واشنطن- يبحث خبراء القانون الدولي في المسارات القانونية التي يمكن اتباعها من أجل تحقيق العدالة، ومحاسبة إسرائيل على خلفية مقتل 102 من موظفي الأمم المتحدة في قطاع غزة جراء القصف الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وتعد هذه الحالة الأكبر من حيث عدد ضحايا موظفي المنظمة مقارنة بأي صراع آخر في تاريخ المنظمة الممتد 78 عاما.

وكانت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) قد أكدت مقتل 102 من موظفيها في غزة منذ بدء العدوان الإسرائيلي، في حين أصيب 27 موظفا على الأقل.

ونكست مكاتب الأمم المتحدة في جميع أنحاء العالم أعلامها الاثنين الماضي، ووقف جميع موظفي الأمم المتحدة، وفي مقدمتهم الأمين العام للمنظمة أنطونيو غوتيريش، دقيقة صمت حدادا وتكريما لزملائهم الذين فقدوا أرواحهم في غزة، بحسب بيان للمنظمة.

جدير بالذكر أن وكالة "الأونروا" كانت قد تأسست بعد عام من الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948، وتقدم خدمات مثل التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والخدمات الاجتماعية.

المقر الرئيسي لوكالة الأونروا في قطاع غزة (الأناضول) ضحايا رغم الحماية الدولية

وتستضيف الأونروا نحو 780 ألف شخص في أكثر من 150 منشأة في مختلف أنحاء قطاع غزة، ممن لاذوا بتلك الملاجئ التماسا للحماية والأمان تحت علم الأمم المتحدة.

وعلى الرغم من الحماية التي يوفرها القانون الدولي، فقد وقعت منظمات الإغاثة والمنظمات غير الحكومية والصحفيون والمسعفون ضحايا للقصف الإسرائيلي.

وقالت الوكالة إن أكثر من 60 منشأة تابعة للأونروا -معظمها مدارس تؤوي آلاف المدنيين- عانت من أضرار جانبية أو مباشرة بسبب الغارات الإسرائيلية، ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قتل 66 شخصا كانوا يحتمون في منشآتها.

وقالت الأونروا إن القتلى كانوا من بين 13 ألفا من موظفيها العاملين في غزة، وإن كثيرين لقوا حتفهم مع أسرهم خلال القصف والحصار الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية في أعقاب هجوم 7 أكتوبر الذي شنته حركة حماس.

وقال بيان الوكالة "كانوا معلمين ومديري مدارس وعاملين صحيين، بينهم طبيب نساء ومهندسون وموظفو دعم وطبيب نفساني".

وذكر مدير الأونروا في رفح في قطاع غزة، توم وايت، "يقدر موظفو الأونروا في غزة قيام الأمم المتحدة بتنكيس العلم في جميع أنحاء العالم. ولكن في غزة، علينا أن نبقي علم الأمم المتحدة يرفرف عاليا كعلامة على أننا ما زلنا واقفين، ونخدم شعب غزة".


دور المحكمة الجنائية

وجاء مقتل موظفي الأمم المتحدة، رغم تأكيد المنظمة إرسالها إحداثيات عن أماكن وُجود موظفيها للجيش الإسرائيلي. ودفع ذلك إلى التساؤل عن إمكانية مواصلة المنظمة عملها وسط هذه الظروف، وما إذا كان هناك تبعات قانونية لما قامت به القوات الإسرائيلية بمواجهة موظفين أمميين.

ومن الناحية القانونية، أوضح المستشار بروس فاين مساعد نائب وزير العدل الأميركي سابقا أن "الأمم المتحدة ليست دولة تتمتع بالأهلية لمقاضاة إسرائيل على انتهاكات القانون الدولي. يمكن للأمم المتحدة تقديم شكاوى جنائية إلى المحكمة الجنائية الدولية ضد بنيامين نتنياهو وحكومته والجنرالات بتهمة ارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية أو إبادة جماعية. لكن مثل هذه التحقيق سيعرقله سيطرة إسرائيل على غزة".

وتناول المسؤول الأميركي السابق، في حديث للجزيرة نت، الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تواصل بها الأمم المتحدة عملها بأمان، وقال "هي أن يطالب الرئيس الأميركي جو بايدن إسرائيل بترك منشآت الأمم المتحدة تعمل دون عائق كشرط للاستمرار في تقديم الدعم العسكري الأميركي لها".

