طهران- مع إطالة أمد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وإصرار الولايات المتحدة وعدد من حلفائها الأوروبيين على دعم الاحتلال الإسرائيلي بزعم القضاء على حركة حماس، تبرز أهمية السيناريوهات المحتملة لعملية طوفان الأقصى خلال الفترة المقبلة.

وعلى ضوء السجال المحتدم بين المقاومين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة، تشير تقديرات الخبراء الإيرانيين إلى طيف من الاحتمالات المتوقعة في حال استمرار العدوان على القطاع المحاصر، بدءا من دحر الاحتلال شمال القطاع ثم استمرار الحرب حتى العثور على شبكة الأنفاق وصولا إلى توسيع رقعة الحرب وتدويل المعركة.

إخفاق العملية البرية

يقوم سيناريو إخفاق العملية البرية وانسحاب اسرائيل على تكرار تجربة الاجتياح الإسرائيلي للبنان في حرب يوليو/تموز 2006 والحروب الإسرائيلية المتكررة على القطاع وانسحاب الاحتلال في النهاية من الأراضي المحتلة.

وحول هذا السيناريو، يقول الدبلوماسي المتحدث الأسبق باسم الخارجية الإيرانية حسين جابري أنصاري إنه "ما أشبه الليلة بالبارحة، وكأن عقارب الزمن قد عادت 17 عاما للوراء، حيث كان الكيان الصهيوني قد شن حربا ضروسا على لبنان عام 2006 بزعم القضاء على حزب الله وتحرير أسراه من قبضة المقاومة الإسلامية، لكنه انسحب في النهاية دون تحقيق أي من أهدافه المعلنة".

وفي كلمة له حول "مآلات الحرب في غزة" ألقاها بجامعة طهران، يشير أنصاري إلى أن المقاومة تمتلك اليد العليا في حرب العصابات والعملية البرية رغم التفوق الإسرائيلي في العمليات الجوية. وتوقع الدبلوماسي ذاته أن ترغم المقاومة الإسلامية في غزة الجانب الإسرائيلي على الانسحاب إثر ارتفاع خسائره في العدة والعتاد.

أنصاري يتوقع انسحاب الجانب الإسرائيلي من غزة إثر ارتفاع خسائره في العدة والعتاد (الصحافة الإيرانية) احتلال شمال القطاع

"يتحقق هذا السيناريو من خلال الضغط الخارجي، لا سيما الأميركي لإخراج حكومة بنيامين نتنياهو من مستنقع غزة" وفق مدير معهد العلاقات الدولية مجيد زواري الذي يرى أن تطورات الأحداث في غزة تسير نحو احتلال شمال القطاع، لتوظيفه ورقة ضغط في المفاوضات الرامية إلى وقف إطلاق النار.

وفي حديثه للجزيرة نت، يقرأ زواري العنف الإسرائيلي المستخدم بحق المدنيين في غزة في سياق ترميم الروح المعنوية للجيش الإسرائيلي بعد انهيارها في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، معتقدا أن الجيش الإسرائيلي لا يستطيع خوض حرب طويلة الأمد، ولذلك يسعى لاحتلال شمال قطاع غزة لتوظيفه لتحرير أسراه وتقديمه إنجازا للرأي العام الإسرائيلي.

كشف شبكة الأنفاق

ويعتبر زواري شبكة الأنفاق في القطاع عاملا أساسيا في قلب مسار العملية البرية لصالح المقاومة وزيادة خسائر الاحتلال خلال الأسابيع القليلة الماضية، مؤكدا أن الكيان الإسرائيلي ومعه الولايات المتحدة يسعيان حثيثا لتدمير شبكة الأنفاق تمهيدا لقبول هدنة إنسانية أو وقف لإطلاق النار.

ولدى إشارته إلى المجازر التي ارتكبها الجانب الإسرائيلي بدعم أميركي -على حد قوله- في إلقاء القنابل على المستشفيات والمخيمات، توقع الباحث الإيراني أن يقدم الكابينيت الإسرائيلي على حقن الغاز السام أو إلقاء القنابل الحارقة لتدمير شبكة الأنفاق والقضاء على من فيها، للخروج بماء الوجه وإنعاش الحياة السياسية لنتنياهو بذريعة القضاء على التهديد الأمني الأساس لكيان الاحتلال.

