فيسبوك.. «بابل» العصور العربية الحديثة!
تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT
بحسب الرواية التوراتية، كان الناس يتكلمون لغة واحدة في بابل القديمة، فأصبحوا ذات يوم وقد تبلبلت ألسنتهم أي تفرقت لغتهم الواحدة إلى لغات عديدة، وما صاروا يفهمون بعضهم بعضا.
وحين لا يفهم الناس بعضهم بعضا يصبح هناك نقص في التأويل وخطأ في الفهم وتترتب على النقص والخطأ الكثير من مسائل سوء الفهم التي تورث مشكلات عديدة في حياة البشر وتخريب علاقاتهم البينية.
ونحسب أن واقع تعامل الناس في المنطقة العربية مع ظاهرة السوشيال ميديا مثل فيسبوك (بسبب التخلف الذي أصبح هوية ظاهرة لحياتهم) هو شكل من أشكال البلبلة الحديثة التي أصابت الكثيرين ليس لناحية سوء الفهم فحسب، بل كذلك لناحية التغيير الكبير في ما يمكن أن توفره منصات السوشيال ميديا - مثل فيسبوك - حيال القدرة على التسبب بخلخلة القواعد التي تحكم سوية قوانين مجال نشر الأخبار والمعلومات ونظم تداولها منذ القدم بترتيب مطرد لحياة الناس الفكرية والعملية.
هناك صور كثيرة لتلك البلبلة التي ضربت رواد فيسبوك والمزاعم التي طورتها علاقتهم معه وطبيعة تفاعل تلك العلاقة مع استخدامات رواد مواقع التواصل الاجتماعي إلى درجة أصبحت تتجلى فيها اليوم مؤشرات واقع خطير فيما يتصل بالمرجعيات الموثوقة التي كان يتعين على الناس عادة - حتى نهاية الثمانينيات من القرن العشرين - أن يستقوا منها الأخبار والمعلومات كمصادر معروفة في الصحافة ووسائط الإعلام والتلفزة والتي كان يترتب عليها في العادة ضبط واقع ذهنيات الناس من ناحية، ثم واقع حياتهم العملية، من ناحية ثانية.
طبعا هذا لا يعني أنه لم تكن هناك - منذ القدم - مصادر مضللة للأخبار والمعلومات كالإشاعات والأكاذيب المتبادلة، بل ولا يعني كذلك أن خطاب أنظمة الإعلام الحديثة من صحافة وتلفزة خطاب بريء وخال من التوظيف والرسائل، لكن انتشار ظاهرة الأكاذيب المضللة كان محدودا من ناحية، وكان في الوقت ذاته مقتصرا على متخصصين في صناعة تلك الشائعات من ناحية أخرى.
مع ظهور ثورة السوشيال ميديا - عربيا - حدثت تلك البلبلة التي يعاني اليوم كثيرون جدا من آثارها، سواءً في عمليات سوء الفهم اللامتناهية، أو في التضليل، أو في الإمكانات المتاحة لصناعة الأكاذيب أمام الجميع نحو الجميع، مع القدرة على انتشارها على نطاق أسفيري عالمي سريع ومخيف.
لكن الأخطر من ذلك هو أن هذه الصناعة التي تبشر بها وسائط الإنترنت الجديدة أي السوشيال ميديا كما هي في منصات فيسبوك وواتساب وغيرهما؛ أنها إمكانات مغرية (بسبب القدرة التقنية الهائلة للانتشار الواسع والسريع في فضائها) ويمكن استخدامها في واقع متخلف كواقع المنطقة العربية على نحو بالغ السوء تترتب عليه مشكلات لا متناهية في أكثر من صورة للواقع الاجتماعي والسياسي والنفسي للبشر.
إن هذه الوسائط التي وفرتها السوشيال ميديا هي، في بعض صورها، تنطوي على إمكانات خطيرة جدا لإنتاج وإعادة إنتاج مشكلات لا متناهية من سوء الفهم والتضليل والكذب وغير ذلك في الأوساط الاجتماعية والسياسية للمجتمعات المتخلفة نظرا للإمكانات التي وفرها منتجو هذه الوسائط وهم يتصورون - نظريا وعلى مثال مجتمعاتهم المتقدمة - انطلاقا من أن الظن في الحق المتصل بالاستخدام الذي تكفله حقوق الإنسان هو أمر كافٍ ذاته لإطلاق تلك الوسائط الرقمية ومنصاتها على هذا النحو الذي أصبح عليه حال عالمنا اليوم في المنطقة العربية.
في تقديري أن لجوء فيسبوك مؤخرا إلى تقنية تحد من انتشار منشورات مستخدمي المنصة بحيث لا تتجاوز إمكانية تصفحها 25 عضوا من قائمة الأصدقاء هو شكل من أشكال محاولة احتواء تلك الآثار العدوانية التي تنتج عن الاستخدامات العشوائية والسيئة في منصته وتحدث ردود فعل وإشكالات في واقع المجتمعات سياسيا واجتماعيا.
