بنيامين نتانياهو - سيرة ذاتية
تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT
يقولون إن معرفة العدو نصف المعركة. ويقول لك المثبطون، ها قد انقضى وقت طويل ولم يأت النصر، وها هي الجثث تملأ المكان ولا بارقة أمل تلوح في الأفق! وهي دعاية كاذبة لا تعدو أن تكون من فم مريض بالدعاية متأثرا بها أو من مثبط لا يدرك أن الحرب في أرض المعركة هي آخر الحروب، وأن قتل المدنيين سيعود وبالا على مرتكبه.
تحدثت في مقالات سابقة عن أهمية معرفة العدو وقراءة ما ينشره باستمرار وترجمة النافع المفيد في الحرب النفسية والاقتصادية والسياسية. وقعت على هذا الكتاب قبل ثماني سنوات في معرض للكتب المستعملة ومن حينها لم أعاود قراءته مرة أخرى، ولكنني وجدت فيه ما يمكن أن ينفعنا في عدة جوانب، منها فهم العدو، وتفكيكه، وتفنيد مخاوفه ومواطن ضعفه والعمل على تقويتها، ونقد ما يقوله بما يخدم القضية الفلسطينية العادلة أولا، وما يخدمنا كعرب جميعا. ثم إنني لا أؤمن بالأسطورة التي ترى أن الصهيوني متفوق في كل شيء، حتى جعلوا له من القوة ما يُشعرك بأنه إله لا إنسان!، بل إن الصهيوني إنسان هش أكثر من أي أحد آخر، وهذا مجال آخر قد نتحدث عنه في مقال قادم «أعني التحليل النفسي للصهيوني». ثم إن نتانياهو بنفسه يفرق بين اليهودي والصهيوني كما في ثنايا كتابه. نُشر هذا الكتاب عام 1996 باللغة الإنجليزية تحت عنوان A Place Among The Nations وتمت طباعة الترجمة قبلها بعام، وذلك لأن الناشر باللغتين العربية والإنجليزية واحد، وهي دار الجليل للنشر. أما العنوان العربي للكتاب فهو «مكان تحت الشمس». يقع الكتاب في أربعمائة وست وسبعين صفحة، ومقسم إلى عشرة فصول. ما يعجبني في قادة الاحتلال جميعا، أنهم متبجحون بأنفسهم منذ الأزل، ولا يخشون الحديث عن فظائعهم لاعتقادهم بأن قضية نصرتهم العالمية لا جدال فيها، وأن الشعوب الأوروبية والأمريكية خصوصا شعوب مضمونة ويُنظر إليها باعتبارها نواة المستقبل من النازحين من تلك الدول إلى «أرض الميعاد» ومستوطنات المجرمين الهاربين من أنحاء العالم. لكن الأحداث الحالية أصابت هذا الكيان بهزة لن يستفيق منها أبدا. فمعدلات الولادة وارتفاع عدد أفراد الشعب في الأراضي المحتلة معدلات خطيرة ولم تتغير حقيقة أن العرب في تلك الأراضي المحتلة أكثر عددا من الصهاينة النازحين من البلدان التي ذكرت. والضربة هنا ضربة اقتصادية كذلك، فما كان يبثه الإعلام وقساوسة السلطة في تلك البلدان جعل كثيرا من الناس -حتى من غير الصهاينة- يتعاطفون مع هذا «الشعب» المقهور والمسكين الذي يريد «البرابرة العرب الهمجيون» قتله وفناءه، ليتفاجأ الغربي وهو في الأربعين والخمسين من العمر أنه آمن بكذبة طوال حياته وأنه ظل ضحية الاستغلال لسنوات طويلة. ثم إن الضربة الأخرى تكمن في أن الشباب الغربي عمومًا واليهود خصوصًا لم يعودوا يؤمنون بالكيان المحتل، وأدركوا مع هذه المظاهرات المليونية أنهم تعرضوا للخداع طوال حياتهم عن حقيقة هذا الكيان الغاصب؛ وأعتقد أن جزءًا من أسباب هذه المظاهرات هو هذا الغضب بعد اكتشاف الحقيقة، ثم معرفة القضية العادلة. وهؤلاء الشباب هم النواة التي كان يعوّل عليها الاحتلال لتأتي بعده في المستقبل مع معدلات الولادة الضعيفة وانحسار فئة الشباب من المجتمع لصالح الكهول.
