الانتخابات الرئاسية.. مستقبل مصر فى الصندوق
تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT
المشاركة فى الانتخابات الرئاسية واجب على كل مواطن مصرى، فهذه المشاركة ليست رفاهية وإنما هى الوسيلة الوحيدة لممارسة الحق الذى ضمنه الدستور للمواطنين فى اختيار رئيس الجمهورية، ومن المعروف أن الصوت الانتخابى هو الذى يحدد مستقبل البلاد، خاصة إذا وجدت الضمانات اللازمة لإجراء انتخابات حرة نزيهة وفقاً للشروط التى يحددها القانون والدستور.
وتعتبر نزاهة وعدالة العملية الانتخابية هى الضامن لتعزيز مبادئ الديمقراطية التى تسعى مصر لترسيخها، لذلك فلابد من التركيز على ضرورة مشاركة كل فئات المجتمع فى الانتخابات، فالشعب هو البطل الأهم فى هذه العملية، ولابد أن يظهر صورة تليق بمكانة مصر وتاريخها العظيم.
وإذا كانت قاعدة الناخبين فى آخر انتخابات برلمانية تتضمن أسماء 62 مليون مواطن، فخلال الأيام القادمة ستعلن الهيئة الوطنية للانتخابات قاعدة الناخبين الجديدة التى من المتوقع ألا تقل عن هذا الرقم، ومن ثم فلابد أن تكون المشاركة متناسبة مع هذا العدد الضخم من الناخبين.
هذا الملف يرصد الأجواء المرتقبة للانتخابات، وأهميتها بالنسبة لمصر، وكذلك دور المرأة والشباب والنخبة المثقفة فى نجاح العملية الانتخابية.
أول ديسمبر.. المصريون يطرقون أبواب مرحلة جديدة
تعتبر الانتخابات الرئاسية أحد أهم الاستحقاقات الدستورية التى ينتظرها المصريون بل والعالم كله، حيث تتوجه أنظار الجميع تجاه الصناديق التى ستحسم معركة الانتخابات الرئاسية، التى يتنافس فيها لأول مرة 4 مرشحين، هم الرئيس الحالى عبد الفتاح السيسي، ورئيس حزب الوفد الدكتور عبد السند يمامة، وفريد زهران رئيس حزب الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعي، وحازم عمر رئيس حزب الشعب الجمهورى.
وتبذل الهيئة الوطنية للانتخابات قصارى جهدها لإخراج الانتخابات الرئاسية على النحو الذى ينص عليه الدستور والقانون، حيث تتم الانتخابات تحت إشراف قضائى كامل تطبيقًا لأحكام الدستور والقانون واستجابة لتوصيات الحوار الوطنى، فضلا عن إتاحة إمكانية المراجعة القضائية لإجراءات الاقتراع والفرز لضمان ثقة الناخب فى العملية الانتخابية.
وأعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات، برئاسة المستشار حازم بدوى، انتهاء فترة تلقى الطعون على المرشحين للانتخابات، وحددت مدة فحص طلبات الترشح والفصل فى الاعتراضات خلال الفترة من 19 إلى 21 أكتوبر الماضي، وإخطار المرشح المستبعد بقرار الاستبعاد وأسبابه يوم 22 أكتوبر، مؤكدة أنه لكل من تقدم بطلب للترشح أن يعترض على أى طلب ترشح آخر، مع بيان أسباب اعتراضه، وذلك عقب إعلان القائمة المبدئية للمرشحين، والذين لم يعترض عليهم أحد وبالتالى أصبح المرشحون الأربعة هم المرشحون للرئاسة.
وحددت الهيئة الوطنية للانتخابات يوم 10 ديسمبر المقبل حتى 12 من نفس الشهر لإجراء الانتخابات داخل مصر، بينما يبدأ التصويت للمصريين فى الخارج من 1 ديسمبر حتى 3 من نفس الشهر. وتجرى الانتخابات الرئاسية فى 10 آلاف و85 لجنة فرعية على مستوى الجمهورية، قامت الهيئة بمعاينتها للتأكد من سلامتها الفنية والإنشائية بهدف التيسير على المواطنين الراغبين فى الإدلاء بأصواتهم فى الانتخابات والحفاظ عليهم.
وكان الدكتور أيمن محسب، عضو مجلس النواب، قد أكد فى سبتمبر الماضى، أن إعلان الهيئة الوطنية للانتخابات دعوة الناخبين للانتخابات الرئاسية 2024، مع إعلان الجدول الزمنى لمواعيد إجرائها، سيمنح الحياة السياسية والشارع المصرى حالة من الزخم والتنافس فى إطار من الديمقراطية ووفقا للمحددات التى قررها الدستور والقانون، مشددًا على أهمية الاستفادة من هذا الاستحقاق الدستورى فى إضفاء مزيد من الفاعلية على عمل الأحزاب السياسية.
وأضاف «محسب» أن الانتخابات الرئاسية ستجرى فى أجواء من الشفافية والنزاهة خاصة بعد الإعلان عن إجرائها تحت إشراف قضائى كامل، وهو ما يمنح الجميع حالة من الثقة تجاه سلامة العملية الانتخابية، لافتا إلى أن الهيئة الوطنية كانت حريصة أيضا على إطلاق رسائل طمأنة تجاه تطبيق نصوص الدستور والقانون بالانتخابات، وأنها تقف على مسافة واحدة من جميع المرشحين.
وأكد عضو مجلس النواب أن الانتخابات الرئاسية هى بداية مرحلة جديدة من عمر هذا الوطن، لاستكمال مسيرة التنمية والبناء وتحقيق أهداف رؤية مصر 2030، مطالبا الأحزاب بأن تكون على قدر الحدث وأن تعمل بجدية للخروج بهذا العرس الديمقراطى فى أفضل صورة ممكنة، بالإضافة إلى إطلاق حملات لتوعية المواطنين بأهمية المشاركة فى التصويت وممارسة حقهم المشروع فى اختيار قائدهم.
