بعد قرار الاتحادية.. هل فقد الحلبوسي مستقبله السياسي إلى الأبد؟
تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT
بغداد اليوم - بغداد
مازالت أصداء قرار المحكمة الاتحادية بانهاء عضوية محمد الحلبوسي من مجلس النواب العراقي وبالتالي اخراجه من رئاسة البرلمان ومن عضويته في ذات الوقت، تصدح في الاوساط السياسية والشعبية، خصوصًا مع توقيته "القاتل" الذي سبق انتخابات مجالس المحافظات بنحو شهر فقط.
القرار الذي جاء على خلفية دعوى من النائب السابق ليث الدليمي، والذي اتهم بها الحلبوسي بقيامه بتزوير تواريخ وأوراق تتعلق باستقالة الدليمي، حيث انها استقالة قديمة وقام الحلبوسي بتغيير تاريخها وجعلها تعود للدورة البرلمانية الحالية، كما اقدم الحلبوسي على اجبار الدليمي التوقيع على ورقة "بيضاء"، ومن ثم تمت كتابة استقالة اخرى على هذه الورقة، وهي افعال اعتبرتها المحكمة الاتحادية العليا تطعن بنزاهة و"قدسية" البرلمان والسلوكيات التي يجب ان يكون عليها عضو مجلس النواب.
هذا القرار الذي وصف بأنه "غير مسبوق" وتسبب بهزة سياسية، يطرح تساؤلات عن مستقبل الحلبوسي خصوصا مع اقتراب انتخابات مجالس المحافظات، وسط توقعات بأن يتم تأجيل الانتخابات لاتساع الاسباب ورقعة "المبعدين والمقاطعين"، مثل التيار الصدري، وكذلك اختلاط الاوراق السياسية بعد انهاء عضوية الحلبوسي.
لكن اراء سياسية اخرى ترى ان الحلبوسي فقد قوته السياسية، ومقاطعة انتخابات مجالس المحافظات أو غيابه لن يؤثر في شيء، والعملية السياسية لن تتوقف على أي تكتل سياسي.
وقال امين عام حزب الانتماء الوطني العراقي حكمت سليمان في حديث لـ"بغداد اليوم)، ان "الحلبوسي بنى وضعه السياسي بشكل عام على اساس السلطة وليس وفق مفاهيم او برامج أو مشروع سياسي لذا فأنه فقد قوته بعد قرار المحكمة الاتحادية بانهاء عضويته يوم امس"، لافتا الى انه "سيكون اكبر الخاسرين في اي انتخابات قادمة".
واضاف، ان "مقاطعة تحالف تقدم لاي انتخابات لن تؤثر، وكل التجارب السابقة اثبتت بان العملية الانتخابية اكبر من اي تكتل"، معتبرا ان "الجمهور سيلتحق بالانتخابات ويصوت لمن يراه مناسبا اي ان اي دعوة بهذا الاتجاه لن تؤدي الى اي متغيرات".
واشار الى ان "الحلبوسي فقدت قوته السياسية بعد قرار المحكمة الاتحادية لانها بينت على اساس المنصب ولايملك اي مقومات اخرى للعمل السياسية"، لافتا الى ان "قراءة موضوعية لرحلته وصعوده تشير الى حجم الاشكاليات التي برزت خلال رحلته السياسية".
وتابع، ان "ملفات كثيرة بدأت تُفتح ابتداء من اليوم بحق المخالفات الكبيرة للحلبوسي في ملفات عدة منها صندوق الاعمار والوقف السني والمحافظات وامور اخرى"، لافتا الى ان "كل شيء سيخرج للرأي العام من خلال النزاهة والقضاء باعتباره الفيصل في حسم القرارات في نهاية المطاف".
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: المحکمة الاتحادیة الى ان
إقرأ أيضاً:
عالم “الجربندية” السياسية
عالم "الجربندية" السياسية
مندوحة التدخل الاممي - لفصل القوات أم اعادة إنتاج الفوضى؟
كتب الدكتور عزيز سليمان أستاذ السياسة والسياسات
من عجائب التفسيرات السياسية التي طفت على السطح في الأزمة السودانية، حديث البعض عن ضرورة تدخل أممي لفصل قوات (الجنجويد) مليشيا الدعم السريع المتصارعة على البلاد عن الجيش السوداني، وكأن الواقع المعاش يقتصر على صراع متكافئ بين جهتين شرعيتين. في الحقيقة، الجيش السوداني هو المؤسسة الوحيدة المنوط بها حماية الوطن والمواطن وان قصَّرت، بينما تمثل (الجنجويد) مليشيا الدعم السريع نموذجاً سافراً للخروج عن القانون والوحشية السافرة، أُسست على الفوضى وأصبحت أداة تخريبية تهدد وحدة السودان واستقراره.
واقع النزوح ومفهوم الأمان
تحدث غريزة الإنسان عندما يبحث عن الأمان في خضم الصراعات. المواطن السوداني لم يُخدع بجدليات أو دعايات سياسية؛ بل اختار البقاء تحت حماية الجيش في المناطق التي يسيطر عليها، بينما أجبرته غارات (الجنجويد) مليشيا الدعم السريع الوحشية على الهروب من قراهم ومدنهم. المناطق التي اجتاحها الجنجويد أُفرغت من سكانها، وتحولت إلى ساحات للنهب والتدمير، بينما لجأ المواطنون إلى معاقل الجيش حيث شعروا بأن حقوقهم الأساسية في الحياة والأمان ما زالت محفوظة.
