أرشيف: الرئيسان الأميركي جو بايدن والصيني شي جينبينغ(أندونيسيا، 14 نوفمبر 2022)

سيحاول الرئيسان الأميركي جو بايدن والصيني شي جينبينغ منع تحوّل المنافسة بين القوتين الكبريين إلى نزاع عندما يلتقيان لأول مرة منذ عام، اليوم (الأربعاء 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023) في إطار قمة بالغة الأهمية في سان فرانسيسكو.

وفي ظل ارتفاع منسوب التوتر حيال مسائل بينها تايوان والعقوبات والتجارة، يتوقع أن يعقد زعيما أكبر اقتصادين في العالم محادثات تستمر ثلاث ساعات على الأقل في مقر ريفي يقع على أطراف المدينة.

ومن المقرر بأن تنطلق أعمال الاجتماع المرتّب بعناية على هامش قمّة منظمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (آبيك) في كاليفورنيا بمصافحة رسمية تليها محادثات ثنائية خلف أبواب مغلقة تشمل غداء عمل. وبادر بايدن (80 عاما) لمد يد السلام إلى شي (70 عاما) عشية المحادثات مشددا على أن الولايات المتحدة "لا تحاول فك الارتباط بالصين" وتسعى لتحسين العلاقة.

لكن الرئيس الأميركي أضاف خلال عشاء لجمع التبرعات عقد لاحقا بأن الصينتواجه "مشاكل حقيقية" في ظل حكم  شي بينما شدد بايدن على أنه "يعيد تأسيس الدور الأميركي القيادي في العالم". وردّت الصين عبر إشارة الناطقة باسم خارجيتها ماو نينغ إلى أن جميع الدول تعاني من مشاكل بما فيها الولايات المتحدة، بينما فضّلت التركيز على نقاط التحاور الإيجابية في القمة.

وأفادت بأن "مفتاح إعادة الاستقرار إلى العلاقات الصينية الأميركيةوتحسينها هو تعاون الجانبين معا والشرط الأهم هو الاحترام المتبادل". ولم يلتق الزعيمان شخصيا منذ عقد محادثات في بالي في تشرين الثاني / نوفمبر 2022 وتدهورت العلاقات بعدما أسقطت الولايات المتحدة ما يشتبه بأنه كان منطادا صينيا لغرض التجسس في شباط / فبراير هذا العام.

وتتي المحادثات أيضا على وقع معركة طويلة للتفوق عالميا بين الولايات المتحدة والصين التي توسّع هيمنتها. وتعد قضية تايوان من بين الأكثر حساسية إذ تطالب بكين بالسيادة على الجزيرة الديموقراطية التي تتمتع بحكم ذاتي ولم تستبعد انتزاعها بالقوة.

ويتوقع بأن يحذّر بايدن الصين من التدخل في الانتخابات المرتقبة في غضون شهرين في تايوان، مشددا على أن من شأن ذلك أن يرفع منسوب التوتر. وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك ساليفان الاثنين "إنها علاقة معقّدة قائمة على المنافسة يمكن بكل سهولة أن تتحول إلى نزاع أو مواجهة ما لم تتم إدارتها بشكل جيد". وشهدت الشهور الأخيرة سلسلة تحرّكات دبلوماسية صينية أميركية أثمرت عن الإعلان عن حضور شي قبل أقل من أسبوع من موعد انعقاد القمة.

ويستبعد صدور أي بيانات بالغة الأهمية لكن البلدين أشارا إلى مجموعة من المكاسب المحتملة من زيارة شي الأولى إلى الأراضي الأميركية منذ استضافه الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2017. وتشمل "الأهداف الرئيسية" لبايدن إعادة تفعيل الخط العسكري الساخن بين البلدين الذي قطعته بكين في 2022 بعدما زارت رئيسة مجلس النواب الأميركي حينذاك نانسي بيلوسي تايوان، وفق ما أفاد مسؤول رفيع في الإدارة الأميركية.

كما أن هناك أملًا في تحقيق "تقدّم" في التعاون الرامي للحد من الصادرات الصينية لمكوّنات مادة فنتانيل التي تحدث أضرارا كبيرة في مدن أميركية بينها سان فرانسيسكو، بحسب المسؤول. كما يتوقع بأن يناقش الزعيمان النزاع بين إسرائيل وحماس والحرب الروسية الأوكرانية التي يدعم كل منهما طرفا فيها، وهو أمر يفاقم التوتر العالمي.

وفي هذا الصدد، أكد الكرملين الأربعاء بأنه سيتابع مجريات القمة. وقال الناطق باسمه دميتري بيسكوف إن "البلدين يبنيان علاقات ثنائية، وهو حقهما"، مضيفا بأن "كل اجتماع من هذا النوع يشارك فيه أكبر اقتصادين في العالم يحمل أهمية بالنسبة للجميع".

