الحق فوق القوة ولو كره الكارهون
تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT
تُذكرنا الحرب الغاشمة التى تقودها إسرائيل ضد الأطفال والنساء والشيوخ فى غزة والأراضى المحتلة بمقولة حاسمة بليغة صكها الزعيم المصرى خالد الذكر سعد باشا زغلول يوما ما، والتى تقول «إن الحق فوق القوة».
ولا شك أن البعض ينظر باستخفاف إلى هذه العبارة، ويتصورها مجرد شعار إنشائى عاطفى خالِ من أى عمق، ويتصور هؤلاء أن القوة تغلب دائما.
وأبسط مثال على ذلك هو هيمنة الاستعمار الغربى على العالم القديم عقودا طويلة، وسلب خيراتها تحت دعاوى كاذبة، ثم زواله بعد نشوء حركات التحرر، واستقلال الأمم الفقيرة البائسة التى كانت مغلوبة على أمرها.
وفى مصر تحديدا دخل الاحتلال البريطانى سنة 1882 على خلفية أزمة الديون، وما تبعها من حوادث وتدخلات، وتم وفرض الحماية على مصر، واستغلت بريطانيا كافة إمكانات البلاد وسخرت كل ثرواتها لمصالحها الخاصة، لكن تسيدها وهيمنتها لم تعنَ أبدا أنها الحق، فولدت الحركة الوطنية، وآمن المخصلون أن الاستعمار باطل، وأنه مهما كانت قوته، فسيسقط أمام الشرعية.
ولا شك أن بعض الناس نظروا إلى عبارة سعد باشا وقتها غير مُصدقين أن الحق المتمثل فى استقلال مصر يُمكن أن ينتصر، وأن المعتدى صاحب القوة، وهى الامبراطورية البريطانية، ستندحر، وستغادر المستعمرة المفضلة لديها، ثم رحل سعد باشا إلى دار الخلد فى 23 أغسطس سنة 1927، وواصلت الحركة الوطنية كفاحها تمسكا بالحق، ونالت مصر استقلالا رسميا فى معاهدة 1936، ثُم حققت الاستقلال التام عام 1954، وتم الجلاء عن مصر.
ومن يراقب تفاصيل العدوان الإسرائيلى اليومى، ويتابع أخبار الاعتداءات الوحشية ضد الفلسطينيين، أصحاب الأرض الحقيقيين يُدرك يقينا بأن غطرسة القوة وصلت بدولة الكيان الصهيونى إلى حد الاستهانة بكل حق. فعلى الرغم من أن إسرائيل سبق ووقعت مع السلطة الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات اتفاقا للسلام فى أوسلو قبل أكثر من ثلاثين عاما، وكان أحد نصوصه الرئيسية هى السعى لإقامة سلام دائم وعادل ينبنى على إنشاء دولة فلسطينية مستقلة، إلا أن امتلاك إسرائيل للقوة دفعها دفعا نحو التعامل بصلف واستفزاز تحت وهم إمكانية فرض الأمر الواقع فرضا، وهو ما انتهى بها إلى هذه الحرب التى يخسر فيها الجميع وتؤدى إلى خلخلة الشعور العام بالأمن والاستقرار لدى الإسرائيليين أنفسهم.
وأقول لكم إن الحق قوى ولو بدا ضعيفا، والحق غالب بصموده، واعتزاز المؤمنين به وبنبل مقاصده. لذا فإن الصمود العظيم للشعب الفلسطينى الشقيق والذى يدهشنا كل يوم، نابع من قضية حق لبشر تعرضوا لعدوان كريه على أرضهم وهويتهم من جانب مهاجرين مشتتين من مختلف أقطار الأرض فى ظل حماية ورعاية استعمارية بغيضة.
وبيقين أيضا أقول لكم إن الحق سينتصر حتما ولو طال الزمن، فهذا درس التاريخ الذى لا ينسى.
وسلامٌ على الأمة المصرية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د هاني سري الدين الحرب الغاشمة
إقرأ أيضاً:
لغة الجسد تكشف عن صراع القوة بين ترامب وماسك
أثارت العلاقة بين الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب والملياردير إيلون ماسك اهتماما واسعا في الأوساط السياسية والإعلامية، لدرجة أنها أصبحت موضوعا للعديد من التحليلات.
