أكذوبة الهدنات الإنسانية.. ما هو الحلّ للحد من معاناة غزة؟
تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT
نشر موقع "موندويس" الأمريكي، تقريرًا، قال فيه "إن الهدنات الإنسانية ووقف إطلاق النار في سياق النزاعات المسلحة، ليست كافية لحل النزاعات وإنهاء العنف".
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن "الهدنات الإنسانية، يتم استخدامها كذريعة للتطهير العرقي، إذ سمحت اتفاقيات وقف إطلاق النار السابقة في غزة لإسرائيل بتكثيف الحصار، إلى درجة لا تطاق، ولكن دون انتهاك وقف إطلاق النار".
وذكر الموقع أن صدى الدعوات لوقف إطلاق النار في غزة، يتردد أكثر فأكثر في جميع أنحاء الطيف السياسي؛ في المقابل، تبدو إسرائيل غير راغبة في الاستجابة لهذه المطالب، وبدلاً من ذلك تمنح "هدنة إنسانية" قصيرة لهجومها على غزة.
وأوضح الموقع أن اتفاق وقف إطلاق النار يشير، من الناحية القانونية، إلى وقف مؤقت أو دائم للصراع المسلح سواء كان ذلك مع أو بدون تطبيع العلاقات؛ وقد تسبق الهدنة الإنسانية وقف إطلاق النار، فعلى سبيل المثال، في إندونيسيا في سنة 2000، لم تتمكن الأطراف من الاتفاق على مصطلح "وقف إطلاق النار"، وبالتالي اتفقت على "هدنة إنسانية" من دون تسوية المسائل السياسية الرئيسية، ولم يدم هذا التوقف طويلًا فتعثرت عملية السلام لعدة سنوات.
وأوضح الموقع أن الفرق بين وقف إطلاق النار، والهدنة الإنسانية، هو فرق سياسي أكثر منه قانوني؛ حيث إنه في القانون الدولي للنزاعات المسلحة، يتم استخدامهما أحيانًا بالتبادل. مع أن الهدنة الإنسانية اليومية لمدة أربع ساعات، التي تمنحها إسرائيل قد تنقذ بعض أرواح المدنيين على المدى القصير، وهذا مهم، إلا أنه يجب ألا نغفل عن الكارثة الإنسانية التي يعاني منها سكان غزة.
وتابع التقرير نفسه، أنه "على الأقل منذ 2007، عندما انسحبت إسرائيل من القطاع، وسط محاولاتهم لتجريدها وحصارها. كما أنه في فترات التوقف لأسباب إنسانية قد تؤدي إلى تفاقم الكارثة؛ فنظرًا لوضعها القانوني الغامض من الممكن بسهولة إساءة استخدامها لتحقيق أهداف سياسية بغيضة، في حين تحافظ على واجهة من التعاطف".
وأضاف: "في غزة، هناك سبب للخوف من أن تؤدي "النوافذ الإنسانية" المتفق عليها إلى المزيد من التهجير القسري تحت تهديد السلاح"؛ فقد أشار الوزير في مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي والرئيس السابق لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي "الشاباك"، آفي ديختر، إلى ذلك، بالقول: "نكبة غزة 2023، هكذا ستنتهي".
وأورد الموقع أن "الممرات الإنسانية" ليست إنسانية كما تبدو، متسائلًا عما إذا كانت العملية العسكرية الحالية تهدف في المقام الأول إلى القضاء على حماس. ففي نهاية المطاف، حذّر الجيش الإسرائيلي نفسه من أنه "لا يوجد حل عسكري لقضية قطاع غزة حتى سنة 2021".
وشدد الموقع على أن الهدنة الإنسانية ليست كافية في أفضل الأحوال، وأن اتفاقيات وقف إطلاق النار تتضمن دائمًا تقريبًا شروطًا سياسية موضوعية، من بينها: إطلاق سراح السجناء المرتبطين بالنزاع، وحق عودة اللاجئين والنازحين، وأحكامًا لإعادة إنشاء إدارة على الإقليم، ثم إعادة تشكيل جيش وطني.