وعشية القمة، تعهّدت الصين والولايات المتحدة العمل بشكل وثيق في لمكافحة الاحترار العالمي، ووصفتا أزمة المناخ في بيان مشترك بأنها "إحدى أكبر التحديات في عصرنا". ويتوقع بأن يضغط شي من جانبه لوضع حد للقيود التجارية والعقوبات في وقت يكافح الاقتصاد الصيني لزيادة النمو بعد فرض سياسة "صفر كوفيد" المتشددة. وسيستضيف الرئيس الصيني بعد القمة عشاء مع الرؤساء التنفيذيين لشركات أميركية "لإيصال رسالة بأن الصين ما زالت مكانًا جيّدًا للاستثمار".

ويأمل الرئيسان بالاستفادة من تاريخ شخصي بينهما يعود إلى أكثر من عقد ونصف العقد. والتقى الرئيس الصيني بايدن أول مرة عام 2011 عندما كان الأخير نائبا للرئيس في عهد باراك أوباما وبينما كان شي الرجل الثاني في تراتبية السلطة في بكين.

ح.ز/ ا.ف (أ.ف.ب / د.ب.أ)

المصدر: DW عربية

كلمات دلالية: الصين الولايات المتحدة جو بايدن الرئيس الصيني شي جينبينغ كاليفورنيا دويتشه فيله اجتماع بايدن وشي العلاقات الأمريكية الصينية قمة أبيك الصين الولايات المتحدة جو بايدن الرئيس الصيني شي جينبينغ كاليفورنيا دويتشه فيله اجتماع بايدن وشي العلاقات الأمريكية الصينية قمة أبيك الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

حين تطلق النار على نفسك: ثمن الحرب الاقتصادية على الصين

ترجمة: نهى مصطفى

في تغريدة شهيرة عام 2018، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب: «عندما تخسر دولة مثل الولايات المتحدة مليارات الدولارات في التجارة مع معظم شركائها، فإن الحروب التجارية تكون مفيدة وسهلة الفوز».

وعندما فرضت إدارة ترامب مؤخرًا رسومًا جمركية تتجاوز 100% على الواردات الأمريكية من الصين، مما فجّر حربًا تجارية جديدة وأكثر حدة، قدّم وزير الخزانة الأمريكي، سكوت بيسنت، مبررًا مشابهًا لتبرير هذا التصعيد، قائلًا: «أعتقد أن التصعيد الصيني كان خطأً جسيمًا، فهم يلعبون بأوراقهم المحدودة. ماذا سنخسر إذا رفعت الصين الرسوم علينا؟ نحن نصدر إليهم خمس ما يصدرونه إلينا، لذا فالخسارة الكبرى من نصيبهم».

تعتقد إدارة ترامب أنها تمتلك ما يصفه خبراء نظرية الألعاب بـ«هيمنة التصعيد» على الصين وأي اقتصاد آخر تعاني معه من عجز تجاري. و«هيمنة التصعيد» تعني، وفقًا لتقرير صادر عن مؤسسة راند، أن «الطرف المقاتل يملك القدرة على تصعيد الصراع بطرق تضر بالخصم أو تكبّده تكاليف، في حين لا يملك الخصم الوسائل للرد بالمثل».

وإذا صحّ هذا المنطق، فإن الصين وكندا وأي دولة أخرى ترد على الرسوم الأمريكية تكون خاسرة. لكن هذا المنطق خاطئ: فالصين هي من تملك فعليًا هيمنة التصعيد في هذه الحرب التجارية. إذ تعتمد الولايات المتحدة على واردات حيوية من الصين لا يمكن استبدالها قريبًا أو تصنيعها محليًا دون تكلفة باهظة.

ورغم أن تقليل هذا الاعتماد قد يكون هدفًا مشروعًا، فإن الدخول في حرب تجارية قبل تحقيق ذلك يُعدّ وصفة شبه مؤكدة لهزيمة مُكلفة. أو لنستخدم تعبير بيسنت: واشنطن، لا بكين، هي من تراهن بكل شيء على يد خاسرة.

تفتقر رواية الإدارة الأمريكية إلى الدقة لأمرين: أولًا، الحروب التجارية تُلحق الضرر بالطرفين، لأنها تحرم كل منهما من الوصول إلى ما يحتاجه اقتصاداهما ويطلبه مواطنوهما وشركاتهما. وكما في الحروب التقليدية، تتعرض قوات الطرف المهاجم وجبهته الداخلية للخطر؛ فلا يُتوقع من الطرف المدافع أن يستسلم ما لم يكن الرد مستحيلًا أو غير ذي جدوى.

