لجريدة عمان:
2025-03-16@20:23:09 GMT

شباب سلطنة عمان .. حضور لافت وإنجازات متعددة

تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT

«إن الشباب هم ثروة الأمم وموردها الذي لا ينضب وسواعدها التي تبني، هم حاضر الأمة ومستقبلها، وسوف نحرص على الاستماع لهم وتلمّس احتياجاتهم واهتماماتهم وتطلعاتهم، ولا شك أنها ستجد العناية التي تستحق»، من هذا المنطلق أكد حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- اهتمامه بالجانب الرياضي والثقافي والشبابي، وسعيا لنشر الأنشطة الثقافية والرياضية والشبابية وتحقيق الإنجازات سواء على المستوى المحلي أو العالمي فقد أكد على احتضان مختلف قدرات شباب الوطن ومهاراتهم وإبداعاتهم ومواهبهم في مختلف الجوانب الرياضية والثقافية.

فعالية أفق

وضمن احتفال سلطنة عمان بيوم الشباب العماني نظمت الوزارة فعالية خاصة بهذه المناسبة برعاية صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب، واطّلع سموه على المعرض المصاحب كتجربة «طاقات» التي تعبّر عن شباب اليوم الذين شكّلتهم قصص الآباء والأجداد حينما يسبرون أغوار أنفسهم، فوجّهوا عنايتهم واهتمامهم حتى حققوا الكثير من المكاسب الحقيقية وهم يبحرون في ذواتهم ويسعون بخطاهم إلى إنجازات أكبر، تسهم في توجيهها بوصلة الجيل القادم ليفكروا، يخططوا، يسعوا، وينجزوا.

توقيع 7 اتفاقيات

شهدت فعالية يوم الشباب توقيع 7 اتفاقيات أبرزها إنشاء مشروع المركز الثقافي والشبابي بمحافظة جنوب الشرقية بولاية صور، وتوقيع اتفاقية تمويل إنشاء المكتبة العامة ضمن المركز الثقافي والشبابي بمحافظة جنوب الشرقية بولاية صور بدعم من مؤسسة بهوان للأعمال الخيرية.

ومن ضمن الاتفاقيات تم توقيع اتفاقية دعم ورعاية البرامج والأنشطة الشبابية لمركز الشباب بدعم من غرفة تجارة وصناعة عُمان، في حين جاءت رابع الاتفاقيات لدعم ورعاية البرامج والأنشطة الشبابية لمركز الشباب من قبل الموج مسقط. أما خامس الاتفاقيات فجاءت لدعم وتمويل مشروع تنمية مهارات الشباب (برنامج مستعد) من قبل شركة سي سي اينرجي ديفالوبمنت، أما الاتفاقية السادسة فكانت دعم وتمويل مشروع تنمية مهارات الشباب (برنامج مستعد) من قبل شركة تنمية نفط عُمان، كما تم توقيع اتفاقية دعم وتمويل مشروع تنمية مهارات الشباب (برنامج مستعد) مع مؤسسة أوتورد باوند عُمان.

الفائزون في جائزة الإجادة

وقد توِّج في الختام الفائزون بجائزة الإجادة، ففي مجال الاقتصاد الرقمي وعلى فئة المؤسسات الشبابية جاءت الجائزة مناصفةً بين مؤسسة بصمة فخامة ومؤسسة ساين بوك عمان، وفي فئة الأفراد نال مشروع الرسام الذكي لملاك بنت عبدالله الحارثية الجائزة التشجيعية.

وفي مجال الإعلام الرقمي توِّجت مؤسسة خط للأفلام الثقافية على مستوى المؤسسات الشبابية، وتوِّجت مبادرة عمان أولًا على مستوى المبادرات الشبابية، وعلى مستوى الأفراد نال مشروع بودكاست جلسة كرك الجائزة وجائزة تشجيعية لمنصة فعاليات شبابية.

