خبراء: لهذا نجت اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل في الشرق الأوسط من حرب غزة
تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT
سلطت مجلة "نيوزويك" الضوء على اتفاقيات التطبيع التي وقعتها الإمارات والبحرين مع إسرائيل، في عهد الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، وسبب عدم تأثرها بالحرب المشتعلة في قطاع غزة، مشيرة إلى أن السلطات البحرينية سارعت إلى نفي ما أعلنه مجلس النواب بشأن استدعاء سفير المملكة من الدولة العبرية مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
وذكرت المجلة الأمريكية، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن الإمارات والبحرين تواجهان اختبارًا دبلوماسيًا في ظل ارتفاع عدد القتلى الفلسطينيين والغضب في العالم العربي وخارجه، وفي ظل تحويل الاحتلال الإسرائيلي المستشفيات في غزة إلى ساحات قتال، ومع ذلك فإن اتفاقات التطبيع لم تنهار بعد.
وبينما تدعم الدولتان الخليجيتان وقف إطلاق النار في غزة واتفاق السلام مع الفلسطينيين، فإنهما تشتركان مع إسرائيل في مواجهة ما تعتبره كل منهما "تشددا إسلاميا" تمثله حركة حماس وداعميها الإيرانيين، وتسعى كل منهما إلى إقامة تحالفات أمنية إقليمية تتجاوز اعتمادهما التقليدي على الولايات المتحدة، وتعزيز الارتباط بإسرائيل من خلال تعزيز العلاقات الاقتصادية.
وفي السياق، قالت إلهام فخرو، زميلة البحث في معهد الدراسات العربية والإسلامية بجامعة إكستر، والتي تعكف حالياً على تأليف كتاب عن اتفاقيات التطبيع الخليجية الإسرائيلية، إن "ما أظهرته الإمارات والبحرين الآن هو أنهما ملتزمان للغاية بالعلاقة (مع إسرائيل)".
وكانت اتفاقيات إبراهيم، التي توسط فيها البيت الأبيض في عهد ترامب وبدأت في عام 2020، عبارة عن سلسلة من اتفاقيات التطبيع التاريخية بين إسرائيل والدول العربية التي أعادت تشكيل المشهد السياسي في الشرق الأوسط.
وفي السابق، كان موقف العديد من الدول العربية هو أن العلاقات مع إسرائيل لا يمكن أن تستمر إلا بعد التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين بشأن إقامة دولة، ولذا كانت اتفاقيات إبراهيم إنجازًا مميزًا في السياسة الخارجية لإدارة ترامب، خاصة بعدما تبعها اتفاقا مماثلا مع كل من السودان والمغرب على تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
لكن المنتقدين رأوا أن الاتفاقات قد تؤدي إلى تهميش الفلسطينيين بعد عقود من المفاوضات المتوقفة التي فشلت في إقامة دولة فلسطينية.
وقال السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان، المعين من قبل ترامب والذي تعرض لانتقادات شديدة من قبل الفلسطينيين ولعب دورًا كبيرًا في تشجيع التطبيع مع الدول العربية الأخرى، إنه يعتقد من خلال اتصالاته مع تلك الدول أنها ستكون سعيدة جدًا برؤية إسرائيل تحارب حماس، باعتبار أن الحركة الفلسطينية فرعا لجماعة الإخوان المسلمين.
وأوضح فريدمان: "قد تعتقد أنه مع وجود إسرائيل في حالة حرب مع طرف عربي من شأنه أن يمارس الكثير من الضغط على اتفاقيات إبراهيم، ومن حيث العلاقات العامة، كان هناك بعض من ذلك. لكنني أعتقد أن القضاء على حماس، والذي أعتقد أنه سيحدث، سيعود بالنفع على إسرائيل وجميع الدول المعتدلة".
