حرب غزة تكشف الانحياز الأوروبي والانقسام الأمريكي
تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT
أثارت الحرب على غزة توترات إقليمية ودولية، انعكست على خطابات وخطط الحكومات الغربية الداعمة لإسرائيل ووضعتها موضع الشك والمحاسبة من قبل قوى سياسية وشعبية محلية، اتهمتها بمصادرة الحقوق الأساسية لمواطنيها لقاء التعبير الصارم لدعم إسرائيل في حربها على ما أسمته "الإرهاب".
ولعل أولى الإشارات الميدانية لهذه التوترات وآثارها، إقالة رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك لوزيرة داخليته "التي طالما دافع عنها في مناسبات عدة"، في إطار تعديل وزاري ولكنه مرتبط بالحرب، في أعقاب اتهامها للشرطة البريطانية بالتساهل مع المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين التي وصفتها بـ "مسيرات كراهية داعمة للإرهاب".
وأبرزت هذه الخطوة إشارات بشأن ازدياد الاستقطاب حول تداعيات الحرب على غزة في أوروبا، من لندن إلى باريس وبرلين وبروكسل ومدريد، واتساع الهوة بين المطالب الشعبية الأوروبية عامة وقرارات الحكومات السياسية.
اقرأ أيضاً
الأرقام تتحدث.. تراجع الدعم الشعبي في الولايات المتحدة لحرب إسرائيل على غزة
وشهدت شوارع العواصم الأوروبية مسيرات متزايدة تطالب بوقف الحرب فورا، شهدت عودة جزئية لليسار الأوروبي، الذي استغل هذه النافذة للتعبير عن تضامنه مع الفلسطينيين ولحشد الرأي العام المضاد للسياسات التي تنتهجها الحكومات ليس فقط في الشرق الأوسط، بل حتى على مستوى إدارتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للبلاد.
أوروبا تخسر موقعها كوسيط نزيه
لطالما لعبت أوروبا نهجا متوازنا نوعا ما تجاه الشرق الأوسط والصراع الإسرائيلي الفلسطيني، بسبب حساسيات وحسابات داخلية وسياسية. لكن يبدو أنه مع امتحان غزة الأخير، تبين أن القارة العجوز لا تتمتع بنفس النفوذ الذي تملكه واشنطن في هذا الملف، كما تبين أنها، وعقب الموقف الذي اتخذه الاتحاد من الحرب، خسرت الثقة الكاملة من جانب الفلسطينيين.
ليس خافيا أن النفوذ الأوروبي في الشرق الأوسط يعاني تضاؤلا متواصلا منذ عقود، وذلك نتيجة تهميش أوروبا من الأطراف الفاعلة في المنطقة عن ملفات المفاوضات مثلا. لكن مع اندلاع الحرب الأخيرة، تبين أن القارة، وعلى الرغم من بعدها السياسي، باتت في صلب التداعيات الأوسع للحرب.
من التداعيات المباشرة، انقسام اليسار الأوروبي على نفسه تجاه الموقف من الحرب، الأمر الذي زاد من ابتعاد القارة عن مكانتها كوسيط نزيه في عدد من القضايا المصيرية في الجنوب العالمي.
ويبرز هنا التناقض في التصريحات الأوروبية بشأن الحرب على غزة واضحا، حيث يتهم المراقبون صناع السياسة الأوروبيين "بازدواجية المعايير" حين تتم مقارنة مواقفهم من الحرب الأوكرانية مع تلك التي اعتمدوها في غزة.
وللتدليل على الارتباك في الموقف الأوروبي، في أعقاب الهجوم المباغت الذي شنته حماس على إسرائيل، أعلن أوليفر فارهيلي، المفوض الأوروبي لشؤون التوسع والجوار، التعليق الفوري للمساعدات المقدمة إلى فلسطين.
هذا التصريح وضع المؤسسة الأوروبية في موقف محرج للغاية، حيث اضطر كبير دبلوماسيي الاتحاد جوزيب بوريل، للتدخل مباشرة والحد من الأضرار الناجمة عن الموقف، مؤكدا أن المساعدات لن تتوقف.
وفي زيارة "غير مقررة" لمفوضة الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير إلى إسرائيل منتصف الشهر الماضي أحدثت جدلا كبيرا، قدمت خلالها دعما غير مسبوق لإسرائيل حين قالت "ليس من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها فحسب، بل من واجبها أن تحمي مواطنيها وتدافع عنهم".
