نتابع فى الذكرى 65 لانقلاب 17 نوفمبر تجربة مشاركة الحزب الشيوعي السوداني في المجلس المركزي التي كانت مع المشاركة في انتخابات النقابات بقانون 1960م الرجعي ، في وجهة تصعيد النضال الجماهيري للتحضير للاضراب السياسي العام الذي رفعه الحزب منذ أغسطس 1961م لاسقاط الانقلاب العسكري.
في هذا الصدد نعيد مع التنقيح والاضافات نشر هذا المقال حول " تجربة مشاركة الحزب الشيوعي في المجلس المركزي" .


1
اوضحنا سابقا أن الحزب الشيوعي انطلق من الواقع السوداني ، لا بفتح كتب لينين حول التكتيكات والمشاركة في البرلمان، رغم أهميتها في الفكر الثوري العالمي ، ولا بتوجيه من السوفيت بعد تحسين علاقة نظام انقلاب 17 نوفمبر معهم كما يصور البعض. فمنذ تأسيس الحزب والصراع من أجل وجوده المستقل في منتصف عام 1947م ، توصل الي حل مشكلة التحالف مع الأحزاب الأخري المناهضة للاستعمار، مع الاحتفاظ باستقلاله التام في تنظيم الجماهير وقيادة نضالها ، والصراع ضد الاتجاهات المهادنة للاستعمار، إضافة لتأكيد استقلاله في التحالفات، واصل الحزب التقاليد الثورية وسط الحركة الجماهيرية التي تبلور بعضها منذ ثورة 1924م ، وتقاليد المظاهرات والمنشورات والندوات الجماهيرية والمقفولة والمخاطبات والليالي السياسية .الخ.
2
مع تصاعد الحركة الجماهيرية بعد قيام مؤتمر الخريجين عام 1938م ، حاولت الإدارة البريطانية شق الحركة الوطنية السودانية بقيام مؤسسات دستورية صورية مثل : المجلس الاستشاري لشمال السودان عام 1944م ، ولكنها فشلت ، ومع تطور نهوض الحركة الجماهيرية الواسع بعد الحرب العالمية الثانية ، حاول الاستعمار قطع الطريق أمامها بتكوين جمعية تشريعية في ظل وجود الحكم الاستعماري والقوانين المقيدة للحريات!! ، كان الهدف منها تزييف ارادة الشعب ، وإطالة أمد الحكم الاستعماري ، ولم يفتح الحزب الشيوعي كتاب لينين “مرض اليسارية الطفولي .. حول المشاركة في البرلمانات الرجعية” ليقرر المشاركة فيها ، بل درس الواقع وكشف زيف الجمعية التشريعية ، ونظم مقاومة واسعة ضد الجمعية التشريعية عام 1948م التي استهدف الاستعمار بقيامها قطع الطريق أمام نمو الحركة الجماهيرية ، وصارع ضد الأصوات الداعية للدخول فيها وتعديلها من الداخل ، ونظم الحزب مظاهرات مع أطراف الحركة الوطنية الأخري ضدها ولم تكن المقاطعة سلبية بل ارتبطت بنهوض جماهيري واسع شمل كل المديريات الرئيسية ، كما في عطبرة التي قدمت شهداء الجمعية التشريعية، وساهم الحزب في تأسيس جبهة الكفاح ضد الجمعية التشريعية باقتراح منه ، وحتى الإدارة البريطانية بعد فترة اقتنعت أن الجمعية التشريعية صورية ولا تمثل الشعب السوداني ، وحاولت ترقيعها بتكوين لجنة لتعديل الدستورولكنها فشلت .
هذا اضافة ، كما اشرنا سابقا ، لتصعيد الحركة الجماهيرية ، وتاسيس رابطة الطلبة الشيوعيين والنساء الشيوعيات ، ومؤتمر الطلبة ، مؤتمر العمال عام 1949م، وبعدها تأسيس اتحادات الطلاب والمزارعين والعمال والموظفين والمعلمين ، واتحاد الشباب والاتحاد النسائي ، والجبهة الديمقراطية للطلاب في نوفمبر 1953م بعد انفراط عقد مؤتمر الطلبة ، وتكوين الجبهة المتحدة لاستقلال عام 1953م ، وتواصلت الإضرابات والمقاومة الجماهيرية التي تراكمت وتطورت حتى استقلال السودان عام 1956م.
3