وقف النار
وفي الأسبوع الماضي، كرر رئيس الإمارات الشيخ، محمد بن زايد آل نهيان، الدعوة إلى وقف إطلاق النار في غزة، وحث على وقف التصعيد من أجل "تأمين سلام عادل ودائم وشامل في المنطقة"، لكن مسؤولًا إماراتيًا كبيرًا قال أيضًا، في مؤتمر صحفي عبر الإنترنت نظمته الجماعات المؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة وأوروبا، إن "اتفاقيات إبراهيم هي مستقبلنا".
وردا على سؤال حول موقف الإمارات من الاتفاقيات، قالت دائرة الاتصال الرسمية في تصريح لنيوزويك إن "الأولوية الأكثر إلحاحا بالنسبة لدولة الإمارات هي إنهاء العنف في قطاع غزة".
وفي نقضها لما ورد عن استدعاء السفير البحريني وقطع العلاقات التجارية، أكدت الحكومة "نهج مملكة البحرين في تعزيز الأمن والاستقرار وترسيخ السلام في المنطقة"، مؤكدة أن ذلك يشمل أيضا إيجاد "الحل العادل للقضية الفلسطينية".
اقرأ أيضاً
نتنياهو: التطبيع مع السعودية لا يزال ممكنا وسينضج بعد انتصارنا في غزة
احتجاجات حاشدة
وشهد المغرب احتجاجات حاشدة ضد إسرائيل بسبب الحرب في غزة وأدانت وزارة الخارجية المغربية "أعمال التصعيد الإسرائيلية" لكنها لم تذكر أي تهديد لتطبيع العلاقات. كما لم يفعل ذلك رئيس المجلس السيادي الحاكم في السودان، حتى عندما طالب بوقف "العدوان الإسرائيلي".
وترى إلهام فخرو أن "ما يحدث أمر صعب لأن القضية الفلسطينية لم تعد تحتل مركز الاهتمام لدى الحكومات العربية، ولكنها مركز الاهتمام بالنسبة للسكان الذين خرجوا إلى الشوارع احتجاجا".
وقال إيتاي ميلنر، المتحدث باسم وقنصل شؤون الإعلام في القنصلية العامة لإسرائيل في نيويورك، إن الأسباب الأساسية للاتفاقات لم تتغير، بل إن أهميتها قد تعززت بسبب "زعزعة الاستقرار الخبيثة" التي تمارسها إيران في المنطقة، على حد تعبيره.
وأضاف: "نحن واثقون من أن اتفاقيات إبراهيم ستخرج من هذه الأزمة أقوى من أي وقت مضى".
وفي سياق متشابه، قال جويل ستار، نائب مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون الأمن الإقليمي في الولايات المتحدة: "لقد أرست اتفاقيات أبراهام أساسًا اقتصاديًا وأمنيًا لم نشهد مثله منذ كامب ديفيد؛ وهو نموذج استخدمناه عند إنشاء اتفاقيات إبراهيم".
وقال ستار، وهو الآن مستشار كبير في المعهد الأمريكي للسلام: "أصلي من أجل أن تظل الاتفاقيات طويلة الأمد مثل كامب ديفيد، التي شهدت أيضًا اختبارها من خلال العديد من الصراعات العنيفة منذ أن شاركت فيها جهات فاعلة غير حكومية".
وفي حين أن الدول العربية التي قامت بتطبيع العلاقات مع إسرائيل لم تنسحب من اتفاقيات إبراهيم، فإن الحرب قد تجعل من الصعب المضي قدمًا مع الدول الأخرى التي يُنظر إليها على أنها مرشحة محتملة لتطبيع مستقبلي، وأهمها المملكة العربية السعودية.
وفي قمة عقدت في المملكة، نهاية الأسبوع الماضي، قال ولي العهد الأمير، محمد بن سلمان: "نحن نرفض بشكل قاطع هذه الحرب الوحشية التي يتعرض لها إخواننا وأخواتنا في فلسطين".
وكانت القمة أيضًا مناسبة الزيارة الأولى التي يقوم بها زعيم إيراني منذ أن أعادت الرياض وإيران العلاقات بينهما في مارس/آذار.
