11,11 رمزية الاستدلال الجديد
تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT
غطَّت رمزيَّة الاستبسال والمطاولة السبت الماضي ذكرى الحادي عشر من نوفمبر 2004 اليوم الَّذي غادر فيه ياسر عرفات هذه الدُّنيا وقَدْ ترافقت مع ذلك الغياب روايتان، الأولى ترى أنَّ موته كان مدبرًا، والثَّانية قضاء وقدر ليس إلَّا. ومع أنَّ الزعيم الفرنسي جاك شيراك هو آخر مَنْ رافقه في تلك الرحلة السريريَّة فإنَّ ما بعد موت عرفات أورث المُجتمع الدولي إهمالًا غير منطقي، إن لَمْ يكُنْ غير أخلاقي إزاء القضيَّة الفلسطينيَّة ومفردات التعاطي بشأنها.
لقَدْ عادت رمزيَّة 11,11 السبت الماضي هذه المرَّة وسط فضاء إضافي من اللَّوعة والإصرار والتحكُّم المشهدي المتساوق مع القضيَّة.
لقَدْ مرَّت الذِّكرى مدعومةً بمعارك غزَّة وما أنتجت من مؤشِّرات أزاحت عن الكاهل السِّياسي الفلسطيني ركام مراوحة وأسئلة حائرة لَمْ تجدْ ما يُعينها على فكِّ موروثها حتَّى السَّابع من أكتوبر الماضي.
لقَدْ أَجريْتُ مع الراحل أكثر من حوار واحدٍ عِندما كنتُ أعمل في مجلة ألف باء العراقيَّة، وقَدْ وفَّر لي الحوار مع (الختيار) فرصًا معرفيَّة ثمينة عن مسارات ومطبَّات القضيَّة الفلسطينيَّة بحُكم موسوعيَّة ياسر عرفات وخبرته العمليَّاتيَّة المستندة إلى واقعيَّة متميِّزة وجدليَّة نادرة من التعايش بَيْنَ الإصرار والإحباط.
من حكمة عرفات الاشتغال على الممكن وليس على الأحلام، وقَدْ جلبت عَلَيْه هذه الحكمة شكوكًا من قيادات فلسطينيَّة، لكنَّها لَمْ تستطع كسرَ رمزيَّته رغم شدَّة تلك الانتقادات.
أذكُر أنَّني سألتُه (على ماذا تراهن سيِّدي الرئيس)، كنتُ أعتقدُ أنَّه سيتناول مواقف بقائمة طويلة من القرارات الدوليَّة، لكنَّه أجاب بسرعة لافتة (على الصبر، لدَيْنا رصيد لا يتوافر لدى شَعب آخر من هذه الثروة النَّفْسيَّة العظيمة، نحن شعب الجبارين).
وإذا كانت ذكرى رحيله يوم السبت الماضي قَدِ استعادت شيئًا ما، فإنَّ الصبر الَّذي تحدَّث عَنْه عرفات ورباطة الجأش والتصدِّي اللوجستي رغم الثَّمَن البَشَري الهائل المدفوع.
إنَّ ما يجري في غزَّة هذه الأيَّام اختبار باليد عن هذا الصَّبْر في مقارعة نزعة عنصريَّة غاشمة تجاوَزتْ كُلَّ مقاييس التوحُّش والتنكيل والتشفِّي والمراهنة الحمقاء، وإلَّا ماذا تُسمِّي الحالة عِندما تزجُ حكومة نتنياهو المزيد من موجودات ترسانتها العسكريَّة وتطلب المزيد من القنابل الذَّكيَّة أميركيَّة الصنع للاستخدام على مدار السَّاعة؟ ومع هذا التجييش للتقنيَّات العسكريَّة يكُونُ الانكسار من حصَّة مستخدميها وليس العكس. وماذا يُمكِن أن نُسميَ ما يجري بعد دخول طوفان الأقصى شهره الثاني وما زالت المقاومة توجِّه ضربات موجعة للقوَّات الإسرائيليَّة رغم تفوُّقها التِّقني؟
نحن إذًا أمام معادلةٍ مسبوقةٍ، ولكن كان يتمُّ التعتيم عَلَيْها لصالح مزاعم أنَّ المقاومة الفلسطينيَّة أصابها الهرم، وهي لا تريد غير أن تحصلَ على خدمات علاجيَّة عامَّة، وأيُّ رمزيَّة فلسطينيَّة أكثر من ذلك حين تتدلَّى فكرة الانتحار الإسرائيلي من على بياناتهم العسكريَّة مع شعور بالقرف لدى العديد من اليهود جرَّاء الاختصاص في قتل أطفال فلسطينيِّين والتفتيش عن المقاتلين تحت أَسرَّة المستشفيات بَيْنَما هُمْ في مواقع المواجهة.
