سلطت المنظمة الدولية لمناهضة التعذيب (OMCT) الضوء على رصدها لتفشي جرائم التعذيب في مصر، مشيرة إلى أن الحكومة المصرية لها تاريخ طويل في ممارسة التعذيب كأداة لقمع المعارضة السياسية، ما أدى إلى إجراء تحقيقين من قبل لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة في عامي 1996 و2017.

وذكرت المنظمة، في تقرير نشرته عبر موقعها الرسمي وترجمه "الخليج الجديد"، أن التحقيقين خلصا إلى أن أجهزة الأمن المصرية تمارس التعذيب بشكل منهجي، تماما كما خلص تقرير حديث مقدم إلى اللجنة من منظمة ريدريس وائتلاف من منظمات المجتمع المدني المصرية والدولية، بينها: المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، ولجنة الحقوقيين الدولية.

وأورد التقرير أن ممارسة السلطات المصرية للتعذيب "واسع النطاق ويرقى إلى مستوى الجريمة ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي، الذي تلتزم به مصر".

ويسلط التقرير الضوء على خطورة التعذيب في مصر باعتباره جريمة تتطلب أشد الإدانة والرد من المجتمع الدولي، ويدعو مصر إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان امتناع سلطاتها عن التعذيب، وإجراء الإصلاحات التي تشتد الحاجة إليها للقضاء على هذه الممارسة.

ووفقاً للمادة 7 من نظام معاهدة روما الأساسي، فإنه لكي يعتبر التعذيب جريمة ضد الإنسانية، يجب أن يكون "جزءاً من ممارسة واسعة النطاق أو منهجية موجهة ضد أي مجموعة من السكان المدنيين".

أنماط التعذيب

وباستخدام إطار مكافحة الإرهاب الفضفاض للغاية، تلجأ السلطات المصرية إلى التعذيب لاستهداف الأفراد بسبب نشاطهم السياسي أو نشاطهم في مجال حقوق الإنسان، الحقيقي أو المتصور، إذ يعد هذا النشاط، بالنسبة للسلطات، سياسيًا وغير مرحب به وتهديدًا للنظام الحاكم.

ويتبع التعذيب في مصر نمطًا يشمل الاعتقال التعسفي، وغالبًا ما يتبعه الحبس الانفرادي أو الاختفاء القسري، حيث يتعرض المعتقلون لضروب سوء المعاملة باستخدام مجموعة متنوعة من الأساليب.

وتوجه إلى المعتقلين تهم غامضة مرتبطة بالأمن القومي، وتتم محاكمتهم دون ضمانات الإجراءات القانونية الواجبة، وفي العديد من الحالات يتبع إسقاط التهم في نهاية المطاف قضايا جديدة وإعادة اعتقالات لمن سقطت الاتهام بحقهم، بحسب التقرير، مشيرا إلى أن أولئك الذين يتم إطلاق سراحهم يواجهون حظر السفر وقيود أخرى تهدف إلى مضايقتهم والحد من أنشطتهم.

ضحايا التعذيب

والقاسم المشترك بين المستهدفين بالتعذيب في مصر هو نشاطهم السياسي ضد النظام الحاكم، وعملهم في فضح انتهاكات حقوق الإنسان، ومعارضتهم لسياسات الحكومة والخطاب الرسمي. ومن بين الضحايا الذين تعرضوا للتعذيب محامون، وصحفيون، ومدونون، وأكاديميون، ومدافعون عن حقوق الإنسان، وحقوق المرأة، وقادة المعارضة.

ووفق التقرير، فإن الأجهزة المصرية المتورطة بشكل مباشر في ممارسة التعذيب تشمل: جهاز الأمن الوطني، والشرطة، ونيابة أمن الدولة العليا وبعض أذرع الأجهزة الأمنية، بما في ذلك المخابرات العسكرية والمخابرات العامة.

ويرتبط غياب القضاء المستقل في مصر بشكل مباشر بانتشار التعذيب، وفق التقرير، مشيرا إلى أن العادة جرت لدى الحكومة المصرية بمكافأة وكلاء النيابة والقضاة المتواطئين في ارتكاب التعذيب أو التغطية عليه، مع معاقبة أولئك الذين يسعون إلى الإصلاح.

اقرأ أيضاً

تحالف منظمات مصرية يستهجن تفشي التعذيب في السجون ويدعو للتحقيق بوفاة معتقل

ولم تثبت لجنة مناهضة التعذيب الطبيعة المنهجية والواسعة النطاق لممارسته ضد المدافعين عن حقوق الإنسان وغيرهم في مصر فحسب، بل يمكن استنتاجها من الاعتقالات التعسفية وغيرها من الانتهاكات ضد الأفراد المستهدفين.

وبحسب المفوضية المصرية للحقوق والحريات، تعرض 2653 شخصًا للاختفاء القسري في مصر بين عامي 2015 و2020، قبل عرضهم على النيابة.

