عليَّ ديون كثيرة ولا مال عندي لأُسدد الديون المتراكمة علي، فهل يجوز لي أن آخذ قرضًا من بنك ربوي، مع العلم بأن أصحاب الديون يُعجلونني بالدفع ولا خيار عندي غير ذلك؟
البنك الربوي إن أقرضك تضاعف دينك، فما هذا الحل الأهوج؟!، وإنما عليك أن تسعى في قضاء دينك حسب وسعك، (لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت).
شخص له دين على آخر، وماطل المدين عشرات السنين ثم نزلت قيمة العملة وأصبح ثمنها بخساً وأراد أن يدفع الآن، فكيف يكون الدفع؟
إن الذي عليه أهل العلم من السلف والخلف اعتمده المعاصرون أن العملة ـ وإن انحطت قيمتها ـ تكون هي المعيار لوفاء الدين المبني عليها، ما لم تُلغ أو تفقد جميع قيمتها والله أعلم.
عن رجل له نقود على رجل آخر وهي ألف ريال عماني، ولم يستطع الحصول عليها منه، فأتاه شخص آخر وقال له تنازل عن ثلاثمائة ريال وأنا أعطيك الباقي وأقوم بدوري بمتابعة الذي عليه الحق، سواء أعطاني أم لم يعطني، فهل يعتبر هذا ربا أم لا؟ وما حكمه؟
هذا من باب بيع الدين، وذلك منهي عنه، والتفاوت بين الأخذ والعطاء هو عين الربا.. والله أعلم.
هل يجوز أن يؤذن لصلاة الفجر أذانين؟
ليس في الأذانين لصلاة الفجر ما يستنكر، فقد كان لصلاة الفجر في عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أذانان، وكان يقول لهم في رمضان: (إذا أذن بلال فكلوا فإنه يؤذن بليل وإذا أذن أبن أم مكتوم فكفوا)، وفي رواية:(فإنه رجل أعمى لا يؤذن حتى يقال له أصبحت أصبحت)، هذا ولا يزال أصحابنا من أهل المغرب يلتزمون الأذان مرتين للفجر إلى يومنا هذا عملاً بالسنة، وهكذا في المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف، وهذا كله يؤكد أنه ليس في تكرار الأذان للفجر ابتداع.. والله أعلم.
يجيب عن أسئلتكم
سماحة الشيخ العلامة
أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: والله أعلم
إقرأ أيضاً:
رفع ركام الحرب ملفّ شائك وهذا هو الحل المتوافق عليه
كتبت" الاخبار": ملايين الأمتار المكعبة من الردميات والأنقاض خلّفتها الحرب الإسرائيلية على لبنان لا تزال في «أرضها». صحيح أن ملف رفعها قد بات جاهزاً أو «انتهى كملف قانوني»، بحسب وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية، مع إقرار دفتر الشروط، إلا أن البدء بتنفيذ خطوات هذا الملف عملياً دونه كثير من التحديات، لا سيما أن عملية رفع الركام والردميات لا تنحصر بجرفها ونقلها ورميها في الأماكن التي حدّدتها الحكومة، وإنما هو «ملفّ شائك بيئياً وصحياً»، بحسب النائبة نجاة صليبا، المديرة التنفيذية للأكاديمية البيئية في الجامعة الأميركية في بيروت. والحذر هنا مصدره أن هذه الأنقاض والردميات ليست «حاف»، بل خليط يتضمن إضافة إلى الباطون أشياء أخرى من مثل ألواح الطاقة الشمسية وبطاريات «الليثيوم» وبطاريات الأسيد والذخائر والإلكترونيات التي توجد ضمن الأدوات الكهربائية في المنازل المهدمة وغيرها، وهي كلها «تشكّل خطراً على الأمن والأمان»، وفقاً للأمينة العامة للمجلس الوطني للبحوث العلمية الدكتورة تمارا الزين. ويصبح هذا المفهوم أكثر خطورة استناداً إلى حرب شرسة امتدت عاماً كاملاً وجرفت معها الكثير من المباني السكنية بما تحويه من مواد ومستلزمات إلكترونية.
