سلاح ذو حدين.. احتجاجات دعم فلسطين تهدد الحكام المستبدين
تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT
في بعض دول الشرق الأوسط، تذكرنا المسيرات المؤيدة للفلسطينيين بالاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية التي اندلعت عام 2011. والآن، يشعر "الزعماء المستبدون" في المنطقة بالقلق من أن الحرب الإسرائيلية في غزة قد تغير الوضع السياسي الراهن داخل دولهم، بحسب تحليل لكاثرين شاير في موقع إذاعة صوت ألمانيا "دويتشه فيله" (Deutsche Welle).
شاير قالت، في التحليل الذي ترجمه "الخليج الجديد"، إن "الحكومة الاستبدادية في مصر لا تدعم الحق في حرية التجمع، لكن منذ حوالي أسبوعين، سمحت الحكومة، برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، للمظاهرات المؤيدة للفلسطينيين بشروط صارمة ومواقع معينة".
وردا على اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي اليومية، قتلت حركة "حماس"، في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، 1200 إسرائيلي وأصابت 5431، وأسرت نحو 242 إسرائيليا، بينهم عسكريون برتب رفيعة، ترغب في مبادلتهم مع أكثر من 7 آلاف أسير فلسطيني، بينهم أطفال ونساء، في سجون الاحتلال.
ولليوم الـ40، يواصل جيش الاحتلال الأربعاء شن حرب مدمرة على غزة، خلّفت 11 ألفا و320 قتيلا فلسطينيا، بينهم 4650 طفلا و3145 امرأة، فضلا عن 29 ألف و200 مصاب، 70 بالمئة منهم من الأطفال والنساء.
ولفتت شاير إلى أن مشاركين في احتجاج من أجل فلسطينين في القاهرة توجهوا إلى ميدان التحرير، وهو المركز الرمزي لاحتجاجات مصر عام 2011 ضمن حركة "الربيع العربي" المؤيدة للديمقراطية، والتي أطاحت بـ"الديكتاتور المصري السابق حسني مبارك (1981-2011)".
وأردفت: "أثناء وجودهم في الميدان، تغيرت الهتافات من التركيز الفلسطيني إلى لازمة تُسمع غالبا منذ 2011 وموجهة إلى السلطات المصرية وهي: "عيش، حرية، عدالة اجتماعية".
وقال حسام الحملاوي، باحث وناشط مصري يعيش في ألمانيا، إن "القضية الفلسطينية كانت دائما عاملا سياسيا للشباب المصري عبر الأجيال".
الحملاوي زاد بأنه "بالنسبة للعديد من النشطاء السياسيين المصريين، سواء الذين قادوا ثورة 2011 أو شاركوا في الاحتجاجات السابقة، كانت القضية الفلسطينية هي بوابتهم إلى السياسة. كانت انتفاضة 2011 في مصر ذروة عملية بدأت مع الانتفاضة الفلسطينية الثانية قبل عقد من الزمن".
و"لمنع أي احتجاجات أخرى مؤيدة للفلسطينيين من أن تتحول إلى مظاهرات مناهضة للحكومة، قمعت السلطات المصرية المعارضة بشكل أكثر صرامة، واعتقلت أكثر من 100 شخص وعززت الأمن في الساحات العامة"، كما أضاف الحملاوي.
اقرأ أيضاً
بعد قمة الرياض.. تقرير أمريكي: الزعماء العرب والمسلمون لا يستطيعون الرد على إسرائيل بموقف موحد
تنفيس عن الغضب
و"الحكومة المصرية ليست النظام الوحيد في المنطقة الذي يخشى أن تهدد القضية الفلسطينية الوضع السياسي الراهن"، بحسب شاير.
وقال جوست هلترمان، رئيس برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، وهي مؤسسة بحثية، إن زعماء المنطقة "لطالما نظروا إلى القضية الفلسطينية كوسيلة للتنفيس عن غضب الشعوب".
واستدرك: "لكنه سلاح ذو حدين، فعندما تكون الظروف في بلد ما سيئة للغاية، يمكن أن تأخذ الاحتجاجات منحى داخليا وتصبح انتقادا للنظام الحاكم".
ومن أصل 22 دولة عربية، تقيم 5 دول هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب علاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، التي تحتل أراضٍ في فلسطين وسوريا ولبنان منذ عقود.
و"في البحرين، حظرت الحكومة الاحتجاجات منذ عام 2011، لكنها سمحت للمظاهرات المؤيدة للفلسطينيين في أكتوبر الماضي"، وفقا لشاير.
وتابعت: "وتقول تقارير إعلامية إن محتجين حملوا لافتات تصور ملك البحرين وهو يمسك بيد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وتم استدعاء شرطة مكافحة الشغب لتفريق الاحتجاجات".
