شرقا وغربا عدد من المجاري المائية الممتدة شمالا وجنوبا.

 وأبدت لجان شبابية محلية مخاوفها من تفاقم الأوضاع الإنسانية. ورصدت لجان مقاومة الدمازين عاصمة إقليم النيل الأزرق زيادة كبيرة في موجة النزوح القادمة من المناطق المتأثرة بالقتال.

وقالت في بيان إن هناك حاجة عاجلة لجميع أشكال التدخلات والعون الإنساني، لمساعدة الأسر النازحة والمواطنين داخل إقليم النيل الأزرق. لكن في الجانب الآخر ورغم اتجاه معظم الفارين من سنجة وسنار جنوبا نحو الدمازين والمناطق المجاورة لها، تتزايد التكهنات باحتمال انتقال القتال إلى تلك المناطق أيضا في ظل أوضاع أمنية متوترة وانقطاع مستمر في شبكات الاتصالات والانترنت وشح كبير في الخدمات الصحية والايوائية.

مقالات مشابهة

  • دمار هائل.. هذا ما أحدثته صواريخ وطائرات حزب الله المسيرة بالمستوطنات الشمالية
  • ترخيص 37 معملا صحيًا جديدًا بكفر الشيخ
  • سياحة الكهوف.. أحد أهم وجهات الجذب السياحي التي تجمع بين العلم والمتعة والمغامرة
  • إجلاء آلاف السكان جراء حريق ضخم في كاليفورنيا
  • أهمها «إنهاء أزمة الكهرباء والغاز وفتح تراخيص البناء».. تحديات أمام الحكومة الجديدة
  • إثر نهب المشروع وانهيار العملة.. سكّان الضالع يعتمدون على تجميع مياه الأمطار من أسطح المنازل طيلة عقد كامل
  • سد المسيرة يواجه وضعية حرجة و مخاوف من انقطاع الماء عن جنوب الدارالبيضاء
  • السودان.. الفارون من قتال سنار وسنجة يواجهون اوضاعا مأساوية
  • شعبة المحاجر: الشيوخ يوافق على إنشاء مدرسة تكنولوجية لصناعة الرخام والجرانيت
  • شعبة المحاجر: «الشيوخ» يوافق على إنشاء مدرسة تكنولوجية لصناعة الرخام