سودانايل:
2025-02-06@20:28:28 GMT
فاخلع نعليك، تجريد الذهن من قيود المألوف!!
تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT
في مساء هذا اليوم، وبينما السماء مكتنزة بالسُحُب، تذكرت فصل الخريف. بدا لي وكأنني أرى حواء بت علي وهي تجتمع مع رفيقاتها أم ضيفان وعرجون وأخريات، متوجهات نحو (الرهد) المحل الذي يجنين منه أوراق نبات الكول. من بين رفيقاتها جميعاً تألقت حواء بت علي في اجادة الشغل، حيث يتم حجز ما ابدعته من الكول مسبقا، بينما بضاعة رفيقاتها في السوق قد تبور، وربما تبقى بلا مشترٍ.
ثمة أفكار تسببت في غياب الوعى، واضحت جداراً حصينا في معظم العقول، ومصدراً للشلل الفكري الذي لا يمكن تجاوزه في عقول الكثيرين، لأن الناس يخشون من تعبير بآرائهم أو طرح أسئلتهم بسبب مخاوف من ردود الأفعال السلبية. على الرغم من أن العديد يحملون ملاحظات حول الواقع الذي نعيشه اليوم، لكن التحدي هو السكوت خوفاً أو طمعاً. ان الأزمة التي نعيشها اليوم ليست وليدة ١٥ أبريل( نيسان)، وإنما هي رسالة في بريد الأزمات ربما من قبل خروج المستعمر، فإذا لم نفهم مغازي ومعاني الرسالة ستظل هكذا تدور وكل يوم تنتج المزيد من الازمات، ووقتها لا يفيد البكاء ولا العويل، أن الحروب لا تنتهي ب(سلام مناصب) دون مخاطبة جذور الأزمة. ومتى ما وجدت الجهل والفقر والامية والرعى الجائر ستظل البيئة صالحة لإنتاج أناس لا يعرفون سوى القتل والنهب والسلب والتشريد.. كثيرون كانوا يعتبرون (الجنجويد) هم أفضل ما جادت به القبائل العربية لمناهضة المتمردين، وكانوا لا يخفون فخرهم بهم، لكن أول ما دخل الجنجويد الحزام المحرم بدأ الصراخ والعويل، المبادي لا تتجزأ. هم اليوم نسخة معدلة ومنقحة بمثابة (iPhone 15 Pro Max). غضون عشرين سنة دخلوا المدينة وسافروا إلى الخارج وعرفوا أبواب المسرح والسينما ودخلوا القصر الجمهوري ودواوين الحكومة وما زادهم كل ذلك إلا خبالا، فما بالكم بالنسخة الاولى. ما لم نستوعب الرسالة لا يمكن للحروب أن تتوقف، ولا للمعاناة أن تختفي من فضائنا. ثمة رسائل هامة يحملها الواقع الذي نعيش في طياته، رسائل تفتأ تذكرنا بأهمية رفع مستوى الوعي وصيانة كرامة الإنسان. وإذا لم نكن قادرين على فهمها والعمل بحكمة على تطبيقها، فستأتي لنا رسائل أخرى، ربما تكون أشد قسوة وصرامة من سابقاتها، لقد حان الوقت لنستمع لها، لإن الاستجابة هي الخطوة الأولى نحو بناء مستقبل أفضل والتحول نحو عالم يسوده التسامح.
أن مشكلة الحروب اصبحت متراكمة ومتضخمة في العقلية الذهنية والنفسية لمجتمعنا وكأننا مخدرين نترنح متأثرين بحبوب الهلوسة الكلامية فارغة المضمون والمعنى. والاسف لم نتعلم كيف ندير أزماتنا ولم نطور قدراتنا على اخذ الدروس والعبر من أمم حولنا.. أمم كانت تعاني من أزمات مماثلة أو اكثر تعقيداً، لكنها استطاعت الخروج من الحطام من خلال عبقرية إدارة الازمة، فالصين شكلت مثالاً رائعاً على كيفية التعامل مع التحديات بشكل مستدام وبعيداً عن العسكرة. تبنت استراتيجية تركز على تعزيز العقل والعلم والاصرار والعزيمة، وركزت على تطوير المجتمع ورفع مستوى الوعي فيه بدلاً من اللجوء إلى الصراعات العسكرية. فنجحت بشكل مبهر في تحقيق تقدم اقتصادي وتجاري وتكنولوجي، ومن دون ضجيج وأصبحت تصنع لكل العالم.