ستظل المشكلة الكبرى في عالم الناطقين بالعربية اليوم هي: كيفية الخروج من نفق التخلف الذي ظل يطبع تفاعلاتهم مع التطورات التقنية للعالم الحديث بصورة نكتشف معها في كل مرة قناعا جديدا لذلك التخلف!
واليوم تجسد استخدامات الوسائط الرقمية مثل منصة فيسبوك في عالمنا العربي ما يصلح مثالا واضحا لتعبيرات ذلك التخلف المقيم، إذا ما قارنّا طبيعة استخدامنا لتلك الوسائط باستخدامات مجتمعات أخرى متقدمة!
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: السوشیال میدیا سوء الفهم من ناحیة
إقرأ أيضاً:
ضفائر الأسيرات الإسرائيليات تثير فضول السوشيال ميديا.. والسر ينكشف بمفاجأة (فيديو)
“ضفائر متناسقة بدقة” مشهد يتكرر كل مرة مع إفراج كتائب “القسام” وفصائل المقاومة الفلسطينية عن الأسيرات الإسرائيليات من قطاع غزة ضمن صفقة التبادل واتفاقية الهدنة.
لكن الفضول زاد في شبكات التواصل الاجتماعي بحسب قناة “المشهد”، حيث بدأ الجميع يتسائل عن من يقف وراء هذه الضفائر وإخراج تلك المشاهد.
بعد تسلم الأسيرات.. وجهة سيارات الصليب الأحمر غير معروفة إلى الآن (شاهد) الصليب الأحمر يتسلم الأسيرات الإسرائيليات من حماس بالزى العسكرىلكن الإجابة كانت مفاجئة، إذ تعود إلى آغام برجر، المجندة الإسرائيلية التي كانت أسيرة لدى حماس، حيث قررت أن تترك بصمتها من خلال تصفيف شعر زميلاتها وعمل ضفائر لهن قبل خروجهن، وكأنها رسالة خفية أو وداع صامت.
وباتت برجر حديث الساعة بعد أن تم الإفراج عنها ضمن صفقة تبادل، حيث سلمتها وحدة الظل للصليب الأحمر، ومع ذلك، لم يكن هناك فيديو للأسيرات.
تعليقات رواد مواقع التواصل تنوعت حيث نشر كيفن صورة لها وكتب: "المجندة الإسرائيلية أجم برجر، وعلى يديها علم فلسطين"، وذلك قبل أن تُفرج عنها كتائب القسام في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، فيما نشر سعيد الذي قال: "لن تتحرروا أسيراً واحداً إلا بصفقة".
سلمت فصائل المقاومة الفلسطينية اليوم الخميس الأسيرة المجندة الإسرائيلية آغام بيرغر من بين ركام مخيم جباليا (شمالي قطاع غزة)، والأسيرين الإسرائيليين أربيل يهود وغادي موزيس و5 محتجزين تايلنديين من أمام ركام منزل الشهيد يحيى السنوار بخان يونس (جنوبا)، في إطار الدفعة الثالثة من تبادل الأسرى حسب اتفاق وقف إطلاق النار.
وأفرجت كتائب القسام عن الأسيرة المجندة بيرغر من ساحة الرزان في مخيم جباليا التي شهدت عمليات قصف وتدمير إسرائيلية كبيرة ضمن العملية العسكرية الدامية التي شنها جيش الاحتلال وقُتل خلالها وأصيب عدد كبير من الجنود الإسرائيليين.
وأعلن الجيش الإسرائيلي تسلم المجندة آغام بيرغر بعد وقت قصير من إطلاق سراحها، قائلا إنها وصلت إلى نقطة الاستقبال الأولية في غلاف غزة والتقت أفراد عائلتها، كما أكد استعداده لاستقبال باقي المحتجزين.
وفي خان يونس، أكد مراسل قناة فضائية أن الصليب الأحمر تسلّم الأسيرين الإسرائيليين يهود وموزيس اللذين أفرجت عنهما سرايا القدس أمام ركام منزل السنوار وسط حشد جماهيري كبير.
وأفاد المراسل بأن سرايا القدس أطلقت أيضا سراح 5 محتجزين من العمال التايلنديين، في حين أكد الجيش الإسرائيلي تسلم الصليب الأحمر 7 أسرى هم يهود وموزيس و5 عمال أجانب.
وكان مقاتلو سرايا القدس انتشروا في خان يونس (جنوبي قطاع غزة) صباح اليوم استعدادا لإطلاق سراح المحتجزين الذي تم في مكانين.
وفي وقت لاحق، أعلن الجيش الإسرائيلي وصول جميع الأسرى المفرج عنهم من غزة اليوم إلى إسرائيل، بمن فيهم المحتجزين التايلنديين.