أما في ثالث مجالات الجائزة والذي يعنى بالبيئة فقد نال الجائزة مبادرة مشروع كربون 6 ضمن المبادرات الشبابية وتكريم مبادرة مشروع إعادة تأهيل واستزراع الشعاب المرجانية بمحافظة مسندم، وعلى مستوى الأفراد فاز مشروع إنتاج ديزل حيوي عالي الكفاءة لنبراس بنت حمدان بن سالم الشكيلية، وكذلك رصدت جائزتان تشجيعيتان لكل من مشروع الدور الفعال لأصيلة بنت صالح السباعية ومشروع إسفنجة صديقة للبيئة لميثاء بنت سعيد الهنداسية، وفي رابع مجالات الجائزة المتعلق بالعمل نال مشروع برامج تدريبية متعددة للمؤسسة التنموية للشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال ضمن فئة الشركات الخاصة الداعمة للمجال الشبابي، وعلى مستوى المؤسسات الشبابية جاءت الجائزة مناصفةً بين مشروع أصول لمؤسسة دهليز للأعمال ومشروع محطات لمؤسسة شباب المسرة، وفازت مبادرة سين ضمن فئة المبادرات الشبابية، أما على مستوى الأفراد ففاز مشروع نتعلم من أجل عمان لصاحبه محمد مسلم هبيس، وآخر مجالات الجائزة مجال ريادة الأعمال، حيث فاز مشروع سدرة لمؤسسة أوتورد باوند عمان ومبادرة لهن ضمن فئة مؤسسات المجتمع المدني، وضمن فئة المؤسسات الشبابية فازت مؤسسة إنجاز عمان عن مشروع برنامج ومسابقات الشركة، وفازت مبادرة مجموعة سفراء الابتكار ضمن فئة المبادرات الشبابية.

معرض مسقط الدولي للكتاب

كما شهدت محافظة مسقط فعاليات الدورة الـ27 لمعرض مسقط الدولي للكتاب بعد عشرة أيام احتفى فيها المبدعون بنتاجهم الأدبي كل في مجاله، بحضور نوعي للفعاليات الثقافية وحضور كبير للزوار تصاعد منذ يومه الأول حتى يوم الختام الذي شهد حضورا كثيفا من الزوار بمختلف فئاتهم، وتم تتويج المبادرات المكرمة بشهادة الإجادة وهي «مبادرة مجلس إشراقات ثقافية» و«مبادرة مركز الورّاق الثقافية» ومبادرة «الماحة الثقافية»، كما تم تكريم جميع المبادرات المجتمعية الثقافية المجيدة المشاركة إضافة إلى الشركات الداعمة والمؤسسات الإعلامية ومحافظة جنوب الباطنة ضيف شرف الدورة الـ27 للمعرض إضافة إلى تكريم اتحاد الناشرين العرب. يذكر أن المعرض في هذا العام شهد مشاركة 32 دولة حول العالم، ممثلة في 826 دار نشر، قدمت 533063 عنوانا، من بينها 22950 كتابا عمانيا، و5900 إصدار جديد. وقد شهد المعرض حراكا ثقافيا كثيفا أسفر عن إقامة أكثر من 300 فعالية منوعة.

لائحة المبادرات الشبابية

أصدرت وزارة الثقافة والرياضة والشباب لائحة المبادرات الشبابية وذلك بعد القرار الوزاري الذي أصدره صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب رقم 437/ 2023 بإصدار «لائحة تنظيم المبادرات الشبابية» ونشرت في الجريدة الرسمية.

وزراء الشباب والرياضة

استضافت سلطنة عمان ممثلة في وزارة الثقافة والرياضة والشباب الاجتماع السادس والثلاثين للجنة أصحاب السمو والمعالي والسعادة وزراء الشباب والرياضة بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية خلال شهر مايو 2023م. ترأست الاجتماع معالي الدكتورة مديحة بنت أحمد الشيبانية وزيرة التربية والتعليم بمشاركة أصحاب السمو والمعالي والسعادة وزراء الشباب والرياضة بدول المجلس.

العاملون بالمجال الشبابي

بناءً على التكليف السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- رعى معالي السيد خالد بن هلال البوسعيدي وزير ديوان البلاط السلطاني حفل تكريم العاملين في مجال العمل الشبابي لعام ٢٠٢٣م بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وأقيم حفل التكريم على هامش الاجتماع السادس والثلاثين للجنة أصحاب السمو والمعالي والسعادة وزراء الشباب والرياضة بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتضمنت قائمة المكرَّمين الشخصيات العامة الاعتبارية، والشباب المبدعين والمتميزين.

التراث غير المادي

كما استضافت سلطنة عمان ممثلة في وزارة الثقافة والرياضة والشباب وبالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) اجتماع الاستراتيجية العربية للتراث الثقافي غير المادي، وقد رعى افتتاح الاجتماعات معالي سالم بن محمد المحروقي وزير التراث والسياحة وبمشاركة جميع الدول الأعضاء في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) وعدد من الخبراء المتخصصين في مجال التراث الثقافي غير المادي.

