أدت مكاسب تمكنت قوات الدعم السريع من تحقيقها في غرب وجنوب السودان إلى كسر جمود على الأرض استمر لأشهر في حربها مع الجيش، مما عزز طموح القوات شبه العسكرية ومنحها قوة موقف في محادثات تعقد في جدة.

وأثارت هيمنة قوات الدعم السريع على منطقة دارفور، التي انطلقت منها نقطة قوتها، والتقدم الذي حققته في مناطق أخرى تمتد شرقا صوب العاصمة الخرطوم، تكهنات باحتمال تعرض السودان لانقسام آخر بعد 12 عاما على انفصال جنوب السودان.

لكن محللين ودبلوماسيين يقولون إن من غير الواضح كيف ستتمكن قوات الدعم السريع من حكم منطقة منشقة.

وتسعى القوات بدلا من ذلك إلى زيادة قدرتها على الوصول لموارد، بما يشمل الذهب الذي استخدمته من قبل لمساعدتها في بناء امبراطورية مالية، ولتأمين دورها في أي تسوية سياسية بعد قتال دائر منذ سبعة أشهر الآن.

وقال سليمان بالدو من برنامج تتبع الشفافية والسياسة السودانية إن الحكم "يعني أن تتسلم مسؤوليات الغذاء والصحة والأمن... ما يريدون هو أن يكونوا طرفا في الاتفاق المقبل".

وتقول قوات الدعم السريع، التي نشأت من قلب ميليشيا الجنجويد التي ساعدت الجيش على سحق تمرد في دارفور بعد عام 2003، إنها تتقدم وتخوض اشتباكات في الفاشر المكتظة بالسكان عاصمة ولاية شمال دارفور وكذلك حول قواعد للجيش في الخرطوم. وتعهدت بالوصول إلى بورتسودان على الساحل الشرقي للبلاد التي اتخذها موظفون حكوميون وبعثات دولية مقرا.

وفي الرابع من نوفمبر، قال قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، في كلمة مسجلة إن المدن الخاضعة لسيطرة قواته لا علاقة لهم بالحكومة وإن على سكان المدينة أن يختاروا.

وقال السياسي البارز ياسر عمران لرويترز، إنه ليس هناك خطر فوري من انقسام السودان لكن لا يمكن استبعاده.

وأضاف "هناك حاجة لضغط شعبي، حشد كبير ضد هذا السيناريو".

وقال عبد الرحيم دقلو شقيق حميدتي، نائب قائد قوات الدعم السريع، الثلاثاء، إن الحديث عن انقسام البلاد ناتج عن شائعات يروجها خصوم.

تفوق عسكري

واندلعت الحرب بسبب خطة لدمج قوات الدعم السريع مع الجيش بعد أربع سنوات من عمل الطرفين معا للإطاحة بعمر البشير خلال انتفاضة شعبية.

وتمكنت قوات الدعم السريع من السيطرة سريعا على مساحات من الخرطوم وطرق إمداد إلى الغرب قبل أن تجبر الجيش تدريجيا على التقهقر عن أجزاء من منطقتي دارفور وكردفان الشاسعتين وجنوبي العاصمة.

ومنذ أواخر أكتوبر، سيطرت قوات الدعم السريع على مقرات الجيش في نيالا وزالنجي والجنينة أي ثلاث من أصل خمس عواصم لولايات منطقة دارفور.

وبينما اعتمدت قوات الدعم السريع في البداية على أسلحة خفيفة ومدفعية محدودة، قال شهود في الجنينة ونيالا والخرطوم إنها استخدمت مؤخرا مزيدا من الطائرات المسيرة والمدفعية الأطول مدى.

وقال مصدران عسكريان إن الطائرات الحربية للجيش، وهي أهم ما يميزه على قوات الدعم السريع، تحتاج إلى إصلاحات وإن الجنود سئموا الهزائم المتكررة وتضاؤل الإمدادات وتأخر الرواتب. كما وصفا الانسحابات في دارفور بأنها تكتيكية وتهدف إلى إعادة تركيز الجهود على العاصمة.