الانقسامات حلت في الولايات المتحدة
الانقسام تسرب أيضا إلى أروقة السياسة الأمريكية، حيث نشرت مجلة "بوليتيكو" الإثنين الماضي مذكرة مسربة من وزارة الخارجية الأمريكية، تنتقد دعم واشنطن لإسرائيل، وتدعو الإدارة الأمريكية والرئيس جو بايدن لدعم وقف إطلاق النار في غزة.
وأظهرت المذكرة تنامي الغضب وانقسام متزايد في أروقة صناعة السياسة الأمريكية من الحرب الإسرائيلية.
كما أشارت إلى أن الموقف الأمريكي (المنحاز لإسرائيل) "يساهم في التصورات العامة الإقليمية بأن الولايات المتحدة جهة فاعلة متحيزة وغير نزيهة، وهذا في أحسن الأحوال لا يخدم المصالح الأمريكية...".
اقرأ أيضاً
بلومبرج: إحباط أمريكي متزايد من مواصلة إسرائيل قتل المدنيين بغزة
وأضافت المذكرة، حسب ما جاء في المجلة الأمريكية، "علينا أن ننتقد علنًا انتهاكات إسرائيل للمعايير الدولية مثل الفشل في جعل العمليات الهجومية مقتصرة على الأهداف العسكرية المشروعة... عندما تدعم إسرائيل عنف المستوطنين والاستيلاء غير القانوني على الأراضي أو تستخدم القوة المفرطة ضد الفلسطينيين، يجب علينا أن نعلن علنًا أن هذا يتعارض مع قيمنا الأمريكية حتى لا تتصرف إسرائيل دون عقاب".
وكان موقع "أكسيوس" الأمريكي قد نشر تقريرا مطلع الشهر الجاري حذر فيه من أن "أمريكا تنقسم على نفسها بشكل صارخ بسبب الحرب بين إسرائيل وحماس"، في حرم الجامعات وأماكن العمل وشوارع المدن وداخل مبنى الكابيتول والبيت الأبيض، والفجوة آخذة في الاتساع.
وأوضح الموقع المتخصص بتحليل الشؤون الدولية أن هذه الانقسامات العميقة قد تؤثر على إعادة تشكيل السياسة الأمريكية.
ووصلت الانقسامات حول الحرب في غزة إلى "هوليوود"، معقل السينما الأمريكية. إذ تحدثت "نيويورك تايمز" عن انقسام الممثلين بين مؤيدين للفلسطينيين ورافضين "لحرب الإبادة" التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، ومؤيدين لإسرائيل يجمعون التبرعات لها.
المصدر | أ ف بالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: حرب غزة أمريكا إسرائيل أوروبا من الحرب على غزة
إقرأ أيضاً:
“إنفيديا” الأمريكية تنتقد القيود التي تعتزم إدارة بايدن فرضها
الولايات المتحدة – انتقدت شركة “إنفيديا” الأمريكية للإلكترونيات القيود الجديدة التي تعتزم إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن فرضها على تصدير الرقائق الإلكترونية.
وذكرت الشركة أن البيت الأبيض يحاول تقويض عمل الإدارة الجديدة للرئيس المنتخب دونالد ترامب عن طريق فرض قوانين في اللحظة الأخيرة قبل انتهاء فترة ولاية بايدن.
وبموجب القواعد الجديدة، سيتم فرض قيود على مبيعات الولايات المتحدة من رقائق الذكاء الاصطناعي، سواء على أساس الدول والشركات، في خطوة من شأنها أن تحد من التصدير إلى معظم دول العالم. وتندرج هذه القواعد في إطار المحاولات الأمريكية لمنع وصول التقنيات الحديثة إلى كل من الصين وروسيا.
ونقلت وكالة “بلومبرع” للأنباء عن رئيس إنفيديا للشؤون الحكومية نيد فينكل نائب قوله في بيان إن “السياسة المتطرفة التي تتعلق بفرض قيود من الدولة سوف تؤثر على أنظمة الكمبيوتر الرئيسية في دول العالم، ولن تفعل شيئا من أجل دعم الأمن القومي، بل ستدفع العالم للبحث عن تقنيات بديلة”.
وأضاف فينكل: “ليس من المنطقي بالنسبة للبيت الأبيض تحت إدارة بايدن أن يتحكم في أجهزة الكمبيوتر، والتكنولوجيا العادية الخاصة بمراكز البيانات، والتي توجد بالفعل في أجهزة كمبيوتر الألعاب حول العالم، وجعل هذه الخطوة تبدو كما لو كانت موجهة ضد الصين”.
وتعتبر “إنفيديا” كبرى شركات العالم في مجال تصدير وحدات تسريع أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تعتمد عليها شركات تشغيل مراكز البيانات لتطوير أحدث أنظمة الذكاء الاصطناعي في العالم.
المصدر: أ ب