الملتقى الأدبي والفني

كما شهدت محافظة البريمي فعاليات الملتقى الأدبي والفني في دورته السادسة والعشرين، الذي نظمته وزارة الثقافة والرياضة والشباب، وشهد الملتقى مشاركة 45 مبدعا في الشعر الشعبي والشعر الفصيح والقصة القصيرة، وأقيمت خلاله 4 جلسات في مجال الشعر الشعبي والشعر الفصيح والقصة القصيرة، بالإضافة إلى حلقات عمل في الشعر الفصيح والشعبي وأمسية شعرية في جامعة البريمي شارك فيها عدد من شعراء المحافظة، منهم الشاعر علي بن محمد المسمار الشامسي، والشاعر قاسم بن محمد الغريبي، والشاعر عبدالله بن أحمد الظاهري.

بطولة المناظرات

كما استضافت سلطنة عُمان، بتنظيم من وزارة الثقافة والرياضة والشباب ومركز مناظرات عُمان ومركز مناظرات قطر فعاليات بطولة آسيا الثانية للمناظرات باللغة العربية واستمرت 5 أيام، بمركز عمان للمؤتمرات والمعارض، وقد رعى حفل الختام صاحب السمو السيد فهر بن فاتك آل سعيد.

والبطولة شهدت مشاركة أكثر من 320 مشاركًا من 18 دولة منهم 165 متناظرًا و75 محكمًا و50 شابًّا عُمانيًّا متطوعًا في تنظيمها.

المشاركات الخارجية

وشاركت سلطنة عمان في معرض الرياض الدولي للكتاب في دورته الحالية 2023 وحلت فيه سلطنة عُمان ضيف شرف للمعرض، حيث حظي جناح سلطنة عُمان بإقبال كبير من القرَّاء والمهتمين بالتاريخ والفكر والثقافة والفنون والعلوم الإنسانية من المملكة العربية السعودية وخارجها.

واشتمل الجناح العُماني على عدة مفردات ثقافية تتمثل في عدد من الإصدارات المتنوعة، ومعرض المخطوطات العُمانية النادرة، ومعرض الفنون التشكيلية، والعروض الفنية والموسيقية، إلى جانب شاشة عرض لبث أفلام ترويجية وسياحية قصيرة عن سلطنة عُمان، ومجلس لتقديم الضيافة العُمانية، وركن خاص لتقنية الواقع المعزز (VR).

كما تعددت البرامج الثقافية العُمانية المقامة على هامش المعرض، وشملت مختلف المجالات الثقافية من المحاضرات الفكرية والتاريخية، والأمسيات الشعرية والموسيقية والفنون الشعبية، والندوات وحلقات العمل والجلسات الحوارية والنقاشات حول موضوعات اجتماعية وأدبية مثل الرواية وأدب الطفل وفنون العمارة وغيرها.

المسرح الخليجي

شاركت وزارة الثقافة والرياضة والشباب في الاجتماع التحضيري للجنة الدائمة لمهرجان المسرح الخليجي للفرق المسرحية الأهلية بدول مجلس التعاون الخليجي الذي استضافته المملكة العربية السعودية ممثلة بهيئة المسرح والفنون الأدائية في العاصمة الرياض؛ وذلك لمناقشة التحضيرات لتنظيم المهرجان، واستعراض الجوانب التنفيذية، والفعاليات المصاحبة للمهرجان، ووضع التوصيات التي ستسهم في تطوير الدورة المقبلة للمهرجان.

