هل يستطيع الفلسطينيون مقاضاة بايدن لفشله في منع الإبادة الجماعية في غزة؟
تاريخ النشر: 16th, November 2023 GMT
نشر موقع "إنترسبت" الأمريكي تقريرا سلط من خلاله الضوء على الدعوى القضائية التي رفعها عدد من الفلسطينيين والجماعات الحقوقية ضد إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن وإسرائيل بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية خلال الهجمات العسكرية على قطاع غزة في سنة 2023.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن مجموعة من منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية، وسكان غزة، ومواطنين أمريكيين لديهم أفراد عائلات تأثروا بالهجوم الإسرائيلي المستمر، رفعوا دعوى قضائية مشتركة ضد الرئيس جو بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن يوم الإثنين لفشلهم في "منع تفاقم الإبادة الجماعية".
وذكر الموقع أن الدعوى المؤلفة من 89 صفحة، التي رفعها مركز الحقوق الدستورية في محكمة مقاطعة فيدرالية في كاليفورنيا، تتبع 75 سنة من تاريخ القمع الإسرائيلي وتحلل الجرائم التي ارتكبتها الحكومة الإسرائيلية والخطابات التي تبنتها التي تظهر تجاهلًا للقانون الدولي. وكانت الدعوى مصحوبة بإعلان من خبير في الإبادة الجماعية يصف تصرفات إسرائيل بأنها علامات على الإبادة الجماعية ويقول إن إدارة بايدن انتهكت واجبها بموجب القانون الدولي لمنعها.
وجاء في نص الدعوى القضائية أنه "بموجب القانون الدولي، يقع على عاتق الولايات المتحدة واجب اتخاذ جميع التدابير المتاحة لها لمنع وقوع إبادة جماعية. مع ذلك، رفض المدعى عليهم خلال مناسبات عدة استخدام نفوذهم لوضع شروط أو وضع قيود على القصف الإسرائيلي الضخم والحصار الشامل لغزة.
وأضافت الدعوى أنه "رغم تزايد الأدلة على السياسات الإسرائيلية الموجهة نحو إلحاق أضرار جسيمة بالسكان الفلسطينيين في غزة"، عارضت إدارة بايدن "وقف إطلاق النار ورفع الحصار، حتى أنها استخدمت حق النقض ضد إجراءات الأمم المتحدة التي تدعو إلى وقف إطلاق النار. وبدلاً من ذلك، تشكل أفعالهم المتعلقة بتمويل وتسليح وتأييد حملة القصف الإسرائيلية الجماعية والمدمرة والحصار الكامل للفلسطينيين في غزة، فشلاً في منع وقوع إبادة جماعيّة وتعني تواطؤهم في تفاقمها".
وأوضح الموقع أن إدارة بايدن عارضت وقف إطلاق النار رغم الاحتجاجات الجماهيرية في جميع أنحاء الولايات المتحدة (والعالم) التي تحث الحكومة على التحرك لإنقاذ حياة الفلسطينيين. وتأتي الدعوى في أعقاب تحذيرات شديدة من خبراء حقوق الإنسان والأمم المتحدة من أن إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة وأن أفعالها قد ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية. وقد حذّر مركز الحقوق الدستورية، وهو منظمة غير ربحية تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها، بايدن وبلينكن وأوستن الشهر الماضي من أنهم قد يتحمّلون مسؤولية الفشل في منع جرائم إسرائيل في غزة ودعمها.
وأكّد الموقع أن المدعين يطلبون من المحكمة منع المسؤولين الأمريكيين من تقديم المزيد من الدعم العسكري أو المالي أو الدبلوماسي لإسرائيل. وفي بيان صحفي، صرّح مركز الحقوق الدستورية أن بعض المحاكم حددت "توفير الأسلحة والمواد الأخرى لمرتكبي الإبادة الجماعية كشكل من أشكال التواطؤ".و حتى يكون المتهم مذنبا، لا يحتاج مقدم الخدمة إلى مشاركة المتلقين نية الإبادة الجماعية.