لكن الحزب الشيوعي لم يقاطع انتخابات النقابات والمجالس البلدية رغم تحفظه علي قوانينها بهدف توسيع النشاط الجماهيري وتحقيق مطالب الجماهير في تحسين مستوي المعيشة والأجور مع تركيز الأسعار والخدمات في الصحة والتعليم وصحة البيئة وحفر المجاري لتصريف مياه الأمطار ، وتوفير خدمات المياه والكهرباء والسكن والضمان الاجتماعي وضمان الأمن. الخ ، كما شارك في انتخابات تحت ظل نظم ديمقراطية نسبية مثل: أول انتخابات ديمقراطية في نوفمبر 1953م بعد اتفاقية الحكم الذاتي في فبراير 1953م ، وانتخابات 1958م ، وانتخابات 1965م بعد ثورة اكتوبر 1964م ، وانتخابات 1986م بعد انتفاضة مارس- ابريل 1985م، تلك الانتخابات التي جرت في ظل دساتير كفلت الحقوق والحريات الأساسية نسبيا ، رغم ضيق رئيس الوزراء عبد الله خليل بالديمقراطية الأولي بتسليم الحكم للعسكر في 17 نوفمبر 1958م ، وضيق أحزاب الأمة والاتحادي وجبهة الميثاق الإسلامي بالديمقراطية الثانية وخرق الدستور بحل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان عام 1965م ، مما خلق أزمة دستورية أدت لفوضي كان من نتائجها انتهاك استقلال القضاء وحكم القانون وقيام انقلاب 25 مايو 1965م، وضيق الجبهة الإسلامية بالديمقراطية الثالثة بتنفيذ انقلاب 30 يونيو 1989م الذي دمر البلاد والعباد، اضافة لانقلاب اللجنة الأمنية لنظام الانقاذ في 11 أبريل 2019 الذي قطع الطريق أمام الثورة، وانقلاب 25 أكتوبر 2021 الذي قوض "الوثيقة الدستورية" ، وأدي للحرب اللعينة الجارية حاليا.
4
موقف الحزب الشيوعي من المجلس المركزي:
ايضا شارك الحزب الشيوعي في انتخابات المجلس المركزي والمجالس البلدية خلال الحكم العسكري الأول ، بهدف كشف وفضح تلك المهزلة على أوسع نطاق باعتبارها تشويها للديمقراطية ومحاولة من النظام العسكري لمد أجل بقائه، كما جاء في بيانه بتاريخ أول يوليو 1961م الذي أشار الي أنه “امتداد للمخطط الاستعماري كما في المجلس الاستشاري في 1943م ” ليشرك السودانيين في إدارة شئون بلادهم”ولكن شعبنا المطالب بالاستقلال التام قاطع المجلس المزعوم وحطمه فولد ميتا . وبعد خمس سنوات جاء الاستعمار بالجمعية التشريعية” وبنظام الانتخابات “عله يضلل شعبنا هذه المرة ، ولكن يعلم كل المواطنين ـ ماعدا الطغمة الحاكمة ـ المصير الذي آلت إليه الجمعية التشريعية . وفي عام 1952م عدل الاستعمار قانون الجمعية التشريعية ليوسع “حقوق الانتخاب ” وجاء بما يسمى “بدستور ستانلي بيكر”، ولكن القانون المعدل حطم في مهده تحت ضربات شعبنا ولم ير النور . لقد فشلت إذن كل محاولات الاستعمار في صرف كفاح شعبنا عن طريق الاستقلال والديمقراطية . فشلت كل محاولاته في أن يقنع شعبنا البطل بأن يرضي بالفتات . وأنتصر شعبنا على الاستعمار وحقق الاستقلال ، وحقق البرلمان المنتخب إنتخابا حرا مباشرا من الشعب بأجمعه” .
كما أشار الحزب أن “الديكتاتورية العدو اللدود للديمقراطية ، لا يمكن أن تؤتمن لا على الديمقراطية ولا على تطبيقها ولا على (صنعها) ففاقد الشئ لا يعطيه ، والديكتاتورية لا يمكن أن تلد الديمقراطية ولايمكن أن تتطور في أتجاهها . وكل من يصدق أن نظام 17 نوفمبر يمكن أن يمنح الديمقراطية أو يتجاوب معها أما أن يكون ساذجا واما يكون متهافتا“.
اضافة الي أن المجلس المركزي “في الواقع مؤتمر للحكومات المحلية ، تكملة لمسرحية مجالس المديريات التي كانت ذنبا بدون رأس” ، وجاء باقتراح من أمريكا بعد طلب الحكومة مزيدا من المعونة الامريكية ، فقبل كنيدي بشرط واحد ، وهو إقامة أي نوع من التمثيل الصوري ، لكي يقال أن المعونة تذهب إلى نظام ديمقراطي ، ولن يتأكد بالطبع ماقاله عبود عن صلة السودان بما يسمى (بالعالم الحر) وديمقراطياته المزيفة”.
لكل ما تقدم فان الحزب الشيوعي الذي وقف قبل 17 نوفمبر محذرا من وجود مؤامرة أمريكية للاطاحة بالدستور ووقف في طليعة القوى المناضلة ضد الحكم العسكري يرى الآتي :