وشدد النائب أيمن محسب على ثقته الكاملة فى قدرة الهيئة الوطنية للانتخابات بما تملكه من إمكانات وخبرات فى إدارة العملية الانتخابية بنجاح، والخروج بمشهد يليق باسم مصر، خاصة أنه تم السماح فيها لمنظمات المجتمع المدنى المحلية والأجنبية بالمتابعة بالإضافة إلى وسائل الإعلام المحلية والدولية أيضا، وهو ما يبعث بحالة من الاطمئنان للجميع.
بوابة العبور إلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية
المشاركة الفعالة فى الانتخابات هى بداية التنمية، كما أن أهمية المشاركة الانتخابية تكمن فى شعور الناخب بمدى تأثير صوته الانتخابى، وكلما كان لهذا الصوت تأثيراً قوياً تمضى المسيرة الديمقراطية على نهج سليم، مما يعكس صورة إيجابية عن الدولة ويزيد من فرص الاستثمار ويجذب الكثير من المستثمرين، لذا تعتبر الانتخابات الرئاسية مرحلة مفصلية فى مستقبل مصر ولابد من المشاركة فيها، حتى لا يستغل أعداء الوطن عدم المشاركة للتشكيك فى الدولة، والترويج لفكرة العزوف عن المشاركة فيها، فهذه الانتخابات سترسم مستقبل مصر بأيدى أبنائها، وستكون المُعبر الحقيقى عن إرادة الناخبين أمام المجتمع الدولى.
وطالبت المهندسة مرفت على، مساعد رئيس حزب الحركة الوطنية المصرية، خلال كلمتها بمؤتمر الحزب، المصريين بضرورة المشاركة فى الانتخابات الرئاسية باعتباره واجبا وطنيا يساهم فى تحسين صورة مصر أمام المجتمع الدولى، مشددة على أن مصر بلد عظيم ويستحق منا تقديم الكثير من الجهد والعمل والتضحيات، فبناء الأوطان ليس بالسهل والتعمير والعمران والنهوض بالبلد مسار إجبارى لابد أن نسير فيه.
وأضافت أن بناء مصر يحتاج منا الصبر والجلد والالتفاف حول القيادة السياسية ودعم جهودها المخلصة، محذرة من مؤامرات تحاك ضد الوطن من حفنة مرتزقة كارهى الدولة مدعومين من دول وجهات أجنبية تستهدف إسقاطنا وتوريطنا فى حروب وفوضى وخراب، وعلينا الحذر والوعى حتى لا نسقط فى فخ هؤلاء.
من جانبه، يرى الدكتور السيد خضر، خبير الاقتصاد الدولى، أن المشاركة فى الانتخابات واجب قومى، من أجل استمرار عملية التنمية، التى ستساعد فى ترسيخ قواعد الدولة المصرية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، بإحداث التنمية الاقتصادية والاجتماعية الحقيقية التى كانت افتقدتها مصر خلال فترة طويلة من الزمن.
وأضاف «خضر» أن الإصرار على المشاركة فى الانتخابات بمثابة عبور بمصر إلى بر الأمان السياسى والاقتصادى والاجتماعى، موضحاً أن الانتخابات تؤدى إلى التركيز على إتمام عملية التنمية الاقتصادية، وضمان زيادة مشاركة المرأة والأشخاص ذوى الهمم فى سوق العمل، وتخفيض معدلات الفقر، وبالتالى سيشهد الاقتصاد المصرى نقلة نوعية وحقيقية فى مختلف القطاعات.
وأشار إلى أن الاقتصاد المصرى حقق طفرة تنموية كبيرة خلال الفترة الماضية، وبدا ذلك واضحا فى التقييمات الإيجابية الصادرة عن المؤسسات الدولية، بسبب المشروعات التى تم تنفيذها، ومنها توسعة قناة السويس، وبناء محطة الكهرباء العملاقة فى برج العرب، وتطوير شبكة النقل العام فى القاهرة، وإنشاء المدن الجديدة مثل العاصمة الإدارية الجديدة.
واختتم «خضر» كلامه قائلًا: «أؤكد أن المشاركة فى الانتخابات الرئاسية، تعمل على تحسين مناخ الاستثمار، وتعزيز النمو الاقتصادى، وإحداث تحسن تدريجى فى القطاع السياحى وزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى البلاد»، مشيرًا الى أنه لابد من رفع الوعى والتأكد من المعلومات التى نستقبلها من الإعلام لمواجهة الشائعات والتصدى لها، والتزام وسائل الإعلام المختلفة بالحيادية والشفافية وعدم الانسياق وراء الشائعات التى يروجها أهل الشر فى الداخل والخارج، مع حرص كافة وسائل الإعلام على الالتزام بالبيانات الصادرة عن الهيئة الوطنية للانتخابات، وطالب شباب مصر بأن يكونوا على قدر من الوعى والمشاركة الإيجابية فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، مشددا على أنه لابد أن تكون نسبة المشاركة فى الانتخابات عالية جدًا خاصة فى ظل التحديات التى نواجهها على كل المستويات المحلية والعالمية.