في هذا السياق، ووفقاً للتقرير الأخير الذي أصدره المجلس الوطني للبحوث العلمية حول الاعتداءات التي خلّفها العدوان الإسرائيلي على لبنان وأثرها في مختلف القطاعات، في المدة الممتدّة بين الثامن من تشرين الأول 2023 وإعلان وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني الماضي، يقدّر عدد المباني التي دُمّرت بالكامل في الضاحية الجنوبية لبيروت وحدها بنحو 353 مبنى وبمساحة 124368 متراً مربعاً، يضاف إليها 593 مبنى طالتها أضرار جسيمة و1972 مبنى أُصيبت بأضرار بالغة. ويقدّر حجم مخلّفات المباني المدمرة كلياً في الضاحية بما بين 1.2 و1.7 مليون متر مكعب (تقدير الأرقام جاء وفقاً لمنهجيّتين مختلفتين ولاعتماد معدل ثماني طبقات لكل مبنى) وبوزن تقديري للركام يراوح بين 2 و3.9 ملايين طن (وفقاً لطريقة احتساب تعتمد على معدل يراوح ما بين 1.6 و2.25 طن لكل متر مكعب). وهذه الملايين من الأطنان ليست فقط مكعبات خرسانية، بل تضمّ كل ما سبق. وإذا ما أخذنا في الحسبان فقط عدد الألواح الشمسية التي توجد في المباني التي تضررت بالكامل، فإنها تقدّر بنحو 3989 لوحاً، ما يشكّل 3.2% من مجمل عدد الألواح المستخدمة في الضاحية، يضاف إليها ما نسبته 2.8% من الألواح التي تعرضت لأضرار جسيمة وما نسبته 23% من الألواح التي تعرضت لأضرار تراوح بين الطفيفة والمتوسطة. ولهذه كلّها أثمان على صحة الإنسان والبيئة.
وفي هذا السياق، ثمة عمل شاق أكبر من مجرّد إعداد دفتر للشروط، يتضمن شقين أساسيين، أولهما حماية العاملين على الأرض أثناء عملية رفع الأنقاض، والسكان بالقرب من المناطق المدمرة، والشق الثاني يتعلّق بمخلّفات الركام نفسها.
في الشق الأول، تشير صليبا إلى جملة من الإجراءات الموصى بها عالمياً في ما يتعلّق بحماية صحة العاملين لناحية التزام الشركة الملتزمة بمعايير اللباس بالنسبة إلى العمال، أي أن تكون من نوعية الـ»PPE personal protective equipment»، تشبه إلى حدٍّ ما ما يلبسه الأطباء والعاملون في غرف العمليات أو في غرف العزل، إضافة إلى إرتداء نظارات لحماية العيون. أما بالنسبة إلى حماية السكان، فيفترض تسييج المباني المدمرة بـ«حاجز يشبه غشاء أخضر أو حماية كالذي يوضع عند البناء أو الترميم»، ورشّ المياه فوق الأرض كي لا يؤذي الغبار المتطاير في الهواء السكان.
وإذا كان يفترض أن يكون هذا الشق بديهياً، بحسب صليبا، إلا أن ما يوجب الحذر هو الشق المتعلق بما كانت تحويه تلك المباني سابقاً واختلط اليوم بالركام وبات مصدر خطر. قبل كل شيء، وبحسب المعايير الموصى بها عالمياً سواء في الكوارث الطبيعية أو في حالة الحرب، يفترض بعد نزع الذخائر غير المنفجرة، نقل الردميات إلى مكان مؤقت، بحسب الزين، وهناك يجري «تنظيفها»، عبر فرز ما فيها بين ما هو صالح للتدوير وما هو لـ«الكبّ». وما يبقى من الركام من المكعبات الخرسانية والباطون، يجري فصل الحديد عنها ثم طحنها لتصبح كالحصى. وعقب هذه المرحلة، يجري اختيار السيناريو الملائم، إما وضعها في مناطق متدهورة بيئياً كالمقالع والكسارات أو استخدامها في تدعيم الطرقات أو تجليل الحقول للاستفادة منها. هذا في ما لو تمّ العمل على الركام انطلاقاً من «الحرص على السلامة العامة».
أما في حال جرى رمي هذه الردميات بما تحتويه، فثمة مخاطر مرتبطة بطبيعة المادة الموجودة وما هي استخداماتها. ولكل مادة تقديراتها من المخاطر التي ترتبط بأين ستنتهي. إن كانت ستُستخدم لتوسعة مطمر الكوستابرافا، مثلاً، فمن المعلوم أن هذه الردميات تتسبب، فيما لو تركت على حالها، في تلويث مياه البحر. أما إذا انتهت في الطبيعة، فتختلف تأثيراتها بحسب طبيعة الأراضي التي ستوضع فيها، إذ إن هناك أراضي سريعة الامتصاص قد يتسبب رمي الردميات فيها في الوصول إلى المياه الجوفية وتلويثها. لذلك يفترض، بحسب الزين، أن تجرى دراسة طبيعة الأرض جيولوجياً.
وليس بعيداً عن المسار، تشير المصادر إلى أن ما جرى التوافق عليه هو «بيع» الردميات للشركة الرابحة مقابل أن تقوم بنقلها ورميها في الأماكن المتفق عليها، ومنها مطمر الكوستا برافا (كان ثمة اقتراح من وزارة البيئة برمي الردميات في المناطق المتدهورة بيئياً مثل المقالع والكسارات وغيرها). وبديهياً، في ظل هذا النمودج الاقتصادي، يتوقّع أن تقوم الشركة نفسها بعملية الفرز للاستفادة مما تحتويه هذه الردميات لكونها مواد قابلة للتدوير أو للبيع، على أن تتكفل في نهاية المطاف برمي ما ليس ذا جدوى اقتصادية.