أولا ـ تشديد النضال وسط القوى الاساسية التي تمثل الجبهة الوطنية الديمقراطية والتي قام على أكتافها عبء النضال ضد النظام الدكتاتوري تشديد النضال وسط العمال والمزارعين والقوى الوطنية التي تتناقض مصالحها مع مصالح الاستعمار والحكم العسكري ـ الطلبة والتجار والمثقفين الوطننين .
ثانيا ـ لكي يضمن تنفيذ شعار عودة الحياة الديمقراطية بعد تحطيم الحكومة الرأهنة لابد من :
– تشكيل حكومة إنتقالية وطنية مؤقتة تشرف على عودة الحياة الديمقراطية وألا يترك هذا الامر في يد الحكومة العسكرية الرأهنة.
– العمل بالدستور المؤقت حتى يتم وضع الدستور أمام برلمان منتخب أنتخابا حرا.
– رفع حالة الطوارئ
– الغاء القوانين المقيدة للحريات حسب ماجاء في قرار البرلمان السابق 1/1/1956 ، والقوانين الاستعمارية المقيدة للصحافة ، وقانون الحبس التحفظي ، وأطلاق سراح سجناء العمال والجيش والشيوعيين وكل من أعتقل أو سجن من الاحزاب الاخرى.
– عودة النقابات على أســـــــاس قانون 48 ريثما يتم تعديله لمصلحة العامل وعودة إتحادات الطلبة وإتحادات المزارعين.
(راجع بيان المكتب السياسي – الحزب الشيوعي السوداني: 5 / 12 / 1961م، في كتاب ثورة شعب اصدار الحزب الشيوعي ، 1965م).
5
موقف الحزب الشيوعي من الانتخابات .
تقرر موقف الحزب من الدخول في معركة الانتخابات في دورة اللجنة المركزية المنعقدة في يناير 1963م ونورد فيما يلي نص القرار كما ورد في التقرير الرئيسي الذي أصدرته دورة اللجنة المركزية .
واشار القرار الي :
“أننا نعلم الطبيعة الرجعية للمجلس المركزي ، كما نعلم أهداف القوى اليمينية الحاكمة من ورائها. ومن أجل هذا علينا أن نفضحة من الداخل وأن نسخره ما أمكن كمنبر للدفاع عن الديمقراطية ولمخاطبة الجماهير التي حرم حزبنا من الوصول أليها نتيجة مصادرة الحقوق الديمقراطية ، واستنهاضها في النضال من أجل حقوقها ، ومن أجل الاطاحة بالنظام الراهن وقيام حكومة وطنية ديمقراطية” .
كما أشار الحزب الشيوعي في بيانه لجماهير الشعب بتأريخ 9/3/1963 الي الموقف الخاطئ الذي أتخذته الاحزاب من تلك المعركة جاء في البيان:-
وفي هذه الايام بالذات حيث يدور الجدل عاليا حول دخول أو مقاطعة الانتخابات للمجالس المحلية ، فأن الحزب الشيوعي السوداني يرى من واجبه أن يؤكد بصورة قاطعة أن الاضراب السياسي العام مازال السلاح القوى الذي يمكن أن تشهره الجماهير لاسقاط النظام الرأهن ، وأنه لا مقاطعة الانتخابات ولا دخولها يمكن أن يكون بديلا لهذا الاضراب . ان الاضراب السياسي سيظل دائما هو المحك لاختيار صحة الطريق الذي تسلكه الجماهير في هذه القضية أو تلك بما في ذلك قضية المقاطعة أو عدمها . وفي حالة الانتخابات للمجالس المحلية ، بينما يرى الحزب الشيوعي السوداني أهمية خوض هذه المعركة وتحويلها إلى مظاهرة كبرى . والارتفاع بمستوى المعركة الجماهيرية سياسيا وتنظيميا من أجل التحضير للاضراب السياسي ، يرى البعض الآخر ضرورة مقاطعتها كأسلوب من أساليب المقارمة للنظام العسكري .ومن الواضح أن كلا الشعارين يهدفان في ظاهرهما إلى غرض واحد هو معارضة النظام الرأهن والرغبة في أنهائه.
أخيرا استطاع الحزب الشيوعي أن يعرى ضيق العسكر بالديمقراطية، وزيف المجلس المركزي ، حين اعتقلوا المرشحين الشيوعيين، وضرورة تحقيق هدف الحزب الأساسي الاضراب السياسي العام والعصيان المدني لاسقاط الانقلاب وقيام الحكم الديمقراطي ، وثابر عليه بمختلف الأشكال حتى نجح الاضراب السياسي العام في الاطاحة بالديكتاتورية العسكرية في ثورة أكتوبر 1964م ، والذين اصبح من أهم دروس أكتوبر الأخضر.