يضم الكتاب مقدمة من دار الجليل و«بطاقة هوية» وهو مقال لـ«يديعوت أحرونوت» الصحيفة العِبرية المعروفة، وهما مهمان في فهم السياق العالمي لمضامين الكتاب ولنفسية مؤلفه، ولكنني سأتخطاهما للحديث عما كتبه مجرم الحرب نتانياهو بنفسه. كتب نتانياهو مقدمتين لكتابه، إحداهما بالعربية وفيها -كعادته في قلب الحقائق- يشبّه نتانياهو معاهدة أوسلو بصلح الحديبية ليدلل ضمن سياق خبيث على أن العرب والمسلمين اعتادوا نكث العهود؛ رغم أن الحقائق التاريخية معروفة ومعروف من نكث هذا الصلح فيما بعد. مع أكاذيب أخرى يتحدث بها بكل صفاقة وبلا خجل. والأخرى موجهة للمستوطنين -استعمل لفظة مستوطن كبديل عن لفظة الشعب- الصهاينة باللغة العِبرية، وفيها ترويج لحزب الليكود اليميني المتطرف وانتقاص من حزب العمل اليساري الذي كان أكثر سلاسة في التعامل مع الفلسطينيين -وهو أهون الشرين هنا-.
يبتدئ مقدمة الطبعة العِبرية بالحديث عن المطبعين العرب في ثمانينيات القرن المنصرم حين كان نتانياهو سفيرًا للاحتلال لدى الأمم المتحدة. ويذكر فيه حوارا فاجأه دبلوماسي عربي بقوله بأن «الخيار العسكري العربي» انتهى!. معلقا على هذه الحادثة «لقد انطوت تلك المحادثة على اعتراف جديد كان ينتشر تدريجيا في كل الدول العربية بعد الانتصار الإسرائيلي -الصهيوني- في حرب الأيام الستة». معقبا على ذلك «أدى الاعتراف بعدم قدرة العرب على هزيمة إسرائيل في حدودها الموسعة إلى إيجاد نظريتين مختلفتين في العالم العربي» الأولى تقضي بضرورة التسليم بوجود إسرائيل. والثانية هي -الحقيقة الواقعة وليست نظرية- بوجوب قتال الاحتلال. معقبا على كل واحدة من هاتين الخلاصتين بالمكتسبات والتحديات والآثار المنبثقة منهما.
ليعترف بأنه «حتى عام 1992 عملت كافة الحكومات الإسرائيلية من أجل تقوية النظرية الأولى في العالم العربي. والتي على أساسها، سعت لتحقيق مصالحة تدريجية بين العرب وإسرائيل في حدودها الموسعة». يتحدث بعد ذلك عن انهيار الاتحاد السوفييتي وبالتالي غياب دعمه لبعض الأنظمة العربية التي كانت شوكة في حلوق الصهاينة، وكيف أن هزيمة العراق في حرب الخليج أدت إلى «إيجاد ظروف دولية مريحة لتحقيق الهدف الإسرائيلي». وهذا اعتراف ضمني من هذا المتطرف بأن كيانه قائم ويتقوى بانهيار الدول العربية ولن يكتفي بفلسطين بتاتا.
لا يكترث الصهاينة بمن يخدمون مصالحهم أو يقدمون لهم الخدمات، فهم يفضحونهم فور انتهاء المهمة المنوطة بهم ويتخلصون منهم. ويتجلى ذلك في قوله على سبيل المثال «عملت حكومة إسرائيل يدا بيد مع عرفات في اتفاق أوسلو 1993». والعمل مع العدو يكون ندا ضد ند، لا يدا بيد!. لكنه بعد هذه العبارة بأسطر يشير إلى أمر بالغ الأهمية للعرب، فعند حديثه عن التحول في السياسة الإسرائيلية، يقول إن من يدرس التيارات الفكرية التي تفرض أي إجراء سياسي، يمكنه أن يدرك طيلة السنوات الماضية كيف نجحت الدعاية العربية في التغلغل عمقا داخل أوساط واسعة في اليسار الإسرائيلي.
وعن طريقه إلى أجزاء أخرى من المجتمع اليهودي في البلاد. هنا يجب أن نقف ونتأمل في الوقت الذي كُتب فيه الكتاب، وهو قبل ظهور وسائل الإعلام العربية الحرة وقبل الانفجار المعلوماتي، فإذا كان نتانياهو يتحدث عن مخاوفه بتغلغل الرواية العربية داخل الأوساط الإسرائيلية -الصهيونية- في وقت لم يكن للإعلام الحر وجود فيه؛ فكيف يعتقد البعض أن النشر في وسائل التواصل الاجتماعي اليوم لا تفيد شيئا؟، وهذا قول لا يقوله إلا مثبط أو صهيوني.
