تراخيص المحاجر.. إلى أين؟
تاريخ النشر: 16th, November 2023 GMT
سارة البريكية
sara_albreiki@hotmail.com
عن كثب، كانت الصورة واضحة، وعن دراية كان المشهد مكتملًا، وعن وضوح كان الوضع مثيرًا للريبة والشك، وعن سبق الإصرار والترصد كانت العودة إلى نقطة الصفر، وبعد إلغاء تصريح إقامة محجر ما في قرية سيح المعاشي، يعاودون منح التصريح مُجددًا بعد سنواتٍ من الهدوء؛ هكذا كان الذي حدث ظنًا منهم أن الناس نائمة وأن أحدًا لن ينتبه لمنح هكذا تصريح في ظل ظروف ومتغيرات الحياة والزمن وهكذا هو!
بعض المشاهد الطبيعية والبيئية والمتعلقة بجغرافية ما في حيز من الطبيعة تُعد من الإرث الثقافي والتراثي للمجتمع الإنساني، وقد تكون أحيانًا جزءًا من التراث العماني بل والعالمي وجب المحافظة عليه؛ كونه جزءًا من البيئة المحيطة، وبها يرتبط الإنسان ويصبح جزءًا من هُويته، ليس بالضرورة أن يكون التراث هو ما صممه وخلفه الإنسان عمدًا فأصبح من الماضي، ولكن يمكن أن يكون مكانًا طبيعيًا ينتمي القاطنون له، ويصبح كالمشهد الثقافي يحظى بالتقدير ولا بُد من المحافظة عليه باعتاره عنصرًا متميزًا وهذا ينطبق عليه ما ذكر سلفًا.
لقد تفاجأ أهالي قرية سيح المعاشي والقرى المجاورة لها مرة أخرى بمنح إحدى الشركات المحلية ترخيصًا لإقامة محجر للرخام في المنطقة، وهي منطقة مُطلّة على مساكن المواطنين وتقع في محيط أماكن الرعي وإنتاج النحل.
لم يكترث المعني بالأمر بما سيفعله ذلك الترخيص من أضرار وكوارث للبيئة وتلوث ومخلفات وغبار وأتربة، كل ذلك حتمًا سوف يؤثر على صحة السكان ومرتادي تلك المناطق، مقابل عائد مادي يعود لصاحب المحجر الذي لم يهتم لأمر السكان المتأثرين بذلك الضرر البيئي الحاد.
أضف إلى ذلك السلسلة الصخرية المُستهدفة، والتي تُشكِّل لوحة جمالية وشواهد معمارية وصخرية لتلك المنطقة.
ويبقى تساؤل لدى المواطنين: هل قدَّم صاحب الترخيص ما يُفيد التزامه بالاشتراطات الصادرة من الجهات الحكومية كشرطة عمان السلطانية ووزارة التراث والسياحة وزارة الإسكان والتخطيط العمراني ووزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه وهيئة البيئة وغيرها.. إذ إن الواقع يبدو غير ذلك، وهناك تجاوزات لتلك الاشتراطات ويجب الوقوف عليها ومحاسبة أصحاب الشأن؛ لأن حياة البشر مُهمة، وحياة الحيوانات والطيور التي تعيش في تلك المناطق مُهددة بالأزمات الصحية بسبب مخلفات المحجر الذي يمثل وجوده خطأً غير مقبول البتة، وكل ما من شأنه الإضرار بأرواح الناس ومختلف الكائنات الحية.
إن المحافظة على تراث عُمان وعلى سلاسلها الجبلية ومواقعها التراثية وعلى أوديتها وأفلاجها وعيونها ومواردها الطبيعية، واجبٌ كل على مواطن ومقيم، والمساهمة في جعل عمان آمنه مطمئنة وعدم التدخل والعبث بمكوناتها التي وهبها الله تعالى إن لم يكن بشكل إيجابي، فيجب منع المساس بها على الإطلاق، وبمواقعها الجغرافية، مثل جبل الكور والسلاسل الجبلية المتصلة به؛ فجبل الكور يقع بين ولاية بهلاء ومحافظة الظاهرة؛ حيث ولاية عبري، وتُمارس في هذا الجبل مختلف الرياضات مثل الهايكنج والمشي والتنزه وغيرها، كما إنه مكان يجذب الناس ومتنفس لهم؛ حيث يحتوي على ينبوع ماء صغير أشبه بالجدول، يشرب منه السكان والحيوانات والطيور. وقرية سيح المعاشي والبويضاء ومصبيخ ونجد المخاريم مناطق قريبة جدًا من السلسلة الجبلية التي يجري التخطيط لإقامة المحجر عليها.