دولة اليابان بعد الأحداث المأساوية في هيروشيما وناجازاكي، اتخذت خطوات حكيمة من خلال التوقيع على شروط الاستسلام. وبدلاً من الانغماس في العنف والصراع، ركزت على تحقيق التقدم وإعادة بناء المجتمع، وعملت على صناعة الانسان بالاستثمار في التعليم والابتكار، واقامت اقتصادا قويا يعتمد على الاقتراحات والابتكارات. وبفضل هذا النهج، أضحت قوة اقتصادية من دون حاجة إلى استخدام العنف والصراعات المسلحة. والمهاتما غاندي كان قائداً رائعاً استخدم سياسة اللاعنف والمقاومة السلمية لتحرير الهند من الاستعمار البريطاني. كانت هذه الاستراتيجية فعالة في تحقيق الاستقلال. كذلك الثورة التي أسقطت أقوى حكومة دكتاتورية في السودان باستخدام شعار السلمية تعكس قوة اللاعنف الذي لا يعني الضعف، وأنما يظهر كيف يمكن للشعوب تحقيق التغيير دون اللجوء إلى العنف وكيف يمكن للصوت السلمي أن يكون أقوى من الصوت العدواني في بناء مستقبل أفضل.
إننا بحاجة إلى ثورة في عالم العقول، ثورة تلعب دوراً حاسماً في تغيير وتحسين الواقع. تهدف وتعمل على استخدام أقصى إمكانيات العقل لننتزع المستقبل من قيود الماضي ونفتح أبواب الإبداع والتقدم، ونستمد إلهاماً من الأفكار نحو مستقبل أفضل للجميع ونبتعد عن عصر السامري الذي أصبح جزء لا يتجزأ من حياتنا.. فمن يفتتح روضة لابد أن يضع عليها اثر قبضة الرسول.. روضة اطفال ضحى (الإسلامية) أو مخبز عوض (الإسلامي) وهو يمارس كل ما يخالف نهج القرآن وسلوك الرسول صلى الله عليه وسلم، كما تجد الكمساري والسمسار وغيرهما اكثر من يقولون (صل على النبي) وهم اكثر الناس مخالفة لسلوك النبي. ان أي نبي مرسل كان يمثل ضميرا للامة ويحاول اصلاح ما أفسده الدهر، فطرة الله التي فطر الناس عليها، وعندما يموت يترك ضميرا حيا في كل أنسان، فصلاتك على النبي تعني أن تصلح ضميرك وتتحلى بأخلاق نبيك، فالنبي ليس مجرد رسول يمثل زمانا مضى، بل هو رمز للضمير الإنساني الحي الذي يسعى لإصلاح ما أفسده الزمن. (إن الله وملائكته يصلون على النبي)، كل شروق يوم جديد يرسل الله لنا رسائل تحديث لضمائرنا. مثلنا مثل الهاتف الذكي الذي يرسل لك تحديثات دورية لتحسين أدائه ومتابعة التطورات، والمستجدات، وكذلك هي ضمائرنا ايضا بحاجة للتجديد والتحسين المستمر ولكن هيهات.. الضمير يذكرك بصوت داخلي يمنعك من الشر ويوجهك نحو الخير. لكننا قتلنا ضمائرنا بعدم الصلاة عليه، نضرب الأمثال للناس لعلهم يعقلون.. عندما تركب السيارة ينبهك صوت ربط الحزام، فكثير منا لكي لا يسمع صوت المنبه يربط الحزام وراء ظهره فيكون بذلك قتل الضمير. ان من يريد الصلاة على النبي عليه أن يتسلح بأخلاق النبي ليُحسن سلوكه وأخلاقه ليكون على منهاج النبي الذي بعث ليتمم مكارم الأخلاق. فصلاتنا على النبي أصبحت مجرد كلمات ينطق بها اللسان دون تأثير.. فالأزمة في جوهرها (أزمة ضمير) .
abudafair@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: على النبی
إقرأ أيضاً:
أمنياً.. ما الذي أضعف حزب الله؟
يُعتبر يوم 23 شباط الجاري الموعد المُحدّد لتشييع أمين عام "حزب الله" الشهيد السيد حسن نصرالله بمثابة "نقطة الانتقال" من مرحلةٍ إلى أخرى لاسيما على صعيد "حزب الله" ونمطية عمله الفعلية عسكرياً وسياسياً وأيضاً شعبياً.
في الواقع، يعتبر "حزب الله" اليوم أمام خطوات مُتصلة بمستقبله المرتبط بتوجهات المنطقة، الأمر الذي يستدعي الكثير من التساؤلات عن أدواره المقبلة وما يمكن أن يكرسه من سلوكيات وخطوات تساهم في الحفاظ عليه أقله ضمن البيئة الحاضنة له.
ثغرات
على مدى مرات عديدة، كرّر أمين عام الحزب الشيخ نعيم قاسم الكلام عن "تحقيق داخلي" في "حزب الله" لتقييم المرحلة السابقة واستقاء الدروس والعبر. المسألة هذه مطلوبة في إطار "نقد ذاتي" باعتبار أن الخسائر التي حصلت كبيرة وفي غير متوقعة.