بدوره، يقول أستاذ القانون الدولي بجامعة جورجتاون ديفيد لوبان، في حديث للجزيرة نت إنه "على أقل تقدير، يمكن للأمم المتحدة تسليم جميع المعلومات التي لديها إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، التي قبلت الولاية القضائية على (الوضع في فلسطين)، وبخلاف ذلك، لا أعرف ما إذا كان لدى الأمم المتحدة أي طرق أخرى يمكن أن تسلكها في هذه الحالة".

وقفة بغزة تطالب "مؤتمر المانحين" بتمويل مستدام لأونروا (الصحافة الفلسطينية) "نحتاج أن نرى العدالة تعمل"

وكان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، قد أصدر بيانا بشأن الوضع في فلسطين، جاء فيه "نحتاج إلى القانون أكثر من أي وقت مضى. ليس القانون بعبارات مجردة، وليس القانون كنظرية للأكاديميين والمحامين والقضاة. لكننا بحاجة إلى أن نرى العدالة تعمل".

وأضاف كريم خان "يحتاج الناس إلى أن يروا أن القانون له تأثير على حياتهم. وهذا القانون، هذه العدالة، يجب أن تركز على الفئات الأكثر ضعفا. يجب أن تكون ملموسة تقريبا. إنه شيء يجب أن يكونوا قادرين على التمسك به. إنه شيء يجب أن يكونوا قادرين على احتضانه عندما يواجهون كثيرا من الخسارة والألم والمعاناة".

وأضاف المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في بيانه "بذلت كل جهد ممكن لدخول غزة، لكن ذلك لم يكن ممكنا. في غزة، أردت أن ألتقي بأولئك الذين يعانون من هذا الألم الهائل، وأن أسمع تجاربهم مباشرة، والأهم من ذلك، أن أعدهم، وأن ألتزم تجاههم، بأن حقهم الطبيعي هو العدالة. إنهم يمتلكون العدالة، ويستحقون العدالة بقدر ما يستحق أي شخص آخر من خليقة الله العدالة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الجنائیة الدولیة القانون الدولی الأمم المتحدة من موظفی قطاع غزة فی غزة یجب أن

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة: “إسرائيل” قتلت عشرة آلاف امرأة، منهن ستة آلاف أم، تركن خلفهن 19 ألف طفل يتيم

الاسرة/ زهور عبدالله
كل المجازر التي يرتكبها كيان الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة منذ أكثر من تسعة أشهر، كانت بحق العائلات الفلسطينية واستهدف فيها آلاف المنازل السكنية ليسقط 38 ألف فلسطيني شهداء وأكثر من 87 ألف جريح وعشرة آلاف مفقود وغالبية هؤلاء الضحايا هم من فئة الأطفال والنساء والتي صارت هدفا يوميا لآلة القتل الإسرائيلية وسط صمت وتواطؤ عالمي باستثناء دعوات ومطالبات حقوقية من هنا وهناك بضرورة تجنب استهداف المدنيين وخصوصا الأطفال والنساء وهي دعوات تقابل بتجاهل الاحتلال والإصرار على التمادي في جرائمه.

تنديد أممي وتجاهل صهيوني
الأمم المتحدة قالت الأسبوع الماضي إن قوات الاحتلال الإسرائيلي قتلت أكثر من عشرة آلاف امرأة، منهن ستة آلاف أم، تركن خلفهن أكثر من 19 ألف طفل يتيم.
وكشفت ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في فلسطين مارسي غيموند، عن قيام الاحتلال الصهيوني بمحو عائلات بكاملها في بعض الغارات الجوية في قطاع غزة، وكل شخص تقابله لديه قصص رهيبة.
وقالت غيموند، في منشور لها على منصة (إكس) عقب زيارتها مؤخرا لقطاع غزة، «ترى الدمار في كل مكان في غزة والناس الذين يعيشون في مبانٍ مدمرة، ومن يحاولون الحصول على الطعام والماء، ثم ترى مساحات شاسعة من الخيام».
كما حذرت من العواقب الوخيمة التي تحدث بسبب استمرار قوات العدو الصهيوني في عرقلة دخول المساعدات الإنسانية خاصة الوقود الذي يُستخدم لاستخراج المياه الصالحة للشرب من الآبار الجوفية.
من جهتها وصفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف» الوضع في قطاع غزة بعبارة (من لم يمت بالقذائف مات بالأوبئة).. محذرة من تصاعد مخيف في معدلات الإصابات والوفيات بين أطفال القطاع جراء انتشار الكثير من الأمراض والأوبئة نتيجة طفح مياه الصرف الصحي في الشوارع وبين الخيام.
وأكدت «يونيسف» في بيان لها قبل يومين، أن هناك أكثر من مليون طفل يعانون من الأمراض الجلدية والتنفسية، حيث رصدت المنظمة إصابة أكثر من 860 ألف طفل بأمراض الجهاز التنفسي و400 ألف بنزلات معوية وأكثر من عشرة آلاف بالأمراض الجلدية منذ السابع من أكتوبر الماضي.
كما حذرت المنظمة الدولية من العواقب الوخيمة التي تحدث بسبب استمرار قوات الاحتلال في عرقلة دخول المساعدات الإنسانية خاصة الوقود الذي يُستخدم لاستخراج المياه الصالحة للشرب من الآبار الجوفية.
ويؤكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن النزوح تسبب في إصابة أكثر من 1.66 مليون شخص بأمراض معدية، ومن بينها ما يزيد عن 71 ألف مصاب بعدوى التهابات الكبد الوبائي الفيروسي.