وبحسب صحيفة ديلي ميل، تحول ماسك الذي كان ينتقد شعارات ترامب الانتخابية، خاصة شعار "جعل أمريكا عظيمة مجددا"، إلى حليف قوي له، وقد تجسد هذا التحول عندما أصبح ماسك جزءًا من الدائرة المقربة لعائلة ترامب، حتى أن حفيدة ترامب، كاي، أطلقت عليه لقب "العم" وأصبح أحد الشخصيات المحورية في دعم الجمهوريين في الانتخابات.
ومنذ بداية الانتخابات، كان ماسك موجودًا بشكل شبه يومي في منتجع ترامب الفاخر "مار إيه لاغو" في فلوريدا، ورافقه في العديد من الأنشطة العامة والخاصة، وفقد تواجد إلى جانب ترامب في رحلاته الأخيرة إلى نيويورك وواشنطن العاصمة، وكان ضمن المشاركين في مكالمات هاتفية مع قادة العالم. ولم يكن دوره مقتصرا فقط على التواجد في هذه الاجتماعات، بل لعب أيضًا دورًا مؤثرًا في القرارات المتعلقة بتعيينات موظفين في إدارة ترامب الانتقالية.
ومع هذه العلاقة القوية التي تجمع بين الرجلين، حذرت خبيرة لغة الجسد جودي جيمس من أنه قد يكون هناك خطر لتصاعد "معركة قوة" في المستقبل، إذا شعر ترامب أن ماسك أصبح يتطلع إلى أخذ الأضواء منه. ورغم أن ماسك بدا حريصًا على تعزيز مكانته بجانب ترامب، فإن جيمس أشارت إلى أن ترامب ليس من الشخصيات التي تفضل تقاسم الأضواء مع الآخرين.
وحللت العلاقة بين ماسك وترامب قائلة: "اللغة الجسدية بينهما تبدو وكأنها محاولة للترسيخ في نوع من العلاقة بين الوالد والطفل، حيث يسعى ماسك للحصول على تأكيدات ورضا ترامب، في حين يبدو أن ترامب يواصل محاولة فرض هيمنته."
وتعززت هذه الديناميكية بشكل أكبر في الأيام الأخيرة، كما في حادثة إطلاق صاروخ "سبيس إكس" في تكساس. أثناء هذا الحدث، كان ترامب يرافق ماسك، وأظهرت لغة جسد ترامب مدى استعداده للسماح لماسك بأخذ الأضواء، رغم أنه غالبًا ما كان يتصرف وكأن ماسك يطلب موافقته. فقد لاحظت جيمس أن ترامب كان يتبنى سلوكًا مهيبًا من خلال رفع ذقنه واتخاذ وضعية تشير إلى القوة والسيطرة، بينما كان ماسك يظهر إشارات حماسية وإثارة، مثل الضغط على أصابعه بإحكام.
وفي أحداث أخرى، مثل لقائهما في حدث UFC بمدينة نيويورك، ظهر ماسك وهو يتصفح هاتفه بينما كان جالسا بجانب ترامب، ثم انفجر فجأة في الضحك بشكل درامي، ما أثار عدم تفاعل ترامب، الذي استمر في الإشارة إلى الحلبة كما لو كان يحاول تحويل انتباه ماسك إلى الحدث ذاته. هذه اللحظة كانت مثيرة للاهتمام، حيث بدت العلاقة بين ترامب وماسك وكأنها تقوم على ديناميكية غير متوازنة، مثل تلك التي تكون بين الأب والمراهق.
أما في حفل غنائي أُقيم في "مار إيه لاغو"، حيث انضم ماسك وترامب إلى مغني الأوبرا كريس ماتشيو في أداء أغنية "God Bless America"، فقد أظهرت لغة جسد ماسك توترًا واضحًا، حيث كان يراقب ترامب ويحاكي حركاته بشكل غير مريح، وهو ما اعتبرته جيمس بمثابة محاولة من ماسك لتأكيد مكانته إلى جانب ترامب من خلال تقليده لأفعاله.
في المجمل، تظل العلاقة بين ترامب وماسك مزيجًا من التعاون السياسي الملموس والنفوذ المتبادل، ولكن كما أظهرت تحليلات جودي جيمس، فإنها قد تكون محاطة بتحديات محتملة تتعلق بالسلطة والهيمنة.