لجريدة عمان:
2025-03-12@05:20:34 GMT

الأمثلة التي لا يُحتذى بها

تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT

لطالما كانت لدي حساسية -زادت بطبيعة الحال مع الحرب على غزة- من الثناء على التجربة الأوروبية، سواء السياسية أو الاقتصادية. وعندما يُدلي مثقف مثل أمين معلوف -كما فعل في مقابلته الأخيرة مع فرانس 24- بتصريحات من قبيل: «بدلا من أن يكون المثال الأوروبي قدوة للشرق الأوسط، بات الشرق الأوسط مُشكلة يومية للمجتمعات الأوروبية» أشعر باستفزاز مضاعف؛ لأنها قادمة من رجل يُفترض أنه يفهم السياقات التاريخية، والمناخ العالمي.

القول بأن الشرق الأوسط هو المشكلة ينزع عن أوروبا المسؤولية والتدخل في أزمات الشرق، كما أنه يُركز على النتيجة (المشاكل في الشرق الأوسط)، ويتغاضى عن المسبب (الاستعمار، الغزو المباشر، التدخلات غير المباشرة في المواجهات المسلحة، الهيمنة الاقتصادية والثقافية). كما ينزع عن الدول المستقبلة للمهاجرين مسؤولية إدماجهم، وضمان حياة كريمة لهم.

بُني الاقتصاد الأوروبي المزدهر (شأنه شأن أي دولة أو اقتصاد مزدهر في العالم اليوم) على استغلال البشر سواء من الطبقات الكادحة في ذلك البلد، أو (والشكر للاستعمار) مواطني دول أخرى. والبنيان الشاهق والفخم يرتفع فوق الأجساد الملونة المستضعفة. وتعالوا واقنعوني بالعكس إذا كنتم ترون شيئا لا أراه.

الإشادة بالنظام الاقتصادي الأوروبي (حتى وإن تضمنت الاعتراف أنها إشادة قادمة من عدم توفر بديل آخر)، يتجاهل حقيقة أن الرخاء وانعدام الطبقة الدنيا تقريبا في بلدان مثل ألمانيا (كما يقول صديقي الذي يدرس الاقتصاد)، يعود إلى أن هذه الطبقة تم تصديرها إلى بلدان أخرى: البلدان التي تتوفر فيها العمالة الرخيصة، والمواد الخام، والاهتمام المتدني بظروف العمال وحقوقهم. فرخاء هذه الدول إذا مشروط باستمرارها في استغلال موارد إفريقيا وآسيا.

وبالمثل يتم تصدير المشاكل السياسية، وفتح جبهات مواجهة مع خصومها في بلدان بعيدة على نحو يضمن سلامها، ويُعزز موقفها كقوى مثالية عاشقة للسلام ونابذة للعنف. فالقوى العظمى لا تتواجه بشكل مباشر (أو لم تفعل منذ الحرب العالمية)، بينما تصفي خصوماتها في أراضٍ أخرى.

حتى احتلال فلسطين يُنظر إليه اليوم على أنه تصدير لمشكلة اليهود الذين لم تنجح أوروبا في ضمان حياة لهم في بلدانهم، وضمان تعايشهم بسلام مع بقية الأعراق الأوروبية. مشكلة أصبح على الفلسطينيين والعرب التعامل معها لفشل أوروبا في التعامل معها. اليهود الذين لطالما عاشوا بسلام في فلسطين، العراق، ومصر وغيرها لمئات السنوات قبل الاحتلال.

وبعد هذا كله، يتم استثمار القيم كوسيلة للهيمنة، وكتبريرات لشن الحروب أو دعمها. قضايا مثل إنقاذ نساء أفغانستان، أو تحرير العراق، أو القضاء على الإرهاب في غزة كلها تُصبح ذرائع للرجل الأبيض ليستمر في هيمنته على العالم. تُسمى حركات المقاومة والتحرير منظمات إرهابية، وتُصبح حركات المقاطعة الاقتصادية حركات معاداة للسامية. وترى أوروبا نفسها باعتبارها مُصدّرة للقيم الإنسانية، بدل الاعتراف بحقيقة تصديرها للأزمات.

صحيح أن ثمة أمثلة جيدة في العالم، ولكن يجب أن يُترك لكل شعب حرية اختياره لأدوات النضال التي تتماشى مع وضعه الخاص حتى يصل إلى الرؤى التي يطمح لها. ثمة مشاكل لانهائية في الشرق الأوسط، لكن إصرار على أن الشكل الأوروبي للعايش، النموذج السياسي والاقتصادي الأوروبي هما محل اقتداء هو منظور بحاجة للنقد. أعني أنه لطالما كان محل نقد، ونحن نعود خطوة للوراء عندما نعود لهذه الأفكار التي ليس من شأنها أن تُقربنا لفهم ما يحصل في العالم.

هذا بالطبع هو جانب واحد استحق الرصد من مقابلة أمين معلوف، التي لقيت بالطبع انتقادات أشد لأنها لم تتناسب مع هول ما يحدث على الأرض، ولإنها فُرغت من الانتقاد المباشر للسياسات الفرنسية الداعمة لإسرائيل، السياسات التي تُضيق الخناق على المتضامين مع القضية في فرنسا، وللغتها الحذرة والمهذبة في التعاطي مع الموقف.