من جهته، رفض البنتاغون التعليق، ولم يرد البيت الأبيض ووزارة الخارجية على طلبات التعليق. صعّدت إسرائيل حملتها ضد غزّة بشدة في الأيام الأخيرة، مما دفع مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى مغادرة منازلهم في شمال غزة إلى الجزء الجنوبي من القطاع. واستهدفت حملة القصف مواقع وصفها المسؤولون الأمريكيون بأنها مقدسة، بما في ذلك المستشفيات والممرات التي صنفتها إسرائيل على أنها "آمنة". وأعرب المسؤولون في غزة أن بعض المستشفيات أضحت خارج الخدمة بسبب شدة القصف، إلى حد الاضطرار إلى إخراج الأطفال من الحاضنات.
وأشار الموقع إلى أنه بعد أسابيع من حث المسؤولين الأمريكيين إسرائيل على اتباع القانون الدولي، أصبح المسؤولون الإسرائيليون واضحين بشأن نواياهم. حيال هذا الشأن، قال آفي ديختر، وزير الزراعة الإسرائيلي والرئيس السابق لجهاز الأمن العام الشاباك، يوم السبت: "إننا في الوقت الحالي نواصل فعليا نكبة غزة".
تشمل قائمة المدعين في الدعوى منظمتي حقوق الإنسان الفلسطينيتين - الحركة الدولية للدفاع عن الأطفال - فلسطين ومؤسسة الحق؛ سكان غزة عمر النجار، أحمد أبو أرتيمة، ومحمد أحمد أبو ركبة؛ والمواطنون الأمريكيون محمد مناضل حرز الله، وليلى الحداد، ووائل البهاسي، وباسم القرا، وكل من لديهم أفراد من عائلاتهم قُتِلوا وتشرّدوا بسبب الحرب الإسرائيلية.
ونقلت الصحيفة عن النجار، وهو طبيب مقيم يبلغ من العمر 24 سنة ويعمل في مجمع ناصر الطبي في خان يونس بغزة، في بيانه "لكي أكون صادقًا، من الصعب إعادة النظر في كل مشاهد الأسابيع الماضية. لقد فقدت خمسة من أقاربي، وعالجت عددًا كبيرًا جدًا من الأطفال الذين كانوا الناجون الوحيدون من أسرهم، واستلمت جثث زملائي من طلاب الطب وعائلاتهم، وشاهدت المستشفى يتحول إلى مأوى لعشرات الآلاف من الأشخاص، كما نفد لدينا جميعا الوقود والكهرباء والغذاء والماء. على الولايات المتحدة أن توقف هذه الإبادة الجماعية. يجب على الجميع في العالم أن يوقفوا هذا".
وأضاف الموقع أن فحوى الدعوى يعود إلى نكبة سنة 1948 (تهجير إسرائيل لمئات الآلاف من الفلسطينيين) وحتى يومنا هذا لإثبات انتهاكات إسرائيل المستمرة لحقوق الإنسان والقانون الدولي. تشير الدعوى القضائية إلى أنه في شهر أيلول/سبتمبر، على سبيل المثال - قبل أسابيع قليلة من هجوم حماس على إسرائيل - رفع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خريطة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بعنوان "الشرق الأوسط الجديد" التي محت تماما وجود فلسطين.
وتقدم الدعوى أيضًا جدولًا زمنيًا دقيقًا من 7 تشرين الأول/أكتوبر إلى 8 تشرين الثاني/نوفمبر، يوضح بالتفصيل حجم العنف الذي ألحقته إسرائيل بغزة، بما في ذلك حملة الحصار والقصف التي أدت إلى نزوح ما يقارب مليوني فلسطيني وقتل أكثر من 11 ألف فلسطيني. وتعرِض تفاصيل الأهداف الإسرائيلية خلال الحملة العسكرية، بما في ذلك القصف المتكرر لمخيمات اللاجئين والمستشفيات، وتصريحات المسؤولين الإسرائيليين التي تكشف تجاهل القانون الدولي.
وأورد الموقع أن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانييل هاغاري، صرح في 10 تشرين الأول/ أكتوبر، بأن "التركيز ينصب على الضرر وليس على الدقة"، متحدثا عن "مئات الأطنان من القنابل" التي أسقطتها إسرائيل بالفعل في ذلك الوقت. وأضاف اللواء الإسرائيلي غسان عليان "يجب معاملة الحيوانات البشرية على هذا النحو. لن يكون هناك كهرباء ولا ماء [في غزة]، ولن يكون هناك سوى الدمار. أردتم الجحيم، سوف تحصلون عليه".
