تحذيرات من أرتفاع في عدد الوفيات بسبب الحرارة في السنوات القادمة
تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT
نوفمبر 15, 2023آخر تحديث: نوفمبر 15, 2023
المستقلة/- حذّر فريق دولي من الخبراء يوم الأربعاء (15 تشرين الثاني/نوفمبر) من أنه من المرجح أن يموت ما يقرب من خمسة أضعاف عدد الأشخاص بسبب الحرارة الشديدة في العقود المقبلة، مضيفين أنه بدون اتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ فإن “صحة البشرية معرضة لخطر كبير”.
و كانت الحرارة القاتلة مجرد واحدة من الطرق العديدة التي يهدد بها الاستخدام المتزايد للوقود الأحفوري في العالم صحة الإنسان، وفقا لمجلة لانسيت كاونتداون، و هو تقييم سنوي رئيسي يجريه كبار الباحثين و المؤسسات.
و حذر الباحثون من أن المزيد من حالات الجفاف الشائعة ستعرض الملايين لخطر المجاعة، و أن البعوض الذي ينتشر أبعد من أي وقت مضى سيحمل معه الأمراض المعدية، و سوف تكافح النظم الصحية للتعامل مع العبء.
و يأتي هذا التقييم الرهيب خلال ما يُتوقع أن يكون العام الأكثر سخونة في تاريخ البشرية في الأسبوع الماضي فقط، أعلن مراقب المناخ الأوروبي أن الشهر الماضي كان أدفأ شهر أكتوبر على الإطلاق.
و يأتي أيضًا قبل محادثات المناخ COP28 في دبي في وقت لاحق من هذا الشهر، و التي ستستضيف لأول مرة “يوم الصحة” في 3 ديسمبر حيث يحاول الخبراء تسليط الضوء على تأثير الاحتباس الحراري على الصحة.
على الرغم من الدعوات المتزايدة للعمل العالمي، فإن انبعاثات الكربون المرتبطة بالطاقة وصلت إلى مستويات عالية جديدة في العام الماضي، حسبما ذكر تقرير لانسيت للعد التنازلي، و خص بالذكر الإعانات الحكومية التي لا تزال ضخمة و استثمارات البنوك الخاصة في الوقود الأحفوري الذي يسخن الكوكب.
في العام الماضي، تعرض الناس في جميع أنحاء العالم لمتوسط 86 يومًا من درجات الحرارة التي تهدد حياتهم، وفقًا لدراسة العد التنازلي التي أجرتها مجلة لانسيت. و قالت تضاعفت نسبة حدوث حوالي 60 في المائة من تلك الأيام بسبب تغير المناخ.
و أضافت أن عدد الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاما و الذين لقوا حتفهم بسبب الحرارة ارتفع بنسبة 85 بالمئة في الفترة من 1991-2000 إلى 2013-2022.
و قالت مارينا رومانيلو، المديرة التنفيذية لمجلة لانسيت كاونت داون، للصحفيين: “لكن هذه التأثيرات التي نشهدها اليوم يمكن أن تكون مجرد عرض مبكر لمستقبل خطير للغاية”.
و في ظل السيناريو الذي يشهد ارتفاع حرارة العالم بمقدار درجتين مئويتين بحلول نهاية القرن و هو الآن في طريقه إلى 2.7 درجة مئوية فمن المتوقع أن تزيد الوفيات السنوية المرتبطة بالحرارة بنسبة 370 في المائة بحلول عام 2050. و هذا يمثل 4.7 أضعاف يزيد.
و وفقا للتوقعات، سيعاني نحو 520 مليون شخص آخرين من انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد بحلول منتصف القرن.
و سوف تستمر الأمراض المعدية التي ينقلها البعوض في الانتشار إلى مناطق جديدة. وفقا للدراسة، فإن انتقال حمى الضنك سيزيد بنسبة 36 في المائة في ظل سيناريو ارتفاع درجة الحرارة بمقدار درجتين مئويتين.