ولم يرد الجيش على طلب للتعليق.

ودخلت القوات شبه العسكرية هذا الشهر لفترة وجيزة قلب قاعدة سلاح المدرعات في جنوب الخرطوم، وهي واحدة من أكبر قواعد الجيش، وسيطرت على قاعدة أخرى في منطقة جبل الأولياء، رغم مقاومة الجيش.

وتبادل الجانبان الاتهامات بالمسؤولية عن الانفجارات التي وقعت في الخرطوم الأسبوع الماضي، التي دمرت جسر شمبات وقطعت طريق إمداد رئيسيا لقوات الدعم السريع، وأشعلت النيران في مخازن وقود كانت القوة تستخدمها في مصفاة الجيلي.

وقالت خلود خير من مؤسسة كونفلوينس أدفايزري للأبحاث "قوات الدعم السريع تريد السيطرة على ما يكفي من الأراضي لإعلان النصر من جانب واحد، بما يشمل دارفور بالطبع والخرطوم بالتأكيد ولكن الأهم هو بورتسودان".

أزمة إنسانية

يقول محللون إن ما لاقاه الجيش، دفعه على ما يبدو للعودة إلى محادثات وقف إطلاق النار التي تقودها الولايات المتحدة والسعودية في جدة، التي تم تعليقها في يونيو، واستؤنفت الشهر الماضي. ويقولون إن قوات الدعم السريع تسعى للحصول على الشرعية في المحادثات بعد الغضب الشعبي من جرائم نهب واغتصاب واعتقالات أُلقي باللوم فيها على قواتها.

وردا على طلب للتعليق، أشارت قوات الدعم السريع إلى بيانات ألقت فيها باللوم على أعدائها ومحاربين قدامى من عهد البشير في إثارة الخصومات القبلية في دارفور وقالت إنها ستحاسب المسؤولين عن الانتهاكات.

وقال مندوبان سودانيان إن محادثات جدة تأجلت مرة أخرى مع عدم وقف إطلاق النار الأسبوع الماضي بعد أن طالبت قوات الدعم السريع بإقامة نقاط تفتيش ومواقع لإضفاء الطابع الرسمي على دورها في الخرطوم مقابل مغادرة المناطق المدنية.

ويقول مراقبون إن الجيش لا يزال يتعرض لضغوط من أنصار للبشير وميليشيات إسلامية اعتمد عليها للحصول على دعم عسكري واستخباراتي، وذلك للتخلي عن المحادثات.

وأدى تقدم قوات الدعم السريع إلى تفاقم أزمة إنسانية تقول تقديرات للأمم المتحدة إنها تسببت في مقتل أكثر من تسعة آلاف، وتشريد أكثر من ستة ملايين، من أصل 49 مليون نسمة في السودان.

ويتحدث المدنيون الذين يعيشون بالقرب من قواعد الجيش في الخرطوم عن وقوع اشتباكات متواصلة.

وفي الجنينة بغرب دارفور يقول مراقبو حقوق الإنسان إن ما لا يقل عن 1300 شخص قتلوا هذا الشهر مع تقدم قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها.

وقالت قوات الدعم السريع إنها أمرت بإجراء تحقيق.

وقال جوناس هورنر، وهو محلل مستقل معني بشؤون السودان، إن مثل هذا العنف ذي الأهداف العرقية من المرجح أن يستمر، حيث يُسمح للقبائل العربية التي قاتلت إلى جانب قوات الدعم السريع بتصفية الحسابات.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع فی الخرطوم

إقرأ أيضاً:

الجيش السوداني يكثف هجماته على معاقل الدعم السريع وعينه على القصر الرئاسي ومركز العاصمة الخرطوم.. آخر المستجدات

يواصل الجيش السوداني معاركه مع قوات الدعم السريع في عدة جبهات متفرقة حيث يسعى للسيطرة على مركز العاصمة الخرطوم، كما كثف هجماته الجوية على معاقل الدعم في الفاشر ويسعى للسيطرة على طرق رئيسية بولاية شمال كردفان، بعد أن حقق تقدما بولاية النيل الأبيض.