منذ تلك التصريحات، شنّ الجيش الإسرائيلي حملةً خلّفت ملايين الفلسطينيين المشردين، عطشى، جياعًا، مرضى، وبدون وقود؛ كانت فيها الغارات الجوية عشوائيةَ واستُخدم الفسفور الأبيض، وهو سلاح كيميائي يسبب حروقا، في مناطق تشهد اكتظاظا سكانيًا، في انتهاك مباشر للقانون الدولي. وفي الوقت نفسه، أكد بايدن وبلينكن وأوستن خلال مناسبات عدة دعمهم لإسرائيل. في إحدى الحالات، بعد أن ترددت أنباء على نطاق واسع أن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت وصف الفلسطينيين في غزة بأنهم "حيوانات بشرية"، أكد أوستن لنظيره أن الولايات المتحدة مستعدة لتقديم مساعدات عسكرية إضافية لإسرائيل.
وأشار الموقع إلى أن بايدن، بدعم من كل الجمهوريين في الكونغرس ومعظم الديمقراطيين تقريبًا، يستعد لإرسال 14 مليار دولار كمساعدات عسكرية لإسرائيل. وتشير الدعوى القضائية إلى أن إسرائيل كانت أكبر متلق للمساعدات الخارجية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية. اعتبارًا من كانون الثاني/يناير 2023، أرسلت الولايات المتحدة حوالي 260 مليار دولار (معدلة حسب التضخم) كمساعدات عسكرية واقتصادية لإسرائيل منذ سنة 1946، واعتبارًا من آذار/مارس، كانت إسرائيل تملك ما قيمته 4.4 مليار دولار من الذخائر المقدمة من الولايات المتحدة.
وخلص الموقع إلى أن الولايات المتحدة استخدمت على الساحة الدبلوماسية، حق النقض (الفيتو) في الأمم المتحدة لمنع قرارات تنتقد انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان والقانون الدولي. وفي خضم الحرب الحالية، عارضت الولايات المتحدة قرارات متعددة تدعو إلى وقف إطلاق النار.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية الفلسطينيين بايدن الإبادة الجماعية فلسطين بايدن الإبادة الجماعية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
مقررة أممية: فظائع إسرائيل بحق فلسطينيات غزة إبادة جماعية للإناث
لم يعد مصطلح الإبادة الجماعية كافيا لوصف المأساة الإنسانية بحق النساء والأطفال الفلسطينيين الذين يشكلون نحو 70% من ضحايا حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، مما دفع خبراء أمميين وحقوقيين لطرح مصطلح الإبادة الجماعية للإناث لوصف الفظائع المرتكبة بحق الفلسطينيات على مدار أكثر من 15 شهرا.
وحسب بيانات وزارة الصحة في غزة، تسببت الهجمات الإسرائيلية باستشهاد 17 ألفا و841 طفلا و12 ألفا و298 سيدة.
وتكشف هذه الأرقام عن أن النساء والأطفال دفعوا الثمن الأكبر للتدمير الإسرائيلي الممنهج، في حين طالب حقوقيون وناشطون بضرورة استخدام تعريفات أكثر تحديدا لوصف هذه الفظائع.
ودعا خبراء حقوقيون لاستخدام مصطلح "الإبادة الجماعية للإناث" (femi-genocide) لوصف الفظائع بحق النساء في غزة، بسبب قتلهن لمجرد أنهن فلسطينيات.
استهداف الصحة الإنجابيةوفي مقابلة مع الأناضول، قالت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بمسألة العنف ضد النساء والفتيات ريم السالم إن الوضع في غزة بلغ أبعادا لم يشهد التاريخ الحديث مثيلا لها.
وشددت السالم على أن اعتداءات إسرائيل على النساء الفلسطينيات هي جزء من إستراتيجية إبادة جماعية ممنهجة، وأكدت أن قتل الفلسطينيات لمجرد أنهن نساء يعتبر جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية.
إعلانوشددت المقررة الأممية على أن قتل النساء واستهداف الصحة الإنجابية يستخدمان كأداة للإبادة الإسرائيلية الجماعية بغزة.
وأضافت: "عند النظر إلى تصرفات إسرائيل بنظرة عامة فمن الواضح أن استهدافها القدرة الإنجابية للفلسطينيين على وجه الخصوص، يخدم هذا الغرض".
وأشارت إلى أن اتفاقية الأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية تحظر أيضا أعمال الإبادة الجماعية التي تهدف إلى منع الإنجاب داخل مجموعة ما.
