بعد مرور خمسين عاماً على رحيله، لا يزال عميد الأدب العربي طه حسين حاضراً بقوة في الثقافة العربية، وأفكاره ومؤلفاته تحظى باهتمام كبير من المثقفين والباحثين في مختلف أنحاء العالم العربي.

طه حسين علي بن سلامة، أديب وناقد مصري، لُقّب بعميد الأدب العربي. ولد في 15 نوفمبر 1889 بقرية الكيلو، إحدى قرى مركز مغاغة، محافظة المنيا في صعيد مصر، و نشأ في عائلة من الطبقة المتوسطة الفقيرة، وكان ترتيبه السابع بين 13 طفلاً، وكان والده حسين علي موظفاً صغيراً في شركة السكر بصعيد مصر.

فقد طه حسين بصره في الرابعة من عمره إثر إصابته بالرمد، لكنه التحق بكتاب القرية وتعلم القراءة والكتابة والحساب والقرآن الكريم. ثم التحق بالمدرسة الابتدائية في مدينة مغاغة، حيث أظهر نبوغاً وذكاءً حاداً، مما لفت انتباه أساتذته.

أكمل طه حسين تعليمه الثانوي في مدينة الأقصر، ثم التحق بالجامعة المصرية (جامعة القاهرة حالياً) عام 1908، وحصل على شهادة الليسانس في الآداب عام 1914. ثم حصل على درجة الدكتوراه من جامعة السوربون في فرنسا عام 1915، عن أطروحته "ذكرى أبي العلاء المعرّي".

عاد طه حسين إلى مصر بعد حصوله على الدكتوراه، وعمل مدرساً للتاريخ ثم للغة العربية في الجامعة المصرية. ثم عُين عميدًا لكلية الآداب عام 1925، وهو المنصب الذي شغله لمدة 17 عامًا. ثم عُين مديرًا لجامعة الإسكندرية عام 1942، ثم وزيرًا للمعارف عام 1950.

ترك طه حسين تراثاً أدبياً وفكرياً ضخماً، ضم العديد من المؤلفات والدراسات في الأدب والنقد والتاريخ والفلسفة. ومن أشهر مؤلفاته:

"في الشعر الجاهلي"، "مستقبل الثقافة في مصر"، "الأيام"، "على هامش السيرة"، "حديث الأربعاء"، "في الأدب المصري القديم"، "في الأدب العربي الحديث"

ويعتبر " حسين " من أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان، وكان يرى أن التعليم هو السبيل الوحيد لتقدم المجتمعات. كما كان من دعاة التنوير والتجديد في الثقافة العربية، وكان يدعو إلى تجديد الخطاب الديني ومواجهة الجمود الفكري.

كما أثارت آراء ومواقف عميد الأدب العربي جدلاً واسعاً في الأوساط الثقافية العربية، وتعرض لهجوم شديد من بعض المحافظين. إلا أن أفكاره ومؤلفاته تركت أثراً عميقاً في الثقافة العربية، وساهمت في تطورها وتجديدها.

أثر طه حسين على الثقافة العربية

كان لطه حسين أثر كبير على الثقافة العربية في القرن العشرين، فقد ساهم في تجديد الخطاب الأدبي والنقد العربي، كما دافع عن حقوق الإنسان ودعا إلى التنوير والتجديد في الثقافة العربية.

كان "حسين" من أبرز المدافعين عن حرية الفكر والتعبير، وكان يؤمن بأن الأدب والفن يجب أن يكونا حرين من أي قيود سياسية أو دينية. كما كان من دعاة تجديد الخطاب الديني، وكان يدعو إلى مواجهة الجمود الفكري في الدين الإسلامي.

أثارت آراء ومواقف طه حسين جدلاً واسعاً في الأوساط الثقافية العربية، إلا أن أفكاره ومؤلفاته تركت أثراً عميقاً في الثقافة العربية، وساهمت في تطويرها وتجديدها. ومن أبرز هذه الآثار على الثقافة العربية:

تجديد الخطاب الأدبي والنقد العربي: ساهم طه حسين في تجديد الخطاب الأدبي والنقد العربي، من خلال دراساته ومؤلفاته التي تناولت الأدب العربي القديم والحديث. كما ساهم في تطوير مناهج النقد الأدبي العربي، ودعا إلى تحليل الأدب العربي وفقًا لمعايير موضوعية بعيدة عن الذاتية.

الدفاع عن حقوق الإنسان: دافع طه حسين عن حقوق الإنسان في العديد من مؤلفاته، كما ساهم في نشر الوعي بحقوق الإنسان في الأوساط الثقافية العربية.

الدعوة إلى التنوير والتجديد في الثقافة العربية: دعا طه حسين إلى التنوير والتجديد في الثقافة العربية، من خلال مؤلفاته ودراساته التي تناولت مختلف مجالات الثقافة العربية. كما ساهم في نشر الوعي بأهمية التعليم والعلم في النهوض بالمجتمعات العربية.

