جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-18@20:54:50 GMT

"طوفان الأقصى" بين البداية والنهاية

تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT

'طوفان الأقصى' بين البداية والنهاية

 

سعيد بن أسلم الشحري

 

الحق أنني كنت رهينًا لوطأة ما حدث ويحدث الى هذه اللحظة في غزة؛ فالحيرة لم تكن حيرتي فحسب؛ بل تقاسمتها مع كل مواطن عربي مسلم شاهد ما يدور في غزة واحاديث سارت بها الركبان، فلقد اخذنا هول ما حدث عن تفسير احداثه وملابساته وإن كانت جرائم الكيان الصهيوني وسيناريوهاتها المتكررة جعلت المقدمات أصدق صورة للنهايات.

لكننا ترفض في كثير من الأحيان ما وراء الاحداث ليس تكذيبا، بل خيبة الامل كانت اشد قسوة فيمن تخلى عن سيادة قراراته خوفا من تبعات ممارسة مسؤولياته على الارض.

لا شك أن أحداث غزة الحالية ليست طلاسما تحتاج إلى تفسير أو أزمة سياسية تفاقمت فنتج عنها صدام عسكري واستحال على الناس معرفة ما كان وما ينبغي أن يكون؛ بل نحن امام اعدل قضية إنسانية عرفها العصر الحديث، قضية كانت ضحية قوة امبريالية ملكت المال والقوة وعاثت بملامح الجغرافيا والتاريخ فأعطت من لا يملك لمن لا يستحق؛ بل قل إن شئت من شعب يملك 96% من أرضه قبل نكبة 1948 لحاله الآن وهو لا تتعدى ملكيته 12% من فلسطين التاريخية، شعب تكالبت عليه حثالة العالم وراء الحركة الصهيونية بحثا عن وطن بديل، فأخذ نصيبه من المجازر والتهجير القسري وافراغ مطالبه من قضية تبحث عن عدالة وضمير العالم الحر الى شعب يعيش بين سندان الاحتلال وتوسعه ومطرقة القوى الغربية وأمريكا التي زرعت هذا الكيان لخدمة مصالحها الجيوسياسية.

هل كانت عملية طوفان الأقصى صرخة في وجه الاحتلال ليفيق من غطرسته فحسب أم رسالة لدعاة السلام الذي لا يعيش إلا في كنف القوة؛ فالاحتياج في السياسة يجب أن يكون متوازنًا بين طرفين الأول يمتلك شريعة الأرض والتاريخ ومحكوم عليه أن يواجه مصيرا مجهولا من الحصار والدم أو أن يذعن لاحتلال طلباته لا تعرف الحدود فالفجوة قائمة بين حاضر مرتبك خيارات الصراع فيه أقرب من فرص السلام وبين غد تضع ملامحه وخطوطه وحركته قوة تقودها عقيدتها الدينية.

ففي سفر التكوين نذكر ملمحا على كيف يأتمر قادة إسرائيل أحيانا لمرجعيتهم الدينية المحرفة لتحقيق مكاسب تاريخية واقتصادية حتى لوكان ذلك مبنيا على الاعتداء على كيانات سياسية قائمة وخرائط حدود لا يعترفون بها "في ذلك اليوم قطع الرب مع إبراهيم ميثاقا قائلا: لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر الى النهر الكبير وهو الفرات". إنهم يتكلمون ولم يكفوا حتى اللحظة عن الكلام عن حدود إسرائيل الكبرى وهي تلتهم عطفا على النص الذي سبق ذكره الضفة الغربية وقطاع غزة وكل الأراضي المحتلة عام 1948 ومرتفعات الجولان .

إنها ليست أسطورة من نسج الخيال فتُرفض؛ بل لبست ثوبا من القداسة الذي يصم آذانه عن كل تأويل سياسي وحوارات تقال في أروقة المحللين فشتان بين أخلاق الصراحة وعقيدة المساومة.

لقد كانت الكثير من وجهات نظر الكتاب والمطلعين على الصراع العربي الإسرائيلي عينها على وقائع احداث تقوم مخلفة شهداء ومجازر وهدم للبنية التحتية وهو مهم أن نكشف مما يحدث وحشية هذا الكيان المحتل ونسوا أن يطلوا مضطرين على التاريخ لأن منطلق السياسة دائما هي الجغرافيا وخلفيتها التاريخ ويظل المستقبل مرهونا بصدق النوايا ومدى القدرة على إصلاح البيت من الداخل وإيجاد مناخ لغد مشرق ودافعا لمزيد من الاستيطان والتوسع لاسيما ومعاهدات التطبيع التي نصبت نفسها كحمامة سلام وصوت للحكمة بدلا من دماء المقاومة والدفاع عن الأرض والعرض لم تستطع أن تمارس دورا مؤثرا بوقف الغارات أو قل إن شئت تقنع الشارع العربي بأن التطبيع الأحادي هو الخيار الأمثل لصناعة سلاما شاملا بين قوة غاشمة مدججة بالسلاح، والدعم الغربي غير المشروط وشعب أعزل تقتل أجياله وطفولته ومطلوب منه مع هذا وذاك أن يتلقى الصفعات دون مقاومة ويقدم القرابين لترضى عنه إسرائيل ويسوق الخطى مهما كان الطريق وعرا لمفاوضات سلام كاذبة تخدر العقول بأن الوعد قريبا أو أوشك على الظهور، بل لعله كالبيت المهجور ندخله طائعين ولا نلبث مغادرته خائفين.