وأوضحت السالم أنه عندما نجمع كل القطع معا، نجد أن تدمير القطاع الصحي، وترك الأطفال حديثي الولادة (لمصيرهم)، وخلق ظروف مروعة للنساء الحوامل والمرضعات، كلها أدوات تم استخدامها للعنف الإبادي الإسرائيلي، الذي يستهدف التدمير الكلي أو الجزئي لاستمرارية تناسل الفلسطينيين.
أبعاد التدمير الممنهج
كما تطرقت السالم إلى التأثير المدمر للهجمات على النساء والأطفال، مستخدمة بيانات صندوق الأمم المتحدة للسكان.
وقالت: "تم تهجير 800 ألف امرأة قسرا من منازلهن، وتعاني حوالي مليون امرأة وفتاة من انعدام أمن غذائي حاد".
وتعاني 700 ألف امرأة في سن الإنجاب من سوء التغذية الحاد، ولا تسطيع نحو 700 ألف امرأة في سن الإنجاب، الحصول حتى على منتجات النظافة الأساسية، حسب المصدر نفسه.
وشددت المسؤولة الأممية على أن معدلات الإجهاض ارتفعت بنسبة 300% بسبب الرعاية الطبية غير الكافية، والصدمات النفسية، والقصف.
وأشارت إلى أن اعتداءات إسرائيل على قطاع غزة تسببت بمحو ما لا يقل عن 1410 أسر فلسطينية من سجلات السكان بشكل كامل، حسب وزارة الصحة الفلسطينية.
وأضافت أن 138 شخصا من عائلة واحدة قتلوا في غزة، منهم 35 امرأة و62 طفلا.
وقالت إن قصف عيادة التلقيح الصناعي الوحيدة في غزة، وحرمان النساء الحوامل من الوصول إلى الرعاية التوليدية الطارئة، وتدمير البنية التحتية الصحية، وقطع المياه والوقود والكهرباء والإمدادات الطبية، كلها أدلة على أن الهجمات الإسرائيلية الممنهجة تستهدف القدرة الإنجابية للمرأة الفلسطينية.
إعلانوخلصت السالم إلى أن العدوان الإسرائيلي على غزة، وبدرجة أقل على لبنان، وحاليا على الضفة الغربية، يتجاوز أي عنف شهدناه في التاريخ الحديث.
المصطلحات غير كافية
وشددت السالم على أن الأكاديميين يتفقون على أن الجرائم مثل الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، والمصطلحات القانونية الحالية ليست كافية لوصف هذه المأساة، مؤكدة أن أستاذ القانون الدولي في جامعة نيويورك الأميركية روب هاوس يتفق معها في ذلك.
وأضافت أن الأمر لا يتعلق فقط بالإبادة الجماعية، بل يعني أيضا القتل العمد والتدمير الكامل لمفهوم الحدود القانونية في الحرب.
وأشارت إلى أن إسرائيل بإجراءاتها، التي نفذتها في غزة على مدار أشهر، ألغت معنى الالتزام بحماية المدنيين في الصراع وغيرها من الخطوط الحمراء، لا سيما المتعلقة بالنساء والأطفال وأسرى الحرب.
ولفتت إلى أن مفهوم قتل الإناث (femicide)، الذي يستخدم لوصف العنف ضد المرأة، لم يعد كافيا لتفسير الوضع في غزة.
وأردفت: "بدلا من تعريف هذه الظاهرة بأنها قتل للإناث، فمن الأكثر دقة أن نسميها إبادة جماعية للإناث، كما ذكر بعض الأكاديميين، لأن الفلسطينيات يُقتلن لأنهن فلسطينيات ولأنهن نساء، وهذا يهدف إلى تدمير الفلسطينيين كمجموعة بشكل جزئي أو كلي".
وقالت المقررة الخاصة للأمم المتحدة: "ينطبق الأمر نفسه على العنف الإنجابي، الذي يُستخدم كوسيلة للتمييز ضد المرأة في أوقات الصراع والحرب (..) لكن العنف الممنهج والواسع النطاق والمتعمد ضد المدنيين في غزة، وخاصة النساء، هو أمر غير مسبوق".
واختتمت السالم حديثها بالقول إنه من المناسب أيضا استخدام "العنف الإنجابي الإبادي" (genocidal reproductive violence) لتعريف الوضع بغزة.