أدري أن هذه الفكرة هامشية إزاء ما يحدث. والكتابة عموما أمر لا قيمة له، بينما يجب توجيه أي جهد، كل جهد في إيقاف المجازر اليومية في غزة. مع هذا فالتفكير والتأملات والنقد ضروري سواء في هذه المرحلة، أو ما يتلوها، لو أن المرء يشعر بأنه يعيش في ديستوبيا، وأنه يعيش نهاية العالم، وانهيار ليس للحياة كما يعرفها فحسب، بل للحياة بأسرها. مع هذا ليس باستطاعتنا إلا أن نفكر ونكتب، إلى أن يكون باستطاعتنا أن نفعل شيئا آخر.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

"أومينفست" ترعى إفطار "جمعية علاقات المستثمرين بالشرق الأوسط"

 

 

مسقط- الرؤية

رعت الشركة العُمانية العالمية للتنمية والاستثمار "أومينفست"، والتي تُعد واحدة من الشركات الاستثمارية الرائدة في المنطقة، فعالية إفطار جمعية علاقات المستثمرين في الشرق الأوسط (MEIRA) في مسقط بمناسبة يوم المرأة العالمي.

وجمعت هذه الفعالية المرموقة، التي نظمتها جمعية علاقات المستثمرين في الشرق الأوسط (MEIRA) بالتعاون مع بورصة مسقط، حوالي 70 ضيفًا من الشخصيات المؤثرة في القطاع المالي والحوكمة المؤسسية، بحضور مسؤولي علاقات المستثمرين، ومديري الاستدامة، والرؤساء التنفيذيين، والرؤساء الماليين، والمصرفيين الاستثماريين من مختلف أنحاء المنطقة.

وجمع هذا اللقاء بتوقيته المميز بين أجواء رمضان وشعار يوم المرأة العالمي الذي يركز على العدالة والتمكين، ما يوفر منصة فريدة لتسليط الضوء على إسهامات المرأة في المناصب القيادية ومجال علاقات المستثمرين.

وقال عبدالعزيز البلوشي الرئيس التنفيذي لمجموعة أومينفست: "ندرك في أومينفست أهمية التنوع والشمولية، فهذه المفاهيم تعد من المحركات الأساسية للابتكار وصنع القيمة المستدامة، ونحن ملتزمون بتمكين المرأة على جميع المستويات سواء داخل مؤسستنا أو في مجال الخدمات المالية ككل، وتعد رؤية المرأة الاستراتيجية ومهاراتها القيادية ضرورية لقدرتنا على تحقيق النمو طويل الأجل والمساهمة في الرؤية الاقتصادية لسلطنة عمان، ونحن نؤكد على التزامنا نحو ترسيخ ثقافة شاملة تُقدَّر فيها مساهمات المرأة وتُحتفى بها، ونفخر بسعينا لتحقيق المساواة بين الجنسين في المناصب القيادية التنفيذية".

وأوضح باولو كازاماسيما الرئيس التنفيذي لجمعية الشرق الأوسط لعلاقات المستثمرين: "يُعد هذا الحدث منصة لتعزيز الحوار ودفع التغيير الفعّال في مجالي علاقات المستثمرين والحوكمة المؤسسية، ونحن نقدّر شراكة أومينفست الاستراتيجية والتزامها بتطوير علاقات المستثمرين داخل القطاع المالي، ولقد مكّننا دعمهم من إنشاء منتدى قوي يسلط الضوء على مساهمات المرأة ويعزز أفضل الممارسات في جميع أنحاء المنطقة."

وتُعدّ شركة أومينفست رائدة في هذا المجال حيث تشغل المرأة نسبة تتجاوز 20% في مجلس إدارتها والإدارة التنفيذية، ما يعكس التزامها بتحقيق التنوع في القطاع المالي في عُمان.

وقد احتفلت الشركة مؤخرًا بتعيين هناء المعني رئيس فرع عمان لجمعية علاقات المستثمرين في الشرق الأوسط، حيث تمتلك هناء خبرة متخصصة تتجاوز 20 عامًا في مجال الاستثمار الخاص، وأبحاث السوق، وعلاقات المستثمرين في أومينفست، ما يؤهلها للارتقاء بأنشطة الفرع المحلي للجمعية وتعزيز الروابط ضمن مجتمع علاقات المستثمرين في سلطنة عُمان.

مقالات مشابهة

  • احتجاجات وتحريض واسع ضد كتاب يتحدث عن حماس في جامعة بريطانية
  • العراق في صدارة الدول الأكثر تلوثاً في الشرق الأوسط
  • "أومينفست" ترعى إفطار "جمعية علاقات المستثمرين بالشرق الأوسط"
  • معادلات جديدة تعتري الشرق الأوسط
  • روسيا وتركيا تبحثان الوضع في سوريا
  • ويتكوف يتوقع تحقيق تقدم كبير في محادثات أوكرانيا هذا الأسبوع
  • فرصة تاريخية أمام أمريكا في الشرق الأوسط
  • قراءة إسرائيلية في مواقف ماليزيا تجاه حرب غزة وعلاقتها مع حماس
  • الشرق الأوسط يتجه نحو واقع جيوسياسي مختلف عن السابق.. البراغماتية هي الحل
  • أوزغور أوزيل: نقف إلى جانب القضية الفلسطينية