لجريدة عمان:
2025-03-29@01:15:38 GMT

بنيامين نتانياهو - سيرة ذاتية

تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT

يقولون إن معرفة العدو نصف المعركة. ويقول لك المثبطون، ها قد انقضى وقت طويل ولم يأت النصر، وها هي الجثث تملأ المكان ولا بارقة أمل تلوح في الأفق! وهي دعاية كاذبة لا تعدو أن تكون من فم مريض بالدعاية متأثرا بها أو من مثبط لا يدرك أن الحرب في أرض المعركة هي آخر الحروب، وأن قتل المدنيين سيعود وبالا على مرتكبه.

تحدثت في مقالات سابقة عن أهمية معرفة العدو وقراءة ما ينشره باستمرار وترجمة النافع المفيد في الحرب النفسية والاقتصادية والسياسية. وقعت على هذا الكتاب قبل ثماني سنوات في معرض للكتب المستعملة ومن حينها لم أعاود قراءته مرة أخرى، ولكنني وجدت فيه ما يمكن أن ينفعنا في عدة جوانب، منها فهم العدو، وتفكيكه، وتفنيد مخاوفه ومواطن ضعفه والعمل على تقويتها، ونقد ما يقوله بما يخدم القضية الفلسطينية العادلة أولا، وما يخدمنا كعرب جميعا. ثم إنني لا أؤمن بالأسطورة التي ترى أن الصهيوني متفوق في كل شيء، حتى جعلوا له من القوة ما يُشعرك بأنه إله لا إنسان!، بل إن الصهيوني إنسان هش أكثر من أي أحد آخر، وهذا مجال آخر قد نتحدث عنه في مقال قادم «أعني التحليل النفسي للصهيوني». ثم إن نتانياهو بنفسه يفرق بين اليهودي والصهيوني كما في ثنايا كتابه. نُشر هذا الكتاب عام 1996 باللغة الإنجليزية تحت عنوان A Place Among The Nations وتمت طباعة الترجمة قبلها بعام، وذلك لأن الناشر باللغتين العربية والإنجليزية واحد، وهي دار الجليل للنشر. أما العنوان العربي للكتاب فهو «مكان تحت الشمس». يقع الكتاب في أربعمائة وست وسبعين صفحة، ومقسم إلى عشرة فصول. ما يعجبني في قادة الاحتلال جميعا، أنهم متبجحون بأنفسهم منذ الأزل، ولا يخشون الحديث عن فظائعهم لاعتقادهم بأن قضية نصرتهم العالمية لا جدال فيها، وأن الشعوب الأوروبية والأمريكية خصوصا شعوب مضمونة ويُنظر إليها باعتبارها نواة المستقبل من النازحين من تلك الدول إلى «أرض الميعاد» ومستوطنات المجرمين الهاربين من أنحاء العالم. لكن الأحداث الحالية أصابت هذا الكيان بهزة لن يستفيق منها أبدا. فمعدلات الولادة وارتفاع عدد أفراد الشعب في الأراضي المحتلة معدلات خطيرة ولم تتغير حقيقة أن العرب في تلك الأراضي المحتلة أكثر عددا من الصهاينة النازحين من البلدان التي ذكرت. والضربة هنا ضربة اقتصادية كذلك، فما كان يبثه الإعلام وقساوسة السلطة في تلك البلدان جعل كثيرا من الناس -حتى من غير الصهاينة- يتعاطفون مع هذا «الشعب» المقهور والمسكين الذي يريد «البرابرة العرب الهمجيون» قتله وفناءه، ليتفاجأ الغربي وهو في الأربعين والخمسين من العمر أنه آمن بكذبة طوال حياته وأنه ظل ضحية الاستغلال لسنوات طويلة. ثم إن الضربة الأخرى تكمن في أن الشباب الغربي عمومًا واليهود خصوصًا لم يعودوا يؤمنون بالكيان المحتل، وأدركوا مع هذه المظاهرات المليونية أنهم تعرضوا للخداع طوال حياتهم عن حقيقة هذا الكيان الغاصب؛ وأعتقد أن جزءًا من أسباب هذه المظاهرات هو هذا الغضب بعد اكتشاف الحقيقة، ثم معرفة القضية العادلة. وهؤلاء الشباب هم النواة التي كان يعوّل عليها الاحتلال لتأتي بعده في المستقبل مع معدلات الولادة الضعيفة وانحسار فئة الشباب من المجتمع لصالح الكهول.