في أماكن أخرى، شملت الاتفاقيات التسريح ونزع السلاح. أبعد من ذلك، غالبًا ما تتضمن اتفاقيات وقف إطلاق النار بنودًا بشأن محاكمة مجرمي الحرب والمساعدة الإنسانية، بينما يفلت مصطلح "الهدنة الإنسانية" من هذه التعقيدات السياسية.
وأوضح الموقع أن الفكرة المعيارية لوقف إطلاق النار التي يتصورها القانون الدولي للصراع المسلح لا تتناسب بشكل جيد مع الواقع السياسي في دولة الاحتلال الإسرائيلي وفلسطين أيضًا، إذ تنص أحكام وقف إطلاق النار على الفصل المادي بين القوات. وهذا يثير التساؤل حول ما إذا كانت "الدولة المضيفة" توافق على الوجود العسكري الأجنبي.
من هي الدولة المضيفة حتى؟ فهل ينطبق الأمر نفسه في غزة والضفة الغربية حيث أن وضع الأخيرة كأرض محتلة تم الاتفاق عليه في اتفاقات أوسلو؟
وأضاف الموقع أن "هناك شرطا آخر لوقف إطلاق النار يتعلق بعودة الأسرى، بينما يقبع آلاف الفلسطينيين حاليًا رهن الاعتقال الإداري في السجون العسكرية للاحتلال الإسرائيلي. لكن هؤلاء الفلسطينيين لا يعتبرون، بالمعنى الدقيق للكلمة، أسرى حرب".
وتابع: "كما أن معظم الأسرى الإسرائيليين لا تحتجزهم حماس والجماعات الأخرى. وتتعلق القضية التالية بعودة اللاجئين، وهي نقطة يرغب الكثيرون في توسيع نطاقها إلى ما هو أبعد من حالة الحرب الحالية لتشمل العائلات الفلسطينية النازحة منذ سنة 1948. ويعتبر حق العودة السبب الجذري للمظالم الفلسطينية ولا يمكن التهرب منه، على الرغم من أنه ليس محل توافق مع القومية الصهيونية".
إلى ذلك، أكد الموقع، أن "أي ترتيب محتمل لوقف إطلاق النار، لا يوفر من حيث اللغة أو القانون، اعترافًا بالقمع العنيف البطيء الذي ترتكبه دولة الاحتلال الإسرائيلي. وهذه الأشكال من العنف لا يغطيها تقليديًا نموذج وقف إطلاق النار، الذي ينطبق عادة على الصراعات بين القوات العسكرية المتكافئة نسبيًا".
وفي السياق نفسه، شدد الموقع على ضرورة أن تكون الأدوات القانونية المصممة لتنظيم الصراع المسلح التقليدي مصممة بما يتناسب مع سياق غزة، ذلك أن أي وقف لإطلاق النار مثل تلك التي شاهدناها على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، لن يكون كافيًا، نتيجة استخدام إسرائيل الدائم لموقعها المهيمن من أجل ضبط الأمور إلى درجة لا تطاق، ولكن أقل بقليل من حاجز انتهاك وقف إطلاق النار.
وأردف: "هذا قد يدفع حماس إلى خرق وقف إطلاق النار، وهو ما من شأنه أن يؤدي بدوره إلى هجوم آخر، وما إلى ذلك. وقد يقودنا الاستعجال إلى دعم أي اتفاق يريح السكان المدنيين من معاناتهم. ولكن يجب علينا أيضًا أن نبقي الصورة الأوسع في الأفق وأن ندفع نحو وقف إطلاق النار الذي يشكل خطوة فعلية نحو حل سياسي مقبول".