ومع ذلك، فإن الإسرائيليين متفائلون بأن السعودية ستستأنف المناقشات حول التطبيع بعد الحرب، وهو ما عبر عنه إفرايم هاليفي، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (الموساد)، قائلا: "لدينا سبب للاعتقاد بأنه بمجرد انتهاء الحرب، خلال فترة زمنية قصيرة جدًا، ستستأنف المفاوضات بيننا وبين السعودية".
اقرأ أيضاً
خبراء: لهذا تؤكد الإمارات على مواصلة التطبيع مع إسرائيل رغم حرب غزة
المصدر | نيوزويك/ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: السعودية الإمارات البحرين إسرائيل التطبيع دونالد ترامب المغرب السودان غزة اتفاقیات إبراهیم اتفاقیات التطبیع الدول العربیة التطبیع مع مع إسرائیل إسرائیل فی فی غزة
إقرأ أيضاً:
دبلوماسيون: مطلوب حلول سلمية تؤمِّن وحدة واستقرار الدول
حذر عدد من الخبراء والدبلوماسيين من أن مخططات تقسيم الشرق الأوسط ستوسع نطاق الصراع في المنطقة، في ظل التحديات الراهنة التي تهدد الاستقرار الوطني والإقليمي.
وأشاد الخبراء والدبلوماسيون لـ«الوطن»، بالرؤية المصرية نحو تعزيز وحدة الدولة الوطنية، والحفاظ على الأمن القومي وتجنب توسيع نطاق الصراع الذى قد يؤدى إلى تفاقم الأزمات القائمة فى ظل الأوضاع المضطربة لدى عدد من دول المنطقة، مع تصاعد التوترات بين القوى الدولية، حيث تبرز دعوات مصرية ملحَّة لتبنى حلول سلمية تؤمّن وحدة الدولة الوطنية وتحمى مصالح الشعوب.
«حجازي»: مطلوب إرادة قوية من الجميعوقال السفير محمد حجازي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن مصر تاريخياً كانت وستبقى قوة إقليمية رئيسية، تلعب دوراً فعالاً فى القضايا العربية والإقليمية والدولية، خاصة فى الصراع العربي الإسرائيلي وجهود الوساطة فى حرب غزة، خصوصاً أن موقع مصر يربط بين البحرين الأبيض والأحمر عبر قناة السويس، ما يمنحها نفوذاً جغرافياً دولياً.
وتابع: «الحلول السياسية لأزمات المنطقة تحتاج إلى إرادة قوية من جميع الأطراف، وتحقيق الأمن والاستقرار فى الشرق الأوسط يحتاج إلى توافق بين الدول الرئيسية، وعلى القادة العرب أن يدركوا أن الأمن والاستقرار لن يتحققا إلا من خلال العمل الجماعي وبإرادة شعوبهم، عليهم أن يكونوا واعين للمخططات التي تستهدف منطقتنا».
«حسن»: مصر تدعم استقرار الدول العربيةوأكد السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن التحديات فى منطقة الشرق الأوسط تتجلى بشكل واضح فى ظل الظروف الحالية التي تعيشها دول المنطقة، حيث تواجه العديد من الدول حالة من السيولة السياسية وضعف السلطة المركزية، ما يتسبب فى تفشى النزاعات المسلحة والسياسية، ما يؤدى إلى إضعاف القوة العربية الشاملة، مضيفاً: «مع اقترابنا من عام 2025، تزداد المخاوف من إمكانية إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، فالأزمات الحالية لا يمكن حلها فى فترة قصيرة، ما يستدعى التحرك الفوري من الدول العربية، وليس مصر فقط».
