والتركيب الإضافي (سول الله) واردٌ للتشريف، فتكون الإضافة على معنى اللام، أيْ رسول لله أرسله لنا، ولصلاحنا، أيْ رسول لله؛ وذلك لبيان عظمة المرسِل، وشرف المرسَل، وكمال ما به أُرْسِلَ، أو تكون الإضافة على معنى (من)، أي رسول من عند الله، فهو مرسل من قبله ـ جلَّ شأنه ـ أو تكون الإضافة على معنى (عن) أي: رسول مبلغ عن الله، آخذ عن مولاه، ومخبرٌ عن ربه، قد ربَّاه على عينه، كما أخبر عن نفسه الشريفة، حيث قال:(أدبني ربي، فأحسن تأديبي)، فهو علويُّ التربية، سماويُّ الخُلُقِ، ربانيُّ الرعاية، وكلمة:(أسوة) مأخوذة من الفعل:(أسا ـ يأسو) بمعنى طبَّب يطبِّب، ويُسَمَّى الطبيبُ الآسيَ؛ لأنه يأسو جراح، أي: يعالجها، ويطبِّبها، ويكون ـ بعد الله ـ سببًا في علاجها، وبرء صاحبِها منها، والرسول أتى ليطبِّب البشرية، ويأسُوَ بسيرته جراحَها، وينهض بها من وهديتها، وكبوتها، وينتشلها من أمراضها المستعصية، أمراضها النفسية، وأمراضها الاجتماعية، وأمراضها الفكرية، وأمراضها العقدية، ويرفعها إلى مستوى الإنسانية اللائق بها، وقوله:(أسوة) هو نكرة، والنكرة تفيد العمومَ، والشمولَ، وهي كناية عن صفة هي سعة مقام القدوة، واتساع مناحي الأسوة، فهو أسوةٌ في كل صفات الخير، وسمات الحُسْنِ، فهو مَأْسُوٌّ به، ومُقْتَدًى به في العفو، والصفح، والحلم، والتعاون، والتسامح، والبر، والصلة، والكرم، والأخوة، والذكاء، وحسن التخلص، والصدق، والنبل، ورقة المشاعر، ورهافة الإحساس، وسعة العطاء، وكمال سعة الصدر، وغيرها من كل كمالات البشر، فقد تَجَمَّعَتْ في شخصه الشريفِ كلُّ الأخلاقيات التي يتعشَّقُها الكبراءُ، ويهواها النبلاءُ، ويحرص عليها الأولياءُ، وهي من خصائص المقربين.


ثم وُصِفَتْ بكلمة:(حسنة) التي هي من أوزان الصفات المشبهة التي تعني أن الحُسْنَ ثابتٌ لها، أزليٌّ فيها، وأنها واردة على التنكير الذي يعني كلَّ حسن، وجميعَ الحُسْنِ، فهي كناية عن صفة هي اتساعُ الحُسْنِ، واستمراره، وسرمديته، فكلُّه (صلى الله عليه وسلم) حسن، وقدوتُه حسنةٌ، والأسوةُ فيه بكلِّ ألوان، وأصناف، وأطياف الحسن، والكمال التام موفورة، وهي بكمالها وجمالها وجلالها ممهورة، مشكورة.
ثم وَضَّحَتِ الآية المقصودَ بالضمير (كم) في قوله:(لكم) المتقدِّم، فهي بدلٌ منه، وشرحٌ له، وتوضيحٌ لمرادها، وبيان لمقصودها، بدليل اللام التي وضَّح النحويون صفتَها، وأنها إذا كان المبدل منه معها ضميرا أعيدَ في المبدَلِ ما كان قد اتصل بالمبدل منه من حروف الجر، وقد تقدَّم المبدلُ منه ضميرًا متصلا سبقتْه لامُ الجر، فأعيدَ في البدلِ حرفُ الجر نفسُه، وهو اللام:(لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا)، وهنا ورد اسم الموصول العام، أو المشترك:(من) الذي يعود على الذكر والأنثى، الكبير والصغير، الأبيض والأسود، العربي والعجمي، من في الشمال، ومن في الجنوب، ومن في الشرق، ومن في الغرب، مادام مسلمًا، أيا كانت جنسيته، ولونه، وثقافته، ومكانه، كلُّهم داخل في:(من).
د.جمال عبدالعزيز أحمد ❋
❋ كلية دار العلوم ـ جامعة القاهرة – جمهورية مصر العربية
Drgamal2020@hotmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: الح س ن

إقرأ أيضاً:

يغفلها الكثير.. صلاة بالنهار تفتح لها أبواب السماء وتعدل قيام الليل

هناك صلاة بالنهار تفتح فيها أبواب السماء وتعدل قيام الليل لكن كثير من المسلمين لا يعرفون هذه الصلاة مع أن لها ثواب عظيم، هكذا قال الدكتور أيمن أبو عمر، وكيل وزارة الأوقاف لشئون الدعوة.