يضم الكتاب مقدمة من دار الجليل و«بطاقة هوية» وهو مقال لـ«يديعوت أحرونوت» الصحيفة العِبرية المعروفة، وهما مهمان في فهم السياق العالمي لمضامين الكتاب ولنفسية مؤلفه، ولكنني سأتخطاهما للحديث عما كتبه مجرم الحرب نتانياهو بنفسه. كتب نتانياهو مقدمتين لكتابه، إحداهما بالعربية وفيها -كعادته في قلب الحقائق- يشبّه نتانياهو معاهدة أوسلو بصلح الحديبية ليدلل ضمن سياق خبيث على أن العرب والمسلمين اعتادوا نكث العهود؛ رغم أن الحقائق التاريخية معروفة ومعروف من نكث هذا الصلح فيما بعد. مع أكاذيب أخرى يتحدث بها بكل صفاقة وبلا خجل. والأخرى موجهة للمستوطنين -استعمل لفظة مستوطن كبديل عن لفظة الشعب- الصهاينة باللغة العِبرية، وفيها ترويج لحزب الليكود اليميني المتطرف وانتقاص من حزب العمل اليساري الذي كان أكثر سلاسة في التعامل مع الفلسطينيين -وهو أهون الشرين هنا-.

يبتدئ مقدمة الطبعة العِبرية بالحديث عن المطبعين العرب في ثمانينيات القرن المنصرم حين كان نتانياهو سفيرًا للاحتلال لدى الأمم المتحدة. ويذكر فيه حوارا فاجأه دبلوماسي عربي بقوله بأن «الخيار العسكري العربي» انتهى!. معلقا على هذه الحادثة «لقد انطوت تلك المحادثة على اعتراف جديد كان ينتشر تدريجيا في كل الدول العربية بعد الانتصار الإسرائيلي -الصهيوني- في حرب الأيام الستة». معقبا على ذلك «أدى الاعتراف بعدم قدرة العرب على هزيمة إسرائيل في حدودها الموسعة إلى إيجاد نظريتين مختلفتين في العالم العربي» الأولى تقضي بضرورة التسليم بوجود إسرائيل. والثانية هي -الحقيقة الواقعة وليست نظرية- بوجوب قتال الاحتلال. معقبا على كل واحدة من هاتين الخلاصتين بالمكتسبات والتحديات والآثار المنبثقة منهما.

ليعترف بأنه «حتى عام 1992 عملت كافة الحكومات الإسرائيلية من أجل تقوية النظرية الأولى في العالم العربي. والتي على أساسها، سعت لتحقيق مصالحة تدريجية بين العرب وإسرائيل في حدودها الموسعة». يتحدث بعد ذلك عن انهيار الاتحاد السوفييتي وبالتالي غياب دعمه لبعض الأنظمة العربية التي كانت شوكة في حلوق الصهاينة، وكيف أن هزيمة العراق في حرب الخليج أدت إلى «إيجاد ظروف دولية مريحة لتحقيق الهدف الإسرائيلي». وهذا اعتراف ضمني من هذا المتطرف بأن كيانه قائم ويتقوى بانهيار الدول العربية ولن يكتفي بفلسطين بتاتا.