الإنجازات الثقافية

وعلى المستوى الثقافي كانت هناك العديد من الإنجازات لعل أبرزها فوز الشاعرة العمانية عائشة السيفية بلقب وبردة «أمير الشعراء» في موسمه العاشر، وكذلك فوز الروائي العماني زهران القاسمي بالجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر» في نسختها السادسة عشرة عن روايته «تغريبة القافر» كأول عُماني يفوز بالجائزة، في حفل أقيم في العاصمة الإماراتية أبوظبي، حضره المرشحون في القائمة القصيرة التي أعلنت منذ أشهر، كما حققت سلطنة عمان -متمثلة في وزارة الثقافة والرياضة والشباب- في بينالي الشباب الدولي للتصوير الضوئي الفياب (FIAP) في دَورتها الحادية والأربعين 2023م والمقامة في مملكة النرويج الميدالية الذهبية في المستوى الفردي -فئة تحت 21 سنة- للمصورة نوف بنت سالم السيابية عن عملها الفني بعنوان (غموض). وخصصت جائزتان شرفيتان على مستوى الدول المشاركة، حيث حققت 324 نقطة وبذلك استحقت المركز السادس في فئة تحت 21 سنة وحصدت 353 نقطة لتستحق المركز السابع في فئة تحت 16 سنة، كما توج العرض المسرحي (الغريب والنقيب) لفرقة البن للفنون المسرحية والأدائية بثلاث جوائز متنوعة، وذلك ضمن مشاركتها في مهرجان الربيع العربي في دورته 14 بطبرقة بالجمهورية التونسية خلال الفترة 24 إلى 29 أغسطس، الجائزة الأولى أفضل نص مسرحي حصدها الكاتب أسامة بن زايد الشقصي والجائزة الثانية أفضل إخراج للمخرج أسامة بن زايد الشقصي، أما الجائزة الثالثة فتوِّج بها زياد الحضرمي كأفضل ممثل دور ثان. فرقة البن للفنون المسرحية والأدائية قدمت عرضها المسرحي (الغريب والنقيب) بحضور سعادة الدكتور هلال بن عبدالله السناني سفير سلطنة عمان لدى الجمهورية التونسية وسط حضور كبير من المهتمين بالشأن المسرحي، فيما حصد الكاتب العُماني محمد اليحيائي جائزة كتارا للرواية العربية فئة (الروايات) عن روايته (الحرب) والصادرة عن دار عرب للنشر والتوزيع، مطلع عام 2023م. تَدُور أحداث رواية الحرب، حول عدَّة مواضيع مرتبطة بحاضر وماضي سلطنة عمان وما شهدته من حروب وصراعات منذ عام 1913 حتى عام 1975 تاريخ نهاية ثورة ظفار الحاضرة في العمل بأشكال مختلفة، فيما فاز الفيلم الروائي القصير العُماني (رماد) للمخرج والكاتب سليمان الخليلي بالجائزة الأولى لأفضل فيلم روائي دولي قصير (المحارة الذهبية) في الدورة الأولى من مهرجان نواكشوط السينمائي الدولي 2023م بالجمهورية الإسلامية الموريتانية، وذلك في أول مشاركة له على مستوى الوطن العربي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: وزارة الثقافة والریاضة والشباب وزراء الشباب والریاضة المبادرات الشبابیة المؤسسات الشبابیة بدول مجلس التعاون سلطنة عمان على مستوى الع مانی فی مجال ضمن فئة ع مانی

إقرأ أيضاً:

الخطاب الديني في سلطنة عمان.. تعزيز للتسامح والاعتدال والتقارب

يعزز الخطاب الديني في سلطنة عمان، العديد من المفاهيم ذا الصلة بالإنسانية والتسامح والاعتدال، وينمي في النفوس روح المحبة والتقارب والخير، ومحاسبة النفس والعودة إلى تقويم الذات وتصحيح الجوانب التي قد يشوبها انحراف عن المسار القويم للإنسانية السمحة والمعتدلة.

وعرف الخطاب الديني في عمان بالاعتدال والدعوة دائما إلى التسامح وقبول الآخر، ويتجلى ذلك في المفاهيم والمحاور التي يتبناها الخطاب الديني في كل مراحلة، خاصة في شهر رمضان الذي يلزم فيه الناس المساجد ومتابعة الخطب والمحاضرات الدينية.

وأكد عدد من المختصين على أن نهج الخطاب الديني في سلطنة عمان نهج التسامح والدعوة إلى التقارب ونبذ أوجه الشقاق أو الفتن، والدعوة بالهدوء واللطف وتقبل آراء الآخرين، مؤكدين على ضرورة تجديد الخطاب الديني ومواضيعه لتتناسب ومتطلبات المرحلة وتطور الوسائل.

رقي الخطاب الديني

وقال الباحث بدر بن سالم العبري: إن التّسامح والعمل الاجتماعيّ مفهومان مطلقان من حيث الزّمنيّة، ولا يمكن حصرهما في شهر ما كرمضان، ولكن في الوقت ذاته رمضان فرصة للتّذكير بهما وبأهميّتهما، فهناك فارق بين التّذكير وبين ما انغرس في العقل الجمعيّ من تصوّر أنّه يسامح في رمضان، فإذا انقضى قطع وآذى، فهناك من ينظر إلى رمضان لذاته، وكأنّ رمضان هو الّذي يثيب ويمنع، ويعفو ويعاقب، بيد أنّ الأصل في المنظور إلى مَن كتب علينا الصّيام، أي الله جلّ جلاله.

