جريدة الرؤية العمانية:
2024-09-16@09:26:14 GMT

طوفان الأقصى كشف المنافقين

تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT

طوفان الأقصى كشف المنافقين

 

حمد الحضرمي **

 

إن النفاق الأكبر هو أن يظهر الإنسان الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ويبطن ما يناقض ذلك كله أو بعضه، وهذا هو النفاق الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزل القرآن بذم أهله وتكفيرهم، قال تعالى "إن المنافقين في الدركِ الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرًا" (النساء: 145).

أما النفاق الأصغر هو نفاق العمل، وهو أن يظهر الإنسان أمرًا ما علانية ويبطن ما يخالف علانيته. وفي زمننا الحاضر كثر المنافقين وكثر أتباعهم، وتعددت أساليبهم وخططهم، وتظاهروا بالصلاح، وقلوبهم كلها خيانة وكذب وغدر، لأن المنافق مريض القلب يفرح إذا أصاب المسلمين ضر، ويحزن إذا انتصروا، ويتربص بهم الدوائر.

وقد أظهرت عملية طوفان الأقصى المنافقين على حقيقتهم وكشفت اقنعتهم، لأن الشدائد والمحن هي التي تظهر المنافق على حقيقته، وسيظل المنافقون في كل زمان ومكان إخوة للكافرين والمشركين يشدون أزر بعضهم البعض. فالنفاق من الأمراض الخطيرة التي يصاب بها الأفراد والمجتمعات، وتبدو خطورته حينما نلاحظ آثاره المدمرة على حياة الناس، لأنهم يقومون بعمليات الهدم من الداخل، ويحسبهم الآخرين بأنهم صالحين، وهم شياطين الإنس، يكذبون ويجحدون الحق، ويحبون المنافع ويطمعون فيها، فهم معول هدم وخراب في حياة الأفراد والمجتمعات، ولا بد من الابتعاد عنهم وتجنبهم.

إن المنافق لديه صفات تكشفه على حقيقته، فهو ناعم بكلماته، خبيث في نياته، يتحرك بين الناس بالرياء والأنانية، تراه ملاكًا في مظهره الخارجي، وهو شيطان في تفكيره الداخلي، يلقاك بوجه مبتسم، وفي قلبه كرهًا وحقدًا وحسدًا ليس له مثيل، لأنه من حزب الشيطان، قال تعالى "أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون" (المجادلة: 19)، فترى المنافق يغمز ويلمز إذا تحدث عن الناس، ويمشي بينهم بالنميمة، كثير الكلام، في لسانه إذاعة وجريدة، ويرتدي أقنعة كثيرة ليتعامل مع الناس بها.

إن المنافق حياته كلها خداع ومكر وأذية ولؤم وجحود، وتطاول على كرامات الآخرين، وقد اعتاد على الكذب، ولا يحفظ عهدًا، ولا يعرف للوفاء قيمة، ولا يعرف للمروءة معنى، ضرره خطير وشخصيته خادعة، لا يعرف الناس معدنه، ولا نفعه من ضرره، لأنه يستخدم كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة لتحقيق مصالحه، ويتجاوز كل المبادئ والقيم والأخلاق التي تقف في طريقه، لتحقيق مبتغاه ومراده. وتأتي الشدائد والمحن في لمح البصر، فتكشف معادن الناس وسياسات الدول، وتظهر لك الحقائق، وتعرف الصديق من العدو، والعادل من الظالم، والأمين من الخائن، والشجاع من الجبان، والقريب من البعيد، والصادق من الكاذب، والمخلص من المخادع، والمناصر من الخذلان، كل هؤلاء وغيرهم تكشفهم المحن والشدائد. 

إن الواقع المرير الذي يعيشه إخواننا وأهلنا في غزة وفلسطين من الصعب السكوت عنه لأنهم منا وفينا ونحن أمة واحدة، والشهامة والكرامة والمروءة والنخوة العربية والإسلامية تلزم كل شخص منا التحرك بما يستطيع، وعن نفسي أحاول بمقالاتي الكتابة بلسان حال الأمة، والتعبير عن ما تكنه ضمائرهم وسرائرهم، لأن الحزن والألم قد بلغ مداه. ولكن رغم كل الصعوبات والشدائد التي يعيشها أهلنا في غزة وفلسطين، يبقى الأمل والرجاء بالله كبير، ونصره على الكفار ليس بعزيز ونراه قريب، فعليكم بالصبر يا إخوة الإيمان والعقيدة، امتثالًا  لقول الله تعالى "يا أيها الذين آمنوا أصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون" (آل عمران: 200) فاصبروا على ما أنتم عليه الآن من الكروب والحروب، لأن جزاء الصابرين كبير، قال تعالى "إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب" (الزمر: 10) ونرجو من الله أن يكون الفرج والنصر قريب لإخواننا وأهلنا المرابطين المجاهدين الأحرار في غزة وفلسطين.

