بين الحلم والذكرى … الكتاب الخامس والثلاثون للأديب غسان ونوس
تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT
طرطوس-سانا
أصدر اتحاد الكتاب العرب “بين الحلم والذكرى” كتابات رقم (9) من أدب الرحلات، ضمن سلسلة النصوص 2023، للأديب غسان ونوس وهو الكتاب الخامس الثلاثون في سجلّ إصداراته الأدبيّة.
ويرصد الكتاب الذي يقع في مئة وتسعين صفحة من القطع الوسط، أهم الوقائع والمشاهدات والعادات والمعالم والمظاهر مع معلومات وملاحظات وانطباعات متعدّدة ومتنوّعة في مختلف الشؤون والمجالات.
وبين ونوس في تصريح لـ سانا الثقافية أن رقم (9) في سلسلة أسماها “كتابات” تتضمّن نصوصاً عبارة عن كتابات نثريّة أدبيّة تتراوح موضوعاتها بين الثقافيّة والأدبيّة والفكريّة والوطنيّة والإنسانيّة المتنوّعة، إضافة إلى النصوص الوجدانيّة الطليقة والمكثّفة، والمقولات، التي تعبّر عن رؤى وخبرات واستنتاجات وخلاصات.
وأضاف: إن الكتاب يحوي ثماني مقالات، تسلط الضوء على الرحلات التي قام بها خلال مسيرته الأدبيّة؛ أولها في عام 1990 إلى مصر؛ وذلك إثر فوزه في مسابقة قصصيّة لاتحاد الكتّاب العرب، وستّ منها في نطاق اضطلاعه بمسؤوليّاته في الاتّحاد، ضمن وفود أدبيّة إلى إيران، والأردنّ، والصين الشعبيّة وتركيّا، وعُمان؛ أمّا الأخيرة فكانت إلى سوتشي الروسيّة؛ للمشاركة في مؤتمر الحوار الوطنيّ من أجل سوريّة عام 2018.
وتتناول المقالات تبعا للأديب ونوس الظروف التي تمّت الزيارات في كنفها، والحالات النفسيّة، والذاتيّة، والعامّة، التي رافقتها، والأوقات، التي استغرقتها، إضافة إلى الطرق والمسارات التي عُبرت والاجتماعات التي عقدت والندوات التي أقيمت والمضامين التي عرضت والمواقع الثقافيّة والسياحيّة والتسويقية التي قُصدت وغيرها.
ونوه ونوس بأنه قام بتسجيل بعضها أثناء السفر والإقامة، وبعضها الآخر تمّ تدوينه لاحقاً، بعد حين لم يطل مسترجعاً ما كان حلماً، وقد صار ذكرى؛ ومن هنا جاءت تسمية إحدى المقالات، ومن ثمّ الكتاب، مضيفا أن محتوى الكتابة حيوي نابض، وتعريفي توثيقي، ومعبر عن المشاعر بصدق من دون مبالغة، وعرض المعطيات بشكل مفهوم ومحسوس.
يذكر أن ونوس من مواليد مزرعة الصليب بريف صافيتا عام 1958، وعضو في اتحاد العرب، وفي رصيده أربع عشرة مجموعة قصصية وخمس روايات وست مجموعات شعرية وتسعة كتب ولديه الكثير من المشاركات الأدبية داخل وخارج سورية.
هيبه سليمان
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
إقرأ أيضاً:
حين تُزهِر الكلمة.. "معرض الكتاب" بوابة نحو وعيٍ جديد
نور المعشنية
في كل عام، حين تفتح أبواب معرض مسقط الدولي للكتاب، لا نكون على موعد مع حدث ثقافي اعتيادي، بل مع لحظة احتفاء بالإنسان، بفكره، وبحثه، وحنينه الذي لا ينتهي إلى المعنى. كأنما المعرض لا يُقام في مركز المعارض فحسب، بل يُقام في أعماق كل من مرّ ذات يوم بكتاب غيّر نظرته للحياة، أو سطرٍ مسح عن قلبه غبار التعب.