تقول المعلومات إنَّ "حزب الله" يعمل حالياً على إعادة تقييم بنيته الداخلية عسكرياً وأمنياً وما يجري الآن أيضاً يرتبط بإعادة تكوين بنى تحتية جديدة خاصة به ومغايرة لتلك التي كانت موجودة سابقاً، ذلك أنَّ الخروقات التي حصلت أوجدت ثغرات خطيرة استغلها العدو الإسرائيلي لتنفيذ اغتيالات وضربات مُستهدفة تطال بنى تحتية عسكرية وأماكن قيادية.
كل ذلك، وفق المصادر المطلعة على أجواء الحزب، يمثل خطوة أساسية نحو اكتشاف "حقائق" كثيرة يحتاج الرأي العام لمعرفة مصيرها، لكن ما لا يُعرف الآن هو نتائج ما ستتوصل إليه التحقيقات الداخلية بشأن شبكات العملاء التي خرقت "حزب الله"، فيما تبيّن أن هناك انكشافات خطيرة قد ظهرت أساسها يرتبطُ بأسلحة نوعية كان يمتلكها "حزب الله" وتعرّضت للقصف لقاء خروقاتٍ مفاجئة ساهمت بتسريب معلومات قيّمة وحساسة للعدو الإسرائيلي بشأنها.
من ناحيتها، تقولُ مصادر معنية بالشأن العسكري لـ"لبنان24" إنَّ "حزب الله" واجه مشكلتين، الأولى وتتمثل بعدم مراكمة العمل الإستخباراتي والأمنيّ انطلاقاً من تعزيز الداخل والأمن الإستباقي كما يجب، والثانية ترتبطُ بعدم خوض حرب استخباراتيّة أكثر جديّة كتلك التي خاضها العدو ضدّه.
بالنسبة للمصادر، صحيحٌ أنَّ "حزب الله" كان ذا بنية أمنية كبيرة، لكنّ المشكلة هي أن ذاك الأمن لم يكن موجهاً بالقدر الكافي لتحصين الحزب تجاه إسرائيل، والدليل على ذلك سلسلة الخروقات التي حصلت.
وفق المصادر عينها، فإن "حزب الله" عمل على مراكمة الماديات العسكرية مثل الصواريخ المختلفة، لكنه في المقابل لم يتطور استخباراتياً إلى الدرجة التي وصلت فيها إسرائيل، علماً أنه كان قادراً على استغلال التكنولوجيا لصالحه مثلما فعل مع الطائرات المُسيرة.
عملياً، فإن ما يعمل عليه "حزب الله" الآن، وفق المصادر المعنية بالشأن العسكريّ، يجب أن يكون مكرساً لفهم طبيعة عمله الاستخباراتي لاحقاً، وذلك في حال سلمنا جدلاً لأمر واحد وهو أنّ الحزب سيوصل عمله العسكريّ داخل لبنان. وإذا كان هذا الأمر سيتحقق فعلاً، فإن الحزب، وفق المصادر، سيكون أمام اختبارين جديدين، الأول وهو حماية نفسه داخلياً والثاني كيفية استغلال الحرب الاستخباراتية لنقلها إلى داخل إسرائيل مثلما فعلت الأخيرة ضدّ لبنان.
خلال الحرب، ما ظهر هو أن "حزب الله" استطاع جمع معلومات استخباراتية عن مواقع ومنشآت عسكرية إسرائيلية بواسطة "طائرات الهدهد"، لكن هذا الأمر لا يعتبر كافياً مقارنة بالانكشافات التي مكّنت إسرائيل من قتل قادة الحزب.
من جهة أخرى، فإن قدرات الحزب قد تكون معروفة من حيث الفعالية، فإسرائيل حينما نفذت اغتيالاتها، كانت تتحرك ضمن أجواء مفتوحة فوق لبنان، لكن هذا الأمر ليس متاحاً فوق إسرائيل بالنسبة للحزب، ما يعني أنّ المقارنة بالقدرات والاستخبارات لن تتحقق، وفق ما ترى المصادر المعنية بالشأن العسكري.
وعليه، وبالنسبة للمصادر عينها، فقد أصبح لزاماً على "حزب الله" البحث عن "حرب بديلة" لحماية نفسه وليس لشنّ الهجمات الجديدة استخباراتياً، إلا إذا تمكن من ذلك، وهو الأمر الذي قد يعتبر صعباً حالياً بسبب التضييق الذي يعيشه ناهيك عن انقطاع طريق العبور بين إيران وسوريا إلى لبنان.
في خلاصة القول، بات "حزب الله" في موقع أمام "حربين" داخلية وخارجية أساسها استخباراتي.. فهل سينجح بهما وما هي الخطوات التي قد يتخذها لترميم ما تصدّع؟ الأيام المُقبلة ستكشف.
المصدر: خاص "لبنان 24"