وأوضح “ أبو عمر”، فى فيديو له منشور عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أن هذه الصلاة تصلي فى النهار وقت تفتح فيه أبواب السماء وتسبح فيه جميع المخلوقات، لأن أبواب السماء تكون مفتوحة فى هذا الوقت، ألا وهى صلاة الزوال.

صلاة الزوال تفتح لها أبواب السماء

سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم كان يحافظ فى هذا الوقت على صلاة 4 ركعات، وكان صلى الله عليه وسلم يقول (أُحِبُّ أن يَصعَدَ لي فيها عمَلٌ صالحٌ)، وكان يصليهم بسورة واحدة، قائلاً:" فسألوه الصحابة قالوا يا رسول الله تقرأ فيها؟ أي تقرأ فيه سورة غير الفاتحة قال نعم"، وبيًن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الـ4 ركعات سنة تكون بتسليمة واحدة ولا يوجد فيها تشهد أوسط.

وأشار الى أن الوقت الذي تفتح فيه أبواب السماء فى النهار هو بعد زوال الشمس وقبل صلاة الظهر أي بين أذان الظهر لوقت الإقامة تفتح أبواب السماء وتسبح فيه كل المخلوقات.

صلاة الزوال تعدل قيام الليل

الـ4 ركعات لهم فضل اخر بينهم لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حديث (يعدلن صلاة السحر) أي من صلى 4 ركعات فى هذا الوقت كأنه صلى قيام ليل.

فالذكي العاقل من يغتنم هذا الوقت ويكون له فيه عمل صالح من صلاة أو تسبيح أو ذكر، وسيدنا النبي اصلى الله عليه وسلم اختار الصلاة.

دعاء ينجيك من حوادث الطرق والمصائب المفاجئة.. ردده يوميا وأنت ذاهب لعملكماذا تقول في دعاء الشكر لله؟.. كلمات من هدي النبي تمنحك البركةصلاة الزوال

روى الترمذي في السنن عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي أَرْبَعًا بَعْدَ أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَقَالَ: إِنَّهَا سَاعَةٌ تُفْتَحُ فِيهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَأُحِبُّ أَنْ يَصْعَدَ لِي فِيهَا عَمَلٌ صَالِحٌ "، وعن أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: "أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كَانَ يُدْمِنُ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تُدْمِنُ هَذِهِ الْأَرْبَعَ رَكَعَاتٍ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ؟ فَقَالَ:ِنَّ أَبْوَابَ السَّمَاءِ تُفْتَحُ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ، فَلَا ترتج حتى يصلى الظُّهْرُ؛ فَأُحِبُّ أَنْ يَصْعَدَ لِي فِي تِلْكَ السَّاعَةِ خَيْرٌ.

وقد اختلاف أهل العلم في حكم صلاة الزوال، وما إن كانت سنة مستقلة عن صلاة الضحى أم أنها سنة الظهر القبلية، فذهب الشافعية إلى القول بأنها سنة مستقلة بذاتها، فيما رجح الجمهور بأنه سنة الظهر القبلية، وهي أربع ركعات على الأرجح، حيث ذكر في "نهاية المحتاج": "وصلاة الزوال بعده، وهي ركعتان، أو أربع".

جاء في "زاد المعاد": "وقد يقال: إن هذه الأربع لم تكن سنة الظهر، بل هي صلاة مستقلة كان يصليها بعد الزوال، كما ذكره الإمام أحمد عن عبد الله بن السائب، "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي أربعا بعد أن تزول الشمس"، وقال: "إنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء، فأحب أن يصعد لي فيها عمل صالح".

وعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا لم يصل أربعاً قبل الظهر صلاهن بعدها، وذكر ابن ماجه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فاتته الأربع قبل الظهر، صلاها بعد الركعتين بعد الظهر.

كما ورد عن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي أربعا قبل الظهر، وبعدها ركعتين، وذكر ابن ماجه أيضاً عن السيدة عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم " يصلي أربعا قبل الظهر، يطيل فيهن القيام، ويحسن فيهن الركوع والسجود .

صلاة الزوال

يقول الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية السابق، في بيان صلاة الزوال، ما نصه:أخبرنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن الإكثار من النوافل سبب لمحبة الله تعالى؛ روى الإمام البخاري في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ اللهَ قَالَ: ... وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ».