احتلال القطاع بالكامل

تطرح بعض الأوساط الإيرانية احتمال تقويض قدرة حماس في حال تم العثور على شبكة أنفاقها واحتلال القطاع بالكامل، لكنها تستبعد في الوقت ذاته القضاء على الحركة بالكامل باعتبارها فكرة وأيديولوجيا مترسخة لدى المواطن الغزي.

من جانبه، يرى زواري أن أطرافا عربية وغربية تتناغم والمطالب العبرية المنادية بضرورة احتلال القطاع بالكامل والإتيان بحكم جديد على ظهر الدبابات الإسرائيلية، مستدركا أنه لا يمكن لأي عملية سياسية جديدة أن تحكم غزة إلا إذا تخلى أهلها عن مناصرة الحركة، وهذا مستبعد في الوقت الراهن.

زواري يتوقع احتلال إسرائيل لشمال قطاع غزة لتوظيفه كورقة ضغط في المفاوضات (الجزيرة) توسيع رقعة الحرب

من السيناريوهات المحتملة، سيناريو توسيع رقعة الحرب، وهو سيناريو محتمل الحدوث إذا استمر الجانب الإسرائيلي في الإبادة الجماعية بحق المدنيين في غزة لفترة أطول، ووسع من رقعة عملياته جنوبي لبنان، وتمادى في قصفه أهدافا داخل الأراضي السورية، لا سيما مع تصاعد التعاطف الشعبي الغربي مع الجانب الفلسطيني في المعركة المتواصلة، وفق الباحث زواري.

وفي السياق، يعتقد المستشار السابق لوزارة الخارجية الإيرانية وعضو مجلسها الإستراتيجي محمد مهدي مظاهري، أن معركة طوفان الأقصى ستخرج عن إطارها الثنائي بفعل إصرار الجانب الإسرائيلي على المضي قدما فيها حتى القضاء على حركة حماس، مما يستدعي تدخل أطراف أخرى لردعه وإنقاذ الأبرياء في القطاع المحاصر.

وفي حديثه للجزيرة نت، يتوقع المستشار الأسبق لرئاسة مجمع تشخيص مصلحة النظام محمد مهدي مظاهري أن تؤدي توسعة رقعة المعركة في بلاد الشام إلى تدويلها وانضمام أطراف أخرى إلى طرفيها، على غرار ما حدث إبان الحربين العالمية الأولى والثانية.

وحذر الباحث الإيراني من أن تدويل المعركة قد يحولها إلى حرب عالمية ثالثة سوف تستنزف طاقات جميع أطرافها، بيد أنها سوف تمهد لسلام جديد في الشرق الأوسط، وتغير مشهد المنطقة لصالح الجبهة المتفوقة.

واستدرك مظاهري أن أطرافا فاعلة يفترض انضمامها إلى إحدى الجبهتين في حال توسعة رقعة الحرب، تبذل في الوقت الراهن مساع وجهود حثيثة للسيطرة على نيران المعركة، ذلك أن تدويلها سوف يكبد اقتصاد العديد من الدول خسائر باهظة.

مظاهري يقول إن جميع المؤشرات ترجح فوز حماس في عملية طوفان الأقصى (الصحافة الإيرانية) نموذج أوكرانيا

وفي حين يصف الباحث الإيراني، احتمالات تدويل معركة غزة بأنها ضئيلة، يعتقد أنها تسير نحو تطبيق النموذج الأوكراني في القطاع المحاصر، حيث تتخلى الأطراف الأخرى رويدا رويدا عن حماسها في خوض المعركة لنصرة حليفتها بشكل مباشر وتركها كيان الاحتلال وحركات المقاومة تتقاتل في غزة.