ويرتبط هذا الرصد ارتباطًا وثيقًا بالتعذيب، لأن معظم أعمال التعذيب تحدث خلال هذه الفترة، عندما يُجرد المعتقل تمامًا من حماية القانون.

 وعلى هذا النحو، يتعرض معظم المختفين قسريًا لشكل أو أكثر من أشكال التعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة، بحسب التقرير، الذي نوه إلى أن السجون في مصر معروفة بالاكتظاظ وفي حالة سيئة، بما في ذلك حرمان المعتقلين من الرعاية الطبية.

وتوفي أكثر من 1100 معتقل في السجون المصرية بين عامي 2013 وأكتوبر/تشرين الأول 2022، مع تسجيل ما يقرب من 46 حالة وفاة في عام 2022 وحده بسبب الإهمال الطبي.

وفي أحدث ملاحظاتها الختامية، أعربت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة عن قلقها إزاء "تعرض المحتجزين لأسباب سياسية في كثير من الأحيان لظروف قاسية، بما في ذلك الحرمان المتعمد من الرعاية الصحية، وحرمان أفراد الأسرة والمحامين من الزيارات. وفرض فترات طويلة من الحبس الانفرادي".

 ورصدت اللجنة أن عديد الوفيات في أماكن الاحتجاز المصرية، مشيرة إلى زيادة أعدادها بسبب غياب تحقيقات مستقلة وشفافة.

سياسة دولة

وامتد التعذيب في مصر إلى ما هو أبعد من الحالات العشوائية والفردية ليتحول إلى سياسة فعلية للدولة، حيث تعمل الأجهزة الأمنية بشكل مقصود وروتيني "بقصد التعذيب"، بحسب التقرير، الذي نوه إلى أن الحكومة المصرية تستخدم "حالات الطوارئ" لخلق ثغرات والتحايل على الحقوق المعترف بها في الدستور المصري والقانون الدولي.

وتشكل ثقافة الإفلات من العقاب على جرائم التعذيب في مصر جزءاً لا يتجزأ من سياسة الدولة التي تسمح بارتكاب التعذيب دون خوف من العقوبة.

وغالبية الناجين من التعذيب لا يرفعون دعاوى محلية خوفاً من أن يؤدي الإبلاغ عن المزيد من الانتهاكات أو لأنهم يعتقدون أن العدالة غير ممكنة، وكثيراً ما يتم تجاهل ادعاءات الناجين الذين يقدمون تقاريرهم إلى النيابة العامة، ونادراً ما يتم التحقيق فيها.

وفي الحالات الاستثنائية التي تصل فيها ادعاءات الناجين بالتعرض للتعذيب إلى المحكمة، فإنهم يواجهون عملية قضائية بطيئة تؤدي في كثير من الأحيان، إلى الإفلات من العقاب، وفق التقرير.

إن العدد الكبير من الوثائق حول انتشار التعذيب في مصر، بما في ذلك القرارات الصادرة عن اللجنة الأفريقية وهيئات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة وتقارير منظمات المجتمع المدني وتقارير وسائل الإعلام، تثبت أن رؤساء مصر وقادتها العسكريين والمدنيين كانوا على علم، أو كان ينبغي أن يكونوا على علم، بممارسة التعذيب ضد المعتقلين المعارضين وغيرهم في مصر.

وتظهر الأدلة المتاحة على نطاق واسع، بحسب التقرير، أن المسؤولين المتورطين في التعذيب كانوا يتصرفون مع علمهم بأن هذه الأفعال تُرتكب كجزء من هجوم ضد المعارضين المدنيين، تعزيزاً لسياسة الدولة.

وإزاء ذلك، يصف تقرير لجنة مناهضة التعذيب ممارسات التعذيب في مصر بأنه "قد يرقى إلى مستوى جريمة ضد الإنسانية"، وهو ما تعتبره المنظمة الدولية لمناهضة التعذيب توصيفا مهما "لإجبار السلطات المصرية على تغيير سلوكها، وتعزيز عمليات المساءلة، سواء في إطار الولاية القضائية العالمية، أو فرض عقوبات حقوق الإنسان أو غيرها من التدابير التي يمكن أن تساعد في كسر دائرة الإفلات من العقاب والانتهاكات".

اقرأ أيضاً

بعد وفاة جديدة تحت التعذيب بمركز شرطة.. ذكريات خالد سعيد تعود لمصر

المصدر | المنظمة الدولية لمناهضة التعذيب/ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: مصر التعذيب الاعتقال الاختفاء القسري جريمة ضد الإنسانية التعذیب فی مصر حقوق الإنسان ضد الإنسانیة بما فی ذلک إلى أن

إقرأ أيضاً:

المنظمة الدولية للتربية تدعو الحكومات إلى الاستثمار في التعليم ودعم حقوق المعلمين -تفاصيل

كتب- أحمد الجندي:

وجَّه ماغوينا مالويكي، رئيس المنظمة الدولية للتربية -Education International ، تحيةً إلى الفلسطينيين الذين يواجهون الموت والدمار بكل شجاعة مدافعين عن أرضهم، خلال كلمته في المؤتمر الدولي السابع بعنوان "التعليم في مناطق الصراع.. التحديات والحلول.. البنية التعليمية في الدول العربية"، والذي تستضيفه نقابة المهن التعليمية المصرية، وسط حضور كبير من منظمات دولية مهتمة بالتعليم .