ليس غريبًا أن يشعر زوّاره بشيء يشبه الحنين، حتى قبل أن يدخلوا قاعاته. فالمعرض لا يُشبه سواه، له مذاقٌ خاص، يشبه أول كتاب وقعنا في حبه، وأول جملةٍ لم ننساها منذ الطفولة، له رائحة الصفحات القديمة التي احتضنت قلوبنا ذات يوم.
في هذا المكان، لا تُعرض الكتب فحسب؛ بل تُعرض الأحلام المؤجلة، والأسئلة التي لم تجد جوابًا بعد، وتُعرض الأرواح الباحثة عن ذاتها في سطورٍ قد تكون كُتبت في بلدٍ بعيد، لكنّها - لسببٍ لا نعرفه - تحدّثنا نحن، تمسّنا، تفتح فينا نوافذ كانت مغلقة.
الطفل الذي يركض نحو ركن القصص لا يبحث فقط عن حكاية، بل عن بدايةٍ جديدة لعالمه، الشاب الذي يفتّش عن عنوان قرأ عنه ذات مساء لا يبحث عن كتاب، بل عن صوتٍ يشبهه، والسيدة التي تشتري كتابًا لصديقتها لا تشتري غلافًا؛ بل تهديها ما قد يُحدث الفرق في يومها. كل هؤلاء، وكلنا، نأتي إلى المعرض لا لنقتني فقط، بل لنكتشف ما لم نكن نعرف أننا نحتاجه.
إنه طقس سنويّ يعيد إلينا شعور الانتماء، ويذكّرنا أن القراءة ليست ترفًا، ولا عادة نُخبوية، بل ممارسة وجودية. نقرأ لأننا نبحث عن أنفسنا، عن إجاباتنا، عن طرق جديدة لنفهم بها العالم. نقرأ لنبقى أحياء من الداخل.
ووسط الزحام، يحدث أن يتوقف الزمن. رفٌ معيّن يشدّك، عنوانٌ يستوقفك، تقرأ أول صفحة... فتبتسم. لأنك ببساطة، وجدت نفسك هناك. وجدت إجابة غامضة لسؤال ظلّ معلقًا فيك. وهذه أعظم هدية يمكن لكتاب أن يمنحها لك: أن يُعرّفك إلى ذاتك من جديد.
معرض الكتاب ليس فقط مكانًا للكتب، بل هو أيضًا مساحة لقاء: لا بين الكُتاب والقرّاء فقط، بل بين الأرواح. هنا، تتحدّث العناوين بلغاتٍ شتّى، لكنها تتفق جميعًا على محبة الإنسان، وشغفه الأزليّ بالحكاية، ورغبته العميقة في الفهم والانتماء.
كل دار نشرٍ تحمل لونًا من ألوان الثقافة، وكل مؤلفٍ يحمل حكاية، وكل قارئٍ يحمل حلمًا يبحث له عن مرآة. هذه ليست مجرد رفوف؛ إنها مساحات للعبور نحو وعيٍ جديد.
ولعل أجمل ما في هذا الحدث، أنه يذكّرنا أن الكلمة لا تزال بخير. وأن الكتاب، رغم تسارع الزمن، وتحوّل الشاشات إلى نوافذ يومية، لا يزال النافذة الأجمل... لا فقط إلى العالم، بل إلى دواخلنا.
فلنمشِ هذا العام بين الأرفف وقلوبنا مفتوحة. لعلنا نجد كتابًا يُربّت على أرواحنا المتعبة، أو عبارة تُعيد ترتيب فوضانا الداخلية، أو لقاء يُشبه الوعد بأننا لسنا وحدنا في هذا الدرب الطويل.
ولنحفظ لهذا المعرض مكانته، لا كمهرجانٍ موسمي، بل كحالة وعي. كنقطة ضوء في زمنٍ كثرت فيه العتمة. ولتُزهر الكلمة، كل عام، فينا من جديد... تعلّمنا كيف نُنصت، لا فقط لما يُقال؛ بل لما يسكننا بصمت.