ورأى مظاهري، أنه مع إطالة أمد عملية طوفان الأقصى سيقوم حلفاء طرفيها بتقديم الدعم خلف الكواليس وتقديم مبادرات لوقف إطلاق النار في الأوساط الدولية والأممية، حتى قبولهما بإحدى المبادرات.

وخلص مظاهري إلى أن جميع السيناريوهات أعلاه محفوفة بالمخاطر والتحديات لكلا الطرفين، بيد أن جميع المؤشرات ترجح فوز المقاومة ونهاية حياة نتنياهو السياسية في نهاية المطاف، مؤكدا أنه بعد معركة طوفان الأقصى الراهنة سوف تفتح صفحة الهجرة العكسية من الأراضي الفلسطينية المحتلة وسيحتدم الصراع السياسي بين الأوساط الإسرائيلية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الجانب الإسرائیلی الإسرائیلی على طوفان الأقصى شبکة الأنفاق احتلال شمال القضاء على رقعة الحرب فی غزة

إقرأ أيضاً:

اليمن في بؤرة الاستهداف الإسرائيلي ولا أحد مستعد لإسناده

دخل اليمنيون معركة إسناد غزة من دون استئذان، رسموا لجبهتهم هدفًا محددًا: إسناد غزة حتى تضع الحرب الإسرائيلية أوزارها، وليس قبل ذلك بيوم أو ساعة.. حددوا وسائلهم وأهدافهم: استهداف السفن الإسرائيلية ومنعها من الوصول إلى وجهتها على البحر الأحمر: إيلات.

ضربوا العمق الإسرائيلي في إيلات وتل أبيب، حتى بات المرفأ الإسرائيلي الوحيد على شواطئ الأحمر، خرابًا صفصفًا. فعلوا كل ذلك، بإسناد شعبي واضح، عبّرت عنه مليونيات الجمعة في مختلف المدن اليمنية، وبالأخص صنعاء.

حاز الحوثي وأنصار الله تأييدًا شعبيًا يمنيًا وازنًا، وتحولت الجماعة المحلية، إلى لاعب إقليمي يشار له بالبنان، واكتسب الرجل على رأس حركته، شعبية ترددت أصداؤها في شوارع مدن وعواصم عربية، جماهير لم تكن تسمع بالحوثي، أو كانت لديها صورة سلبية عنه، باتت ترفع صوره وتهتف باسمه، في شوارع عمان، وبيروت، وتونس، والرباط، وغيرها.

وضعت الحرب على جبهات الإسناد الأخرى أوزارها، لكن الجبهة اليمنية ما زالت مشتعلة، الحوثي يربط "الاستمرارية" بـ "التصعيد" عند الحديث عن خططه لقادمات الأيام، مع أن صمت المدافع بات "مدويًا" على مختلف الجبهات، ويتحول اليمن، يومًا بعد يوم، إلى ساحة الاشتباك الرئيسة في الإقليم، وسط مؤشرات على نيّة تل أبيب، مدعومة بقوة من لندن وواشنطن، توجيه ضربات إستراتيجية قاصمة لـ "آخر ذراع إيرانية نشطة في المنطقة"، على حد تعبير نتنياهو وأركان ائتلافه اليميني.

إعلان

وسواء أكانت الجماعة قد صدرت وتصدر عن مواقف مبدئية صارمة، كما يقول مؤيدوها في داخل اليمن وخارجه، أم عن "حسابات سياسية، ذات طبيعة "انتهازية" كما يقول خصومها، فإنه مما لا شك فيه، أن وقائع الأيام الأخيرة، وما تخللها من قصف لتل أبيب، واشتباك مع القطع الحربية الأميركية في عرض البحر، وما تلقته صنعاء وأخواتها، من ضربات بريطانية – أميركية مزدوجة، قد أكسبت الحوثيين المزيد من الاحترام والثقة، لدى قطاعات شعبية واسعة، أقله خارج اليمن، فيما الوضع في الداخل اليمني، يبدو بحاجة لمزيد من المراجعة والتمحيص.

