السودان يودع طائر الأحلام.. محمد الأمين فنان الحرية والثورة والشجن
تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT
خيم الحزن على الوسط الثقافي والفني في السودان برحيل المطرب والموسيقار محمد الأمين عن عمر يناهز الـ80 عاما. وتفقد البلاد برحيله أحد أيقونات الغناء والموسيقى المعاصرة، حيث استطاع عبر ما يقرب من 60 عاما أن يلعب دورا كبيرا في تطوير الموسيقى السودانية.
وقد رحل الأمين مساء الأحد 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 بعد وعكة صحية قصيرة قضاها في أحد مستشفيات مدينة فيرجينيا بالولايات المتحدة الأميركية، حيث نعته سفارة بلاده في واشنطن.
عرف محمد الأمين بقدرات صوتية ولحنية ميزته، فكانت بصمته توصف بأنها السهل الممتنع، ولقب الأمين بـ"الباشكاتب" واسمه محمد الأمين حمد النيل، ولد في 20 فبراير/شباط 1943 في مدينة ودمدني جنوب العاصمة السودانية الخرطوم.
أحب الموسيقى منذ صغره، وتعلمها من خلال خاله بله يوسف الأزيرق، وأثناء دراسته في مدرسة الشرقية الأولية ولم يكن سنه تجاوزت الـ12 عاما، فتعلم العزف على المزمار والعود، لكن بسبب ضعف حاسة البصر لم يكمل المسيرة مع متاعب صحية تعرض لها في تلك الفترة.
عاد "ود الأمين" عام 1960 للموسيقى بعد أن التحق بالفرقة الموسيقية لشرطة النيل الأزرق، وكان على رأسها الموسيقار محمد آدم المنصوري، وفي تلك المرحلة، اشتعلت قدراته كمطرب وملحن من خلال احتكاكه بعدد كبير من أميز العازفين منهم الموسيقار حسين بطري.
وكان الأمين وقتها يغني أغنيات مطربين سبقوه، فقدم أغنيات لعبد الكريم الكابلي ومحمد وردي وهو ما ساعد على إظهار قدراته الصوتية وأكسبه شعبية وجماهيرية في مدينته "ود مدني".
توثيق لواقع السودانانطلق محمد الأمين من هذه الشعبية بأغنياته الخاصة التي وثقت الواقع السوداني السياسي والاجتماعي والثقافي، ليصبح أحد أعمدة الفن الوطني، فغنى لثورة أكتوبر (تشرين الأول) ولحن "نشيد أكتوبر واحد وعشرين"، والذي ألّفه الشاعر فضل الله محمد، وفي عام 1966 شارك في أوبريت "ملحمة قصة ثورة" مع الفنانين خليل إسماعيل وبهاء الدين أبو شلة وعثمان مصطفى بالإضافة للفنانة أم بلينة السنوسي، وتم تقديم الأوبريت في ذكرى "ثورة أكتوبر" السودانية وحضر الرئيس السوداني السابق إسماعيل الأزهري.
ومن أغنياته الوطنية نشيد "المتاريس"، وهي من كلمات مبارك حسن خليفة، و"مساجينك" من كلمات شاعر الشعب محجوب شريف.
اعتقالوفي عام 1971 وبعد إخفاف انقلاب هاشم العطا، تعرض محمد الأمين للاعتقال، بسبب أغنياته الوطنية التي قدمها رغم أنه لم يكن صاحب انتماءات حزبية، وكان رفيقه في السجن الفنان الراحل محمد وردي وكانا يغنيان في الزنزانة.
وتحدث الفنان الراحل في لقاء تلفزيوني قديم عن تلك الفترة، وقال إنه تعرض لمضايقات من النظام بسبب أغنياته الثورية أثناء فترة الرئيس السوداني السابق جعفر النميري، ونضاله ضد الأنظمة الدكتاتورية، وعن الثورات الثلاثة التي عاصرها وهي ثورة أكتوبر/تشرين الأول 1964، وثورة أبريل/نيسان 1985، وثورة ديسمبر/كانون الأول 2018، وتمنى أن ينال الشعب السوداني مطالبه.
