تقدم قوات الدعم السريع يمنحها زخماً في الحرب بالسودان
تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT
أدت مكاسب تمكنت قوات الدعم السريع من تحقيقها في غرب وجنوب السودان، إلى كسر جمود على الأرض استمر لأشهر في حربها مع الجيش، ما عزز طموح القوات شبه العسكرية ومنحها قوة موقف في محادثات تعقد بمدينة جدة السعودية.
وأثارت هيمنة قوات الدعم السريع على منطقة دارفور، التي انطلقت منها نقطة قوتها والتقدم الذي حققته في مناطق أخرى تمتد شرقاً باتجاه العاصمة الخرطوم، تكهنات باحتمال تعرض السودان لانقسام آخر بعد 12 عاماً على انفصال جنوب السودان.
ولكن محللين ودبلوماسيين يقولون إنه من غير الواضح كيف ستتمكن قوات الدعم السريع من حكم منطقة منشقة.. وتسعى القوات بدلاً من ذلك إلى زيادة قدرتها على الوصول لموارد بما يشمل الذهب الذي استخدمته من قبل، لمساعدتها في بناء إمبراطورية مالية ولتأمين دورها في أي تسوية سياسية، بعد قتال دائر منذ 7 أشهر حتى الآن.
الأمم المتحدة تطالب بحماية ومساعدة المدنيين في السودان https://t.co/FlpI7SRME0
— 24.ae (@20fourMedia) November 14, 2023وقال سليمان بالدو من برنامج تتبع الشفافية والسياسة السودانية، إن "الحكم يعني أن تتسلم مسؤوليات الغذاء والصحة والأمن.. ما يريدون هو أن يكونوا طرفاً في الاتفاق المقبل".
وتقول قوات الدعم السريع، التي نشأت من قلب ميليشيا الجنجويد التي ساعدت الجيش على سحق تمرد في دارفور بعد عام 2003، إنها تتقدم وتخوض اشتباكات في الفاشر المكتظة بالسكان عاصمة ولاية شمال دارفور، وكذلك حول قواعد للجيش في الخرطوم.. وتعهدت بالوصول إلى بورتسودان على الساحل الشرقي للبلاد التي اتخذها موظفون حكوميون وبعثات دولية مقراً.
وفي 4 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، قال قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي في كلمة مسجلة، إن "المدن الخاضعة لسيطرة قواته لا علاقة لهم بالحكومة وإن على سكان المدينة أن يختاروا".
وقال السياسي البارز ياسر عمران إن "ليس هناك خطر فوري من انقسام السودان لكن لا يمكن استبعاده"، وأضاف "هناك حاجة لضغط شعبي، حشد كبير ضد هذا السيناريو".. وقال عبد الرحيم دقلو شقيق حميدتي ونائب قائد قوات الدعم السريع، أمس الثلاثاء: "إن الحديث عن انقسام البلاد ناتج عن شائعات يروجها خصوم".
واندلعت الحرب بسبب خطة لدمج قوات الدعم السريع مع الجيش، بعد 4 سنوات من عمل الطرفين معاً للإطاحة بعمر البشير خلال انتفاضة شعبية. وتمكنت قوات الدعم السريع من السيطرة سريعاً على مساحات من الخرطوم، وطرق إمداد إلى الغرب قبل أن تجبر الجيش تدريجياً على التقهقر عن أجزاء من منطقتي دارفور وكردفان الشاسعتين وجنوبي العاصمة.
ومنذ أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، سيطرت قوات الدعم السريع على مقرات الجيش في نيالا وزالنجي والجنينة، أي 3 من أصل 5 عواصم لولايات منطقة دارفور، وبينما اعتمدت قوات الدعم السريع في البداية على أسلحة خفيفة ومدفعية محدودة، قال شهود في الجنينة ونيالا والخرطوم إنها استخدمت مؤخراً مزيداً من الطائرات المسيّرة والمدفعية الأطول مدى.
وقال مصدران عسكريان إن "الطائرات الحربية للجيش، وهي أهم ما يميزه على قوات الدعم السريع، تحتاج إلى إصلاحات وإن الجنود سئموا الهزائم المتكررة وتضاؤل الإمدادات وتأخر الرواتب".. كما وصفا الانسحابات في دارفور بأنها تكتيكية وتهدف إلى إعادة تركيز الجهود على العاصمة.
Gains for Sudan's Rapid Support Forces across western and southern parts of the country have broken months of stalemate in their war with the army, bolstering the paramilitary force's ambition and giving it a stronger hand at talks in Jeddah https://t.co/z4vxF62WPA
— Reuters (@Reuters) November 15, 2023ولم يرد الجيش على طلب للتعليق.. ودخلت القوات شبه العسكرية هذا الشهر لفترة وجيزة قلب قاعدة سلاح المدرعات في جنوب الخرطوم، وهي واحدة من أكبر قواعد الجيش، وسيطرت على قاعدة أخرى في منطقة جبل الأولياء على الرغم من أن الجيش قاوم.
