من يتابع «التريند» فى مصر يوميا، سيكتشف مدى الكارثة التى وصلنا إليها ومدى الخطر الذى يحيط بمستقبلنا.. فـ «تريند» كل يوم يفضحنا أمام أنفسنا.. يزيل عنا مساحيق التجميل فتبدو حقيقتنا التى نخفيها تحت جلدنا وملابسنا الملونة.. فمرة تجد التريند «بيومى فؤاد» ومرة تجده «عاشور» ومرة تجده «أبو سكسوكة» ومرة تجده «محمد صلاح» ومرة تجده «انتش وأجرى» ومرة تجده «سطلانا» ومرة تجده كلمات إباحية!.
وحقيقتنا التى يكشفها مثل هذه التريندات هى أننا مجتمع التفاهات والسطحية، مجتمع بلا قضية ولا حلم ولا أمل ولا هدف، مجتمع يفتقد البوصلة الحقيقية، فلا يعرف وجهته التى ينبغي أن يسير فيها، ولا يعرف إلى أين تأخذه الأيام، فهو كسفينة لاتعرف وجهتها ومثل تلك السفينة تكون كل الرياح غير مواتية لها، ومصيرها فى الغالب الغرق أو على أحسن الأحوال الدوران حول نفسها فتظل « محلك سر» لا تتقدم للأمام أبدا..
التريند يكشف أيضا أننا مجتمع يضيع عمره ويفرغ طاقته فى معارك وهمية، ويتصور وهو يخوضها أنه يناضل نضالا مقدسا فى ساحة الوطنية، فصرنا أشبه بـ « دون كيشوت» فى الرواية الشهيرة التى كتبها الأديب الأسبانى ميجيل دى سيرفانتيس سافيدر فى القرن السابع عشر، وهذا الـ(دون كيشوت) كان يحارب طواحين الهواء ويتصور أنه يحارب التنانيين، وينقذ البشر من شرورها!..
وظل هذا الفارس الوهمى يتصارع مع خرافات وأوهام حتى انتهى به الأمر إلى الموت دون أن يحقق شيئًا إلا وصف الناس له بالجنون.
والمجتمع المصرى يعيش حالة شبيهة بحالة «دون كيشوت» وتلك هى «مصيبتنا السودة» الحقيقية، فليس أخطر مشكلاتنا تراجع قيمة الجنيه، ولا الغلاء ولا الفقر، ولا ضعف الإنتاجية و قلة الصادرات، ولا كثرة الواردات، ولا الفساد، ولا الغش، ولا استغلال البعض لأزماتنا من أجل التربح وتحقيق ثروات طائلة من دم المصريين..
وليس أخطر أزماتنا التراجع الثقافى المخيف، ولا التدنى الأخلاقى المروع، والذى تبدو ملامحه فيما نشاهده يوميا فى الشارع المصرى، وفى علاقات الجيران وفى الجرائم الأسرية على وجه التحديد..
وليست أخطر أزماتنا تراجع أداء عدد غير قليل من المسئولين فى مختلف المواقع من الخفراء وحتى رئاسة الوزراء..
وليس أخطر أزماتنا انتشار ضباع الأعداء الذين يتربصون بمصر وشعبها من الشرق والجنوب والغرب والشمال أيضا..
وكل تلك المخاطر ليست هى أخطر مشكلاتنا لأنه يمكن التصدى لها ومواجهتها، ولكن الأخطر منها جميعا و«مصيبتنا السودة «إننا – كمجتمع» مش عارفين إحنا عاوزين إيه مش عارفين ما يجب علينا فعله اليوم ليكون «بكره أحلى من النهارده»..
نحن مجتمع يعيش يومه، ولا يرى حتى تحت قدميه، ولا يهتم بغده، وليس له حلم عام يسعى لتحقيقه ومثل هذه المجتمعات غدها ليس أفضل من يومها ولا أمسها!
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: كلمات مجدي سلامة التريند مصر محمد صلاح
إقرأ أيضاً:
خالد الجندي: التطرف يرتبط بالتربية وليس له علاقة بالفقر والجهل
قال الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن المشكلة الأساسية التي تؤدي إلى السلوك العنيف أو الفكر المتطرف لا تكمن في الفقر أو الجهل كما يعتقد البعض، بل في عوامل نفسية وتربوية عميقة.