لقَدْ كتب طوفان الأقصى بيان الانتصار منذ إطلالته في الدَّقائق الأولى من اجتياح المقاتلين الفلسطينيِّين للجدار الَّذي قال عَنْه خبراء إسرائيليون إنَّه سرير العسل الدَّائم للأمن الإسرائيلي، بل هناك خبراء غربيون وصفوا تحصيناته بأنَّها غير قابلة للخرق، وأنَّه وفَّر للمستوطنات على أطراف غزَّة وفي عُمق الأراضي المحتلَّة التمتُّع بالاطمئنان.
لقَدْ أعاد الصَّبر الفلسطيني القضيَّة إلى حيث ينبغي أن تكُونَ، وإذا كان الصَّلف الإسرائيلي قَدِ استغرقته النِكايات، فإنَّ الإشراقات النِّضاليَّة الفلسطينيَّة الجديدة حرَّرت القضيَّة من ملاحقات الإهمال الدولي.
عادل سعد
كاتب عراقي
abuthara@yahoo.com
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: ة الفلسطینی
إقرأ أيضاً:
الشرطة البريطانية تعتقل رجل بيغ بن نصير الحق الفلسطيني
سارعت الشرطة البريطانية إلى اعتقال الرجل الذي تسلق برج إليزابيث، الذي يضم البرلمان وساعة "بيغ بن" الشهيرة في العاصمة البريطانية لندن، ولوّح بالعلم الفلسطيني، فور هبوطه بعد 16 ساعة أمضاها فوق البرج.
وقالت شرطة "وستمنستر" إنها ألقت القبض على الرجل الذي أطلق عليه لقب "رجل بيغ بن" بعد وصوله إلى الأرض.
وفي بيان صدر بعد الواحدة صباحا بتوقيت غرينتش، قالت شرطة وستمنستر، من دون أن تذكر اسم الرجل، إنه "تم القبض عليه الآن.. قد كان هذا حادثا مطولا بسبب تفاصيل مكان وجود الرجل والحاجة إلى ضمان سلامة ضباطنا والفرد والجمهور على نطاق أوسع".
وأضاف البيان "لقد عملنا مع وكالات أخرى بما في ذلك لواء إطفاء لندن ونشرنا ضباطا متخصصين لإنهاء هذا الحادث في أسرع وقت ممكن مع تقليل المخاطر على الحياة. وكنا على اتصال وثيق مع مجلس النواب طوال الوقت وأعيد فتح جميع الطرق".
وحضرت طواقم الطوارئ في مكان الحادث مع عشرات من ضباط الشرطة الذين يرتدون الزي الرسمي يحرسون الطوق الذي يمتد من شارع "بريدج" المؤدي إلى جسر وستمنستر.
كما كانت هناك منصتان للسلالم المتنقلة وسيارة إسعاف تابعة لوحدة الاستجابة للحوادث وسيارات إسعاف عادية وسيارتا إطفاء في وقت متأخر من يوم السبت.
ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن مقطع فيديو نُشر على إنستغرام مساء السبت، أخبر الرجل المفاوضين من الحافة التي كان يجلس عليها أنه سينزل "بشروطه الخاصة".
وحسب الوكالة يبدو في اللقطات أن المفاوضين على منصة السلم المتحرك أثاروا مخاوف بشأن إصابة الرجل في قدميه، قائلين إن هناك "كمية كبيرة من الدم" وإن ملابسه لم تكن دافئة بما يكفي مع انخفاض درجات الحرارة بعد غروب الشمس.