حاشية : لخص الحزب تجربة المشاركة في المجلس العسكري وفضح زيف الديمقراطية التي ضاق بها الحكام العسكريين الذين اعتقلوا حتى المرشحين الشيوعيين ، "للمزيد من التفاصيل راجع : ثورة شعب : اصدار الحزب الشيوعي السوداني 1965، مصدر سابق".

alsirbabo@yahoo.co.uk  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الحزب الشیوعی السودانی الحزب الشیوعی فی المجلس المرکزی السیاسی العام المشارکة فی فی المجلس یمکن أن من أجل

إقرأ أيضاً:

الديمقراطية النيابية وإرهاصات النموذج الجديد

الديمقراطية اختفت من العالم عندما هزم المقدونيون الأثينيون عام 322 ق م وأيضاً قادت تجربة الأوربيون لتحرير سلطة الناس في الثورة الفرنسية إلى سفك الدماء ومزيدا من الاستبداد.

والديمقراطية هي آلية لتحرير سلطة الناس وجعل الشعب يحكم نفسه بنفسه ومن أجل نفسه، ويقول جون آدم ثاني رئيس للولايات المتحدة إن الديمقراطية لا تدوم طويلا فهي سرعان ما تُهدر وتستنزف وتقتل نفسها بنفسها، وبالرغم أن كثير من المفكرين يشاركون جون آدم هذه المخاوف إلا أنه لا بديل للديمقراطية إلا الاستبداد، وللديمقراطية مزايا كثيرة فهي تعزّز مبدأ المساواة بين الأفراد وتطلق العنان لمواهب كل المواطنين بدلا من تمييز قلة منهم وتغرس الاحترام للمؤسسات السياسية والرغبة في حمايتها ولكن للأسف الشديد الجماهير تتحرك بالعاطفة أكثر من العقل وبالمصالح الذاتية قصيرة المدى أكثر من المصالح العامة طويلة المدى، فالديمقراطية أصبحت في كثير من الديمقراطيات المتقدمة مثل الولايات المتحدة وغيرها ديمقراطية مسرحية حيث ترشح الناس أصحاب الخطب الرنانة والوعود المعسولة كما أنها قد تؤدي إلى استبداد الأغلبية على الأقلية وإهمال التخطيط على المدى البعيد وطحن الحرية الفردية، فالديمقراطية آلية قوية ولكنها غير مثالية في تطبيقاتها على الأرض، إنها تحتاج إلى التصميم بعناية من أجل تسخير الإبداع البشري ومراجعة الانحرافات الإنسانية والمحافظة على النظام بحيث يعمل بشكل جيد ويتجنب الانحراف والفساد.

فالديمقراطية في أمس الحاجة إلى الإصلاح في نظامها وآلياته المختلفة التي سببت في الفساد والتوجه للمصالح الخاصة على حساب الصالح العام، وما نراه اليوم هو أن الديمقراطيات تسير إلى الوراء حيث يوجد عدد أقل من الديمقراطيات في العالم مقارنة بسنة 2001، وتواجه الديمقراطية النيابية مصاعب كثيرة بعد الأزمات السياسية والمالية المتكررة في كثير من دول العالم والشعور بالقلق والفزع من الفوضى التي تخلقها حرياتهم الديمقراطية وكذلك الوعود الخادعة والآمال الضائعة التي وعدت بها والتناقض الصارخ بين توجهات الدولة وآراء الناس ومعتقداتهم وقيمهم ونلاحظ ذلك جليا في الولايات المتحدة في حرب فيتنام واكتساح أفغانستان وغزو العراق وتدمير سوريا وتشتيت اليمن ونهب ليبيا وتدمير الشعب الفلسطيني باسم الديمقراطية.