وأضاف عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، خلال حلقة خاصة بعنوان "حوار الأجيال"، ببرنامج "لعلهم يفقهون"، المذاع على قناة "dmc"، اليوم الأربعاء: “قد يعتقد البعض أن الفقر أو الجهل هما السبب الرئيسيان وراء التطرف، ولكن الحقيقة أن هناك أشخاصًا أغنياء وأصحاب تعليم عالٍ ومع ذلك انحرفوا وأصبحوا متطرفين، وهذا يطرح تساؤلات مهمة حول الأسباب الحقيقية وراء ذلك”.
خالد الجندي: تربية الأجيال القادمة على حفظ القرآن أعظم هدية خالد الجندي: عودة الكتاتيب إحدى الحسنات الشاهدة على وزير الأوقافومن جانبه أشار أحد الشباب المشاركين فى الحوار، إلى أن الفهم الخاطئ للعقيدة وتربية الأجيال على أفكار متشددة يمكن أن تكون عوامل مساعدة، لافتا إلى أنه أحيانًا نجد شخصًا تربى في بيئة دينية متشددة، أو يتأثر بفكر منحرف من المحيطين به، ويبدأ في تطبيق مفاهيم دينية بطريقة مغلوطة، ما يدفعه إلى رفض المجتمع والولاء لفكر أو جهة غير وطنه.
وأوضح أن التطرف لا يرتبط فقط بتفسير ديني خاطئ، بل يشمل أيضًا خللًا في عملية التنشئة الاجتماعية، قائلا: "الآباء والأمهات قد لا يكونون مؤهلين بما فيه الكفاية للتعامل مع قضايا أولادهم النفسية والدينية، خاصة في ظل غياب الحوار المفتوح بين الأجيال، مما يساهم في نمو أفكار متطرفة لديهم، وبالتالى هناك دور الأسرة في التوجيه الصحيح للأبناء منذ الصغر".
فيما قالت إحدى الفتيات المشاركة فى الحوار: “هناك أيضًا خلل في فهم بعض المفاهيم الدينية، مثل التعصب للأشخاص أو للموروثات دون تحليل أو تفكير، بعض الناس يصبحون متعصبين لمشايخ أو أفكار معينة لمجرد تأثرهم بهم، وهذا التعصب يؤدي إلى تطرف في التفكير والسلوك”.
وأكدت أن الحل يكمن في التعليم الصحيح، وتوعية المجتمع بأهمية التفاهم والحوار، وتربية الأجيال على قيم الاعتدال والوسطية، وإذا تمكنا من بناء مجتمع واعٍ بأهمية الحوار والاعتدال، سنتمكن من تقليل جذور التطرف وتوجيه الشباب نحو الطريق الصحيح.
وفي حلقة سابقة، أكد الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، على أهمية التعاون في تربية النشء وتوجيه الجيل الجديد، مشيرًا إلى أن هذه مسؤولية تقع على عاتق الأسرة المسلمة والمجتمع ككل.
وقال: “إذا فكرنا في أعظم هدية يمكننا تقديمها للأسرة المصرية والمسلمة في هذه الحلقة، فهي تربية الأجيال القادمة وفقًا لتعاليم القرآن الكريم”.
وأوضح أن القرآن الكريم أفرد لسورة لقمان، التي تعد واحدة من أهم السور التي تتناول موضوع تربية الأبناء، مشيرا إلى أن لقمان لم يكن صاحب معجزات خارقة، بل كان رجلًا قام بتربية ولده، وهذه ميزة خصه الله بها وأشاد بها في القرآن الكريم.
وأضاف: "لقمان كان رجلًا ربى ولده، وهذه مسألة عظمى يجب أن نتأملها، لأنها تبرز دور الأب في تربية ابنه على الأخلاق والتوجيه الصحيح"، مشيرا إلى أن القصص القرآني مليء بالعبر والدروس التي تتعلق بدور الإنسان في الدعوة إلى الله، حيث نجد أن معظم الأنبياء كانوا يدعون قومهم إلى العبادة والتوحيد، لكن في حالة لقمان، كان يدعو ولده إلى الصراط المستقيم، وهذا درس هام لكل أب وأم في أهمية أن يكونوا أول من يدعو أبناءهم إلى الله.
كما أشار الشيخ الجندي إلى قوله تعالى: "وأنذر عشيرتك الأقربين"، مؤكداً على أن الأهل هم أولى الناس بهذه الدعوة، وهي دعوة تبدأ من الأسرة وتنتشر إلى المجتمع.