هل ينقذ محمد هنيدي ورفاقه السينما المصرية مجددا؟
تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT
لا يمكن بحال من الأحوال القول إن الـ25 عامًا الماضية كانت الأفضل في تاريخ السينما، أو أن ممثلي هذا الجيل هم الأنجح أو الأكثر تنوعًا أو قدموا الكثير من الأفلام التي تظل خالدة في تاريخ السينما، مع عدم نفي وجود تجارب، وإن كانت تجارية أو سائدة في الأساس، لكنها جيدة فيما يتعلق بالنوع الفيلمي الخاص بها أو أحدثت تطورًا في طرق التصوير أو المونتاج أو الإخراج، وغيرها من العناصر المتعلقة بصناعة السينما.
وفي الوقت نفسه لا يمكن نفي دور محمد هنيدي ثم رفاقه في إنقاذ السينما المصرية من حالة الركود التي كانت تعاني منه في التسعينيات، صحيح أنه كان هناك إرهاصات لمفهوم السينما الشبابية قبل فيلم إسماعيلية رايح جاي، بدخول جيل جديد يساعد النجوم المعروفة في السينما في عدة أفلام مثل كابوريا لأحمد زكي وإخراج خيري بشارة، أو استعانة عادل إمام ببعض النجوم الشباب في أفلامه، إلى جانب بعض التجارب الأخرى، وكذلك تجربة آيس كريم في جليم لعمرو دياب وإخراج خيري بشارة، وصحيح كذلك إن الفيلم يُحسب لبطله المطرب محمد فؤاد بالأساس، لكن إذا كان الفيلم ومحمد فؤاد هما القوس، فإن محمد هنيدي كان السهم الذي انطلق واخترق جدار الثلج وأذابه، أو أنه المعول الذي ضرب اللبنة الأخيرة وفتح الباب لجيل كامل خلفه أحدث انتعاشة في عدد الأفلام المعروضة، سواء من خلال محمد هنيدي مباشرة أو بشكل موازٍ له، فانطلقت السينما الكوميدية ثم اتبع ذلك أنواع فيلمية أخرى مثل الأكشن والتشويق وغيرهما.
مرت السنوات الأولى وأغلبهم يحقق الإيرادات الضخمة، فبحسابات التضخم وأسعار التذاكر، فإن 20 مليونا أو أكثر التي كنت تجنيها الأفلام الناجحة وقتها أكثر من الـ30 أو 50 أو حتى 100 مليون التي تحققها الآن بعض الأفلام. ثم جرى الكثير من الماء خلال ربع قرن، ليس المجال لسردها بالتفاصيل، لكن المهم أن حال السينما كان وما زال يسوء يومًا بعد يوم، وانفصل أغلب نجوم هذا الجيل، خاصة الرجال، عن أي تجارب سينمائية مختلفة، بسبب خوفهم من عجلة النجومية التي تدور بسرعة أو أن فشل أي فيلم قد يعيدهم خطوة أو خطوات إلى الخلف، وهرب أغلبهم بسرعة إلى التجارب التليفزيونية أملًا في عودة أضواء النجومية مرة أخرى، أحيانا بعد فشل فيلم واحد، وبعضهم بعد عدة أفلام، والأمر لا يختلف كثيرًا بالنسبة للجيل الذي لحق بجيل هنيدي ورفاقه.
لتصبح قدرتهم حتى على إنعاش السينما بأفلام تحقق أرباحًا كبيرة حتى لو لم تكن جيدة غير موجودة عند أغلبهم، باستثناء بعض الأسامي التي يمكن عدها على أصابع اليد الواحدة، التي ما زالت تتمتع بثقة كبيرة عند الجمهور منذ بداية نجوميتها حتى الآن، وهذا لا يعني أن هذه الأفلام متميزة أو مختلفة، لكنها ما زالت تمتع بالحد الأدنى لجذب الجمهور، أو بمعنى أدق فإنها "أحسن الوحشين"، أو أن بطلها ما زال محافظا على نجوميته بفضل الكاريزما في الأساس.
ورغم ذلك ما زال الكثير منهم يجد الأعمال التي يقدمها واحدا تلو الآخر بغض النظر عن حجم الإيرادات ومدى جودة الأفلام، على مدار 25 عاما ظلت السينما رهن التجربة الناجحة، فالنوع الذي ينجح يجري الباقي خلفه، في ظل عدم وجود تجارب مختلفة قادرة على فرض نفسها على السينما، واتسعت الفجوة بينما ما يسمى "الأفلام التجارية" و"الأفلام الفنية".