الشباب «رمانة ميزان» المعركة الانتخابية
فئة الشّباب واحدة من أهم الفئات التى تعمل على بناء وتنمية المجتمع؛ فهى عموده الفقرى الذى لا يمكن الاستغناء عنه، حيث يمثلون القوة والحيوية والطاقة، والقدرة على التحمل والإنتاج، فهم أصحاب الدور كبير فى تنمية وبناء المجتمع، حيث أنهم الفئة الأكثر طموحاً، وعملية التغيير والتطوير لا تقف عند حدود بالنسبة لهم، لذلك يجب أن يكون استقطاب طاقاتهم وتوظيفها أولوية جميع المؤسسات والمجموعات التى تسعى للتغيير، كما أنهم الأكثر تقبلاً للتغيير، والأكثر استعداداً لتقبل كل ما هو جديد والتعامل معه، والإبداع فيه، مما يجعل دورهم أساسيا فى إحداث التغيير فى المجتمع، يضاف إلى ذلك أن الحماس الفكرى لدى الشباب والطاقة الجبارة التى يملكونها تساعدهم بشكل كبير نحو التفاعل مع مختلف المعطيات السياسية والاجتماعية المتغيرة.
من هذا المنطلق، قامت وزارة الشباب والرياضة، بقيادة الدكتور أشرف صبحى، بحث المواطنين والشباب على المشاركة فى ماراثون الانتخابات الرئاسية المُقبلة، تحت هاشتاج #شارك-الكلمة-كلمتك، وتم تدشين مبادرات بمراكز الشباب وأندية محافظات الجمهورية لحث الشباب على المشاركة، وقامت مراكز الشباب بتزيين أسوارها برسائل إعلامية ولافتات تحث المواطنين خاصة الشباب على المشاركة الإيجابية فى الانتخابات الرئاسية، أبرزها «انزل شارك - صوتك أمانة»، «هدفنا واحد - صوتنا واحد»، «اعمل الصح - المشاركة مسئولية»، «مصر الولاء - أنزل شارك»، «قدامنا تحديات كبيرة - أنزل شارك»، ويأتى كل هذا فى إطار الحملة القومية لتعزيز المشاركة السياسية ونشر الوعى والتثقيف السياسى.
وفى شهر أغسطس الماضى شهد الدكتور أشرف صبحى، وزير الشباب والرياضة، تدشين حملة «بشبابها» لتشجيع الشباب على المشاركة السياسية، وهى تستهدف تشجيع الشباب على المشاركة الفعّالة فى الانتخابات الرئاسية، من منطلق تعزيز الوعى السياسى للشباب وتشجيعهم على المشاركة وتعزيز الشعور بالمسؤولية الاجتماعية والوطنية لديهم.
كما نظم مركز النيل للإعلام بالإسكندرية، ندوة بعنوان المشاركة الإيجابية للشباب فى الانتخابات الرئاسية، فى إطار حملة «صوتك مستقبلك.. انزل وشارك»، والتى أطلقها قطاع الإعلام الداخلى، بمشاركة عدد من الإعلاميين والصحفيين وشباب جامعة الإسكندرية، حيث أكد بعض الحاضرين على دور قطاع الإعلام الداخلى فى رفع الوعى بين الشباب بأهمية دورهم فى رسم الخريطة السياسية بمصر، وأن المشاركة الفعالة تساعد على دعم استقرار الدولة والنهوض بها
ومن جانبه، قال أحمد جمال نجم، استشارى وحدة «تصدوا معنا» التابعة للبرنامج القومى لمواجهة الشائعات، إن مصر تواجه الكثير من التحديات سواء كانت محلية أو اقليمية وحتى دولية، ومن الطبيعى أن يكون الشباب هو الداعم الأول والرئيسى أمام هذه التحديات، موضحا أن المشاركة السياسية من أهم الركائز التى تعبر عن دعم جهود الدولة فى ظل جمهورية جديدة اعتمادها الأساسى والرئيسى على الشباب، لذا نرى محافظين ونوابهم من الشباب بالإضافة إلى أعضاء البرلمان بغرفتيه النواب والشيوخ من الشباب.
وأضاف «نجم» أن علينا دوراً فى رفع الوعى السياسى لدى المواطنين المصريين خاصة الشباب ودعوتهم للمشاركة فى الانتخابات الرئاسية القادمة، كذلك دشنت وزارة الشباب والرياضة حملة أكثر من رائعة وهى «حملة بشبابها» التى تجوب كل محافظات مصر من أقصاها إلى أقصاها تتحدث مع الجميع دون تمييز عن أهمية المشاركة وتأثيرهم فى تشكيل وعى وطنى حقيقى وصادق، مشيراً إلى أن الأحزاب أيضاً عليها دور فى نشر هذه الثقافة وكذا النقابات، لذا نحن فى حاجه ملحة الى ترسيخ وبناء وعى شبابى، كما أن مصر أصبحت فعلاً فى جمهورية جديدة مبنية على عاتق شبابها ومثقفيها وكتابها المخلصين المنتمين الى وطن فعلاً يستحق.
وأوضح أن الدولة تدعم الشباب وأتاحت لهم فرصة اعتلاء المناصب القيادية، والمساهمة فى صنع السياسات والقرارات بشكل مباشر أو غير مباشر، والمشاركة السياسية ليست قاصرة على التصويت فى الانتخابات، بل إنها بوجه عام اهتمام المواطنين بقضية القرار السياسى، مما يؤدى تطوير قدرات الشباب، وترسيخ مبادئ الديمقراطية فى السلوك العادى للشباب.
الوعى الانتخابى للمواطنين.. مسئولية على عاتق المثقفين
أسابيع قليلة تفصلنا عن الانتخابات الرئاسية، وخلال هذه الفترة يسعى البعض لبث روح اليأس والإحباط بين المواطنين، وإقناعهم بعدم جدوى العملية برمتها، وهنا يأتى دور المثقفين التنويرى الذى يهدف إلى توعية الجماهير بأهمية المشاركة فى العملية الانتخابية وصنع القرار وتحديد مستقبل الوطن، وانتخاب المرشح الكفء القادر على قيادة عجلة التنمية واستقرار البلاد، خاصة أن الفترة الحالية تشهد أيضًا صراعات فى المنطقة العربية، وتواجه مصر فيها العديد من الضغوط والمخاطر، ولا سبيل لمواجهتها إلا بالوعى، فهو أهم أسلحة المقاومة والصمود، وهذه المسئولية يبرزها المثقفون فهم أكثر فئات المجتمع دفاعا عن الهوية الوطنية وعن الأمل.