وقال مالويكي إنه جاء اليوم ممثلًا عن 33 مليون عضو ومنظمة دولية في التعليم، الذين هم أصحاب مهنة التدريس حول العالم، واثقًا من أن الجيل الحالي من المعلمين سوف يحمون مهنتهم الشريفة من كل التحديات.

وأضاف رئيس منظمة "الدولية للتربية": في ظل الصراعات والحروب؛ نؤكد ونطالب بالحق في التعليم، ولهذا وحَّدَ النقابيون جهودهم حول العالم، لدعوة الحكومات إلى الاستثمار في التعليم وضمان حقوق المعلمين، وأن عدم الثقة في المعلم هو عدم حكمة في اتخاذ القرار؛ لأن المعلم هو حامل مشاعل التنوير في كل العالم.

وأكد مالويكي، خلال كلمته في المؤتمر، أن توصيات الأمم المتحدة ساعدت أعضاء المنظمة العالمية للتربية في الحصول على حقوق التعليم في كثير من الدول، وزيادة رواتب المعلمين، مشيرًا إلى أن التحدي الأكبر هو الأزمات المناخية والحروب.. كلها تعطل المدارس وتتسبب في وقف تعليم الطلاب وتهدر حقوق المعلمين، ولذلك نعمل من خلال المنظمة الدولية للتربية على الحفاظ على حقوق التعلم للطالب والمعلم.

ووجَّه رئيس منظمة "الدولية للتربية" الشكرَ إلى خلف الزناتي نقيب المعلمين ورئيس اتحاد المعلمين العرب، على استضافة المؤتمر الدولي السابع بعنوان "التعليم في مناطق الصراع، التحديات والحلول، البنية التعليمية في الدول العربية"، على كرم الضيافة في استقبال كل الوفود المشاركة، والذي يعقد في مصر لأول مرة .

اقرأ أيضاً :

"التعليم" تعلن موعد امتحانات الثانوية العامة 2025.. والشهادة الإعدادية

"التعليم" تحدد مواعيد ورسوم الامتحانات للطلاب المصريين بالخارج 2025

موعد امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية "الدور الثاني" 2025

لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا

لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا

المنظمة الدولية للتربية المؤتمر الدولي التعليم في مناطق الصراع التعليم

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

الخبر التالى: بالأسماء.. نتيجة انتخابات أمناء اللجان الفرعية للجنة الوطنية للشباب والمناخ الخبر التالى: بالأسماء.. نتيجة انتخابات أمناء اللجان الفرعية للجنة الوطنية للشباب والمناخ الأخبار المتعلقة الرئيس السيسي: النمو السكاني يمنع تقديم خدمة جيدة في التعليم والصحة أخبار تحذير ونصائح وكشف الحقائق.. أبرز رسائل الرئيس السيسي خلال تفقده أكاديمية أخبار وكيل "الشيوخ" تدعو إلى تحديد ملامح مشروع وطني متكامل للتعليم أخبار

إعلان

إعلان

أخبار

المنظمة الدولية للتربية تدعو الحكومات إلى الاستثمار في التعليم ودعم حقوق المعلمين -تفاصيل

روابط سريعة

أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلاميات

عن مصراوي

اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصية

مواقعنا الأخرى

©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا

هل تثبت لجنة التسعير سعر البنزين باجتماع أبريل بعد تراجع النفط لأدنى مستوى منذ 2021؟ 27

القاهرة - مصر

27 14 الرطوبة: 17% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

مقالات مشابهة

  • سكاي لاين الدولية تدعو لمحاسبة مايكروسوفت لتورطها في حرب الإبادة
  • هلالي: الكيان الصهيوني لم يعترف بأي اتفاقيات دولية تحترم حقوق الإنسان
  • حقوق الإنسان تطالب بحماية المتظاهرين
  • حقوق الإنسان بالحديدة يدين استهداف العدوان الأمريكي للمناطق السكنية
  • قطاع حقوق الإنسان بذمار يدين استهداف العدوان الأمريكي مزرعة في عنس
  • خطاب: بناء منظومة تشريعية تستند إلي مبادئ حقوق الإنسان أمر جوهري
  • المنظمة الدولية للتربية تدعو الحكومات إلى الاستثمار في التعليم ودعم حقوق المعلمين -تفاصيل
  • المنظمة الدولية للتربية توجه التحية لمن يواجهون الموت بشجاعة في فلسطين
  • رئيس المنظمة الدولية للتربية يُشيد بصمود الشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان
  • مساعد وزير الخارجية يؤكد أهمية تضافر الجهود لتعزيز الأرضية المشتركة للقيم الإنسانية