وتشبيه بيسنت بلعبة البوكر مضلل وسطحي، لأن البوكر لعبة محصلتها صفر: أحدنا يربح فقط إذا خسر الآخر. أما التجارة، فعلى العكس، لعبة محصلتها غير صفرية؛ غالبًا ما يعني تحسّن وضع أحد الطرفين تحسّن وضع الآخر أيضًا. في البوكر، لا تحصل على شيء مقابل ما تراهن به إلا إذا فزت. أما في التجارة، فتحصل على مقابل رهانك مباشرة، على هيئة سلع وخدمات. وتفترض إدارة ترامب أن ارتفاع حجم الواردات يقلل من المخاطر. وبما أن الولايات المتحدة تعاني من عجز تجاري مع الصين، أي تستورد منها أكثر مما تصدّر، فإنها أقل عرضة للخطر، بحسب هذا التصوّر. لكن هذه الفرضية ببساطة خاطئة، وليست موضع خلاف أو رأي. فحظر التجارة يُضعف الدخل الحقيقي للدولة ويقيد قدرتها الشرائية؛ إذ إن الدول تُصدّر لتحصل على المال الذي يمكنها من شراء ما لا تستطيع إنتاجه، أو ما يتطلب تصنيعه محليًا تكلفة مرتفعة.

علاوة على ذلك، حتى عند التركيز فقط على الميزان التجاري الثنائي، كما تفعل إدارة ترامب، فإن المؤشرات لا تبشّر بالخير للولايات المتحدة في حال نشوب حرب تجارية مع الصين. ففي عام 2024، بلغت صادرات الولايات المتحدة من السلع والخدمات إلى الصين 199.2 مليار دولار، بينما بلغت الواردات من الصين 462.5 مليار دولار، مما أسفر عن عجز تجاري قدره 263.3 مليار دولار. وعندما يُستخدم الميزان التجاري الثنائي كمؤشر على الطرف «الفائز» في الحرب التجارية، فإن الكفة تميل لصالح الدولة ذات الفائض التجاري، لا الدولة ذات العجز. الصين، باعتبارها دولة ذات فائض، تتخلى عن أموال فقط، أي عن عائدات المبيعات؛ أما الولايات المتحدة، الدولة ذات العجز، فتتخلى عن سلع وخدمات لا تنتجها داخليًا بكفاءة، أو لا تنتجها أصلًا.

الأموال قابلة للتعويض: في حال فقدان الدخل، يمكن خفض النفقات، أو البحث عن أسواق جديدة، أو توزيع الخسائر على مستوى الدولة، أو السحب من المدخرات، مثل اللجوء إلى التحفيز المالي. الصين، كحال معظم الدول ذات الفائض التجاري، تدّخر أكثر مما تستثمر، ما يمنحها فائضًا ادخاريًا يمكن استخدامه. لذا سيكون التكيف بالنسبة لها أسهل نسبيًا، إذ لن تواجه نقصًا حادًا، ويمكنها تعويض الكثير من صادراتها إلى الولايات المتحدة عبر السوق المحلية أو أسواق أخرى.

في المقابل، الدول ذات العجز التجاري العام، مثل الولايات المتحدة، تنفق أكثر مما تدّخر. وفي الحروب التجارية، تتخلى هذه الدول عن حاجات يصعب تعويضها، لأن الرسوم الجمركية ترفع أسعارها وتجعلها أقل توفرًا في الأسواق. وبالتالي، تتأثر صناعات وأماكن وأُسر محددة بنقص حقيقي، أحيانًا في سلع أساسية، وبعضها لا يمكن تعويضه على المدى القصير، كما أن الدول ذات العجز تستورد رأس المال، ما يجعلها أكثر عرضة لتقلبات الثقة في حكوماتها وجاذبيتها كوجهة استثمار. ومع القرارات المتقلبة لإدارة ترامب بفرض ضرائب مرتفعة وإرباك سلاسل التوريد، يتراجع الاستثمار في الولايات المتحدة، وترتفع أسعار الفائدة على ديونها.

وباختصار، سيواجه الاقتصاد الأمريكي صعوبات شديدة في حرب تجارية شاملة مع الصين، كما يتضح من الرسوم الجمركية الحالية التي فرضها ترامب، والتي تجاوزت 100%، خاصة إذا استمرت دون تغيير. في الواقع، ستتضرر الولايات المتحدة أكثر من الصين، وسيتفاقم الضرر إذا صعّدت واشنطن إجراءاتها. ورغم أن إدارة ترامب قد ترى نفسها حازمة، فإنها عمليًا تضع الاقتصاد الأمريكي في موقع هش أمام ردود الفعل الصينية.