يرى الدكتور أحمد الطباخ، الباحث فى الأزهر الشريف، أن دور المثقفين فى الفترة الراهنة هو تعميق الوعى لدى شعوبهم فى الثقة بالنفس، والقدرة على التغلب على الصعوبات مهما تكن، ومساعدة مجتمعهم على الانتقال من العلاقات الاجتماعية القائمة على الطائفية والعصبية والقلبية إلى قيم اجتماعية أساسها الانتماء الوطنى والتماسك الاجتماعى، قيم تحترم العمل، وتدعو إلى إتقانه، وإلى الاعتماد على العلم والعقل ورفض موروثات الخرافة، قيم قائمة على الفهم الصحيح للدين وكشف المتلاعبين به وبعقول الناس ومحاربة المفاهيم الداعية إلى الاستسلام، لافتًا إلى أهمية الوعى فى إدراك المواطن أن تحسن الأوضاع وبناء الأوطان لا يمكن تحقيقه إلا بجهود أبناء الوطن وبتضحياتهم، فهم المستفيدون من تحقيق الأمن والاستقرار والرخاء.
وأوضح «الطباخ» أن المشاركة فى الحياة أمر حتمى وواجب وطنى، والمقاطعة سلبية ممقوتة وبغيضة لا يقرها دين ولا يرتضيها عقل ولا يمكن أن يفعلها وطنى غيور على دينه ومحب لوطنه، فهى مظهر من مظاهر التحضر، التى تحرص عليها كل الدول، أما السلبية فتعود على الوطن والمواطن بالخسران، ولذلك وجب على الجميع تلبية نداء الأوطان فى كل الأوقات، خاصة فى ظل أوضاع دولية ومحلية تحتم علينا المشاركة، والتلاحم حول كل مشروع وطنى، لذا ينبغى أخذ البلاد إلى شاطئ الأمان فى بحر متلاطم الأمواج.
واختتم «الطباخ» كلامه قائلًا: يوجد فى البلاد أصحاب أقلام حرة وعقول نيرة، ولهم جمهور حاضر العقل، حريص على تقديم ما يعود على البلاد بالخير، ويحقق لها الأمن والأمان والاستقرار، وذلك أمر لن يتم إلا بالمشاركة المجتمعية، وفى مثل هذه الظروف يظهر معدن الرجال الذين تنتظر منهم الأوطان الكثير من العطاء والعمل والمشاركة فى بناء البلاد وتشييد البنيان والعبور به إلى بر الأمان، وهذا لن يتم إلا بالمخلصين من أصحاب الأقلام ورجال الثقافة والفكر لدعوة الجماهير إلى المشاركة فى الانتخابات الرئاسية.
من جانبها، قالت داليا فكرى، عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، ممثلة عن حزب المحافظين، إن المشاركة هى الدليل الوحيد على أن الشعب ما زال يملك الأمل، وما زال يشعر أن صوته يحدث الفارق، وأنه يستطيع أن يعبر عن أفكاره وطموحاته بجرة قلم، لذلك فالمشاركة ليست اختيارية للمواطن المصرى بل هى فرض عين عليه، ليدحض كل الأصوات التى تشكك فى أن المواطن المصرى مازال يملك رأيه عبر صناديق الاقتراع.
وأضافت «فكرى» أنه يجب علينا كمواطنين أن نشارك بصوتنا فى الانتخابات الرئاسية، لأن الاختيار هو الطريق الأمثل لأن نقول للعالم كله إننا شعب لن يصمت إذا أراد التغيير، وشعب يعلم جيدا قوة صوته ويسلك المسلك الطبيعى والدستورى لأن نأخذ حقنا تحت راية الوطن دون مزايدة أو تشكيك، مشيرة إلى أننا لن نستطيع المطالبة بالتغيير ونحن غير عابئين بأصواتنا ولا قوة تأثيرها، وكذلك علينا أن نبرهن للعالم كله أن القوة تخرج من صناديق الاقتراع، وأن ممارسة الديمقراطية لن تتأتى إلا بالمشاركة.
وأشارت عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، إلى إن المشاركة فى الانتخابات توحد الفكر الجمعى لأبناء الوطن، نحو وحدة الهدف والمصير المشترك المراد تحقيقه، والرغبة فى بذل الجهد لمساندة الدولة فى تنفيذ أدوات الديمقراطية، والتخفيف عنها فى ظل الوضع السياسى الراهن لدول الجوار، وصندوق الاقتراع هو الحارس الواقى والضمان الوحيد للوطن وللمواطن من أى صراع، كذلك هو الصوت المعبر والحامى لما تتعرض له البلاد من مخاطر الإرهاب والتشكيك فى الانتماء.
وأكدت أن مشاركة الناخبين فى أداء واجبهم الانتخابى وممارسة حقهم الدستورى، واجب وطنى وفرض عين لكل من يستطيع أن يدلى بصوته ويحقق من خلال المشاركة الإيجابية حالة من الزخم والحراك السياسى، وبث روح الأمل لدى الأجيال القادمة، ويثبت أن لمصر صوتاً ورأياً يحميها، كما تساهم المشاركة فى الحفاظ على الأمن القومى بمحدداته المختلفة سياسيا وأمنيا وعسكريا، لأن نتائج الصناديق هى من تصنع القوانين وتحرك أدوات مؤسسات الدولة فيما يخدم مصالح الوطن والمواطن، لذلك علينا أن نشارك بصوتنا وأن نعبر عن رأينا باختيار الأفضل للمواطنين.