واستطردت: و"في تونس، كانت هناك أيضا احتجاجات كبيرة مؤيدة للفلسطينيين، وكان الرئيس التونسي الاستبدادي بشكل متزايد، قيس سعيد، يسير بشكل واضح على خط رفيع بشأن هذه القضية، إذ استخدم تعاطف التونسيين مع الفلسطينيين لأغراضه الخاصة، وربما لتعزيز شعبيته".
وكتب خبراء في مجموعة الأزمات الدولية، في تقرير مؤخرا، أن "جزء من دوافع سعيد لاتخاذ موقف صارم وإثارة الغضب الشعبي قد يكون صرف الانتباه عن الضائقة الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها البلاد".
ومضت شاير قائلة إنه "في البداية، خرج سعيد لدعم مشروع قانون يجعل تطبيع العلاقات مع إسرائيل جريمة جنائية، ولكنه تراجع في الآونة الأخيرة قائلا إن مثل هذا القانون سيضر بآفاق تونس الاقتصادية والدبلوماسية المستقبلية".
اقرأ أيضاً
سخرية واسعة من البيان الختامي للقمة الإسلامية العربية بشأن غزة
استياء واسع
وبحسب الحملاوي، فإن "الوضع "يكشف مدى ضعف الأنظمة العربية، بما فيها مصر، وعدم قدرتها على التأثير على ما يحدث وحماية الفلسطينيين أو التوصل إلى وقف لإطلاق النار".
وتابع: "وهذا يثير استياءً واسع النطاق ويمكنك رؤيته في جميع أنحاء وسائل التواصل الاجتماعي: فالناس يشاركون الأخبار من فلسطين بفارغ الصبر، بالإضافة إلى الميمات والرسوم الكاريكاتورية والنكات التي تسخر من السيسي وغيره من الحكام العرب".
واعتبر أن "هذا لا يعني أن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ستتحول إلى حركة جديدة مؤيدة للديمقراطية. على الأقل، ليس على الفور.. لسنا على وشك عام 2011 آخر؛ لأن هناك فرقا كبيرا بين المعارضين بين الحين والآخر. وحكومة السيسي قمعت جميع أصوات المعارضة تقريبا".
غير أن الحملاوي أشار إلى "وجود مؤشرات صغيرة ومحلية على معارضة مستمرة، ولذلك كلما طال أمد هذه الحرب (في غزة)، زاد احتمال حدوث شيء ما".
و"لتجنب ذلك، تعمل دول الشرق الأوسط، التي قامت بتطبيع العلاقات مع إسرائيل أو خططت لتطبيعها، على الموازنة بين التصريحات العامة الغاضبة حول هذا الموضوع والسياسة الواقعية في السر"، كما زادت شاير.
وذكرت مجلة "إيكونوميست" البريطانية مؤخرا أنه "في محادثات غير رسمية، تحدث بعض المسؤولين العرب عن حماس وغزة بنوع من اللغة التي يتوقع المرء سماعها من الإسرائيليين اليمينيين، فهم لا يتعاطفون مع جماعة إسلامية تدعمها إيران، لكنهم لا يجرؤون على تكرار مثل هذه التصريحات علنا".
اقرأ أيضاً
تغيير مسار.. هكذا يمكن للحكام العرب اكتساب شرعية من فلسطين
المصدر | كاثرين شاير/ دويتشه فيله- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: احتجاجات فلسطين إسرائيل عزة حرب المؤیدة للفلسطینیین القضیة الفلسطینیة عام 2011
إقرأ أيضاً:
الرئيس السيسي: القضية الفلسطينية صلب قضايا المنطقة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، إن القضايا الإقليمية والملفات الدولية كانت حاضرة بقوة خلال مباحثاتي مع رئيس إستونيا وجاءت القضية الفلسطينية في مقدمة الملفات الإقليمية التي تناولتها مع الرئيس الإستوني، وذلك لأن مصر تعتبرها صلب قضايا المنطقة.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي مشترك بين الرئيس عبد الفتاح السيسي، وألار كاريس رئيس إستونيا، بمقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة قصر الاتحادية.
ورحب الرئيس عبد الفتاح السيسي بنظيره الإستوني، قائلًا: أجريت اليوم مع الرئيس الإستوني مباحثات مكثفة وبناءة تناولنا خلالها مختلف الموضوعات الثنائية والإقليمية والدولية ذات الاهتمام المتبادل بين البلدين، وقد عكست المشاورات إرادتنا السياسية المشتركة نحو تعزيز العلاقات بين البلدين والارتقاء بها في مختلف المجالات إلى آفاق أرحب، وذلك من خلال تفعيل أطر التعاون وآليات التشاور والتنسيق على كافة المستويات، وتطوير التعاون في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية بما يحقق أهداف التنمية الشاملة في البلدين ويعظم المصالح المشتركة للشعبين الشقيقين.