لا يكترث الصهاينة بمن يخدمون مصالحهم أو يقدمون لهم الخدمات، فهم يفضحونهم فور انتهاء المهمة المنوطة بهم ويتخلصون منهم. ويتجلى ذلك في قوله على سبيل المثال «عملت حكومة إسرائيل يدا بيد مع عرفات في اتفاق أوسلو 1993». والعمل مع العدو يكون ندا ضد ند، لا يدا بيد!. لكنه بعد هذه العبارة بأسطر يشير إلى أمر بالغ الأهمية للعرب، فعند حديثه عن التحول في السياسة الإسرائيلية، يقول إن من يدرس التيارات الفكرية التي تفرض أي إجراء سياسي، يمكنه أن يدرك طيلة السنوات الماضية كيف نجحت الدعاية العربية في التغلغل عمقا داخل أوساط واسعة في اليسار الإسرائيلي.

وعن طريقه إلى أجزاء أخرى من المجتمع اليهودي في البلاد. هنا يجب أن نقف ونتأمل في الوقت الذي كُتب فيه الكتاب، وهو قبل ظهور وسائل الإعلام العربية الحرة وقبل الانفجار المعلوماتي، فإذا كان نتانياهو يتحدث عن مخاوفه بتغلغل الرواية العربية داخل الأوساط الإسرائيلية -الصهيونية- في وقت لم يكن للإعلام الحر وجود فيه؛ فكيف يعتقد البعض أن النشر في وسائل التواصل الاجتماعي اليوم لا تفيد شيئا؟، وهذا قول لا يقوله إلا مثبط أو صهيوني.

تنطوي كلمات نتانياهو على كثير من الحقائق التي ينبغي أن يعمل العرب عليها في معرفة عدوهم ومواجهته، وأعني بها الحقائق التي تكون خلف السطور لا الأكاذيب التي يرويها ببجاحة منقطعة النظير. ويمكن معرفة مخاوف المؤلف ورؤاه وما يكيده للعرب من مكائد ودسائس، ولا يتطلب الأمر ذكاء خارقا؛ لكن بتشكيل ثلة من المفكرين وعلماء النفس العرب، يمكن العمل على تقويض هذا الكيان الاستعماري الهش واقتلاعه من المحيط العربي الممتد الذي لم يرَ الخير مذ تم زرعه في جسده لخدمة القوى الاستعمارية.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

تقرير أمريكي: نتانياهو يكلف الموساد بالبحث عن دول تستقبل سكان غزة

كشف موقع "أكسيوس" الأمريكي، نقلاً عن مسؤولَين إسرائيليَّين، الجمعة، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، كلف الموساد بالبحث عن دول توافق على استقبال أعداد كبيرة من الفلسطينيين النازحين من غزة

ووفقاً للمسؤولين الإسرائيليين ومسؤول أمريكي سابق، جرت بالفعل محادثات مع الصومال وجنوب السودان بالإضافة إلى دول أخرى، بما في ذلك إندونيسيا.

وأشار مسؤول إسرائيلي كبير إلى أن الموساد يواصل العمل على هذه القضية مع عدة دول.

وأوضح المسؤولان الإسرائيليان أن نتانياهو كلف الموساد بهذه المهمة السرية قبل عدة أسابيع، ورفض مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي التعليق

وبحسب "أكسيوس"، "لا يسعى ترامب بنشاط إلى تنفيذ خطته لتهجير الفلسطينيين في الوقت الحالي"، بينما يركز مبعوثه إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف بشكل كامل على التوصل إلى اتفاق جديد بين إسرائيل وحركة حماس من شأنه ضمان إطلاق سراح الرهائن واستعادة وقف إطلاق النار، وفق ما قاله مسؤولان أمريكيان.

????Israeli prime minister Benjamin Netanyahu tasked Israel's Mossad foreign intelligence agency with finding countries that would agree to receive large numbers of Palestinians displaced from the Gaza Strip, per two Israeli officials. My story on @axioshttps://t.co/EgGy0ssujU

— Barak Ravid (@BarakRavid) March 28, 2025

ويرتكز الجهد الإسرائيلي على رؤية "ريفييرا غزة" التي طرحها الرئيس ترامب في لقائه مع نتانياهو مطلع فبراير (شباط) الماضي، والتي تتضمن تهجير مليوني فلسطيني من القطاع من أجل إعادة إعماره.