فرصة أمام المرأة.. لاستكمال مسيرة التمكين
للمرأة دور كبير فى الحياة السياسية، فقد أثبتت الأعوام الماضية أن مشاركتها فارقة فى كل الانتخابات، فبعد أن شاركت بكثافة فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو، أصبح لها دور محورى فى كل الانتخابات التالية سواء كانت برلمانية أو رئاسية.
ويأتى الآن دور المرأة لاستكمال مسيرتها فى المشاركة السياسية الفعالة فى الانتخابات القادمة، فنزول نساء مصر سيكون بمثابة حجر الزاوية فى العملية الانتخابية، ولابد من حثهن على النزول للإدلاء بأصواتهن وممارسة حقهن الدستورى فى تنمية الوطن، والحفاظ على مكتسباتهن التى تحققت فى جميع الاستحقاقات الانتخابية السابقة.
وفى إطار بدء ماراثون انتخابات الرئاسة، أقام مركز إعلام الداخلة التابع لقطاع الإعلام الداخلى بالهيئة العامة للاستعلامات، ندوة تثقيفية بعنوان «صوتك مستقبلك.. انزل وشارك»، «والمرأة ودورها المرتقب فى الانتخابات الرئاسية، والمشاركة السياسية الفاعلة كأحد أهم دعائم تمكين المرأة»، حيث بدأت عبير متولى مدير عام فرع المجلس القومى للسكان بمحافظة الوادى الجديد، حديثها عن تاريخ مشاركة المرأة سياسيًا منذ ثورة 19 وحتى الآن، وكيفية تغير دورها وعدم تمحوره فقط فى كونها ربة منزل، حتى أصبحت محورا أساسيا فى تغيير مسار المجتمع من خلال قدرتها على المشاركة فى شتى المجالات، مشيرة إلى تمكين المرأة فى المجال السياسى ودعم مشاركتها الجادة فى الحياة السياسية باعتبارها نصف المجتمع وقادرة على التعاون مع الرجل فى رسم خريطة مستقبل الوطن.
وأكدت «متولى» أن مشاركة المرأة فى الحياة السياسية هو أحد أبرز مظاهر الديمقراطية وتحقيق العدالة والقضاء على كافة أشكال التمييز ضدها، موضحة أن هذه المشاركة تتجلى بصورة واضحة فى دعم دورها وإدماجها فى عملية التنمية إلى جانب تحسين المستوى الاقتصادى والاجتماعى لها، مشددة على أن مشاركة المرأة تسهم بشكل كبير فى تعميق مفهوم المواطنة لديها ورفع ولائها وانتمائها الذى ستغرسه بالتبعية فى أبنائها الذين هم أساس المستقبل.
وشددت على أن للمرأة دورا رياديا فى صنع القرار وفى التغيير من خلال المشاركة السياسية الفاعلة، معربة عن أملها فى أن تستغل المرأة هذا الدور من خلال المناخ الديمقراطى المتاح حاليا، لافتة إلى أهمية دور مؤسسات المجتمع فى تثقيف المرأة انتخابيا.
من جانبها قالت ريهام أحمد عبدالرحمن، باحثة فى الإرشاد النفسى والتربوى بجامعة القاهرة، ومدربة معتمدة فى علوم تطوير الذات، إن المشاركة فى صناعة القرار السياسى المصرى جزء من قوة الدولة ونهضتها وتقدمها، وبالتالى لابد من مشاركة أفراد المجتمع المصرى رجالا ونساء فى الانتخابات الرئاسية المقبلة من أجل استمرار عجلة التنمية واستكمالا لخطط التطوير والبناء التى شهدتها مصر فى الفترة الماضية.
وأشارت «عبدالرحمن» إلى أن المشاركة فى صنع القرار السياسى، تضمن للمواطن ولأبنائه حياة كريمة، فهذه المشاركة تعزز إرادته على أرض الواقع، وتضمن استمرار مسيرة العمل الجاد والبناء المتواصل، لإقامة دولة قوية شامخة قادرة على التحدى والوقوف فى وجه أعداء الوطن، كما أن للمرأة دورا مهما على مر العصور فى صناعة القرار السياسى وبالتالى لابد من المشاركة البناءة والقوية فى الانتخابات القادمة، باعتبارها عماد الأسرة والقلب النابض بالحياة على مر العصور.
وأضافت الباحثة فى الإرشاد النفسى والتربوى، أن المرأة شاركت فى العصر الفرعونى فى صناعة القرار السياسى، وكذلك تم ذكر مشاركة المرأة واتخاذها القرار فى السيرة النبوية الشريفة، حيث استشار النبى -صلى الله عليه وسلم- أم المؤمنين السيدة أم سلمة رضى الله عنها، فى أمر يخص المسلمين وفيهم كبار الصحابة كأبى بكر وعمر، وذلك فى صلح الحديبية عندما أحرموا بالعمرة ومنعتهم قريش من دخول مكة، وعقدت مع النبى- صلى الله عليه وسلم- صلحاً مجحفاً فى ظاهره للمسلمين، فحزن بعض الصحابة لهذا الظلم، وازداد حزنهم عندما أمرهم النبى بالتحلل من الإحرام وذبح الهَدْى الذى معهم إلى أن يعودوا فى العام المقبل، وقال لهم: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، انْحَرُوا وَاحْلِقُوا»، فَمَا قَامَ أَحَدٌ، ثُمَّ عَادَ بِمِثْلِهَا، فَمَا قَامَ رَجُلٌ، حَتَّى عَادَ بِمِثْلِهَا، فَمَا قَامَ رَجُلٌ، فَرَجَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَ: «يَا أُمَّ سَلَمَةَ، مَا شَأْنُ النَّاسِ؟» قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ دَخَلَهُمْ مَا قَدْ رَأَيْتَ، فَلَا تُكَلِّمَنَّ مِنْهُمْ إِنْسَاناً، وَاعْمِدْ إِلَى هَدْيِكَ حَيْثُ كَانَ فَانْحَرْهُ وَاحْلِقْ، فَلَوْ فَعَلْتَ ذَلِكَ فَعَلَ النَّاسُ. فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُكَلِّمُ أَحَداً حَتَّى أَتَى هَدْيَهُ فَنَحَرَهُ، ثُمَّ جَلَسَ، فَحَلَقَ، فَقَامَ النَّاسُ يَنْحَرُونَ وَيَحْلِقُونَ. «أخرجه الإمام أحمد فى مسنده 21/220».