لكن الرجل أصر على أنه آمن، قائلاً "سأنزل بشروطي الخاصة، لقد قلت هذا. لكن الآن أقول إنني آمن. إذا اقتربت مني فإنك تعرضني للخطر وسأصعد إلى أعلى".
إعلانوفي فترة ما بعد الظهر، سمعت صيحات "فلسطين حرة" و"أنت بطل" من مجموعة من المؤيدين خلف الطوق الذي فرضته الشرطة عند جسر فيكتوريا.
ورد الناشط الذي تم إنزاله من البرج باستخدام سلم سيارة إطفاء، على هتافات عدد من الداعمين لفلسطين، بالتلويح بعلم فلسطين الذي كان معه.
وأضاف "نشطاء فلسطين، الذين يفعلون ما يجب على الحكومة القيام به مثل إيقاف بيع الأسلحة إلى دولة الإرهاب إسرائيل، يتم سجنهم".
وقال الناشط عبر إنستغرام، حسب وكالة الأناضول، "إن الديمقراطية ماتت، وتم حبسها والمحتجون السلميون، وناشطو المناخ يحصلون على أحكام بالسجن تصل إلى 45 عامًا".
وفي مقاطع فيديو نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي في وقت سابق من يوم أمس السبت، ظهر الرجل وهو يتسلق سياجًا يحيط بمباني البرلمان دون أن يقترب منه أي حراس أمن.
وقال النائب المحافظ بن أوبيسي جيكتي على قناة "إكس" إنه يجب أن يكون هناك تفسير لكيفية دخول الرجل إلى المجمع البرلماني.
وأضاف "كل يوم في البرلمان أرى العشرات من ضباط الشرطة المسلحين يقومون بدوريات في مبنى بورتكوليس والمجمع البرلماني. فأين كانوا اليوم؟".
كما طالب الشرطة بـ"تقديم تفسير كامل للنواب والموظفين غدا الاثنين حول كيفية تمكن هذا المتظاهر من التهرب من الأمن بسهولة".
وتم إلغاء الجلسات البرلمانية، التي تتم أيام السبت عندما يكون البرلمان منعقدا وفي أيام الأسبوع خلال العطلة الصيفية.
وقال متحدث باسم البرلمان "نحن على علم بحادثة وقعت في المبنى البرلماني، والتي تتعامل معها شرطة العاصمة، بمساعدة لواء إطفاء لندن وخدمة الإسعاف فيها".
وأضاف أن البرلمان "يأخذ الأمن على محمل الجد للغاية، ومع ذلك فإننا لا نعلق على تفاصيل تدابيرنا الأمنية أو التخفيف منها".
إعلان ليس وحدهيذكر أن الحادث ليس الأول من نوعه ففي 18 أكتوبر/تشرين الأول 2019، تم القبض على ناشط في حركة "التمرد ضد الانقراض" يدعى بن أتكينسون تسلق السقالة المحيطة بساعة "بيغ بن" مرتديا زي رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون -بشعر أشقر مستعار- ومكث فوق برج إليزابيث لمدة 3 ساعات ونصف الساعة تقريبًا، قبل أن تتمكن الشرطة من إجباره على النزول.
وأفادت وكالة أسوشيتد برس بأن منتجع دونالد ترامب للغولف في تيرنبيري في أسكتلندا "تعرض للتخريب من قبل نشطاء مؤيدين لفلسطين ردا على تصريحات الرئيس الأميركي بشأن غزة".
وأوضحت أنه "تم استهداف ملعب الغولف في ساوث أيرشاير، المملوك لترامب، حيث قام النشطاء بكتابة عبارة "غزة ليست للبيع" بأحرف يبلغ ارتفاعها 3 أمتار على العشب، وألحقوا أضرارا بالمساحات الخضراء".
وصفت منظمة "فلسطين أكشن" ذلك بأنه "رد مباشر على نية الإدارة الأميركية المعلنة لتطهير غزة عرقيا".