و في الوقت نفسه، قال أكثر من ربع المدن التي شملها الاستطلاع من قبل الباحثين إنهم يشعرون بالقلق من أن تغير المناخ سوف يطغى على قدرتهم على التكيف.
و قالت جورجيانا جوردون ستراشان، من مجلة لانسيت كاونتداون، التي تشهد موطنها جامايكا حالياً تفشي حمى الضنك: “إننا نواجه أزمة فوق أزمة”.
المصدر:https://www.channelnewsasia.com/world/heat-projected-kill-nearly-five-times-more-people-2050-3920966
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
إقرأ أيضاً:
مصانع العقول: الجامعات التي تغير العالم – الحلقة 2
يناير 31, 2025آخر تحديث: يناير 31, 2025
محمد الربيعي
بروفسور ومستشار دولي، جامعة دبلن
تعتبر جامعة كامبردج، بتاريخها العريق الذي يمتد لاكثر من ثمانية قرون منذ تاسيسها عام 1209، منارة للعلم والمعرفة، وصرحا اكاديميا شامخا يلهم الاجيال المتعاقبة. تعد كمبردج رابع اقدم جامعة في العالم، وثاني اقدم جامعة في العالم الناطق باللغة الانجليزية، حاملة على عاتقها مسؤولية نشر العلم والمعرفة وخدمة الانسانية. لم تكن كمبردج مجرد مؤسسة تعليمية عابرة، بل كانت ولا تزال محركا رئيسيا للتطور الفكري والعلمي على مستوى العالم، وشاهدة على تحولات تاريخية هامة، ومخرجة لقادة ومفكرين وعلماء غيروا مجرى التاريخ، امثال اسحاق نيوتن، الذي وضع قوانين الحركة والجاذبية، وتشارلز داروين، الذي وضع نظرية التطور، والان تورينج، رائد علوم الحاسوب.
تتميز جامعة كمبردج بمكانة علمية رفيعة المستوى، حيث تصنف باستمرار ضمن افضل الجامعات في العالم في جميع التصنيفات العالمية المرموقة، مثل تصنيف شنغهاي. هذا التميز هو نتاج جهود مضنية وابحاث علمية رائدة في مختلف المجالات، من العلوم الطبيعية الدقيقة كالفيزياء والكيمياء والاحياء، مرورا بفروع الهندسة المختلفة كالهندسة المدنية والميكانيكية والكهربائية، وصولا الى العلوم الانسانية والاجتماعية التي تعنى بدراسة التاريخ والفلسفة والاقتصاد والعلوم السياسية. تضم الجامعة بين جنباتها العديد من المراكز والمعاهد البحثية المتطورة التي تساهم في دفع عجلة التقدم العلمي والتكنولوجي، مثل معهد كافنديش الشهير للفيزياء. تعرف كمبردج باسهاماتها القيمة في جوائز نوبل، حيث حاز خريجوها على اكثر من 120 جائزة نوبل في مختلف المجالات، مما يعكس المستوى العالي للتعليم والبحث العلمي فيها. من بين الاسهامات الخالدة لجامعة كامبريدج، يبرز اكتشاف التركيب الحلزوني المزدوج للحامض النووي (DNA) على يد جيمس واتسون وفرانسيس كريك عام 1953. هذا الاكتشاف، الذي حاز على جائزة نوبل في الطب عام 1962، غيّر مسار علم الاحياء والطب، وأرسى الاساس لفهم أعمق للوراثة والأمراض، ويعد علامة فارقة في تاريخ العلم.