وأشارت «ريهام»، إلى أن دور المرأة فى المشاركة السياسية باعتبارها كتلة انتخابية وتصويتية، تستطيع أن تصنع فارقاً فى كافة الاستحقاقات الانتخابية، مؤكدة على دور القيادة السياسية الداعم للمرأة والذى أصبح ملحوظاً خلال السنوات القليلة السابقة والدليل على ذلك وجود المرأة فى كافة المناصب القيادية وتمثيلها المشرف فى الانتخابات النيابية الأخيرة، وحثت الفتيات على ضرورة المشاركة والتعبير عن رأيهن بكل حرية وديمقراطية.
وحذرت المدربة المعتمدة فى علوم تطوير الذات، من خطورة عزوف البعض عن المشاركة فى العملية الانتخابية، وذلك لتأثيرها على مستقبل الأجيال القادمة، مطالبة بالابتعاد عن السلبية والنزول فى ذلك الوقت العصيب لحماية وطننا مصر، وعدم الانصياع وراء بعض الدعوات المغرضة، بعدم المشاركة حفاظا على أمننا القومى ومقدراتنا الوطنية لتبقى دولتنا قوية شامخة ويبقى وطننا فى أمن وسلام كما عهدناه.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الانتخابات الرئاسية ممارسة الحق الصوت الانتخابي يحددها القانون تسعى مصر الانتخابات الشعب هو البطل المشارکة فى الانتخابات الرئاسیة الهیئة الوطنیة للانتخابات فى العملیة الانتخابیة الشباب على المشارکة المشارکة الإیجابیة المشارکة السیاسیة الدستور والقانون الحیاة السیاسیة أهمیة المشارکة مشارکة المرأة المرأة فى فى الحیاة الکثیر من رئیس حزب لابد أن لابد من من خلال فى إطار کما أن ى الله على أن إلى أن
إقرأ أيضاً:
شباب يتحدى البطالة بيزنس على الطريق
اقتصادى: فرصة لتعزيز الإيرادات.. وخلق بيئة اقتصادية أكثر تنظيماً واستدامةوخبير تغذية يحذر من الإهمال فى معايير الصحة والنظافة
عربات المأكولات والمشروبات السريعة أصبحت طوق نجاة لشباب مصر، وحلاً مبتكراً لمواجهة تحديات البطالة وندرة فرص العمل، فى شوارع المدن والأحياء، تحولت هذه المشروعات الصغيرة إلى محرك لأحلام الشباب الباحث عن مصدر رزق يحفظ كرامته ويمنحه فرصة لإطلاق طاقاته وإثبات ذاته، هذه العربات لم تعد مجرد مصدر دخل، بل أصبحت رمزاً لطموح جيل يرفض الاستسلام للتحديات.
وفى ظل رؤية الدولة التى تضع تمكين الشباب فى صدارة أولوياتها، جاءت توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى بمضاعفة الدعم للمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، باعتبارها حجر الزاوية لتحقيق التنمية الشاملة، هذه المبادرات تمثل خطوة عملية لبناء اقتصاد قوى يعتمد على الشباب الواعد، وفتح آفاق جديدة أمام رواد الأعمال لبناء مستقبل أفضل يساهم فى تعزيز مسيرة بناء مصر الحديثة.
أكد الخبير الاقتصادى جون لوكا، أن مشروعات عربات الطعام المتنقلة تمثل نموذجاً رائداً للإبداع الشبابى وحلاً مبتكراً لمواجهة التحديات الاقتصادية الصعبة التى تمر بها البلاد، وشدد على أن الرئيس عبدالفتاح السيسى يقود برؤية واعية دعم الشباب وتعزيز دورهم فى تحقيق التنمية المستدامة، معتبراً أن تمكين الشباب من خلال المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر لا يقل أهمية عن المشروعات القومية الكبرى، حيث تسهم هذه المشروعات فى خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة وتوفير حياة كريمة للمواطنين.
وأشار «لوكا» إلى أن فكرة عربات الطعام المتنقلة تُعد مثالاً عملياً على قدرة الشباب على تحويل التحديات إلى فرص، حيث استطاعوا تطويع إمكانياتهم البسيطة لتحويل سياراتهم أو عرباتهم الخاصة إلى منافذ بيع متنقلة للمأكولات والمشروبات، مما يعكس طموحاً وإبداعاً جديرين بالدعم والمساندة، وأضاف: «هذه المشروعات ليست فقط مصدر رزق للشباب، بل هى فرصة للدولة لتقليل البطالة، وتعزيز الإيرادات من خلال الضرائب والتراخيص، وخلق بيئة اقتصادية أكثر تنظيماً واستدامة».
وطالب الخبير الاقتصادى، الجهات التنفيذية بتسهيل إجراءات الترخيص لهذه العربات، وتذليل العقبات التى تواجه الشباب الراغبين فى دخول هذا المجال، مشيراً إلى أن تقنين أوضاعها يشكل خطوة ضرورية لضمان الالتزام بمعايير السلامة الغذائية والحفاظ على صحة المواطنين، مؤكداً أهمية التنسيق بين الجهات المعنية والبنوك والمصانع لتوفير التمويل اللازم وتجهيز سيارات وعربات متخصصة تلبى احتياجات هذا القطاع الناشئ.