ظروف غير مواتية

في معنى "الإسناد" الذي انطلقت منه الجبهات نصرةً لغزة، كان مفهومًا ضمنًا، أنه إسناد متبادل، وليس باتجاه واحد، وأنه يترابط مع حاجات مختلف الجبهات، لهذا الفعل الإسنادي متعدد المصادر.

بيد أن الصورة التي تظهّرت اليوم، تبدو مغايرة تمامًا لهذا المعنى، تأسيسًا على تداعي مفهوم "وحدة الساحات" في أول اختبار حقيقي له مع اندلاع طوفان الأقصى، وفشله بعد عام من الحرب، في اجتياز "عمادة النار"، تحت ضغط الحسابات المحلية الأكثر ثقلًا في تقرير مواقف الأطراف ومساراتها.

في لبنان، أُنجز اتفاق لوقف النار، خرج بموجبه حزب الله عن "خط الإسناد"، بعد أن تعرَض لسلسلة من الضربات الزلزالية، أعاقته عن مواصلة القتال على واحدة من أهم جبهات الإسناد.

لسنا هنا في موضع "تقييم" ما إن كان الاتفاق جيدًا للبنان أم لا، فهذا أمرٌ متروك للبنانيين.. لكنه بالقطع، لم يكن اتفاقًا جيدًا لغزة، التي شعرت بأنها تركت وحيدة في مواجهة الوحش الصهيوني السائب. والاتفاق بحد ذاته، كان ثاني أهم ضربة تتلقاها نظرية وحدة الساحات.. الضربة الأولى، جاءت من نظام الأسد، الذي قرر النأي بنفسه عن ميادين القتال، مكتفيًا بدور "محطة الترانزيت" الذي رسمه لسوريا، أو رُسِم لها، لا فرق.

إعلان

خرج حزب الله من ساحة المعركة مثخنًا بجراحات غائرة، سيحتاج لسنوات لتضميدها، لكي يعاود سيرته وأدواره الأولى، وهي مهمة مشكوك في قدرته على إنجازها، بالنظر لتغير الظرف وانقلاب المشهد.

الحزب اليوم، ليس في وضع يمكنه من الردّ على الخروقات الإسرائيلية المتغطرسة، لاتفاق وقف النار، وإسرائيل تفرض شيئًا فشيئًا، قواعد جديدة للاشتباك، من دون أن تُجابَهَ بما يكفي لردعها، ووقف عربدتها، والساحة اللبنانية، تصبح بشكل أو بآخر، نسخة غير مزيدة، وغير منقحة، عن الساحة السورية، زمن الأسد وما بعده، كميدان اختبار للاستباحة الإسرائيلية.

لا إسناد يرتجى من حزب الله، والمؤكد أن السيد عبدالملك الحوثي يعي ذلك تمامًا، حتى وهو يأخذ قراره بالتصعيد والاستمرارية.. ولا أمل كبيرًا كان يرتجى من جبهة الإسناد العراقية، لا من قبل ولا من بعد، فمشاركة ما يعرف بفصائل المقاومة الإسلامية، كانت "استعراضية" في الغالب، ولم تأخذ شكلًا جديًا، إلا بعد الحرب الإسرائيلية "المجنونة" على لبنان وحزب الله، وبعد دخول الحوثيين بخبراتهم وخبرائهم، على خط تمكين الفصائل العراقية، من تسديد رميها وتفعيل ضرباتها.

البيئة الإستراتيجية المحيطة بجبهة الإسناد اليمنية، ستكمل استدارتها بسقوط نظام الأسد، وما ترتب على ذلك من خروج إيران من المعادلة السورية، وكسر "الهلال الشيعي" في "واسطة العقد".

إيران الحليف الإقليمي الوحيد لأنصار الله، دخلت في مسار انكماشي، وتنتظرها مع مقدم إدارة ترامب، سيناريوهات تراوح ما بين السيئ والأسوأ، فيما دوائر نفوذها الإقليمي، تتهاوى الواحدة تلو الأخرى، وسط شعور عميق، ينتاب حلفاءها وخصومها، بأن لحظة الإجهاز على "المحور"، ربما تكون قد أزفت، وأن على مختلف مكوناته وكياناته، "التكيف" مع الواقع الجديد القائم.