وأضاف: تأتي أهميّة الخطاب الدّينيّ في تصحيح المفاهيم، وفي مراجعة العديد من القضايا الاجتماعيّة في رمضان من خلال مفاهيم القرآن الكبرى، خاصّة وأنّ العديد من النّاس لصيقة المسجد في رمضان، ولديهم من الفراغ ما يملأونه بالاستماع إلى الخطاب الدّينيّ، فلا ينبغي أن يقتصر هذا الخطاب على المواعظ المكرّرة، والكلام الّذي يُكرّر كلّ عام، وخصوصا أنّ مثل هذه المواعظ حاضرة اليوم بشكل طبيعيّ في وسائل التّواصل الاجتماعيّ، ولا يكاد تخفى على أحد.

وأكد العبري على الحاجة إلى أن يكون هناك رقيّ في الخطاب الدّينيّ ذاته، يتناسب والمرحلة الّتي نعيشها، ليس على مستوى الأدوات المستخدمة في الخطاب، أو طريقة الخطاب ذاته، فنحن بحاجة إلى تجديد ورقيّ الخطاب بحيث يتناسب والمرحلة الزّمنيّة الّتي نعيشها، ويكون منفتحا على جميع الأجواء الثّقافيّة والفكريّة والمعرفيّة المعاصرة، ولا يكون محصورا في اتّجاه وخطاب تقليديّ متكرّر، فكلّما اتّسعت أجواء الخطاب؛ ساهم ذلك في رقيّ الخطاب الدّينيّ ذاته.

وأوضح العبري أن قضيّة التّعايش والتّسامح اليوم لم تعد منحصرة عند أدبيات وأخلاقيات سلوكيّة طبيعيّة في المجتمع، كقضايا حقوق الجوار وابن السّبيل، وإعادة تكرار لروايات وقصص حدثت في واقع ظرفيّ غير واقعنا، بل أصبحت قضيّة تطرح من زوايا متعدّدة، فهي قضيّة فلسفيّة في الابتداء، متعلّقة بقيم الذّات الإنسانيّة المطلقة، كالكرامة والمساواة والعدل، كما أصبحت قضيّة إجرائيّة متعلّقة بالمواطنة من حيث نظام الحكم الأساسيّ، ومصاديقه التّشريعيّة في القوانين، كما أصبحت حالة اجتماعيّة ونفسيّة متعلّقة بالاجتماع البشريّ، وفي الوقت ذاته لما يمرّ به العالم اليوم من حالات انغلاقيّة وتكفيريّة متطرّفة تؤثر في استقرار الدّول والاجتماع البشّريّ، فأصبحت مرتبطة بالجوانب السّياسيّة والأمنيّة، وعليه ينبغي على الخطاب الدّينيّ أن لا يكون منحصرا في زاوية ضيّقة في طرح الخطاب، بل ينبغي أن يتفاعل مع الاتّجاهات الأخرى، وهذا يرفع من قيمة الخطاب المسجديّ في رمضان، ويتفاعل إيجابا مع تطوّر المجتمعات البشريّة، والتّداخل المعرفيّ والثّقافيّ.

وأكد العبري على انه ينبغي أن لا يكون الخطاب الدّينيّ كلاسيكيّا لا يتعدّى إعادة ما ذكر في ظرفيّات لها ما يناسبها من خطاب، وإن كانت قيمته باقيّة في مطلقيّة البر والإحسان والتّعاون المجتمعيّ، ولكن ينبغي أن تكون مصاديقه وفق زمننا، لهذا حضور الجانب الاقتصاديّ والقانونيّ وتوعية النّاس بهما أصبح ضرورة اليوم، كما ينبغي أن يكون استثمار أعمال البر بما يتناسب في تدوير المال تدويرا استثماريّا، عن طريق الوقف، أو المساهمة في خلق وظائف تساهم في استمراريّة استقرار الأسر المحتاجة، وتتحول بذاتها إلى أسر منتجة، كذلك إحياء الإنسان اليوم بالمساهمة في تعليمه ورقيّه ثقافيّا وصحيّا أولى من إسراف الإنفاق في بناء المساجد وتزيينها، وهذا يحتاج إلى خلق وعي عن طريق الخطاب الدّينيّ، الّذي ينفتح على واقع العصر، ويتماشى معه.