تنطوي كلمات نتانياهو على كثير من الحقائق التي ينبغي أن يعمل العرب عليها في معرفة عدوهم ومواجهته، وأعني بها الحقائق التي تكون خلف السطور لا الأكاذيب التي يرويها ببجاحة منقطعة النظير. ويمكن معرفة مخاوف المؤلف ورؤاه وما يكيده للعرب من مكائد ودسائس، ولا يتطلب الأمر ذكاء خارقا؛ لكن بتشكيل ثلة من المفكرين وعلماء النفس العرب، يمكن العمل على تقويض هذا الكيان الاستعماري الهش واقتلاعه من المحيط العربي الممتد الذي لم يرَ الخير مذ تم زرعه في جسده لخدمة القوى الاستعمارية.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
رؤية ثاقبة وشخصية ملهمة.. ملامح من سيرة الإمام محمد بن سعود
قاد الإمام محمد بن سعود عام 1139هـ / 1727م، رحلة بناء دولة عظيمة قبل ثلاثة قرون، لتأسيس الدولة السعودية، وعاصمتها الدرعية.
ويعد الإمام محمد بن سعود، شخصية ملهمة استطاعت تحقيق ملحمة وسجل حافل بالبطولات الوطنية.
أخبار متعلقة وزير الطاقة: لولا صناع التغيير وعلى رأسهم ولي العهد لما ظهر صناع تأثير"الأرصاد" ينبه من تكون أمطار ورياح نشطة على منطقة عسير"اليوم" تستعرض ملامح من سيرة وشخصية الإمام محمد بن سعود، في يوم التأسيس.
الإمام محمد بن سعود.. مسيرة تاريخية وسجل حافل بالبطولات الوطنية
للمزيد | https://t.co/LNTDMcN7BI#يوم_التأسيس#يوم_بدينا#اليوم#SaudiFoundingDay pic.twitter.com/bh3tyme23K— صحيفة اليوم (@alyaum) February 21, 2024الإمام محمد بن سعودولد الإمام محمد بن سعود بن محمد بن مقرن عام 1090 هـ / 1679 م، ونشأ في الدرعية وعرف عنه صفات متعددة، كالتديّن، وحب الخير، والشجاعة، والقدرة على التأثير.
كما استفاد من التجربة التي خاضها في شبابه حين عمل إلى جانب والده في ترتيب أوضاع الإمارة، ما أعطاه معرفة تامة بكل أوضاعها.
إنجازات الإمام محمد بن سعود مؤسس الدولة السعودية الأولى
للمزيد: https://t.co/XYXc05wT23#يوم_التأسيس#يوم_بدينا#اليوم pic.twitter.com/RZiFc3oMb0— صحيفة اليوم (@alyaum) February 22, 2023
وشارك الإمام في الدفاع عـن الدرعية عندما غزاها سعدون بن محمد زعيم بني خالد في الأحساء، فصمدوا ودحروا الجيش المعتدي.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } الإمام محمد بن سعود - إكس دارة الملك عبدالعزيزالإمام المؤسستحلّى الإمام المؤسس برؤية ثاقبة، فقد درس الأوضاع التي كانت تعيشها إمارته، والإمارات التي حولها بشكل خاص ووسط الجزيرة العربية بشكل عام، وبدأ منذ توليه الحكم التخطيط للتغيير عن النمط السائد خلال تلك الأيام، فأسّس لمسارٍ جديد في تاريخ المنطقـة تمثّل في الوحدة والتعليم ونشر الثقافة وتعزيز التواصل بين أفراد المجتمع والحفاظ على الأمن، كما كان محباً للتأمل والتفكّر، ما يدل على شخصيته في الاستقراء والتأني والرؤية المستقبلية.