لا يعني ذلك، أن إيران قد فقدت "قيمتها" كقوة إقليمية وازنة، فهي قيّمة بذاتها، لكن الجديد في المشهد الإقليمي المتغير بتسارع مذهل، أن إيران لم تعد تمتلك ترف اللعب بأوراق وأدوات خارج حدودها، وأن ما تبقى لها للحفاظ على أمنها القومي وموقعها في الإقليم، هو أوراقها الذاتية الخاصة، وفي صدارتها "برنامجها النووي"، الذي لم تنفع "سلميته" في تخليصها من نظام العقوبات، ولم يعد محميًا اليوم بجبهات متقدمة يمكنها الدفاع عن إيران من خارج حدودها، فإما الانتقال إلى "عسكرة" البرنامج، كما تخشى مصادر غربية، وإما التكيف مع معطيات الإقليم بشروط أميركية – إسرائيلية مذلّة. بين الخيارين، ستظل إيران تراوح في موقع دفاعي متراجع، وسيبقى نفوذها في تآكل وضمور، مستمرين.

إعلان

ويزداد المشهد اليمني تعقيدًا اليوم، وقد يتحول إلى "مأزق"، في ضوء عاملين اثنين: أولهما؛ استطالة أمد الحرب، التي لم يكن أحدٌ يتوقع أن تأخذ كل هذا المدى والعمق والاتساع، لا الحوثي ولا غيره، وتحولها إلى سلاح ذي حدين، وسقوط نظرية أن إسرائيل لا تحتمل الحروب طويلة الأمد، وعلى أكثر من جبهة، وفي عمقها الداخلي، وغير ذلك مما شكّل من قبل، عناصر ارتكاز "نظرية الأمن الإسرائيلي".

وثانيهما؛ اقتراب اليمن من خوض أكبر فصول المواجهة مع الإسرائيليين (ومن خلفهم الأميركيون والبريطانيون)، تزامنًا مع تواتر الحديث عن قرب التوصل إلى اتفاق لوقف النار في غزة ذاتها. إذ لن يكون مفاجئًا أبدًا، أن نرى النار وقد انطفأت في غزة، فيما أُوارها يشتد في اليمن وعليه.

تلكم مفارقة، سيكون لها أثرها من دون ريب، على النقاشات داخل اليمن، وستسهم في استحداث التغيير في المواقف والمواقع والتحالفات.. سيخرج من بين اليمنيين، وربما من بيئة أنصار الله، من سيطرح الأسئلة: هل يعقل أن نظل وحدنا في الميدان؟.. هل من المصلحة أن تعلو تهديدات قادة الحوثيين بالاستمرارية والتصعيد، فيما قادة المقاومة الفلسطينية أنفسهم، يشيعون مناخًا من التفاؤل بقرب إبرام صفقة وقف الحرب؟.. هل يصح بعد أن أعلنت فصائل "المقاومة العراقية" أن إسنادها كان مرتبطًا بحزب الله والحرب عليه، وأن لا مبرر اليوم للاستمرار به، ضاربة عرض الحائط بالجبهات الأخرى المفتوحة؟.. ماذا عن اليمن، ألا يستحق إسنادًا مماثلًا، أم أن مفهوم وحدة الساحات، يقتصر على مكونات وكيانات بعينها؟

الثأر قبل الدبلوماسية

إسرائيل أعلنت الحرب على اليمن، شماله وحوثييه، وهي تكتشف أن ليس لديها "بنك معلومات" كافٍ عن تلك الساحة، ولم تكن لتقيم وزنًا أو حسابًا، لكن هذه الثغرة يمكن ملؤها بالتنسيق الأمني مع الولايات المتحدة والغرب وبعض العرب واليمنيين، وسيكون ثمة أهداف ذات طبيعة إستراتيجية يتعين ضربها، وقد يتولى "الموساد" إلى جانب سلاح الجو، ووحدات من القوات الخاصة، المهمة برمتها.