في دولة مثل مصر تقترب من 100 عام على إنتاج أول فيلم مصري، واحتفلت قبل 27 عامًا بمرور 100 عام على أول عرض سينمائي على أرضها، لم تجد السنة الماضية فيلمًا ترشحه لجائزة أوسكار أفضل فيلم دولي، في ظل الضعف الرهيب للأفلام المتنافسة في شباك التذاكر، وحتى التجارب القليلة التي تخرج من صناع أصحاب مشاريع أو وجهات نظر مختلفة تواجه الأزمات في العرض التجاري، أو أزمات من الرقابة، أو تكون في جولتها بين المهرجانات ولم تتاح للعرض الجماهيري في دور العرض، والمحصلة في النهاية أنه لا يوجد فيلم يستحق أن نرسله، لا أن يتمكن من دخول القائمة القصيرة للجائزة.
في هذا الموسم الصيفي شهدت دور العرض، عرض العديد من الأفلام التي تباين إقبال الجمهور معها، وباستثناء فيلم بيت الروبي بطولة كريم عبد العزيز وكريم محمود عبد العزيز، الذي اقترب من 130 مليون جنيه، جاءت إيرادات الأفلام الأخرى بين مقبولة وضعيفة، فأسعار التذاكر تساهم في الشعور بأن الأفلام حققت أرقام ضخمة لكنها ليس كذلك، فالفيلم الذي يحقق 30 مليون جنيه، لم يدخله إلا 300 ألف مواطن من بين 100 مليون، بحساب أن متوسط سعر التذكرة 100 جنيه.
مع اقتراب نهاية الموسم الصيفي عُرض فيلمان هما فيلم "وش في وش" من بطولة محمد ممدوح وأمينة خليل وتأليف وإخراج وليد الحلفاوي، والثاني هو "فوي! فوي! فوي!" من بطولة محمد فراج وتأليف وإخراج عمر هلال، ورغم أن الفيلمين ليس بهما بطل جماهيري بالمعنى المعروف ورغم تشبع الجمهور خلال موسم صيفي تداخل فيه عيد الفطر وعيد الأضحى تمكنا من تحقيق إيرادات جيدة، فالأول اقترب من 34 مليون جنيه، بينما حقق الثاني أكثر من 30 مليونًا، إلى جانب إشادات نقدية قوية، دفعت بالثنائي إلى التواجد في القائمة القصيرة لقائمة الأفلام التي صوتت عليها لجنة السينما لاختيار ممثل مصر في مسابقة الأوسكار، وجاء القرار بالأغلبية لفيلم "فوي"، أمام هاتين التجربتين عُرض فيلمان لنجمين جماهيريين هما "مرعي البريمو" لمحمد هنيدي، لم يحقق إلا 16 مليون جنيه، وفيلم على الزيرو لمحمد رمضان الذي حقق 13 مليون جنيه، في مدة زمنية أطول من المذكورة للفيلمين سابقين.
بكل تأكيد لم ولن تختفي في أي سينما بالعالم ولا حتى المصرية في عصور قوتها الأفلام المعتمدة على البطل ونجم الشباك، الذي يجنى الإيرادات، لكن في ظل انسحابات وخفوت الضوء حول كثير من النجوم، فلم يتبق إلا القليل من بين جيل هنيدي ورفاقه ومن لحقوا بهم ما زالوا قادرين على تحقيق الإيرادات الضخمة، في حين تخرج تجارب مختلفة تستطيع الصمود اعتمادًا على عناصر السينما من قصة إلى إخراج وغيره، هل يمكن أن تتغير رؤية المنتجين والصناع لحجم الأفلام المعتمدة على النجوم مقابل الأفلام التي تهتم بالجودة بحيث تميل إلى الأخيرة؟ هل بعد سلسلة فشل طويلة لنجوم السينما كان آخرها فيلم مرعي البريمو، الذي وصفه بطله بأنه سيكون أفضل مما فات ولم يحدث، أن يكون محمد هنيدي هو السهم الأخير لكي ينتبه النجوم ويلتفتوا إلى الموضوعات التي يتم معالجتها وتحسين الجودة، فيجمعوا بين الحسنين الإيرادات والخلود في التاريخ وينقذوا السينما المصرية!