كما رغَّب سيدنا رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم في المحافظة على اثنتي عشرة ركعة التي هي السنن الراتبة التابعة للصلوات المفروضة، وهي: أربع ركعات قبل صلاة الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد صلاة المغرب، وركعتان بعد صلاة العشاء، وركعتان قبل صلاة الفجر، وبيَّن أن في المحافظة عليها أجرًا عظيمًا؛ فقد روى الإمام الترمذي في "سننه" عن أم المؤمنين أم حبيبة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ صَلَّى فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ: أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمغرب، وَرَكْعَتَيْنِ بعد الْعشَاء، وَرَكْعَتَيْنِ قبل صَلَاة الْفَجْرِ»، وفي رواية الإمام مسلم أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصَلِّي للهِ كُلَّ يَوْمٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعًا غَيْرَ فَرِيضَةٍ إِلَّا بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ -أَوْ إِلَّا بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ-».

ولفت "علام" إلى أن سيدنا رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم قد خص بعضَ هذه الرواتب بالتأكيد والترغيب، كنافلة الفجر؛ روى الإمام مسلم في "صحيحه" عن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا»، وفي شرحه لهذا الحديث قال العلامة المباركفوري في "تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي" (2/ 388، ط. دار الكتب العلمية): [قَوْلُهُ «رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» أَيْ مِنْ مَتَاعِ الدُّنْيَا، قَالَهُ النَّوَوِيُّ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: إِنْ حَمَلَ الدُّنْيَا عَلَى أَعْرَاضِهَا وَزَهْرَتِهَا فَالْخَيْرُ إِمَّا مُجْرًى عَلَى زَعْمِ مَنْ يَرَى فِيهَا خَيْرًا أَوْ يَكُونُ مِنْ باب: ﴿أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا﴾ [مريم: 73]، وَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَكُونُ هَاتَانِ الرَّكْعَتَانِ أَكْثَرَ ثَوَابًا مِنْهَا، وَقَالَ الشاه ولي الله الدهلوي في حجة الله الْبَالِغَةِ: إِنَّمَا كَانَتَا خَيْرًا مِنْهَا؛ لِأَنَّ الدُّنْيَا فَانِيَةٌ وَنَعِيمُهَا لَا يَخْلُو عَنْ كَدَرِ النَّصَبِ وَالتَّعَبِ، وَثَوَابُهُمَا بَاقٍ غَيْرُ كَدِرٍ] اهـ.

كما كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحرص على أن يصلي أربعًا قبل الظهر، فإذا لم يصليهنّ قبل الظهر صلاهن بعدها؛ روى الإمام الترمذي في "سننه" عن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: "أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم كَانَ إِذَا لَمْ يُصَلِّ أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ صَلاَّهُنَّ بَعْدَهُ"، وفي رواية ابن ماجه أنها قالت: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم إِذَا فَاتَتْهُ الأَرْبَعُ قَبْلَ الظُّهْرِ صَلَّاهَا بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ"؛ قال العلامة الشوكاني في "نيل الأوطار" (3/ 32، ط. دار الحديث): [الحديثان يدلّان على مشروعية المحافظة على السنن التي قبل الفرائض، وعلى امتداد وقتها إلى آخر وقت الفريضة؛ وذلك لأنها لو كانت أوقاتها تخرج بفعل الفرائض لكان فعلها بعدها قضاء وكانت مُقدَّمةً على فِعل سنة الظهر] اهـ.

طباعة شارك صلاة الزوال صلاة الزوال تفتح لها أبواب السماء صلاة الزوال تعدل قيام الليل

مقالات مشابهة

  • خالد الجندي يكشف أسرار بلاغية وراء اختيار الله الذهب والأخضر في وصف الجنة.. فيديو
  • يغفلها الكثير.. صلاة بالنهار تفتح لها أبواب السماء وتعدل قيام الليل
  • علي جمعة: أمرنا رسول الله ﷺ بحب آل بيته والتمسك بهم
  • دعاء الرحمة والسكينة "اللهم اصلح الحال وارح البال"
  • أفضل الذكر والاستغفار .. ردد هذه الأذكار يحبها الله وتقضي الحوائج
  • هل الصدق أحد أسباب دخول الجنة؟
  • أطعمة الإفطار التي تحمي الدماغ من الخرف المبكر
  • أحب الكلام إلى الله.. اغتنم هذا الذكر وردده الآن
  • دراسة: معظم الناس يواجهون صعوبة في التفريق بين الأصوات البشرية وتلك التي يولدها الذكاء الاصطناعي
  • لماذا أمر رسول الله بكحل العين قبل النوم كل ليلة؟..لـ4 أسباب