سلاح الذكاء الاصطناعي أم الرؤوس النووية؟
تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT
"خطر الذكاء الاصطناعي أكبر بكثير من خطر الرؤوس الحربية النووية. تذكروا كلامي هذا، الذكاء الاصطناعي أخطر بكثير من الأسلحة النووية"، هكذا عبر الملياردير العالمي إيلون ماسك، صاحب أكبر الشركات التقنية على مستوى العالم والمبنية على خوارزميات الذكاء الاصطناعي، عن خطر أبرز ما قدمته الثورة الصناعية الرابعة باعتبارها أداة فاعلة ووسيلة قوية لم يشهد لها عالم تكنولوجيا المعلومات مثيلا من ذي قبل ويمكنها أن تغير شكل العالم، وخاصة إذا ما استخدمت هذه التقنيات الذكية في جانب الشر.
خطر الذكاء الاصطناعي لا بذاته بل بتوظيفه في خدمة الشر أثار اهتمام العديد من الأشخاص والمؤسسات وحتى الدول، لتحديد استخدامه وفق أنظمة مضبوطة. كما تحدث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في أكثر من مناسبة عن الذكاء الاصطناعي بكونه خطرا يهدد وجود البشرية، ودعا إلى وضع أنظمة، ومؤسسات على مستوى دولي لمراقبة استخدامها، وضمان المنفعة العامة، لتوجه تطبيقاته إلى ما يمكن أن يرفع من سوية الخدمات المقدمة وبما لا يخرج عن مصلحة البشرية، وفي حالة استحداث شكل جديد من الخدمات فإنها يجب أن تكون ضمن السياق ذاته بما يعزز التحسين المستمر في المستويات النافعة الخيّرة.
ظهرت تجليات استخدام الذكاء الاصطناعي ضمن منظومة أسلحة الدمار الشامل الإسرائيلية التي فتكت بحياة المدنيين وهدمت المجمعات السكنية، وقضت على جميع تفاصيل الحياة في أقسى ما عرفته البشرية حتى اليوم من خروج عن منطلقات الإنسانية والتعامل بمنهجية المخالب والأنياب.
إن ما نشهده اليوم في العدوان الإسرائيلي على غزة عبر العديد من الأنظمة الذكية التي تحدد الأهداف بدقة عالية وتفتك بكل من يقف أمامها ضمن عوامل معقدة متداخلة كالتوقيت، وحجم الذخيرة، ودقة الأهداف، وغيرها تتيح لآلة الحرب الإسرائيلية أن تتفنن في رسم أبشع صور الموت بحرفية عالية لتنتج مشاهد مختلفة من المأساة والألم للأبرياء.
أتاحت خوارزميات الذكاء الاصطناعي المبنية على التعلم المراقَب بالإضافة إلى التعلم المدعوم؛ فرصة لخلق محتوى جديد من خلال مجموعة من الأوامر أو التعليمات، حيث يتم دراسة قواعد البيانات لمعرفة واستخراج الأنماط، ومن ثم إنتاج محتوى جديد؛ حيث يعتبر تطبيق "تشات جي بي تي" من أهم التطبيقات التي تم تصميمها وفقا لهذه المنهجية، ولاقت رواجا كبيرا في الآونة الأخيرة على نطاق واسع جدا.
وجدت إسرائيل هذه التقنية فرصة جيدة لمحاولة رسم صورة حرب أمام العالم ممتلئة بالظلم والدمار بريشة التكنولوجيا وألوان الكذب، لتبث في كل حدب وصوب صورا تفطر لها قلب العالم وأثارت الرأي العام العالمي بكل قوة لكف المعاناة والألم عن إسرائيل، وحيث أن حبال الكذب أقصر بكثير مما تظن، كشفت برمجيات ذكية متطورة أن ما تصدره إسرائيل من صور متعلقة بقتل سكانها وحرق الأطفال تم إنتاجه افتراضيا ليس حقيقة، وأن من صدق أو تداول أو صرح بمحتوى هذه الصور أصبح محرجا، كما اضطر البيت الأبيض لأن يتراجع عن تصريحات رئيسيه حول قطع رؤوس الأطفال والادعاء بأن هذه التصريحات كانت مبنية على "مزاعم" مسؤولين إسرائيليين وتقارير إعلامية محلية.
من جانب آخر، وحيث أن الحرب النفسية أحد أهم المحاور التي لا تقل أهمية عن الحرب العسكرية، تحاول الإدارة الإسرائيلية رفع الروح المعنوية للإسرائيليين بأحداث أو انتصارات كاذبة مدعومة بالصور والتسجيلات الصوتية وبثها عبر المنصات المختلفة، لخلق توازنات بين الأطياف المختلفة بما يضمن إدارة الموقف الداخلي لحين انتهاء الحرب.
أراد العالم أن تكون منصات التواصل الاجتماعي المنضدة الأولى التي توضع عليها كل ما يجري في أي من أرجائه ليراها الجميع دون أي قيود، بعدما أذابت العولمة التكنولوجية جميع الحدود والحواجز، وأصبح العالم قرية صغيرة نتجول بين أروقتها بحرية وسهولة، ولكن سرعان ما وضعت إسرائيل حدودا وعقبات في هذا الفضاء الإلكتروني لتسمح بمرور الأخبار والمحتويات التي تريدها فقط دونما قيد أو شرط، وتخفي كل ما يصور حقيقتها الدموية عن العالم عبر توجيه خوارزميات الذكاء الاصطناعي لفرز محتوى ما يُنشر، ومنع إيصال أي محتوى يصور معاناة الشعب الفلسطيني من قتل وهدم وحرق الممتلكات. كل ذلك يتم إخفاؤه عبر استخدام الخوارزميات الذكية المتعلقة بمعالجة اللغات الطبيعية لتحديده أولا ومن ثم إلغائه. وفي المقابل يتم توجيه الخوارزميات لتعمل على نشر المحتويات المتعلقة بمعاناة الإسرائيليين وتوسيع نشرها على أوسع نطاق، لكسب التعاطف من المجتمعات الدولية والتأثير على صناعة القرارات الداعمة والمؤيدة لكل ما تقوم به إسرائيل من سياسات الحرب والتدمير.