وجب التنبيه بضرورة إيقاف هذا الترخيص ومنح صاحبه مكانًا آخر بعيدًا عن المناطق السكنية والمناطق الحيوية التي من شأنها أن تؤثر تأثيرًا كبيرًا على المعالم التراثية والسياحية وحياة السكان والمخلوقات.
ختامًا.. أودُ التنويه أن هذا الترخيص قد مُنِعَ قبل عدة سنوات وتفاجأنا بمنحه مرة أخرى، وهذا يؤكد ضرورة إعادة النظر عاجلًا في أمر المسؤولين والجهات التي تمنح مثل هذه التراخيص، ومن ثم وقف هذا الترخيص تحقيقًا للمصلحة العامة.
جبال عُمان ممتدة بفضل الله، وأعتقد أن هناك أماكن أخرى تصلح للبحث عن الرخام وغيره، وهي فرص استثمارية لا نُنكرها؛ لكن بشرط أن لا تكون قريبة من المناطق المأهولة بالسكان ونطاق معيشتهم وحياتهم.
فلنكن يدًا واحدة لخدمة عُمان وقائدها المفدى.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
عاجل- مشاهد من الجحيم.. حرائق واسعة تجتاح وسط إسرائيل وتجبر السكان على الهروب
عاجل- مشاهد من الجحيم.. حرائق واسعة تجتاح وسط إسرائيل وتجبر السكان على الهروب.. تشهد إسرائيل منذ أيام موجة حرائق غير مسبوقة، اندلعت في مناطق متفرقة من وسط وشمال البلاد، مما أدى إلى إجلاء مئات الآلاف من السكان وتدمير مساحات شاسعة من الغابات والممتلكات.
حرائق واسعة النطاقاندلعت الحرائق في مناطق مختلفة، أبرزها مدينة حيفا، حيث تم إجلاء نحو 80 ألف شخص، أي ما يقارب ثلث سكان المدينة، بسبب اقتراب النيران من الأحياء السكنية ومحطات الغاز الحيوية. كما تم إخلاء أحياء سكنية في مدن أخرى مثل تل أبيب والقدس، وأغلقت السلطات الطرق الرئيسية ومحطات القطارات للحد من انتشار النيران.
أسباب تفاقم الحرائقساهمت الظروف الجوية القاسية، من جفاف طويل الأمد ودرجات حرارة مرتفعة تجاوزت 40 درجة مئوية، بالإضافة إلى رياح شرقية قوية، في تفاقم انتشار الحرائق وصعوبة السيطرة عليها. وأشارت التقارير إلى أن بعض الحرائق قد تكون ناجمة عن إهمال أو حتى متعمدة، حيث ألقي القبض على عدة أشخاص للاشتباه في تورطهم بإشعال النيران عمدًا.
جهود الإطفاء والمساعدات الدولية إسرائيل تحترق.. إخلاءات واسعة للسكان وتوقعات باشتداد سعير النيران خلال ساعات الجيش الإسرائيلي: إجلاء 3 سوريين دروز لتلقي العلاج الطبي داخل إسرائيل بعد إصابتهم في سورياتعمل فرق الإطفاء الإسرائيلية على مدار الساعة لمحاولة السيطرة على النيران، بمساعدة طائرات إطفاء ومعدات متقدمة. وقد طلبت الحكومة الإسرائيلية مساعدات دولية، حيث أرسلت كل من اليونان وكرواتيا وتركيا وروسيا طائرات ومعدات للمساعدة في إخماد الحرائق.
تأثيرات على السكانأصيب العشرات من الأشخاص بحالات اختناق وجروح طفيفة نتيجة استنشاق الدخان الكثيف، وتم نقلهم إلى المستشفيات لتلقي العلاج. كما تسبب الدخان الكثيف في تلوث الهواء، مما دفع السلطات إلى إصدار تحذيرات صحية للسكان، خاصة كبار السن والأطفال، بالبقاء في منازلهم وتجنب التنقل غير الضروري
مشاهد من الجحيمتداولت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي صورًا ومقاطع فيديو تظهر ألسنة اللهب تلتهم الغابات والمنازل، وسحب الدخان الكثيف تغطي السماء، مما يعكس حجم الكارثة البيئية والإنسانية التي تواجهها إسرائيل حاليًا.
تستمر الجهود للسيطرة على الحرائق والحد من انتشارها، وسط مخاوف من تفاقم الوضع في ظل الظروف الجوية القاسية. وتبقى الأولوية القصوى لحماية الأرواح والممتلكات، مع استمرار التنسيق بين الجهات المحلية والدولية لمواجهة هذه الكارثة البيئية