الشجن وتجديد التراثإلى جانب الغناء الوطني والثوري، ترك محمد الأمين بصمة في الغناء الرومانسي، فكانت أغنياته تحمل حالة من الشجن، منها "أسمر يا ساحر" للشاعر خليفة الصادق"، والتي أبرزت قدراته على التلحين والعزف، و"قلنا ما ممكن تسافر" من كلمات فضل الله محمد، وقام بتجديد ألحان أغنيات تراثية حازت على إعجاب جمهوره منها "عيال أب جويلي".
وقد استطاع أن يصل الأمين بالأغنية السودانية إلى خارج حدود الوطن من خلال مشاركته في العديد من المهرجانات العالمية والحفلات التي قام بإحيائها، في عدد من الدول العربية وأوروبا والولايات المتحدة الأميركية، ومنها مهرجان الشباب العالمي في موسكو والمهرجان الفني الموسيقي في هولندا والمهرجان الثقافي الأول في الجزائر.
وحصل على الدكتوراه الفخرية من جامعة النيلين في عام 2010، ومنحته رئاسة الجمهورية السودانية وسام الجدارة في ذكرى الاستقلال في عام 2014، وخلال رحلته ومشواره الفني حرص على أن يبعد عائلته وأبناءه عن الأضواء.
وقد نعاه جمهوره في السودان بأحد أشهر أغنياته "وداعا طائر الأحلام"، والذي ترك إرثا فنيا كبيرا وأغنيات رسخت في وجدان الشعب السوداني وذاكرته.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: محمد الأمین فی عام
إقرأ أيضاً:
رسالة اعتراض من وزير الخارجية السوداني إلى نظيره البريطاني
كشفت السلطات السودانية اليوم الأحد، أنّ وزير الخارجية علي يوسف وجّه رسالة خطية إلى نظيره البريطاني ديفيد لأمي، تتضمن اعتراضا على تنظيم بريطانيا في 15 نيسان/ أبريل الجاري، مؤتمرا دوليا عن السودان، دون دعوة حكومته للمشاركة.
وأشار بيان لوزارة الخارجية السودانية إلى أنّ الوزير يوسف بعث برسالته الخطية إلى نظيره البريطاني الأسبوع الماضي، ونقل فيها اعتراض الخرطوم على عقد لندن مؤتمرا بشأن السودان، دون توجيه الدعوة للحكومة السودانية.
نهج الحكومة البريطانية
وانتقد الوزير يوسف، "نهج الحكومة البريطانية الذي يساوي بين الدولة السودانية، ذات السيادة والعضو بالأمم المتحدة منذ 1956، ومليشيا إرهابية (الدعم السريع) ترتكب الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية والفظائع غير المسبوقة ضد المدنيين".
ومنذ أبريل 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.
واستعرض يوسف، ما قالت الخارجية السودانية إنها "شواهد تدل على تساهل بريطانيا مع المليشيا".
ودعا الحكومة البريطانية إلى مراجعة سياستها نحو السودان، والانخراط البناء مع حكومته، "استنادا على الروابط التاريخية بين البلدين".
مؤتمر دولي في لندن
وتنظم بريطانيا مؤتمرا دوليا رفيع المستوى حول أزمة السودان في لندن في 15 أبريل الجاري.
ومنذ أسابيع وبوتيرة متسارعة، بدأت تتناقص مساحات سيطرة "الدعم السريع" في ولايات السودان لصالح الجيش.
ففي ولاية الخرطوم، التي تتشكل من 3 مدن، أحكم الجيش قبضته على مدينتي الخرطوم وبحري، فيما يسيطر على معظم أجزاء مدينة أم درمان، باستثناء أجزاء من غربها وجنوبها.
ومنذ أواخر آذار/ مارس الماضي، تسارعت انتصارات الجيش في الخرطوم بما شمل السيطرة على القصر الرئاسي، ومقار الوزارات بمحيطه، والمطار، ومقرات أمنية وعسكرية، للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب قبل عامين.
وفي الولايات الـ17 الأخرى، لم تعد "الدعم السريع" تسيطر سوى على أجزاء من ولايتي شمال كردفان وغرب كردفان وجيوب في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، بجانب 4 من ولايات إقليم دارفور (غرب).
بينما يسيطر الجيش على الفاشر عاصمة شمال دارفور، الولاية الخامسة في الإقليم.