 أود أن أضع بين أيديكم تصورات لعلها تَقرأ ولو جزئيا ما يدور في الأفق الذي تلبدت سماؤه بسحب عابرة أحيانا وعواصف ممطرة في أحيان أخرى لكنها لم ترو هضابها الجدباء، أولى هذه التصورات ستظل منطقة الشرق الأوسط طوال الوقت ملتهبة ومشحونة بالتوتر ومسكونة بالشكوك ومعرضة في أي لحظة للمفاجآت مالم يكن هناك سلاما عادلا وشاملا وهو ما يقودنا إلى صناعة مستقبل يفتح الأبواب ويزيل التناقضات وإلا هو الاعتراف بالعجز والتخبط طويلا في الظلام.

يأتي طوفان الأقصى والأمة منقسمة فكريا بين تيارات ذات مرجعيات متباينة تتلقفها أجندة دولية وظفت الداخل قبل أي تدخل خارجي لتنفيذ مخططات التقسيم وإذكاء الصراع بين المكونات الاجتماعية للدول واتساع الفجوة بين الشعب والسلطة لتمرير أوهام الديمقراطية وحقوق الإنسان، بل كان هناك من يرضيه ذلك الانقسام والعذر الذي استسلم للمقادير، فعندما تكون مصائر الأمم والشعوب في مهب الريح كانت المسؤولية عامة وإلا مقولة المصير المشترك تصبح عبثا لا قيمة لها وسترفضها جماهير الأمة لأن شرعية وجودها باتت محل شك.

التباين الذي وصل لحد الخلاف على لعب دور القيادة ومناطق التأثير عربيا، حتى لو أدى ذلك لتنازلات مؤلمة من الصعوبة تدارك نتائجها على المدى الطويل، بل إدارة الصراع في هذا الملف يزداد تعقيدا لأن القناعات اختلفت والقضايا القومية لم تعد تمثل طموحات الأمة.

المكاسب العسكرية التي حققتها المقاومة أوجعت كبرياء الجيش الذي لا يهزم والدولة التي كما يقول الكاتب الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل فريدة لأنها لا تتحمل هزيمة واحدة فالهزيمة بالنسبة لها انتهاء المشروع فمتى ما نزع عنها مهابة القوة والقدرة على الردع وإخافة من حولها فذلك تلويح بانتهاء الدولة، حتى لو بقي لها تواجد دون التأثير الذي كانت تلعبه في محيطها.

خيبة الأمل وفقدان مصداقية المنظمات الدولية عن بسط نفوذها على الأرض وحماية المدنيين وإلزام إسرائيل باحترام القانون الدولي الذي ظلت دائما لا تعترف بشرعيته عندما يخالف مصالحها، بل هو عالم ظل يتفرج طويلا وكأنها حلبة مصارعة ننتظر لنرى المنتصر وهو يستعرض عضلاته وتفيض دموع التماسيح متعاطفة مع الطرف المغلوب ومهما يكن من أمر لقد رأينا قوى متنفذة لا تخمد النار المشتعلة، ولكنها زادت النار اشتعالا وكأن آلة القتل يراد لها أن تستمر دون أن تحسم المعركة بين الطرفين غير المتكافئين.

لم يعد الصمت قادرا على كتمان ما يحدث، فهل نشهد تحولا جذريا بعد عملية طوفان الأقصى على مسيرة القضية الفلسطينية وتضع الحرب أوزارها أم تستمر مسيرة النار والدم حتى تعود الحقوق إلى أصحابها؟

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

نتنياهو عن استئناف حرب غزة: ليس إلا البداية

سرايا - أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الهجوم الذي نفذه الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة "ليس إلا البداية".

وقال نتنياهو في تصريح رسمي مساء اليوم ، أنّه "سنواصل الحرب حتى تحرير جميع المختطفين، والقضاء على حماس، وضمان ألا تشكل غزة تهديدا لإسرائيل.. ما حدث هناك ليس إلا البداية."

وفي إشارة إلى استمرار العمليات العسكرية، شدد نتنياهو على أن "لا شيء سيمنع إسرائيل من تحقيق أهدافها في الحرب على غزة"، مؤكدًا أن القوات الإسرائيلية "حققت إنجازات تاريخية" وتعمل على "إعادة تشكيل الشرق الأوسط".

كما أضاف أن الضغط العسكري يعد شرطًا أساسيًا للإفراج عن المختطفين، في إشارة إلى الإسرائيليين المحتجزين لدى الفصائل الفلسطينية في غزة.