وتستمر المعارك بوتيرة متصاعدة بين الجيش وقوات الدعم السريع، إذ يسعى الجيش عبر محور وسط الخرطوم إلى السيطرة على مركز العاصمة، بما في ذلك القصر الرئاسي، ومرافق حكومية سيادية.

وفي ولاية شمال كردفان تدور مواجهات بين الجانبين ويسعى الجيش من خلالها للسيطرة على طرق رئيسية.

وجنوبا، تتواصل المعارك أيضا بولايتي النيل الأبيض والنيل الأزرق حيث أعلن الجيش سيطرته على مدن وبلدات تقع على الشريط الحدودي بين السودان وجنوب السودان.

وفي ولاية شمال دارفور، استهدفت قوات الدعم السريع بالمسيّرات مواقع بمدينة المالحة شمالي الولاية اليوم الأحد.

وفيما يتعلق بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، قال الإعلام العسكري في بيان له "إن الطيران الحربي للجيش السوداني نفذ غارات جوية دقيقة، مستهدفا تجمعات العدو ـفي إشارة لقوات الدعم السريعـ بالمحور الشمالي الغربي مساء أمس مما كبّدهم خسائر كبيرة في العتاد والأرواح".

وأضاف البيان أن مدينة الفاشر تشهد حالة من الاستقرار الأمني وأن القوات المسلحة تواصل تقدمها بثبات في جميع المحاور، وسط انهيار واضح في صفوف العدو وأن المعركة مستمرة حتى تحقيق النصر الكامل واستعادة أمن واستقرار البلاد وفقا للبيان".

وفي وقت سابق، قالت وكالة الأنباء السودانية "سونا" إن مدرعات الفرقة السادسة مشاة بالفاشر "نفذت عملية عسكرية محكمة في المحور الشمالي الشرقي للمدينة، أسفرت عن تدمير عربة جرار محملة بالأسلحة والذخائر تابعة لمليشيا آل دقلو المتمردة، إضافة إلى تدمير 3 عربات لاندكروزر كانت تتولى حراستها، دون نجاة أي من العناصر التي كانت على متنها".

كما نقلت عن الفرقة السادسة مشاة قولها إن "الضربات المدفعية الثقيلة مستمرة بمعدل 4 حصص يوميا، بالتزامن مع حملات التمشيط والرمايات الدقيقة، مما أجبر عناصر المليشيا على الانسحاب الواسع من المدينة، بينما فر بعضهم سيرا على الأقدام نحو المناطق النائية".

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يكثف هجماته على معاقل الدعم السريع وعينه على القصر الرئاسي ومركز العاصمة الخرطوم.. آخر المستجدات
  •  مقتل 9 مدنيين في قصف مدينة استعادها الجيش السوداني  
  • الجيش يهاجم الدعم السريع بعدة جبهات ويسعى للسيطرة على مركز الخرطوم
  • أي دور للإمارات في حرب السودان بين الجيش و”الدعم السريع”؟
  • قاعة الامتحانات الكُبرى بجامعة الخرطوم بين إعمار البروفيسور أليك بوتَّر وتدمير قوات الدعم السريع
  • إعلام سوداني: طائرات الجيش استهدفت ميليشيا الدعم السريع جنوب شرقي الخرطوم
  • وزير الدفاع السوداني: الجيش قطع شوطا طويلا ضد الدعم السريع
  • طائرات الجيش السوداني تستهدف ميليشيا الدعم السريع جنوب شرقي الخرطوم
  • السودان ومشهد اللا يقين
  • الأمم المتحدة: الوصول إلى مخيم زمزم المتضرر فى السودان “أصبح شبه مستحيل”