ولعل ما يؤكد حضور "حسين" خالداً في الثقافة العربية هو استمرارية الجدل حول أفكاره ومؤلفاته، فما زالت هناك أصوات تدافع عن أفكاره ورؤاه، وأصوات أخرى تهاجمها.

وهذا الجدل المستمر حول طه حسين يؤكد أن أفكاره ما زالت تثير التساؤلات والنقاشات، ما يعني أنها أفكار حية وفاعلة، لا تزال تؤثر على الثقافة العربية في القرن الحادي والعشرين.

كان طه حسين من أبرز الشخصيات التي أثرت على الثقافة العربية في القرن العشرين، فقد ترك تراثاً أدبياً وفكرياً ضخماً، ساهم في تطوير الثقافة العربية وتجديدها، وبعد خمسين عاماً على رحيله، لا يزال طه حسين حاضراً بقوة في الثقافة العربية، وأفكاره ومؤلفاته تحظى باهتمام كبير من المثقفين والباحثين في مختلف أنحاء العالم العربي.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: 50 سنة الثقافة العربية الخطاب الديني المنيا حقوق الإنسان طه حسين على الثقافة العربیة عن حقوق الإنسان تجدید الخطاب الأدب العربی عمید الأدب العربیة فی ساهم فی طه حسین من أبرز عمید ا

إقرأ أيضاً:

عضو بـ«حماة الوطن»: القمة العربية الطارئة خطوة لتوحيد الموقف العربي لدعم القضية

قالت حنان شرشار، القيادية بحزب حماة الوطن، إن استضافة القاهرة للقمة العربية الطارئة في 27 فبراير 2025 تعكس إدراكًا عربيًا متزايدًا لحساسية المرحلة التي تمر بها القضية الفلسطينية، خاصة بعد التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي بشأن تهجير الفلسطينيين وطرح مشاريع تهدف إلى إعادة تشكيل واقع القطاع بما يتناسب مع الرؤية الإسرائيلية.

توحيد الصف العربي 

وأكدت شرشار في بيان له، أن هذا التطور الخطير يفرض على الدول العربية تحركًا موحدًا، ليس فقط لرفض مثل هذه المقترحات، بل لوضع إطار واضح للمواجهة الدبلوماسية والسياسية، بما يضمن الحفاظ على حقوق الفلسطينيين المشروعة.

ولفتت شرشار، أن توقيت القمة يأتي في لحظة بالغة الدقة، إذ أن التوترات في الأراضي الفلسطينية المحتلة بلغت مستويات غير مسبوقة، مع استمرار العدوان الإسرائيلي، وتزايد الضغوط الدولية لإيجاد حلول لا تتناسب بأي شكل مع الثوابت الفلسطينية والعربية.

وأوضحت شرشار، أن انعقاد القمة في القاهرة، بما تمثله من ثقل سياسي واستراتيجي، يرسل رسالة واضحة بأن العرب لن يكونوا متفرجين على محاولات تصفية القضية الفلسطينية، وأن هناك موقفًا موحدًا في مواجهة أي تحركات تستهدف فرض حلول أحادية.

وأضافت القيادية بحزب حماة الوطن، أن التنسيق بين مصر والبحرين، إلى جانب التشاور مع القيادة الفلسطينية، يؤكد أن القمة لن تكون مجرد اجتماع رمزي، بل خطوة عملية لإعادة الزخم للقضية على الساحة الدولية، ولتوحيد الجهود العربية في مواجهة التحديات المقبلة.

مقالات مشابهة

  • عضو بـ«حماة الوطن»: القمة العربية الطارئة خطوة لتوحيد الموقف العربي لدعم القضية
  • النمر العربي.. رمز التنوع الحيوي في المملكة وشبه الجزيرة العربية
  • حفل تكريم الجامعات العربية المدرجة على التصنيف العربي للجامعات
  • عميد كلية البنات بأسيوط: مؤتمر الحضارة الإنسانية في التراث العربي والإسلامي يناقش أبحاث حول الإبداع والتفاعل الحضاري
  • الحرية المصرى: استضافة القاهرة للقمة العربية يعكس دورها الريادي بالقضايا المصيرية
  • حكمة الله اردول دا كان إتكلم مُسم وكان سكت مُسم
  • 114 عامًا من الاحتراف.. المصريون يضعون بصمتهم في الملاعب العالمية.. من حسين حجازي إلى مرموش.. مسيرة ذهبية لمحترفي الفراعنة
  • الإسكندر الأكبر أعاد رسم خريطة العالم.. شخصية أسطورية تجذب الرجال والنساء
  • عام أم كلثوم.. نهاد فتحي وأسماء كمال تضيئان معهد الموسيقى العربية بأغاني كوكب الشرق
  • الغرف العربية: 200 مليار دولار واردات غذائية متوقعة للعالم العربي بحلول 2030