وأشاد «لوكا» بمبادرة الدولة لتقنين هذه المشروعات، معتبراً أنها فرصة لخلق منظومة اقتصادية جديدة تعتمد على الشباب كمحرك أساسى للتنمية، موضحاً أن الحكومة يمكنها الاستفادة من تنظيم هذه المشروعات عبر زيادة الإيرادات من التراخيص وتفعيل الرقابة على المنتجات، مما يعزز من استقرار السوق ويضمن توفير منتجات آمنة وعالية الجودة للمستهلكين.
وأكد «لوكا» أن دعم مشروعات عربات الطعام المتنقلة يمثل استثماراً حقيقياً فى مستقبل الشباب المصرى، داعياً الدولة إلى تبنى خطط أكثر شمولاً لتوسيع هذا النوع من المشروعات ليشمل مجالات أخرى، بما يفتح آفاقاً جديدة للإبداع والاستثمار ويعزز من دور الشباب فى بناء اقتصاد قوى ومستدام.
أكد سعيد متولى، خبير الصحة الغذائية، أن عربات المأكولات السريعة باتت جزءاً من حياة المصريين اليومية، لما تقدمه من وجبات سريعة بأسعار مناسبة، مثل الفول والفلافل والكشرى والمخبوزات والمشروبات الطبيعية، والتى تساعد المواطنين على استثمار أوقاتهم العملية وتمنح الشباب فرص عمل مبتكرة ومصدر دخل مستقلاً، وأشار إلى أن هذا النوع من المشروعات يمثل بُعداً اقتصادياً واجتماعياً مهماً، لكنه يحذر من خطورة الإهمال فى معايير الصحة والنظافة، الذى قد يحوّل الفائدة إلى خطر صحى يهدد المواطنين.
وأوضح «متولى» أن تناول الأطعمة من عربات غير ملتزمة بمعايير النظافة قد يؤدى إلى إصابة الإنسان بأمراض خطيرة، من أبرزها جرثومة المعدة، التى شهدت انتشاراً واسعاً فى الآونة الأخيرة نتيجة تناول خضراوات وفواكه غير مغسولة جيداً أو أطعمة مطهية فى ظروف غير صحية.
وشدد الخبير على ضرورة وضع إجراءات صارمة تضمن سلامة الأغذية المقدمة من هذه العربات، بدءاً من النظافة الشخصية للعاملين، مروراً بمصادر المكونات المستخدمة، ووصولاً إلى الالتزام بمعايير الطهى والتخزين، وأكد أن نجاح هذا النوع من المشروعات يعتمد بشكل كبير على تطبيق معايير الصحة والسلامة، ما يضمن تحقيق التوازن بين توفير وجبات سريعة وآمنة للمواطنين من جهة، ودعم الاقتصاد وتشجيع المشروعات الشبابية من جهة أخرى.
وشدد «متولى» على أهمية الدور الرقابى للجهات المعنية، من خلال حملات تفتيش دورية على منافذ الطعام المتنقلة، بهدف حماية صحة المواطنين والحد من انتشار الأمراض الناتجة عن الإهمال الغذائى، كما دعا إلى توعية أصحاب العربات والمستهلكين بأهمية النظافة والسلامة، مشيراً إلى أن عربات المأكولات يمكن أن تكون أحد الحلول المبتكرة لدعم الاقتصاد إذا تمت إدارتها وفق معايير صحية واضحة وصارمة.
مشروعات شبابية
الحركة لا تهدأ وأصوات المارة تتداخل مع أصوات الباعة، يقف سيد كرم، شاب فى الأربعين من عمره، يروى حكاية كفاحه التى تلخص معنى الإرادة والإصرار، بعد سنوات من الضياع وسط رفقاء السوء، قرر سيد، أن يغير حياته، واضعاً نصب عينيه هدفاً واحداً «العيش بالحلال وفتح بيت شريف».
بدأت رحلة سيد عندما استيقظ يوماً على حقيقة مريرة، وهى أن الأصدقاء الذين كان يظنهم داعمين له، لم يكونوا سوى سبب فى انحرافه عن الطريق، بدلاً من الاستمرار فى هذه الدائرة المظلمة، اختار سيد أن يبدأ من الصفر، مهما كان الثمن، اقترض مبلغاً بسيطاً من أحد معارفه واشترى به بضائع بسيطة من مستلزمات المنازل، مثل أدوات المطبخ والديكور.
فرش سيد بضاعته على طاولة صغيرة فى أحد شوارع وسط البلد، متحدياً كل الصعوبات التى تواجه الباعة الجائلين، لم يكن الأمر سهلاً، فالتعامل مع الزبائن يحتاج إلى صبر وحسن معاملة، خاصة فى منطقة مزدحمة مثل وسط البلد، لكن سيد كان مصمماً على أن يثبت نفسه، بدأ يجذب انتباه الناس بأسلوبه الودود وأسعاره المناسبة، مما ساهم فى بناء قاعدة من الزبائن المخلصين.
اليوم، أصبح «سيد» مثالاً للشاب المصرى الذى رفض الاستسلام للظروف، بفضل مثابرته، تمكن من تأمين دخل ثابت، وهو الآن يفكر فى توسيع نشاطه ليشمل متجراً صغيراً بدلاً من فرشته المتواضعة، يقول سيد بفخر: «الفلوس اللى بتيجى بالحلال فيها بركة، وأنا راضى بكل قرش بييجى من تعبى».
قصة «سيد» ليست مجرد حكاية كفاح فردية، بل هى دعوة لكل من يشعر باليأس أو العجز عن التغيير، الإرادة الصادقة والعمل الجاد يمكنهما أن يفتحا أبواب النجاح، حتى فى أصعب الظروف.