وأشار «حسن» إلى أن ليبيا تشهد أزمات سياسية متواصلة منذ أكثر من 14 عاماً، بينما تعانى سوريا من تداعيات الحرب الأهلية التي أدت إلى تغييرات جذرية فى النظام، فأصبحت سوريا ساحة مفتوحة لتدخلات متعددة، ما يعكس غياب الاستقرار ووجود فصائل متنازعة، فالأوضاع تجعل سوريا واحدة من أهم النقاط الاستراتيجية فى الشرق الأوسط، فضلاً عما تشهده القضية الفلسطينية من تدمير شامل فى غزة، حيث فقد الآلاف أرواحهم وتعرضت البنية التحتية لأضرار جسيمة، بينما تسعى إسرائيل إلى تقويض إمكانية قيام دولة فلسطينية، ما يهدد الاستقرار الإقليمي بعد تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي عن نوايا تغيير وجه المنطقة، وهو تحدٍ أمنى استراتيجي ليس فقط لدول الطوق، بل لكل منطقة المشرق.
وتابع: «أزمات المنطقة لا تقف عند حدود الطموح التوسعي لإسرائيل وإنما تمتد لأزمات أخرى تتورط فيها أطراف أكثر مع استمرار الحرب فى اليمن لأكثر من عشر سنوات، فى ظل انقسام الأطراف وعدم وجود رغبة حقيقية فى التوصل إلى حل، بينما يشهد السودان أزمة إنسانية وسياسية خانقة».
وأكد مساعد وزير الخارجية الأسبق أن مصر تلعب دوراً حيوياً فى معالجة الأزمات الإقليمية، وتدعو إلى حلول سلمية وتدعم استقرار كافة الدول العربية وتتبنى الرؤية المصرية مبدأ التوافق بين الأطراف المختلفة، وضرورة إقامة دولة وطنية فى فلسطين عاصمتها القدس الشرقية، والأوضاع الحالية تتطلب رؤية عربية موحدة لمواجهة التحديات.
«الإسلامبولي»: لدينا نهج دبلوماسي متوازنوقالت السفيرة هاجر الإسلامبولي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن منطقة الشرق الأوسط تواجه حالياً مجموعة من الأزمات المعقدة، أبرزها القضية الفلسطينية والوضع فى سوريا، ما يعكس عمق التحديات التي تؤثر على الأمن الإقليمي والدولي، موضحة استمرار تأزم الأوضاع فى غزة والضفة الغربية، حيث يسعى الاحتلال الإسرائيلي إلى تنفيذ مخططات تتضمن تقسيم غزة والتوسع فى الضفة، ما يزيد من تعقيد جهود السلام.
وأشارت «الإسلامبولى» إلى أن الأزمات فى سوريا تؤثر على الاستقرار الإقليمي، والتحركات العسكرية الإسرائيلية فى الجولان تعكس طموحات الاحتلال فى التوسع، وبالطبع يتعقد الوضع أكثر مع وجود قوى دولية مثل إيران والولايات المتحدة، ما يجعل مسألة تقسيم سوريا أمراً غير محتمل فى الوقت الحالي.
وتابعت: «التوترات الحالية فى المنطقة تظهر حاجة ملحَّة لتحقيق توافق بين القوى المتنازعة، مع ضرورة الانتباه إلى أهمية الشعب السوري ودوره فى تحديد مصير بلاده».
وأكدت أن مصر تتبع نهجاً دبلوماسياً متوازناً فى التعامل مع الأزمات، حيث تسعى إلى حماية أمنها القومي وعدم الانغماس فى صراعات قد تضر بمصالحها، موضحة أن هذا النهج يتمثل فى التركيز على الحلول السلمية وعدم اتخاذ مواقف قد تؤدى إلى تفاقم الأوضاع، فضلاً عن أن التصريحات الرسمية المصرية تُظهر وضوحاً فى المواقف، حيث يتم التأكيد على أهمية الحوار والتعاون بين الدول العربية، إذ تتطلع مصر إلى تعزيز العلاقات الإيجابية مع جميع الأطراف المعنية، ما يعكس دورها كوسيط رئيسي في المنطقة.