وتدفع إسرائيل بهذه الخطوة وخطوات أخرى لتشجيع "الخروج الطوعي" للفلسطينيين من غزة، بالتوازي مع تجدد الحرب وإصدار أوامر إخلاء للفلسطينيين من مناطق مختلفة في القطاع.

في حين تعهد نتانياهو ومسؤولون إسرائيليون كبار آخرون باحتلال المزيد من أراضي غزة، إذا رفضت حماس إطلاق سراح الرهائن المتبقين.

وناقش المسؤولون الإسرائيليون، ولكنهم لم يأمروا بذلك بعد، غزواً برياً واسع النطاق لغزة، والذي من شأنه أن يتضمن إجبار معظم السكان على التوجه إلى "منطقة إنسانية" صغيرة جنوب القطاع.

والأحد الماضي، أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية، إنشاء وكالة خاصة مهمتها السماح للفلسطينيين بمغادرة قطاع غزة "طوعاً"، في قرار نددت به منظمة إسرائيلية غير حكومية مناهضة للاستيطان.

وأكدت الوزارة أن المجلس الوزاري الأمني المصغر صادق على خطتها لإنشاء إدارة مخصصة "للمغادرة الطوعية لسكان غزة إلى دولة أخرى".

بدء خطة إسرائيلية لتهجير 10 آلاف شخص يومياً من غزة - موقع 24ذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، أن وزارة الدفاع الإسرائيلية ستشرف على عمليات المغادرة الطوعية لسكان غزة، كما سيتم تعيين قائد لتلك العمليات قريباً، فيما حذر منتقدون من أن تلك السياسة قد تؤدي إلى تهجير قسري.

ورغم الرعب الذي عانوه جراء ويلات الحرب، يعارض الفلسطينيون أي جهود لإبعادهم عن وطنهم.

كما عارضت السلطة الفلسطينية والعديد من الدول العربية ومعظم الدول الغربية خطة اقترحها الرئيس الأمريكي ترامب، لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة.

الخارجية الفلسطينية ترفض إنشاء إدارة عسكرية إسرائيلية لتسهيل التهجير من غزة - موقع 24قالت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، اليوم الأحد، إنها تنظر بخطورة بالغة لمصادقة إسرائيل على إنشاء إدارة عسكرية لتسهيل "تهجير أبناء شعبنا من قطاع غزة تحت شعار "الانتقال الطوعي لمن يرغب من السكان".

ووافقت عدة دول على استقبال أعداد صغيرة من المرضى الفلسطينيين، معظمهم أطفال، من غزة، في حين لم توافق أي دولة على استقبال أعداد هائلة من الفلسطينيين من غزة.

وعارضت كل من مصر والأردن بشدة خطط ترامب لنقل أعداد كبيرة من الفلسطينيين إلى هاتين الدولتين.

ويذكر أن حوالي 90% من سكان غزة نزحوا بسبب الحرب، وقُتل أكثر من 50 ألفاً، وفقاً لوزارة الصحة في غزة.

مقالات مشابهة

  • تقرير أمريكي: نتانياهو يكلف الموساد بالبحث عن دول تستقبل سكان غزة
  • نتانياهو بعد ضرب لبنان: لن نسمح بإطلاق النار على إسرائيل
  • بمشاركة العراق.. السفراء العرب يبحثون مبادرة الحضارة العربية في روما
  • «الكتاب العرب» يرفض إعلان إسرائيل التهجير الطوعي لسكان غزة
  • مركبات ذاتية القيادة على الطرق المؤدية من وإلى مطار زايد الدولي
  • تُثير الفوضى..نتانياهو يهاجم المعارضة الإسرائيلية
  • نتانياهو يهدد بالسيطرة على مناطق جديدة في غزة
  • الفنان الأردني عماد المحتسب يقدم سيرة فضل شاكر على شاهد
  • رئيس الوزراء اليوناني يلتقي نتانياهو الأحد المقبل
  • عشرات الشهداء بغارات على غزة ومَسيرة في بيت لاهيا تطالب بوقف الحرب