وفي كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ظهرت كثير من عيوب الديمقراطية النيابية والمتمثلة في الغرور والتكبر والأنانية والطموح الزائد عن حده فأمريكا تظهر بشكل واضح كثير من مشاكل الديمقراطية النيابية وعيوبها بينما الاتحاد الأوروبي يظهر القليل جدا من ميزاتها ومزاياها.

في الولايات المتحدة الديمقراطية فيها مسرحية تعكس صراع المصالح بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي وصراع المصالح بينهما بعيد كل البعد عن مصالح الدولة الأساسية، وإذا كان الصراع والتناطح والانقسام بينهما إيديولوجي
فإنهما يجمعهما السعي وراء الدولار، فالديمقراطية الأمريكية هي لعبة الأغنياء وأصحاب النفوذ لفوز مرشحهم ففي عام 2012 وصل الصرف على الانتخابات الأمريكية حوالي 6.3 مليار دولار وهذا يعطي انطباع قوي بأن الانتخابات الأمريكية قابلة للبيع والشراء وأن الأغنياء لهم قوة أكبر من الفقراء، وأن المصالح تتبادل والصفقات تجري على قدم وساق، هذا إلى جانب الغش السياسي الذي يتمثل في اللعب في الدوائر الانتخابية والاستعانة بجماعات المصلحة واتخاذ كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة للفوز في الانتخابات، وما يحدث في الولايات المتحدة يتكرر بشكل أو آخر في أغلب الدول التي تطبق الديمقراطية النيابية.

أما الاتحاد الأوروبي فمشاكله أكثر عمقا فليس هناك أصلا كثير من الديمقراطية في أعمال الاتحاد وليس هناك آليات واضحة وفعالة، ورمزها للديمقراطية هو البرلمان وهو دوره غير واضح وليس له تأثير وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن إدخال اليورو 1999 لم يكن قرارا ديمقراطيا فقد اتُخِذ من قبل القادة الأوروبيين.

كل هذا مع المشاكل والفوضى التي تتعرض لها الناس والمصالح العامة للمجتمعات مع اصطدام الديمقراطيات الحالية بهذا القرن وعصر المعلومات المعرفة تُنبي بإرهاصهات لنموذج جديد للديمقراطية يتماشى مع التطور العلمي وعصر المعلومات والمعرفة لينتقل من الديمقراطية النيابية إلى الديمقراطية المباشرة والديمقراطية الإلكترونية التي تزيل فساد النيابة وتحقق الشفافية وتقترب من التطبيق الديمقراطي، وتنتقل من الاقتصاد الرأسمالي الذي ينخره الفساد والاستغلال إلى اقتصاد تكامل القطاعات حيث يتكامل السوق مع الدولة مع المجتمع ليزيد من الكفاءة والفعالية ويحقق العدالة والمسؤولية الاجتماعية وهذا ما يسعى له المشروع الحضاري النهضوي وسنتطرق له في موضوع آخر بإذنه تعالى.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

مقالات مشابهة

  • 51 قتيلا بأيدي ميليشيا محلية في الكونغو الديمقراطية
  • غادة عبد السلام تكتب عن والدها في ذكراه .. فارس الكلمة عبدالسلام امين
  • الديمقراطية النيابية وإرهاصات النموذج الجديد
  • لماذا رفض عمدة أنقرة المنافسة على مقعد زعيم المعارضة؟
  • المجلس الوطني: نرفض التصريحات التي تدعو إلى تهجير أبناء شعبنا
  • هدوء يخيم على شرق الكونغو الديمقراطية
  • الكشف عن أبرز البنود التي تحوي المشروع الوطني الذي قدمته القوى السياسية
  • جيش الكونغو الديمقراطية.. أضعفه موبوتو وأرهقه المتمردون
  • المجلس المركزي الفلسطيني يؤكد وحدة الموقف الوطني ورفض مؤامرات تصفية قضية الشعب الفلسطيني وتهجيره
  • الحزب الشيوعي يستنكر قرار تغيير اسم شارع في النجف ويعده استفزازاً