وأشار الموقع إلى أن "الكارثة الإنسانية التي تتكشف في غزة تأتي على خلفية عقود عديدة من الممارسات القمعية المنهجية والعنيفة، والصراعات العميقة داخل كل من المجتمعين الفلسطيني والإسرائيلي، وطبقات من الندوب المتقيحة الناجمة عن الفظائع التي ارتكبتها جميع الأطراف، ووحدها اتفاقية وقف إطلاق النار الطموحة سياسيًا والدائمة التي يفرضها طرف ثالث مع مسار نحو نزع السلاح الكامل لجميع الفصائل قادرة على تحقيق فرصة مهما كانت صغيرة، لإقامة سلام دائم".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة غزة الفلسطينيين فلسطين غزة طوفان الاقصي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الهدنة الإنسانیة لوقف إطلاق النار وقف إطلاق النار إطلاق النار ا الموقع أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
ما حقيقة موقف حزب الله من مفاوضات وقف إطلاق النار؟!
منذ بدأ الحديث عن مفاوضات "جدية" لوقف إطلاق النار في لبنان، برعاية الوسيط الأميركي آموس هوكستين، ثمّة سؤال أساسي يُطرَح عن الموقف الفعلي والحقيقي لـ"حزب الله" من الاتفاق، حتى لو صحّ أنّ الحزب سبق أن "فوّض" رئيس مجلس النواب نبيه بري، أو "الأخ الأكبر" بإدارة التفاوض، معلنًا القبول بما يقبل به الأخير، استكمالاً للنهج الذي كان قد أرساه الأمين العام السابق للحزب السيد الشهيد حسن نصر الله.ولعلّ الشكوك المثارة حول موقف الحزب، تجد ما تنطلق منه من التسريبات التي صوّرت الاتفاق على أنه يشكّل "تراجعًا" للحزب على أكثر من مستوى، ولا سيما بتخلّيه عن الكثير من الثوابت التي كان نصرالله قد أرساها، وكرّرها الأمين العام الجديد الشيخ نعيم قاسم، بدءًا من "الربط المطلق" بين جبهتي غزة ولبنان، وصولاً إلى رفض النقاش بأيّ تفصيل قبل وقف إطلاق النار، خلافًا لمبدأ "التفاوض بالنار" الذي كرّسته إسرائيل في نهاية المطاف.
وعلى الرغم من أنّ الشيخ قاسم في كلمته التي جاءت متزامنة مع جولة المفاوضات، رفض الدخول في التفاصيل، إلا أنّه كان لافتًا حرصه على "توضيح" هاتين النقطتين بالتحديد، قبل تحديد "سقف" التفاوض بثابتتين هما وقف الحرب بشكل كامل وحفظ السيادة اللبنانية، فهل هذا يعني أنّ "حزب الله" يوافق على التسوية المطروحة، وبالتالي أنّ موقفه إيجابي منها، وأنّه جاهز لوقف إطلاق النار، متى أعلنت إسرائيل سيرها به؟!
موقف الحزب من وقف النار
بعيدًا عن "الجدل" المثار حول موقف "حزب الله" من التسوية، يؤكد العارفون بأدبيّات الحزب أنّ الأخير أبدى "كامل الانفتاح" على مفاوضات وقف إطلاق النار منذ ما قبل اغتيال أمينه العام السابق السيد حسن نصر الله، بدليل الواقعة التي أصبحت معروفة لدى الجميع بأنّ الأخير كان قد أبلغ المفاوضين موافقته على وقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701، قبل أن يتبيّن أنّ إسرائيل حينها كانت تخدع العالم بأسره، لتقترف جريمتها باغتيال السيد نصر الله.