لن يستطيع الإنسان صاحب الضمير الحي السكوت، وهو يرى اليهود الصهاينة منذ أكثر من شهر يرتكبون جرائم حرب إبادة جماعية بشعة في حرب شعواء بحق إخواننا وأهلنا في غزة، دون احترام للمبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني، المتضمن التمييز بين المدنيين والمقاتلين، وحظر مهاجمة العاجزين عن القتال، والذين لا يشاركون مباشرة في الأعمال العدائية، وحظر التسبب في معاناة لا داعي لها، وهذا القانون الدولي الإنساني ملزم لجميع أطراف النزاع المسلح، ولكن الجنود الصهاينة لا قيم ولا أخلاق لهم في السلم، لأنهم يخونون العهود والمواثيق، ولا قيم ولا أخلاق لهم في الحرب، لأنهم يستهدفون المدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ والمصابين والجرحى.

للأسف الشديد الأمة العربية والإسلامية تتفرج دون حراك، فلماذا يا أمة الإسلام هذا الضعف والهوان والسكوت، ولماذا يجري لنا كل هذا؟! وقد اغتصبت منا الأرض والمال والعرض، وسلب منا القدس والخليل وحيفا ويافا وعكا وعسقلان وطبريا وطولكرم والناصرة وضفد واللد والرملة وجنين وبئر السبع وبيسان والجولان والنقب، فمن السبب، في كل ما جرى ويجري لكم أيها العرب؟!

** محامٍ ومستشار قانوني

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

أبو عبيدة: صاروخ اليمن سيكون له مفاعيل مهمة في مسار معركة "طوفان الأقصى"

عقّب الناطق باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، اليوم الأحد، على الصاروخ الذي أطلقته القوات المسلحة اليمنية، على وسط إسرائيل.

وقال أبو عبيدة في تغريدات عبر صفحته على تليغرام: نُبارك العملية النوعية التي نفذتها القوات المسلحة اليمنية صباح اليوم واستهدفت هدفاً عسكرياً قرب "تل أبيب"، كما نثمن وقفة الشعب اليمني العزيز إلى جانب إخوانه في فلسطين واستعداده لتقديم التضحيات في سبيل ذلك.

وأضاف، "إن طبيعة السلاح المستخدم في العملية ونوعية الهدف الذي استهدفته وغيرها من التفاصيل التي أطلعنا عليها إخوتنا في اليمن تشكل نقلة نوعية سيكون لها مفاعيل مهمة في مسار ومآلات معركة طوفان الأقصى".

وزاد أبو عبيدة، "إن الكيان الصهيوني الذي لا زال غارقاً في وحل غزة ، والذي يفشل اليوم هو وحلفاؤه في إحباط أو اعتراض صاروخ واحد، لهو أعجز من أن يوسع الحرب في جبهات جديدة سيتلقى منها آلاف الصواريخ والكثير من المفاجآت، وإن خطوة غبية كهذه ستعني أن نتنياهو يقود كيانه المهترئ نحو كارثة محققة".

اقرأ أيضا/ "فتـح" تقرر البدء بتنفيذ قرارات داخلية وتدعو أبنائها كافة إلى رص الصفوف

وشهدت منطقة تل أبيب ووسط إسرائيل، صباح اليوم، الأحد، حالة من الهلع مع سقوط صاروخ باليستي أُطلق من اليمن، مما أدى إلى تفعيل صفارات الإنذار، في أحدث تطور لجبهة الإسناد اليمنية التي أطلقها الحوثيون لدعم فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة على خلفية الحرب الإسرائيلية المتواصلة على القطاع منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

وقطع الصاروخ اليمني نحو 2000 كيلومتر، وسط حالة من التساؤلات حول مدى فعالية عملية الاعتراض خصوصا أن الشظايا الصاروخية سقطت قرب مطار بن غوريون، وكذلك حول قدرة الدفاعات الجوية الإسرائيلية على التعامل مع هذه الهجمات التي تعتبر خطوة جديدة في تصعيد التوترات الإقليمية، وتأتي في إطار تهديدات الحوثيين بالرد على الضربات الإسرائيلية التي استهدفت ميناء الحديدة.

المصدر : وكالة سوا

مقالات مشابهة

  • تطورات اليوم الـ346 من طوفان الأقصى والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • تطورات اليوم الـ346 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • صواريخ ومسيرات الحوثيين ضد إسرائيل منذ طوفان الأقصى
  • إمام مسجد الحسين: ميلاد سيدنا النبي هو أعظم حدث في تاريخ البشرية
  • أبو عبيدة: العملية النوعية اليمنية نقلة مهمة في مسار "طوفان الأقصى"
  • أبو عبيدة: صاروخ اليمن سيكون له مفاعيل مهمة في مسار معركة "طوفان الأقصى"
  • تطورات اليوم الـ345 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • في ظلال طوفان الأقصى “117”
  • تطورات اليوم الـ344 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • طوفان الأقصى.. هل وضع إسرائيل على حافة الهاوية؟