إن للإنسان عادات يقوم بها المسلم كالأكل والزواج والكسب والمعاش وأفعال الحلال والبعد عن الحرام، وللصحبة والأخوة والمعاشرة آداب وللسفر آداب وللأمر بالمعروف والنهى عن المنكر آداب، والأسوة فى ذلك هدى النبى (صلى الله عليه وسلم)، ولذلك علينا أن تكون هذه العادات تبتغي بها وجه الله وإن كان أغلبها من قبيل المباح الذي بستوى فيه الفعل والترك.


ولنبدأ بآداب الطعام والأكل، ومن ذلك غسل اليدين قبل الأكل للحفاظ على الصحة من الجراثيم التى توجد باليد، وعلى المسلم أن ينوى بالأكل التقوى لعبادة الله وطاعته ليكون مطيعًا بالأكل، فلا يكن مقصده فقط التنعم بالطعام والشراب ــ وإن كانت من نعم الله التى لا تُعدُ ولا تُحصى ــ وعيتجنب المسلم الشبع، فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):(ما ملأ ابن آدم وعاء شر من بطنه، حسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه وثلث لنفسه) (رواه الترمذى).
وعلى هذا لا يقبل على الطعام إلا وهو جائع، وأن يرفع يده قبل الشبع، ومن يفعل ذلك لم يكد يحتاج إلى الذهاب إلى أطباء السمنة وتعب البطن والتخمة.
ومن آداب الطعام أن يرضى بالموجود من الرزق، ولا يحقر اليسير منه، وأن يتذكر دائمًا من هو دونه فى الرزق والطعام فذلك أرجى أن يعرف نعمة الله عليه ويشكره.
ومن آداب الطعام أن يبدأ ببسم الله فى أوله، ويحمد الله تعالى فى آخره، ومن آداب الطعام أن يأكل باليمنى ويصغر اللقمة ويحسن مضغها، وألّا يمد يده إلى الثانية حتى يبتلع الأولى، ولا يذم أو يعيب مأكولًا وأن يأكل مما يليه، إلا أن يكون الطعام متنوعًا كالفاكهة، وأن يأكل بثلاث أصابع، وإذا وقعت لقمة أخذها.
ومن آداب الطعام أن لاينفخ فى الطعام الحار، ولا يجمع بين التمر والنوى فى إناء واحد، ومن آداب الشراب أن يشرب بيمينه، ولا يشرب قائمًا.
ومن آداب الطعام مراعاة كبار السن فلا يبدأ الطعام بحضرتهم إلا إذا بدأوا، ويستحب الكلام أثناء تناول الطعام فى الكلام المستحب والمباح وحكايات الصالحين، ومن آداب الطعام ألّا ينظر إلى رفاقه وهم يأكلون لئلا يستحوا، ومن ذلك ألّا يفعل ما يستقذره من يأكل معه من أصوات أو أفعال منفرة، إن الأكل من نعم الله علينا فلنتأدب فى تناول الطعام ونحمد الله عليه، والله من وراء القصد، وهو وحده الهادي إلى سواء السبيل.
د. أحمد طلعت حامد سعد ❋
✽ كلية الآداب ـ جامعة بورسعيد بجمهورية مصر العربية
AHMEDTHALAT468@GMAIL.COM

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: الله علیه

إقرأ أيضاً:

خطيب البعوث الإسلامية: الأمة تمر بأحداث صعبة ستخرج منها أشد قوة

قال الدكتور حسن يحيى أمين اللجنة العليا للدعوة بمجمع البحوث الإسلامية، إن الحق سبحانه وتعالى حذرنا من اليأس، لأنه أشد ما يصاب به الأفراد والجماعات والأمم، لأن اليأس يحبط العزيمة، وتفتر معه الهمم، وكثير من الأمم عُجل بزوالها لما تملكها اليأس، لذلك شهدت الصراعات قديمًا وحديثًا، محاولات لبس اليأس، حتى يكون لكل حصن الغلبة على الأخر، بهذا السلاح الذي يعد أخطر من الدبابات والصواريخ، وعلينا أن نعيد حسابتنا، وأن نرتب أولوياتنا، وأن نتدارك أخطاءنا، وألا نستجدي النفع من أمم لا ترقب فينا إلًّا ولا ذمة، ولن يتحقق ذلك إلا بالرجوع إلى ربنا معنى وحسًّا، روحًا وجسدًا، نفسًا ومالًا، فقد وعدنا فقال «يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ»، وتعلمنا من التاريخ أنَّه من رحم الألم يولد الأمل، ومن المحنة تولد المنحة، ومن رائحة الموت تولد الحياة، فلا تيأسوا من روح الله.