وقد تواجه الولايات المتحدة نقصًا في مدخلات حيوية، مثل مكونات الأدوية، وأشباه الموصلات الرخيصة المستخدمة في السيارات والأجهزة المنزلية، والمعادن الأساسية للصناعات المختلفة، بما في ذلك الأسلحة. وإذا تم خفض الواردات من الصين بشكل حاد أو إيقافها تمامًا، كما يلوّح ترامب، فإن النتيجة ستكون صدمة في العرض تؤدي إلى ركود تضخمي، على غرار ما حدث في السبعينيات أو خلال جائحة كوفيد-19، حيث تراجع النمو وارتفع التضخم في الوقت نفسه. وفي مثل هذا السيناريو، الأقرب مما يتصوره البعض، لن يبقى أمام الاحتياطي الفيدرالي وصناع القرار المالي سوى خيارات قاسية وفرص ضئيلة لتفادي البطالة سوى بقبول مستويات أعلى من التضخم.

عندما يتعلق الأمر بحرب فعلية، فإن استفزاز الخصم قبل الاستعداد وتسليح النفس يُعدّ مخاطرة قاتلة، خصوصًا إذا كان هناك ما يدعو للخوف من غزو محتمل. وهذا هو جوهر الخطر الذي ينطوي عليه الهجوم الاقتصادي الذي تقوده إدارة ترامب. فبما أن الاقتصاد الأمريكي يعتمد اعتمادًا كبيرًا على الصين في تأمين سلع حيوية مثل الأدوية، وأشباه الموصلات الرخيصة، والمعادن الأساسية، فإن الإقدام على قطع العلاقات التجارية دون ضمان وجود موردين بديلين أو إنتاج محلي كافٍ يُعد تصرفًا متهورًا. وبهذا النهج العكسي، ستُحدث الإدارة الضرر ذاته الذي تدّعي أنها تسعى لتجنبه.

قد يكون ما يحدث مجرد مناورة تفاوضية، بغض النظر عن تصريحات ترامب وبيسنت المتكررة وسلوكهما، إلا أن النتيجة تظل واحدة: هذه الاستراتيجية تُلحق ضررًا يفوق نفعها. وكما أشرت في مجلة «الشؤون الخارجية» في أكتوبر الماضي، تكمن المشكلة الأساسية في نهج ترامب الاقتصادي في أنه يتطلب تنفيذ تهديدات تُلحق الضرر بالاقتصاد الأمريكي ذاته كي يكون مُقنعًا، ما يؤدي إلى توقعات دائمة بعدم الاستقرار. ونتيجة لذلك، سيُحجم المستثمرون المحليون والأجانب عن ضخ أموالهم في الاقتصاد الأمريكي، وستضعف الثقة في التزام الحكومة الأمريكية بأي اتفاق، مما يُصعب فرص التوصل إلى تسوية أو تهدئة للتوتر.

وبالتالي، فإن القدرة الإنتاجية الأمريكية لن تتحسن كما تأمل الإدارة، بل ستتراجع، مما يمنح الصين وغيرها من المنافسين نفوذًا أكبر على الولايات المتحدة. بهذه الطريقة، تُطلق إدارة ترامب حربًا اقتصادية تشبه حرب فيتنام ــ حربًا اختيارية تنزلق سريعًا إلى مستنقع، وتُضعف الثقة داخليًا وخارجيًا في كفاءة ومصداقية الولايات المتحدة. ونحن جميعًا نعرف كيف انتهت حرب فيتنام.

مقالات مشابهة

  • تراجع جديد.. ترامب يعتزم تخفيف الرسوم على السيارات ومكوناتها
  • شاهد.. مؤيدون لفلسطين يهاجمون بن غفير داخل الكونغرس الأميركي
  • وزير التجارة الأميركي: تخفيف الرسوم على السيارات يهدف لإعادة الإنتاج إلى بلادنا
  • الذهب ينخفض والنفط يواصل تراجعه بانحسار التوتر التجاري
  • أسعار الذهب تشهد تراجعا مع انحسار التوتر التجاري بين أمريكا وشركائها
  • "أزمة كشمير".. تقرير يكشف الدور الصيني وأهدافه
  • بكين تنفي حدوث أي تواصل بين ترامب والرئيس الصيني
  • الصين تتهم واشنطن بدعم استقلال تايوان
  • الصين تتهم أمريكا بتكثيف دعمها لطموحات تايوان الانفصالية
  • حين تطلق النار على نفسك: ثمن الحرب الاقتصادية على الصين