إجماع ولكن!
وعلى الرغم من الدعوات الدولية لسرعة وقف جرائم الاحتلال بحق المدنيين في غزة وأجماع المنظمات الإنسانية والحقوقية على ضرورة وقف الحرب العدوانية بشكل فوري لضمان تنفيذ الخطط الإغاثية لإنقاذ الناس والأطفال في القطاع من الموت المحقق، ومنع تفاقم الأزمة الإنسانية في ظل انعدام مقومات الحياة الأساسية، إلا أن قوات الكيان تتمادى في جرائمها مدعومة بصورة مباشرة من قبل الولايات المتحدة التي تواصل توفير الدعم الشامل لدولة الاحتلال وتزويدها بكل ما تحتاج من قنابل وصواريخ لتتمكن من قتل المزيد من المدنيين الأبرياء.

استهداف الطلاب والمدارس
عملت قوات الاحتلال منذ الساعات الأولى لعدوانها الوحشي على استهداف ممنهج لطلاب وطالبات المدارس وتدمير المدارس والمرافق التعليمية في غزة فقتلت وأصابت آلاف الأطفال والتربويين وهدمت مئات المرافق التربوية
وأكدت وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية، أن 8672 طالباً استُشهدوا و14583 أصيبوا بجروح منذ بدء العدوان الصهيوأمريكي على القطاع في السابع من أكتوبر على قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة.
وقالت الوزرة في بيان لها، الأسبوع الماضي: إن عدد الطلبة الذين استُشهدوا في قطاع غزة منذ بداية العدوان وصل إلى أكثر من 8572، والذين أصيبوا إلى 14089، فيما استُشهد في الضفة 100 طالب وأصيب 494 آخرون، إضافة إلى اعتقال 349.
وأشارت إلى أن 497 معلما وإداريا استُشهد وأصيب 3402 بجروح في قطاع غزة والضفة، واعتُقل أكثر من 109 في الضفة.
وذكرت أن 353 مدرسة حكومية وجامعة ومباني تابعة للجامعات و65 تابعة لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين «الأونروا»، تعرضت للقصف والتخريب في قطاع غزة، ما أدى إلى تعرض 139 منها لأضرار بالغة، و93 للتدمير بالكامل، كما تعرضت 57 مدرسة في الضفة للاقتحام والتخريب، كما تم استخدام 133 مدرسة حكومية كمراكز للإيواء في قطاع غزة.
وأكدت «التربية» أن 620 ألف طالب في قطاع غزة ما زالوا محرومين من الالتحاق بمدارسهم منذ بدء العدوان، فيما يعاني معظم الطلبة صدمات نفسية، ويواجهون ظروفا صحية صعبة.

مقالات مشابهة

  • وزارة الصحة بغزة: مقتل 16 شخصا بهجوم إسرائيلي على مدرسة للأونروا تؤوي نازحين
  • الأمم المتحدة تحذر من تصاعد التوتر على طرفي «الخط الأزرق»
  • الأونروا تدين القصف الإسرائيلي لمدرسة تابعة لها في غزة
  • كيف اعترض بايدن طريق مكافحة المجاعة في غزة؟
  • مقتل ثلاثة من موظفي الأمم المتحدة في قصف إسرائيلي على وسط قطاع غزة
  • الأمم المتحدة: “إسرائيل” قتلت عشرة آلاف امرأة، منهن ستة آلاف أم، تركن خلفهن 19 ألف طفل يتيم
  • عن الحراك السياسي القضائي لمحاسبة إسرائيل على جرائمها بغزة
  • الكشف عن غضب أمريكي وبريطاني بعد طلب الجنائية إصدار أوامر اعتقال لقادة الاحتلال
  • إندونيسيا تجدد دعوتها لضم فلسطين عضوا كاملا بالأمم المتحدة
  • رويترز: مدعي الجنائية الدولية ألغى مهمة بغزة عندما طلب إصدار مذكرات اعتقال