اختار الإمام محمد بن سعود الدرعية عاصمة للدولة السعودية الأولى عام 1139هـ حتى 1233هـ
التفاصيل: https://t.co/6Etyx1OURa #اليوم_الوطني_السعودي92#هي_لنا_دار#اليوم pic.twitter.com/KDQeMO5HUX— صحيفة اليوم (@alyaum) September 23, 2022
والإمام محمد بن سعود امتداد لتاريخ أسلافه الذين بنوا الدرعية وحكموها، وانتقل بها من دولة المدينة إلى دولة واسعة، وتولّى الحكم في أوضاع استثنائية في منتصف 1139 هـ ( فبرايـر 1727م )؛ فقد عانت الدرعية قبيل توليه الحكم من ضعف وانقسام لأسباب متعددة، وانتشار مرض الطاعون في جزيرة العرب خلال تلك الفترة وتسببه في وفاة أعداد كبيرة مـن الناس.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } امتد حكم الإمام محمد بن سعود للدولة السعودية الأولى 40 عامًا- مشاع إبداعي
ومع كل التحديات استطاع الإمام محمد بن سعود أن يتغلّب عليها وأن يتخطاها ويوحّد الدرعية، وأن يسهم في نشر الاستقرار في منطقة العارض.
رسم تخيلي لـ #الإمام_محمد_بن_سعود بناء على وصف المصادر التاريخية
https://t.co/lgvLwMT9yN #يوم_التأسيس #يوم_بدينا#مستقبل_الإعلام_يبدأ_من_اليوم pic.twitter.com/cQthxRU3PZ— صحيفة اليوم (@alyaum) February 22, 2022أبرز أعمال الإمام محمد بن سعودجرى تأسيس الدولة السعودية الأولى وتوحيدها وبناؤها في عهده خلال أربعين عاماً، ومن أبرز أعماله خلال الفترة 1139 / 1158 هـ الموافق 1727 / 1745م، توحيـد شطري الدرعية وجعلها تحت حكـم واحـد بعد أن كان الحكم متفرقاً في مركزين، والاهتمام بالأمور الداخلية وتقوية مجتمع الدرعية وتوحيد أفراده، وتنظيم الأمور الاقتصادية للدولة، إضافة إلى بنـاء حي جديد في سمحان وهـو حي الطرفيـة، وانتقل إليـه بعـد أن كان حـي غصيبـة مـركـز الحكـم مـدة طويلة.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } الإمام محمد بن سعود - إكس دارة الملك عبدالعزيز
كما نشر الاستقرار في الدولة في مجالات متنوعة، والاستقلال السياسي وعـدم الـولاء لأي قوة، في حين أن بعـض بلدان نجد كانت تديـن بالولاء لبعـض الزعامات الإقليميـة، كذلك إرساله أخيه الأمير مشـاري إلى الريـاض لإعـادة دهـام بـن دواس إلى الإمارة بعـد أن جرى التمرد عليـه بنـاء عـلى طلـب دهـام المعونة مـن الدولـة السـعودية الأولى، والتواصـل مـع البلدات الأخرى للانضمام إلى الدولة السعودية، وقـدرة الإمـام الكبيرة على احتـواء زعاماتهـا وجعلهـم يعلنـون الانضمام للدولـة والوحـدة ، وبنـاء سـور الدرعيـة للتصدي للهجمات الخارجية القادمة إلى الدرعيـة مـن شرق الجزيرة العربيـة.
#انفوجرافيك | #صحيفة_اليوم #الإمام_محمد_بن_سعود_بن_محمد_بن_مقرن https://t.co/7tHTNqWHRY #يوم_التأسيس #يوم_بدينا#مستقبل_الإعلام_يبدأ_من_اليوم pic.twitter.com/Vh6uQuieqy— صحيفة اليوم (@alyaum) February 22, 2022تأمين طرق الحجومن أبرز ما قام به الإمام محمد بن سعود خلال الفترة 1159 / 1179 هـ الموافق 1746 / 1765م ، بدء حملات التوحيد، وتوليه قيادتها، وتوحيد معظم منطقة نجد وانتشار أخبار الدولة في معظم أرجاء الجزيرة العربية، والقدرة على تأمين طرق الحج والتجارة فأصبحت نجد من المناطق الآمنة، بالإضافة إلى نجـاحه في التصـدي لعـدد مـن الحمـلات التـي أرادت القضـاء عـلى الدولـة في بدايتهـا.
وتوفي الإمام محمد بـن سعـود عـام 1179 هـ / 1765 م، بعـد أربعين عامـاً مـن القيادة والتأسـيس. وله من الأبناء وهم: عبد العزيز، وعبد الله، وسعود، وفيصل وعلي ومرخان ومن البنات هيا وطرفة.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } الإمام محمد بن سعود - أرشيفية اليوم