تأثير القيم

من جانبها أكدت الدكتورة صابرة بنت سيف بن أحمد الحراصية متخصصة في علم النفس التربوي على أن شهر رمضان بروحانيته الخاصة، فتُقبل النفوس على العبادة، وتُضاعف الأعمال الصالحة، ويجد الخطاب الديني تأثيرًا أعمق في قلوب الناس. ومع دخول هذا الشهر المبارك، نلاحظ كثافة في حلق الذكر والمناشط الدينية والمسابقات القرآنية التي تُنظمها المؤسسات الدينية والجماعات المسجدية والتربويون والمجتمع بمختلف فئاته، إلى جانب الجهود التي يبذلها الدعاة والأئمة لتعزيز الوعي الديني واستثمار الأجواء الرمضانية في توجيه الناس نحو الخير. كما يبرز رمضان كفترة تزدهر فيها الأنشطة المجتمعية التي تُعزز قيم العطاء والتعاون، مثل المبادرات التطوعية لخدمة المحتاجين، وبرامج دعم الأسر المتعففة، والمشاريع الشبابية التي تهدف إلى نشر الوعي بالقيم الإسلامية بأساليب إبداعية، مما يعكس تزايد الإقبال على التفاعل المباشر مع الخطاب الديني والمجتمعي خلال هذه الفترة.

وأشارت الحراصية إلى انه في المقابل، يلاحظ أن الإقبال على حضور المحاضرات والدروس الدينية خارج رمضان يكون أقل مقارنةً بهذا الشهر الفضيل، وهو أمر طبيعي نظرًا لما يميز رمضان من أجواء إيمانية خاصة، حيث تتضاعف فيه الأجور، ويكون الناس أكثر حرصًا على استثمار وقتهم في العبادات والطاعات. ومع ذلك، فإن التغيرات التي طرأت على وسائل تلقي المعرفة، وتنوع أساليب الخطاب الديني، ساهمت أيضًا في تراجع الحضور في غير رمضان، مع بحث البعض عن بدائل تلائم إيقاع حياتهم المتسارع. فقد أتاح انتشار البرامج التلفزيونية، ومقاطع الفيديو القصيرة، والمدونات الصوتية (البودكاست)، ومنصات التواصل الاجتماعي للناس فرصة الوصول إلى المحتوى الديني في أي وقت ومن أي مكان، مما جعل البعض يفضلون هذه الوسائل المرنة على الحضور الفعلي للمحاضرات في المساجد. إلى جانب ذلك، فإن التجديد في أساليب الطرح الديني، ولجوء بعض الدعاة إلى استخدام لغة تحليلية أو فلسفية قد لا تكون قريبة من الجمهور العام، ساهم في إحداث فجوة بين بعض الأفراد والخطاب الديني التقليدي. وفي المقابل، هناك من يطرح القضايا الدينية بأسلوب بسيط جدًا لا يتناسب مع احتياجات المجتمع المتغيرة، أو يعيد تناول موضوعات قد لا تلامس الواقع الحالي ولا تعالج التحديات التي يواجهها الأفراد، مما يجعل بعض الفئات، خاصة الشباب، يشعرون بعدم ارتباط هذا الخطاب بقضاياهم اليومية. هذا التنوع في الأساليب، رغم أنه يعكس اجتهاد الدعاة في توصيل الرسالة الدينية، إلا أنه يؤكد الحاجة إلى خطاب ديني متوازن يجمع بين العمق والوضوح، وبين الأصالة ومواكبة العصر، بحيث يكون قريبًا من هموم الناس، ويعالج قضاياهم بأسلوب يجذبهم ولا ينفرهم.

وبينت الدكتورة الحراصية انه وسط هذه التحديات، يظل رمضان فرصة لإعادة التفاعل المباشر مع الخطاب الديني، حيث يكون الناس أكثر إقبالًا على التوجيه والاستماع إلى المواعظ، وأكثر انفتاحًا على القيم الإسلامية التي تتجلى بوضوح في هذا الشهر.

ولا تقتصر أجواء رمضان الروحانية على المسلمين فحسب، بل تمتد لتشمل غيرهم ممن يعيشون في المجتمعات الإسلامية، حيث يتفاعلون مع قيم الشهر الفضيل، ويشاركون في مظاهره الروحانية والاجتماعية، مثل موائد الإفطار الجماعية، وحضور الفعاليات الرمضانية، والتجمعات التي تعكس روح الشهر وقيمه. ومن خلال هذه التجربة المباشرة، يجد البعض فرصة للتعرف على الإسلام عن قرب، وهو ما يعزز فهمه الصحيح بعيدًا عن الصور النمطية، وقد يكون منطلقًا لطرح التساؤلات حوله بل واعتناقه لدى بعضهم.