اضافة الى مكانتها العلمية المرموقة، تتميز جامعة كمبردج ببيئة تعليمية فريدة من نوعها، حيث تتكون من 31 كلية تتمتع باستقلال ذاتي، ولكل منها تاريخها وتقاليدها الخاصة، وهويتها المعمارية المميزة. هذه الكليات توفر بيئة تعليمية متنوعة وغنية، تجمع بين الطلاب من مختلف الخلفيات والثقافات من جميع انحاء العالم، مما يثري تجربة التعلم ويساهم في تكوين شخصية الطالب وتوسيع افاقه. توفر الجامعة ايضا مكتبات ضخمة ومتاحف عالمية المستوى، تعتبر كنوزا حقيقية للطلاب والباحثين، حيث تمكنهم من الوصول الى مصادر غنية للمعرفة والالهام. من بين هذه المكتبات، مكتبة جامعة كمبردج، وهي واحدة من اكبر المكتبات في العالم، وتحتوي على ملايين الكتب والمخطوطات النادرة، بالاضافة الى متاحف مثل متحف فيتزويليام، الذي يضم مجموعات فنية واثرية قيمة، ومتحف علم الاثار والانثروبولوجيا.
يعود تاريخ جامعة كمبردج العريق الى عام 1209، عندما تجمع مجموعة من العلماء في مدينة كمبردج. لم يكن تاسيس كمبردج وليد الصدفة، بل جاء نتيجة لهجرة مجموعة من العلماء والاكاديميين من جامعة اكسفورد، بحثا عن بيئة اكاديمية جديدة. هذا الاصل المشترك بين كمبردج واكسفورد يفسر التشابه الكبير بينهما في العديد من الجوانب، مثل النظام التعليمي والهيكل التنظيمي، والتنافس الودي بينهما، الذي يعرف بـ “سباق القوارب” السنوي الشهير. على مر القرون، شهدت جامعة كمبردج تطورات وتحولات كبيرة، حيث ازدهرت فيها مختلف العلوم والفنون، واصبحت مركزا مرموقا للبحث العلمي والتفكير النقدي، ولعبت دورا محوريا في تشكيل تاريخ الفكر الاوروبي والعالمي.
كليات الجامعة هي وحدات اكاديمية وادارية مستقلة، تشرف على تعليم طلابها وتوفر لهم بيئة تعليمية فريدة من نوعها، تساهم في خلق مجتمع طلابي متنوع وغني، حيث يتفاعل الطلاب من خلفيات وثقافات مختلفة، مما يثري تجربتهم التعليمية ويساهم في تكوين شخصياتهم وهي ايضا مراكز اقامة للطلاب. هذا النظام الفريد للكليات يعتبر من اهم العوامل التي تميز جامعة كمبردج، ويساهم في الحفاظ على مستوى عال من التعليم والبحث العلمي.
تقدم جامعة كمبردج تعليما متميزا عالي الجودة يعتمد على اساليب تدريس متقدمة تجمع بين المحاضرات النظرية والندوات النقاشية وورش العمل العملية، مما يتيح للطلاب فرصة التعمق في دراسة مواضيعهم والتفاعل المباشر مع الاساتذة والخبراء في مختلف المجالات. يشجع نظام التدريس في كمبردج على التفكير النقدي والتحليل العميق، وينمي لدى الطلاب مهارات البحث والاستقصاء وحل المشكلات. هذا التنوع يثري تجربة التعلم بشكل كبير، حيث يتيح للطلاب فرصة التعرف على وجهات نظر مختلفة وتبادل الافكار والمعرفة، مما يساهم في توسيع افاقهم وتكوين صداقات وعلاقات مثمرة. كما توفر الكليات ايضا انشطة اجتماعية وثقافية متنوعة تساهم في خلق جو من التفاعل والتواصل بين الطلاب، مثل النوادي والجمعيات الطلابية والفعاليات الرياضية والفنية.
تخرج من جامعة كمبردج عبر تاريخها الطويل العديد من الشخصيات المؤثرة والبارزة في مختلف المجالات، الذين ساهموا في تغيير مجرى التاريخ وخدمة الانسانية، من بينهم رؤساء وزراء وملوك وفلاسفة وعلماء وادباء وفنانين.
باختصار، تعتبر جامعة كمبردج منارة للعلم والمعرفة، وتجمع بين التاريخ العريق والمكانة العلمية المرموقة والتميز في مجالات متعددة، مما يجعلها وجهة مرموقة للطلاب والباحثين من جميع انحاء العالم.