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الأفلام التی محمد هنیدی ملیون جنیه
إقرأ أيضاً:
هالة جلال في افتتاح مهرجان الإسماعيلية: الدورة الـ26 بداية جديدة لدعم السينما في مصر والانفتاح على العالم
أكدت المخرجة هالة جلال، رئيسة مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة، أن الدورة الـ26 من المهرجان تمثل بداية جديدة لدعم السينما في مصر، وتعزز الانفتاح على السينما الإقليمية والعالمية، وذلك من خلال استضافة أفلام ومبدعين من مختلف أنحاء العالم، بهدف تبادل الخبرات وإثراء صناعة السينما التسجيلية والقصيرة.
وقالت هالة جلال خلال كلمتها في حفل افتتاح المهرجان، الذي أقيم في قصر ثقافة الإسماعيلية، إن المهرجان ينطلق من مدينة الإسماعيلية، المدينة العريقة ذات التاريخ الثقافي والفني المميز، مؤكدة أن أحد أهداف المهرجان الرئيسية هو ربطه بالأهالي، ليس فقط كجمهور متلقٍ، بل أيضًا كمشاركين وصناع أفلام، مما يعزز التفاعل بين الفن والمجتمع المحلي.
وأضافت أن المهرجان يعمل على توسيع قاعدة جمهور السينما التسجيلية والقصيرة، من خلال تقديم عروض متنوعة في أماكن مختلفة، وإقامة فعاليات تفاعلية مع الجمهور، تهدف إلى رفع الوعي السينمائي وتشجيع المشاهدين على الانخراط أكثر في هذا النوع من الأفلام، الذي يتميز بقدرته على نقل الواقع والتجارب الإنسانية بعمق وصدق.
وأوضحت رئيسة المهرجان أن اختيارات الأفلام المشاركة في المسابقات الرسمية تمت بناءً على معايير دقيقة، تركز على الجدة والابتكار، إلى جانب التنوع في الأساليب السردية والموضوعات المطروحة، مشيرة إلى أن الدورة الحالية شهدت تنافسًا قويًا بين الآلاف الأفلام من مختلف الدول، مما يعكس الاهتمام المتزايد بصناعة الأفلام التسجيلية والقصيرة عالميًا.
وأضافت أن لجان المشاهدة والتحكيم حرصت على انتقاء الأعمال التي تقدم رؤى جديدة وزوايا غير تقليدية، سواء من حيث الأسلوب البصري أو التناول الموضوعي، مما يتيح للجمهور فرصة استكشاف تجارب سينمائية فريدة ومشاهدة أفلام تفتح آفاقًا جديدة في عالم السينما.
وأشارت هالة جلال إلى أن الدورة الحالية من المهرجان تشهد مشاركة واسعة من ضيوف السينما التسجيلية والروائية، حيث يحضر المهرجان نخبة من المخرجين والكتاب والممثلين والنقاد من مصر وأفريقيا والعالم العربي وأوروبا وأمريكا، مما يتيح فرصة فريدة للحوار وتبادل الخبرات بين صناع الأفلام من مختلف الثقافات والخلفيات.
وأوضحت أن المهرجان يمثل منصة هامة للتواصل بين الأجيال المختلفة من صناع السينما، حيث يتيح للجيل الجديد من المخرجين فرصة التعلم من كبار المبدعين، والاستفادة من تجاربهم في الإخراج والإنتاج والتوزيع، بما يسهم في تطوير المشهد السينمائي المصري والإقليمي.
وأكدت رئيسة المهرجان أن الدورة الـ26 تضع دعم المواهب الجديدة في مقدمة أولوياتها، حيث يسعى المهرجان إلى خلق أجيال جديدة من السينمائيين يتمتعون بفكر متطور ورؤية إبداعية حديثة، وذلك من خلال تنظيم ورش عمل متخصصة في مجالات مختلفة مثل الإخراج والتصوير والمونتاج وكتابة السيناريو، بمشاركة خبراء من مصر وخارجها.
وتتواصل فعاليات المهرجان على مدار عدة أيام، حيث يشهد مجموعة متنوعة من العروض السينمائية، والندوات النقاشية، وورش العمل، إلى جانب الفعاليات الخاصة بتكريم الشخصيات السينمائية المؤثرة، تمهيدًا لاختتام المهرجان بالإعلان عن جوائز الأفلام الفائزة في مسابقاته المختلفة.