وأكدت أن تأثير القيم يزداد حين يكون التسامح والتعايش جزءًا أصيلًا من الهُوية المجتمعية، كما هو الحال في سلطنة عمان، التي تُعد نموذجًا متفردًا في ترسيخ مبادئ الاحترام المتبادل والانفتاح الواعي على مختلف الثقافات والمذاهب. فعلى الرغم من أن التسامح والانفتاح نهج ثابت في السلطنة، إلا أن مظاهره تبرز بشكل أوضح خلال رمضان، حيث تتجلى روح التآخي في تعاملات الناس، ويتشارك الجميع أجواء الشهر الفضيل، مما يمنح غير المسلمين فرصة فريدة لمعايشة قيم الإسلام في صورتها الحقيقية. وتنعكس هذه القيم أيضًا في الخطاب الديني العماني، الذي يتميز بالوسطية والمرونة، بعيدًا عن الغلو أو التشدد، مما أسهم في تعزيز ثقافة الحوار ونشر روح الألفة بين أفراد المجتمع. ويظهر ذلك جليًا في المساجد والمجالس الدينية، حيث يتم تناول القضايا بأسلوب يعزز الأخلاق الفاضلة، ويحث على الرحمة والتعاون.

وأوضحت الحراصية أن الخطاب الديني له دور في تقويم السلوك إلى جانب دوره في تعزيز التكافل، خاصة في ظل التحديات التي يفرضها العصر الحديث وانتشار المغريات المتنوعة. فمع التطور التكنولوجي الهائل والانفتاح الثقافي عبر الإنترنت، أصبح الشباب معرضين لمؤثرات عديدة، قد تؤثر على أنماط تفكيرهم وسلوكياتهم. هنا يظهر أثر الخطاب الديني في ترسيخ القيم وضبط السلوكيات، حيث يساعد في توعية الأفراد بخطورة الانسياق وراء المؤثرات السلبية، ويوجههم إلى كيفية التفاعل الواعي مع مستجدات العصر دون التفريط في المبادئ الإسلامية. وتشير الدراسات في علم النفس والسلوك إلى أن الخطاب الديني الذي يعتمد على أسلوب الإقناع والحوار بدلاً من الخطاب الوعظي التقليدي، يكون أكثر فاعلية في التأثير على الأفراد وتحفيزهم نحو التغيير الإيجابي. فعندما يقدم الدين كمنهج حياة شامل، وليس مجرد قائمة أوامر ونواهٍ، يصبح أكثر جاذبية، خاصة لدى الشباب الذين يحتاجون إلى فهم أعمق لكيفية الموازنة بين التقدم الحضاري والثوابت الدينية.

وقالت إن كل هذه الجهود تؤكد أن الخطاب الديني المتزن، حين يُقدَّم بروح المحبة والرحمة، يكون أكثر تأثيرًا في القلوب، وأقدر على بناء مجتمع أكثر ترابطًا وانسجامًا، حيث تتجسد القيم الإسلامية في أفعال ملموسة تعود بالنفع على الجميع.

أساليب الخطاب

من جانبه قال حمد بن هلال الخصيبي: إن شهر رمضان يعد فرصة ذهبية لتعزيز قيم التسامح والتعاون بين أفراد المجتمع، حيث يكتسب الخطاب الديني أهمية خاصة في توجيه الناس نحو معاني الرحمة والإحسان والتكافل، فالخطب والمواعظ الدينية التي تُلقى في المساجد أو تُبث عبر وسائل الإعلام تسهم بشكل مباشر في ترسيخ القيم الإسلامية السمحة، وتعزيز روح المحبة والتعاون بين الناس.

وأكد الخصيبي أن الخطب الدينية خلال الشهر الفضيل ترسيخ مفهوم التسامح، وهو أحد المبادئ الأساسية في الإسلام، من خلال الدعوة إلى العفو والتجاوز عن الأخطاء، ونبذ الخلافات، وتقوية أواصر الأخوة بين الأفراد، كما يشجع الخطاب الديني على التعاون بين أفراد المجتمع، سواء من خلال العمل الخيري، أو تقديم العون للمحتاجين، أو حتى في أبسط صور التعاون داخل الأسرة والمحيط الاجتماعي.