خطورة استسلام الأمة لأقوال المنافقين

وأكد أمين اللجنة العليا للدعوة بالأزهر في خطبة الجمعة بمسجد مدينة البعوث الإسلامية، أن ما تمر به الأمة اليوم ما هو إلا تمحيص وتهديب ستخرج منه الأمة بإذن الله أشد قوة، وأمضى عزمًا، وأكثر منعة، وأوفر حظًّا بين الأمم، والتاريخ خير شاهد على ذلك، وتلك الأيام نداولها بين الناس ، وخبر القرآن يقول: { فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ َ)، ولكن علي الأمة أن لا تستسلم لنكباتها، وألَّا تسلم أذنها لأعدائها، يضخمون لها الفظائع، ويهولون لها الأحداث، ويقطعون منها الأمل، فهذا يأس يخدم أعداء الأمة، ولن يكون علاجًا لاستكمال نقص، ولا داعيًا لمضاعفة جهد، وإنما هو دعوة للإذعان والتسليم، دعوة لتثبيط الهمم، وإرجاف في المدينة يراد به محو وجودها، ونهب مقدراتها، واستلاب هويتها؛ لذلك لابد أن نصيح في أعدائنا: نحن قوم لا نيأس من روح الله.

وأضاف أن استسلام الأمة لأقوال المنافقين والذين في قلوبهم مرض والمرجفين في المدينة، الذين يحاولون زعزعة استقرارها، ويهوِّلون من قوة العدو، ويحقِّرون من قوة المؤمنين، هو بداية لانهيارها، وقد عرَّفنا القرآن الكريم مسلكهم وطبيعتهم ووضع أيدينا على أوصافهم فأصبحت لا تخطئهم أعين المؤمنين، قال تعالى «وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً»، وفي مواجهة هذا الخطاب الانهزامي اليائس من المنافقين نجد خطاب المؤمنين الصادقين «وَلَمَّا رَأى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً».

اليأس يسهل على أعدائها النيل منها

أوضح الدكتور حسن يحيى خلال خطبة الجمعة بمسجد مدن البعوث الإسلامية، إن قول الحق الذي جاء على لسان سيدنا يعقوب لأبنائه «ولا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكافِرُونَ»، تحذير من اليأس، لأنه يصل بالأمة إلى كونها أمة جاحدة لذاتها، منكرة لكل مقوماتها، وفي هذه الحالة يسهل على أعدائها أن ينالوا منها، لأنَّه بمجرد أن تفقد الأمة الثقة بنفسها، وتيأس من استقامة أحوالها، وقدرتها على معالجة أمراضها تدخل مباشرة في سكرات الموت، وهو غاية ما يتنماه أعداؤها، وذروة ما تصبو إليه نفوسهم، وقد عالج القرآن الكريم هذه الحالة الشعوريَّة اليائسة بمحفزات الإيمان الداعة للهمم، والمقوية للعزيمة، فقال تعالى «وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ».

عوامل اليأس تتسرب للأمة

وبين أمين اللجنة العليا للدعوة بالأزهر، إننا إذا تتبعنا عوامل اليأس وجدناها تتسرب للأمة من كثرة عدد أعدائها، وتجمعهم عليها، وقد جعل القرآن الكريم هذه الحالة من أمارات قوة الأمة، وعدالة قضيتها، وجعل تجمع الأعداء وسيلة دعم معنويَّة ترفض اليأس والخنوع، فقال تعالى «الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ»، فكل تجمع ضدنا إنما هو وسيلة لزيادة إيماننا، ومن الخطأ أن نتعامل معه على أنه دعوة لليأس، بل هو دعوة للإيمان بالله والعود الرشيد لكتابه.

مقالات مشابهة

  • مفتى الجمهورية: الشريعة الإسلامية وضعت أحكامًا تهدف لتحقيق العدالة واليسر (فيديو)
  • السيد خامنئي: الجمهورية الإسلامية في إيران ليس لديها قوى بالوكالة
  • دعاء قبل الأكل.. ماذا كان يقول الرسول قبل تناول الطعام؟
  • المجلس الأعلى للشئون الإسلامية يعرض مطبوعاته عن «آل البيت» في مساجدهم
  • ما حكم القنوت في صلاة الفجر؟.. اختلفت عليه المذاهب الأربعة
  • حكم التسول في الشريعة الإسلامية.. الإفتاء توضح
  • غوار الطوشة يرحب بتطبيق الشريعة الإسلامية في سوريا
  • في بطن الحوت: كيف قلب يونس عليه السلام المحنة إلى منحة؟
  • خطيب البعوث الإسلامية: الأمة تمر بأحداث صعبة ستخرج منها أشد قوة
  • إمام الحرم: حرص النبي على أمته بلغ الغاية في بيان الشريعة