«عربات الأمل»
فى شوارع مصر المكتظة بالحياة، بين زحام العتبة وباب الشعرية والسيدة عائشة وشارع شبرا، تبرز قصص شباب استطاعوا تحويل التحديات الاقتصادية والبطالة إلى فرص نجاح ملهمة، برغم بساطة أدواتهم، قدموا نماذج مشرقة للإصرار والعمل الجاد، جعلت من عربات الطعام المتنقلة منصات للأمل والطموح.
البداية من رغيف حواوشى، سامح إبراهيم، شاب يبلغ من العمر 25 عاماً من قرية دهشور، بدأ حياته العملية كعامل فى مول تجارى بشارع شبرا، رغم قلة راتبه الذى لم يتجاوز 2500 جنيه والعمل لساعات طويلة، كان لديه حلم كبير، قائلاً «لم أكن أرغب فى البقاء أسيراً لوظيفة لا أحقق فيها طموحى، كنت أنظر لعربات الطعام حولى وأرى فيها فرصة لتغيير حياتى».
بمبلغ بسيط ادخره من راتبه، اشترى سامح بعض التوابل واللحوم ليبدأ مشروعه الصغير فى إعداد رغيف الحواوشى من منزله، وزع أول إنتاج له على أصدقائه، وحصل على ردود فعل مشجعة جعلته يزيد من كميات الإنتاج تدريجياً، مع مرور الوقت، تحول حلمه الصغير إلى حقيقة، واشترى عربة طعام متنقلة ليبدأ مشروعه الخاص فى حوارى شارع الترعة بشبرا مصر.
«اليوم أبيع أكثر من 200 رغيف يومياً، وأصبحت أمتلك أربع عربات حواوشى تعمل فى مناطق مختلفة، مثل العتبة، وشارع شبرا، وباب الشعرية، والسيدة عائشة، هذا المشروع غيّر حياتى، وجعلنى أؤمن بأن النجاح يبدأ بخطوة بسيطة».
من «طاسة البطاطس» إلى النجاح
أما ياسر إسماعيل، 22 عاماً، فقد بدأ رحلته من شارع الخليج المصرى بالقاهرة، بعد أن فشل فى العثور على عمل داخل ورش المنطقة، قرر أن يشترى «طاسة» صغيرة ويبدأ مشروعه فى إعداد «سندوتشات البطاطس المحمرة» لم تكن البداية سهلة، فمشكلات الإشغالات والمضايقات المستمرة كادت أن تحطم حلمه.
«كان التحدى الأكبر هو الصبر على الظروف الصعبة، كنت أعمل تحت ضغط كبير، لكننى كنت أؤمن بأننى قادر على تحقيق النجاح».
بعد ثلاث سنوات من المثابرة، استطاع ياسر أن يطوّر مشروعه بشراء عربة طعام متنقلة مجهزة بالكامل، واليوم، يضم شباباً تبحث عن العمل والكسب المشروع، والابتعاد عن أصحاب السوء، واليوم أصبح محاطاً بزحام الزبائن الذين يشيدون بجودة مأكولاته وأسعارها المناسبة التى تبدأ من 6 إلى 10 جنيهات.
«رؤية الزبائن وهم يستمتعون بالطعام الذى أعده كانت أكبر حافز لى للاستمرار. أحلم الآن بأن أوسع مشروعى ليشمل مناطق أخرى».
مشروبات ساخنة وأحلام كبيرة
فى حى السيدة عائشة، قرر حسن شاكر، شاب يبلغ من العمر 18 عاماً، أن يحول شغفه بإعداد القهوة إلى مشروع صغير متنقل، باستخدام دراجة قديمة وصندوق خشبى، بدأ حسن يتجول فى شوارع العتبة وباب الشعرية، يقدم القهوة والمشروبات الساخنة للمارة بأسعار لا تتجاوز 10 جنيهات.
قائلاً: «رغم بساطة المشروع، إلا أنه علّمنى الكثير عن كيفية التعامل مع الناس وتحقيق الربح دون الاحتياج لأحد، أحلم بأن أمتلك يوماً ما كافيه مميزاً يقدم القهوة بأعلى جودة».
الإصرار طريق النجاح
هذه القصص ليست مجرد حكايات عن عربات طعام متنقلة، بل هى شهادات حية على قوة الإرادة والتصميم لدى الشباب المصرى، رغم العقبات، استطاع هؤلاء الشباب تحويل أفكار بسيطة إلى مشاريع ناجحة توفر لهم مصدر دخل مستداماً وتحسن من مستوى معيشتهم.
حسن إبراهيم، أيمن إسماعيل، وياسر شاكر، يمثلون وجوهاً مشرقة للشباب الذى يرفض الاستسلام للظروف الصعبة، هم دليل على أن النجاح يبدأ بخطوة جريئة، وأن التحديات مهما كانت قاسية، يمكن تجاوزها بالعمل الجاد والإبداع.
وجّه «شباب النجاح» رسالة لكل شاب يبحث عن فرصة عمل: لا تنتظر أن تأتيك الفرصة، بل اصنعها بنفسك، الأمل والإرادة هما مفتاح النجاح، هكذا ختم ياسر شاكر حديثه، بينما يستعد لتقديم كوب قهوة جديد لزبائنه المخلصين.
«عربات الأمل» ليست فقط مصدراً للرزق، بل هى رمز للتحدى والتغلب على الصعاب، فى شوارع مصر، هناك مئات القصص المماثلة تنتظر أن تُروى، لأن الشباب المصرى قادر دائماً على تحويل الأحلام إلى واقع ملموس.
قانون بدعم الشباب
حددها مجلس النواب فى القانون رقم 92 لسنة 2018، وهو الخاص بتنظيم عمل وحدات الطعام المتنقلة، كما يحدد القانون الأماكن التى يجب وضع عربات الطعام فى الأحياء والشوارع المختلفة.