وأشار إلى أن التكافل الاجتماعي من أبرز القيم التي يعززها الخطاب الديني في رمضان، حيث يُحث المسلمين على إخراج الزكاة والصدقات، والمشاركة في إفطار الصائمين، ودعم الأسر المحتاجة. وتعتبر هذه الأعمال تطبيقًا عمليًا لمبادئ التعاون والمساعدة، مما يسهم في تقوية التماسك المجتمعي وتقليل الفجوة بين الفئات المختلفة.

وأوضح الخصيبي أنه ينبغي تطوير الخطاب الديني ليكون أكثر قربًا من واقع الناس، من خلال استخدام أسلوب بسيط وسهل للفهم، والاستشهاد بقصص واقعية تُلهم الأفراد وتحثهم على التحلي بالقيم الإيجابية. كما يمكن توظيف وسائل الإعلام الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي لنشر الرسائل الدينية الداعية إلى التسامح والتعاون، مما يساعد في الوصول إلى شريحة أوسع من المجتمع.

تعزيز المحتوى

وقال سعيد بن عبدالله العزري متخصص في الإعلام والاتصال: إن الخطاب الديني في شهر رمضان يضفي روحانيّة تنسجم مع قدسيّة الشهر؛ حيث تتجلى فيه أسمى قيم الإيمان والتقوى، إلى جانب كونه فرصة لتعزيز أواصر التسامح والتعاون بين أفراد المجتمع، وتهذيب النفس من العادات السلبيّة، ليساهم الخطاب كأداة فاعلة في حث الهمم نحو ذلك؛ فتأثير الخطاب على الجمهور كبير وواضح على مداه الطويل بأي منصة اتصاليّة كانت (رقميّة أو تقليديّة) بما يحقق تأثيرًا في اتجاهات الجمهور إزاء قضايا محددة.

وأكد العزري أن ما تبثه وسائل الإعلام في سلطنة عُمان خلال شهر رمضان المبارك من خطاب ديني يساهم في تعزيز القيم نحو التكاتف بين أفراد المجتمع والتعاون، وهو أمرٌ محمود ويظهر من خلال ما تعرضه المنصات الإعلاميّة مسموعة أو مرئيّة أو مكتوبة للمبادرات القائمة في خدمة المجتمع وتعزيز روح التآلف بينهم، يقابله تفنيد موضوعيّ وشرعيّ لأحكام يواجهها المسلم والصائم على حد سواء، والجيد في خطابنا الديني أنه مواكب ومساير للتغيرات الفكريّة التي لا ينأى مجتمعنا العُماني عنها بنفسه في هذا العالم متعدد الثقافات.

موضحا أن ما يقدمه الإعلام العُماني من خطاب متزن ومتنوع خلال شهر رمضان له محلُّ الرضا، يقابله تطلعٌ بتكثيف المحتوى بأفكار مبدعة تقدم الرسائل والقيم الإيجابية بقالب يلامس مختلف شرائح الجمهور لتحقق تأثيرها الفاعل، لتستنبط تجارب وممارسات قدّمت على مستوى الوطن العربي في الإعلام وحقق نجاحُها تأثيرًا طويل الأمد.

مقالات مشابهة

  • سلطنة عمان تحذر من تداعيات التصعيد العسكري في اليمن على أمن المنطقة
  • سلطنة عمان تحذر من انعكاس التصعيد ضد اليمن على أمن المنطقة
  • الشباب والرياضة: بدء تفعيل تطبيقات مشروع الجينوم الرياضي لدعم المنتخبات الوطنية
  • موارد عمان يطلق أبحاثًا مبتكرة لاكتشاف النباتات الغذائية والعلاجية
  • «الشباب والرياضة بالقليوبية» تواصل حملات التوعية بمخاطر الإدمان والتعاطي
  • الخطاب الديني في سلطنة عمان.. تعزيز للتسامح والاعتدال والتقارب
  • تأثر أجواء سلطنة عمان بأخدود من منخفض جوي
  • محافظ الشرقية يُشيد بمجهودات مديرية الشباب والرياضة في تنفيذ مبادرة "يوم الخير"
  • الشباب والرياضة بالشرقية توزع الملابس والأحذية على الأسر الأكثر احتياجا
  • تأثر أجواء سلطنة عمان بأخدود من منخفض جوي .. عاجل