علينا أن ندرك بأننا ندفع اليوم ثمن تغريدنا خارج سرب الثورة التكنولوجية، وأن بقاءنا طوال الوقت ضمن فصيلة المستهلكين لما يقدمه العالم الأول من تقنيات وأنظمة وتطبيقات تكنولوجية أبقتنا تحت رحمة من يمتلكها ليقرر عنا فحوى رسائلنا للعالم، وأن امتلاك هذه التقنيات المتطورة والعمل على تطويرها بأيد عربية ستفتح المجال لنا بأن نصدّر للعالم ما يمكن من خلاله أن نكون رقما صعبا يصعب تجاوزه أو استغفاله.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الذكاء الاصطناعي الإسرائيلية الفلسطيني إسرائيل فلسطين الدعاية الذكاء الاصطناعي مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
يتسلمها ترامب خلال ساعات.. ماذا نعرف عن الحقيبة النووية التي لا تفارق الرئيس الأمريكي؟
عواصم - الوكالات
يصفها البعض بأنها النسخة المعاصرة من التاج والصولجان وبقية الرموز التي كانت تشير إلى السلطة في العصور الوسطى، وبمرافقتها الدائمة لرئيس أقوى دول العالم والقائد الأعلى لجيشها، تحوّلت هذه الحقيبة البسيطة في مظهرها، إلى أيقونة للقوة العظمى وأخطر وسيلة تدبير اخترعتها البشرية حتى اليوم.
وفي الولايات المتحدة الأمريكية "الحقيبة النووية" عبارة عن حقيبة تزن عشرين كيلوجراما ملفوفة بالجلد الأسود، تحتوي الرموز والمفاتيح التي يحتاجها رئيس الدولة إذا قرر شن ضربة نووية، وترافق الرئيس في حله وترحاله.
وأطلق الأمريكيون اسم "كرة القدم النووية" نسبة لأول خطة سرية للحرب النووية، وبرزت أهمية الحقيبة بعد أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، وظهرت لأول مرة يوم 10 مايو 1963، وتم تحديثها دوريا من قبل جهات عسكرية أمريكية.
وتسمى الرموز الموجودة في الحقيبة النووية الأمريكية بـ"رموز الذهب" ويتم توفيرها من قبل وكالة الأمن القومي، وتطبع على بطاقة بلاستيكية بحجم بطاقة الائتمان تسمى "بسكويت"، لأن البطاقة ملفوفة في فيلم مبهم، تبدو مثل مغلفات البسكويت، وهذه البطاقة "بسكويت" يمكن للرؤساء حملها خارج الحقيبة النووية.
ويتناوب على حمل "الحقيبة النووية" التي تحتوي على عناصر غاية في السرية خمسة جنود أمريكيين تلقوا تدريبا خاصا، ويلازمون الرئيس أينما حلّ في الداخل والخارج، في الجو والبحر، وفي المصعد والفندق وغيرها من الأماكن.
ورغم أن القانون الأميركي يمنح الرئيس صلاحية حصرية في شن ضربة نووية، فإن إعطاء الأمر بذلك يحتاج من الناحية القانونية إلى سلسلة إجراءات يتعين على الرئيس اتخاذها، تتمثل في الاتصال بمركز عمليات وزراة الدفاع (بنتاغون)، وقراءة رموز تحديد الهوية للتأكد من أنه هو الذي يعطي هذا الأمر، وهي الرموز التي تبقى في البطاقة.
وقبل تسليم مهامه لخلفه، يضع الرئيس المنتهية ولايته مفتاح تشغيل النووي على المكتب الرئاسي في مجلد مغلف بالشمع ويمنع على الجميع لمسه قبل الرئيس الذي يجلس في كرسي البيت الأبيض، وسوف يتسلم ترامب الحقيبة اليوم بعد مراسم التنصيب كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية خلفا لبايدن.
وللرؤساء الأميركيين قصص وروايات مع بطاقة "بسكويت"، ففي عام 1981، أثناء محاولة اغتيال الرئيس رونالد ريغان في مارس 1981، لم يتمكن الشخص الذي كان يحمل "الحقيبة النووية" من الصعود إلى سيارة الإسعاف التي حملت الرئيس إلى المستشفى، ليتم العثور لاحقا على بطاقة "بسكويت" في حذاء الرئيس الذي كان ملقيا على الأرض في غرفة العمليات.
كما أن الرئيسين جيرارد فورد وجيمي كارتر قد نسيا بطاقة "بسكويت" في جيوب بدلات أرسلت للغسيل. أما الرئيس بيل كلينتون فقد غادر عام 1999 قمة لمنظمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) من دون "الحقيبة النووية"، كما فقد "بسكويت" لشهور عديدة.
ولم يخل عهد الرئيس ترمب في ولايته السابقة من المخاوف بشأن "الحقيبة النووية"، فقد قام رجل أعمال يدعى ريتشارد ديغازيو بالتقاط صورة له مع حامل "الحقيبة النووية" ونشرها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وعلق عليها قائلا "هذا هو ريك.. إنه يحمل الحقيبة النووية"، وحدث ذلك خلال حفل عشاء أقامه ترمب وزوجته على شرف رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي وزوجته في نادي الرئيس الأميركي الخاص في ولاية فلوريدا. وتم حذف حساب رجل الأعمال من حينها في فيسبوك.