وفي ختام تصريحاته، دعا نتنياهو المواطنين الإسرائيليين إلى الالتزام بتعليمات الجبهة الداخلية، في ظل استمرار التصعيد العسكري والتوترات الأمنية في المنطقة.

يأتي ذلك في وقت تواصل فيه إسرائيل هجماتها المكثفة على غزة، وسط تحذيرات دولية من تفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع.





تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا


طباعة المشاهدات: 1147  
1 - ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. 18-03-2025 11:31 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
رد على :
الرد على تعليق
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
اضافة
مأساة وفاة طبيبين مخطوبين تقلب (التواصل) في مصر لدفتر عزاء امرأة صينية تستنسخ كلبها الميت ب 22 ألف دولار وفاة العالم والمحدث المصري أبو إسحاق الحويني ماسك يكشف أذكى شخص قابله في حياته .. من هو يا ترى؟ بالفيديو .. عطوة اعتراف بإثارة فتنة في رواق... بالأسماء .. ضربات (إسرائيلية) تغتال قيادات في حماس مجلس النواب يعتذر لموقع سرايا وللزميل الخالدي بسبب... الاحتلال يعلن رسميا انتهاء الهدنة ويتوعد حماس... مستشار قانوني يحذر الأردنيين من جرم "كتم... بعد إقالة رئيس الشاباك .. توقعات باندلاع حرب...ترامب يكشف تفاصيل اتفاقه مع بوتينحماس: لم نرفض المقترح الأمريكي والاحتلال يريد إفشال...بالفيديو .. قصف إسرائيلي على ريف حمص في سورياإدانات بمجلس الأمن لخرق الاحتلال وقف إطلاق النارنيويورك تايمز: نتنياهو يعيد إشعال الحرب ضد غزة لفرض...نتنياهو: لا شيء سيمنعنا من تحقيق أهدافنا في الحربالرئاسة الفلسطينية: ندين تصرفات حماس غير المسؤولة تفاصيل المكالمة الحاسمة بين بوتين و ترامب لإنهاء... مهيرة عبد العزيز تزيل شعر وجه طفلتها بالليزر (فيديو) "جمال سليمان لا يريد رفع العقوبات" ..... بعد غيابها عن الموسم الرمضاني .. نادين نسيب نجيم... خطوة مفاجئة .. حلا شيحة تعود للحجاب وتحذف كل صورها لن يستمر حتى نهاية رمضان .. مفاجأة حول موعد انتهاء... إنتر ميامي يكشف عن طبيعة إصابة ميسي ما حقيقة تراجع الهلال عن ضم صلاح؟ كورتوا: المدرب لم يحترمني بسبب صلاح .. هجوم على إدارة ليفربول المنتخب الوطني يكثف تحضيراته لمواجهة فلسطين وكوريا مأساة وفاة طبيبين مخطوبين تقلب (التواصل) في مصر لدفتر عزاء امرأة صينية تستنسخ كلبها الميت ب 22 ألف دولار وفاة العالم والمحدث المصري أبو إسحاق الحويني ماسك يكشف أذكى شخص قابله في حياته .. من هو يا ترى؟ قتلها وسرق أموال الفقراء .. سقوط قاتل سيدة "شنط رمضان" في مصر فيديو دهس فتاة لأب ونجله بمول شهير .. يثير غضب المصريين فاجعة في الرياضة العالمية .. حياة مصارع تنتهي على الحلبة رعب في القطب الجنوبي .. عالم يهدد زميله بالقتل في قاعدة معزولة! موظف أمريكي يحاول تهريب مخطط مفاعل نووي إلى كوريا الجنوبية قرد ذكي يعقد صفقة مثيرة .. يعيد هاتف سامسونغ مقابل عبوة مانغو!

الصفحة الرئيسية الأردن اليوم أخبار سياسية أخبار رياضية أخبار فنية شكاوى وفيات الاردن مناسبات أريد حلا لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر(وكالة سرايا الإخبارية) saraynews.com
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...

مقالات مشابهة

  • نتنياهو عن استئناف حرب غزة: ليس إلا البداية
  • نتنياهو: ما حدث في غزة ليس إلا البداية وسنواصل الحرب
  • عاجل | نتنياهو: ما حدث في غزة ليس إلا البداية
  • حميدتي: النفس والقرين.. البداية والنهاية
  • تعرف على القيادات الحكومية التي اغتالتها إسرائيل بعد استئناف العدوان على غزة
  • رئيس الوزراء: الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة هي حرب على الإنسانية
  • أكرم حسني: الجوع بيخلي معتز التوني يتعصب.. والنهاية دايمًا فتة وحواوشي
  • زلزال طوفان الأقصى يواصل الإطاحة بكبار قادة الاحتلال
  • رئيس الشاباك يكشف أسباب إقالته وعلاقة طوفان الأقصى بالقرار
  • هاليفي: حماس نجحت في خداع إسرائيل قبل عملية طوفان الأقصى