وحتى بعد اغتيال السيد نصر الله، وانتخاب الشيخ نعيم قاسم أمينًا عامًا للحزب خلفًا له، حرص الحزب أكثر من مرّة على تأكيد انفتاحه على مفاوضات وقف إطلاق النار، وهو ما أكّده الشيخ قاسم في أكثر من مناسبة، حين كان يحرص على التأكيد أنّ الحزب منفتح على أيّ اتفاق إذا كان يلبّي تطلعاته، ولكنه لن "يستجدي" مثل هذا الاتفاق، تحت أيّ ظرف من الظروف، وهو ما ثبّته بتأكيد جاهزيته لكل السيناريوهات، بما في ذلك "حرب استنزاف طويلة".
وإذا كان صحيحًا أنّ الاتفاق قد يناقض في مكانٍ ما، الثوابت التي كان الحزب يكرّرها، وأهمّها أنّ وقف إطلاق النار لن يحصل قبل إنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، بل أنّ أيّ نقاش بهذا المعنى مؤجّل لما بعد انتهاء الحرب، فإنّ العارفين بأدبيّات الحزب يشدّدون على أنّ هذه الثابتة كانت قائمة في "زمن" جبهة الإسناد، إلا أنّ الحزب سبق أن أعلن أنّ "حرب الإسناد" تحوّلت إلى "التصدّي للعدوان"، ما يعني أنّ العناوين والظروف اختلفت أيضًا.
ما يرفضه "حزب الله"..
بهذا المعنى، لا يعتبر "حزب الله" التوصل إلى اتفاق من حيث المبدأ، "تراجعًا أو هزيمة"، فما كان يسري في السابق على "جبهة الإسناد" لم يعد ساريًا اليوم، بما في ذلك حتى الحديث عن "التفاوض بالنار" الذي كان الحزب يرفضه سابقًا، لكنه اليوم يمضي به، ولكن بالاتجاهَين، كما أوضح الشيخ قاسم في كلمته الأخيرة، حين قال إنّ الحزب يفاوض اليوم بشأن التسوية، "وإسرائيل تحت النار"، بمعنى أنّ عملياته مستمرّة، ولم تتأثّر بالمفاوضات القائمة.
لا يعني ما تقدّم أنّ "حزب الله" يقبل بأيّ اتفاق وبأيّ تسوية، فسقف الاتفاق واضح، وقد اختصره الشيخ قاسم أيضًا ببندين أساسيّين هما حفظ السيادة اللبنانية ووقف الحرب بشكل كامل، وهما يحملان الكثير من الدلالات، إذ يتضمّنان "البوصلة" التي يسير الحزب بموجبها، وفي صلبها رفض كلّ ما يُثار من اجتهادات حول احتفاظ إسرائيل بـ"حرية الحركة" في الداخل اللبناني بعد الاتفاق، أو ربما "استنساخ" النموذج الجاري في سوريا بشكل أو بآخر لبنانيًا.
تحت هذا السقف فقط، يصبح الاتفاق مقبولاً، بحسب ما يقول العارفون بأدبيّات "حزب الله"، الذين يؤكدون وجود تناغم كامل بهذا المعنى بينه وبين المفاوض اللبناني الرسمي، ممثلاً برئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي، علمًا أنّ الأساس يبقى في الموقف الإسرائيلي برأي هؤلاء، فالأخير هو الذي اعتاد التنصّل من الاتفاقات، أو حتى الانقلاب عليها، وما جرى في مفاوضات من غزة، مرارًا وتكرارًا، خير دليل على ذلك.
الكرة في ملعب إسرائيل، لا "حزب الله"، يقول العارفون ردًا على محاولات "التشكيك" بموقف الأخير من المفاوضات. على العكس، يقول هؤلاء إن الخطاب الأخير للأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، يمكن أن يُفهَم بوصفه "تهيئة للجمهور" لمثل هذا الاتفاق، خصوصًا بحديثه عن "مفهوم الانتصار"، المرتبط بالأهداف المُعلَنة من الحرب، منعًا لأيّ تأويلات أو استفسارات أو استنتاجات قد تأخذ منحى آخر ومختلفًا... المصدر: خاص لبنان 24