في هذه الصورة القاتمة، يأتي طرح "فصل القوات" كفكرة تتناقض مع الواقع. كيف يمكن فصل جيش وطني عن مليشيا خارجة عن القانون؟ هل يعقل أن يُطلب من الدولة التي يهاجمها العدو أن تتخلى عن أحد أبرز أدوات دفاعها الشرعية بحجة "التدخل الإنساني"؟ ومندوحة علاقة المؤسسة العسكرية بسناء حمد او علي كرتي؟
فخ التدخل الأممي وأهدافه المستترة
التاريخ الحديث يفضح غايات التدخلات الأممية في أزمات مشابهة. يُقدم التدخل دائماً تحت عباءة "حماية المدنيين"، لكنه ينطوي غالباً على مصالح سياسية واقتصادية تخدم أطرافاً غير محلية. في الحالة السودانية، فإن فصل القوات سيؤدي إلى تحقيق مكاسب استراتيجية (للجنجويد) الدعم السريع
إضفاء شرعية ضمنية
وضع المليشيا في نفس الكفة مع الجيش يساوي بين الجاني والضحية، ويعطيها مساحة للمناورة السياسية.
تعزيز الاستعداد العسكري
وقف العمليات القتالية سيوفر للجنجويد فرصة لإعادة التموضع والتخطيط لمزيد من الهجمات.
تقويض الدولة السودانية
التدخل الأممي سيضعف سيطرة الجيش على الأرض، مما يفتح الباب أمام فوضى أكبر، ويضعف السيادة الوطنية ويفتح بوابة "تقرير المصير" والتقسيم المرئي..
لقد كشفت الأحداث الأخيرة، مثل الهجوم بالطائرات المسيرة على عطبرة المزدحمة بالنازحين، الوجه الحقيقي (للجنجويد) الدعم السريع عدوٌ للمواطن والوطن. فكيف يمكن أن يُبرر أي تدخل أممي من شأنه منح هذه المليشيا فرصة إضافية لإثارة الفوضى والتنكيل بالمواطن المراد حمايته؟
المخرج الحقيقي للأزمة
بدلاً من الوقوع في فخ التدخل الأممي، يجب على السودانيين والمجتمع الدولي اعتماد خطة محكمة تستند إلى حقائق الأرض ومصلحة السودان، تشمل:
تصنيف مليشيا الدعم السريع منظمة إرهابية
المجتمع الدولي مطالب بإعلان هذه المليشيا عدواً للإنسانية نظراً لما ترتكبه من جرائم بحق المدنيين
تعزيز دور الحكومة المؤقتة بتعيين رئيس وزراء مدني لتشكيل حكومة حرب وتولي الجيش تطهير البلاد من المليشيا:
يجب أن تكون حكومة السودان المؤقتة، بالتعاون مع الجيش، الطرف الوحيد المخوَّل بالتعامل مع الأزمة مع ان الدعم الدولي ينبغي أن يتوجه لتقوية هذه الحكومة، لا الالتفاف عليها.
تطبيق استراتيجية الشعب المسلح:
بدلاً من النزوح، يجب تمكين السودانيين من الدفاع عن أنفسهم عبر تسليح المدنيين في المناطق التي تتعرض لهجمات المليشيات، بما يحمي أرواحهم وممتلكاتهم دونما التعدي او الهجوم على قوات للمليشيا حيث الهجوم وحسم التمرد المليشي هو من صميم عمل المؤسسة العسكرية.
إقامة ممرات إغاثة داخلية تحت إشراف الدولة:
تقديم المساعدات الإنسانية لا يجب أن يكون بوابة لتدخلات سياسية؛ يمكن إنشاؤها وإدارتها تحت إشراف مباشر من الحكومة السودانية وبالتنسيق مع منظمات دولية ملتزمة مع كامل الشفافية
استراتيجية حسم عسكرية مدعومة دولياً:
الحل الأمثل لفصل القوات يكمن في دعم الجيش لإنهاء التهديد الذي تمثله المليشيا، وليس في تحييده أو إضعافه عبر سياسات التدخل المضللة وتدخلات ديبلوماسية “الجربندية".
العدالة وسد أبواب الفوضى
يتحمل المجتمع الدولي مسؤولية تاريخية تجاه السودان؛ ليس عبر فرض الحلول من الخارج، بل عبر دعم الشعب السوداني لتحقيق تطلعاته في السلام والاستقرار عبر السماع لمن يمثلون الكتلة الحرجة وليس واضعي اليد عليها وحدهم. يجب أن تكون الأولوية لإنهاء الجرائم ومعاقبة مرتكبيها، لا في تعزيز توازنات مختلة على حساب الضحايا
ختاما: فصل القوات في سياق السودان الحالي ليس حلاً؛ بل هو دعوة مستترة لإعادة إنتاج الفوضى وتثبيت أركان التمرد ونفق في اخره ضوء تقسيم للوطن العزيز.
إذا أراد العالم حقاً أن يساعد السودان، فعليه دعم الشرعية الوطنية والجيش السوداني، والعمل على إنهاء خطر المليشيات بصفته الشرط الأول لتحقيق السلام والتنمية واعمال مبدا مسؤولية الحماية
R2P
تحت اشراف الحكومة المشار اليها انفا.
quincysjones@hotmail.com