إعلان

فالحرب على اليمن في مرحلتها الأولى، ستأخذ كما كان الحال في غزة ولبنان، ولاحقًا في سوريا، شكلًا تدميريًا منهجيًا، مشفوعًا بعمليات استخبارية واغتيالات لشخصيات وازنة.. تلكم هي سيرة إسرائيل ونظريتها للأمن القومي.

ولن يجد اليمنيون بواكي كثيرين لهم، سواء في الغرب أو الشرق، أما على المستوى العربي، فسيلقون ما لاقاه الفلسطينيون واللبنانيون: تعاطفًا شعبيًا حبيسًا إلا في بعض الساحات الأكثر انفتاحًا، وعجزًا عربيًا بالغًا ضفاف التواطؤ والتآمر.. فالحوثيون لهم خصوم وأعداء كثر في الإقليم، سيجدونها فرصة لتسوية الحساب وإغلاق الملفات.

وليس مستبعدًا أبدًا، أن يجد معسكر الأعداء والخصوم، ضالته، في إعادة فتح الملف اليمني الداخلي على اتساعه. صحيح أن شهية الدول العربية (ذات الصلة) للعودة إلى الحرب، لم تعد كما كانت عليه من قبل، وصحيح أن رغبة هذه الدول في خوض الحرب على إيران، داخل حدودها أو خارجها، قد تقلّصت، أو ربما انعدمت، لكن الصحيح كذلك، أن ثمة أطرافًا محلية متحفزة لتصفية الحسابات مع الحوثي، وأخرى إقليمية، جاهزة لمد يد العون والإسناد للوكلاء. وربما نبدأ بالاستماع لشعارات انسحاب الحوثيين إلى شمال صنعاء، أسوة بشعار انسحاب حزب الله إلى شمال الليطاني.

المؤسف حقًا، أن رغبة إسرائيل في تسوية الحساب مع أنصار الله والثأر من قيادته ومقدراته، لا تقابلها استعدادات عربية أو دولية للتوسط والوساطة، وأن احتدام المواجهة على هذه الجبهة، يأتي قبل أسابيع ثلاثة فقط، من وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وأن الرجل لن يكون متسامحًا في كل ما يتصل بحسابات التجارة والملاحة، وأمن إسرائيل وخنق إيران، وتقطيع أذرعها.

والمقلق حقًا، أن ثمة في تل أبيب وواشنطن، من لا يرى في اليمن أهدافًا تستحق عناء خوض الحرب وتحشيد الجيوش، وأن من باب أولى تسخير كل هذه الإمكانات والموارد لضرب "رأس محور الشر"، بعد أن ضُربت أطرافه، وأن إيران ستكون المحطة التالية في حرب إسرائيل وحلفائها على الشرق الأوسط القديم، ما لم يطرأ ما ليس في الحسبان، في إقليم عُرِف بمفاجآته وتبدلاته المذهلة والصاعقة.

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.. الاحتلال الإسرائيلي يواصل وضع العراقيل
  • لماذا يستهدف جيش الاحتلال الإسرائيلي النساء والأطفال في الحرب على غزة؟
  • كيف يخنق الاحتلال الإسرائيلي الاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة؟
  • 2024 عام الاستهداف.. الضفة الغربية تواصل مقاومة جيش الاحتلال الإسرائيلي
  • رئيس المركز الأوكراني للحوار: على موسكو وكييف الوصول لتوافق لوقف الحرب
  • الاحتلال يرتكب 3 مجازر وارتفاع فى ضحايا العدوان الإسرائيلي منذ بداية الحرب
  • "العربية لحقوق الإنسان" تدين جرائم الحرب الإسرائيلية ضد مستشفى كمال عدوان شمال غزة
  • اليمن في بؤرة الاستهداف الإسرائيلي ولا أحد مستعد لإسناده
  • خيارات نتنياهو لمواصلة الحروب العدوانية
  • مجـ.زرة جديدة في جنوب غزة.. والأونروا تؤكد انتهاك إسرائيل لقواعد الحرب