وتبادل الجانبان الاتهامات بالمسؤولية عن الانفجارات التي وقعت في الخرطوم الأسبوع الماضي، والتي دمرت جسر شمبات وقطعت طريق إمداد رئيسياً لقوات الدعم السريع، وأشعلت النيران في مخازن وقود كانت القوة تستخدمها في مصفاة الجيلي.
وقالت خلود خير من مؤسسة كونفلوينس أدفايزري للأبحاث: "قوات الدعم السريع تريد السيطرة على ما يكفي من الأراضي لإعلان النصر من جانب واحد، بما يشمل دارفور بالطبع والخرطوم بالتأكيد ولكن الأهم هو بورتسودان".
ويقول محللون إن ما لاقاه الجيش من نصب دفعه على ما يبدو للعودة إلى محادثات وقف إطلاق النار، التي تقودها الولايات المتحدة والسعودية في جدة، والتي تم تعليقها في يونيو (حزيران) الماضي واستؤنفت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.. ويقولون إن قوات الدعم السريع تسعى للحصول على الشرعية في المحادثات، بعد الغضب الشعبي من جرائم نهب واغتصاب واعتقالات أُلقي باللوم فيها على قواتها.
ورداً على طلب للتعليق، أشارت قوات الدعم السريع إلى بيانات ألقت فيها باللوم على أعدائها ومحاربين قدامى من عهد البشير، في إثارة الخصومات القبلية في دارفور وقالت إنها ستحاسب المسؤولين عن الانتهاكات.
وقال مندوبان سودانيان إن محادثات جدة تأجلت مرة أخرى مع عدم وقف إطلاق النار، الأسبوع الماضي، بعد أن طالبت قوات الدعم السريع بإقامة نقاط تفتيش ومواقع لإضفاء الطابع الرسمي على دورها في الخرطوم، مقابل مغادرة المناطق المدنية.
تطورات عسكرية متسارعة في السودان تستغل الانشغال بحرب غزة https://t.co/zUCTeiIdIR
— 24.ae (@20fourMedia) November 13, 2023ويقول مراقبون إن الجيش لا يزال يتعرض لضغوط من أنصار للبشير وميليشيات إسلامية اعتمد عليها للحصول على دعم عسكري واستخباراتي، وذلك للتخلي عن المحادثات.. وأدى تقدم قوات الدعم السريع إلى تفاقم أزمة إنسانية، تقول تقديرات للأمم المتحدة إنها تسببت في مقتل أكثر من 9 آلاف وتشريد أكثر من 6 ملايين من أصل 49 مليون نسمة في السودان.
ويتحدث المدنيون الذين يعيشون بالقرب من قواعد الجيش في الخرطوم عن وقوع اشتباكات متواصلة.. وفي الجنينة بغرب دارفور يقول مراقبو حقوق الإنسان إن ما لا يقل عن 1300 شخص قتلوا هذا الشهر، مع تقدم قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها، وقالت قوات الدعم السريع إنها أمرت بإجراء تحقيق.
وقال جوناس هورنر، وهو محلل مستقل معني بشؤون السودان، إن "مثل هذا العنف ذي الأهداف العرقية من المرجح أن يستمر، حيث يُسمح للقبائل العربية التي قاتلت إلى جانب قوات الدعم السريع بتصفية الحسابات".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة أحداث السودان قوات الدعم السريع السودان قوات الدعم السریع فی الخرطوم
إقرأ أيضاً:
هجوم على الفاشر ومجزرة في أم درمان وضربات للبنية التحتية.. الجيش السوداني يُحبط خطة شاملة لميليشيا الدعم السريع
البلاد – الخرطوم
تواصل الدعم السريع هجماتها على مدينة الفاشر، فيما صدّت القوات المسلحة السودانية هجومًا واسعًا شنّته الميليشيا من أربعة محاور، في عملية استمرت لأكثر من سبع ساعات، بالتزامن تصعد الميليشيا عمليات التصفية الجسدية بحق المدنيين واستهدافها الممنهج للبنية التحتية الحيوية، في مسعى لخلط الأوراق وشحن الرأي العام ضد الجيش، عقب خسائرها المتتالية في الخرطوم مؤخرًا.
وفيما شهدت الفاشر هدوءًا حذرًا وسط استمرار التراشق المدفعي أمس الثلاثاء، أوضح قائد الفرقة السادسة مشاة، اللواء محمد أحمد الخضر، أن الهجوم الأخير للميليشيا استُخدمت فيه طائرات مسيّرة، ومدفعيات ثقيلة، وعربات مدرعة، مشيرًا إلى أن الجيش كان على أتم الجاهزية للتصدي له. وأضاف أن الهجوم انتهى بالقضاء على التقدم المعادي، مؤكدًا أن القوات المسلحة في موقع قوة، ومستعدة لحسم أي محاولة مماثلة.
وخلّف الهجوم الذي وقع الاثنين 40 قتيلًا مدنيًا، بينهم نساء وأطفال، نتيجة القصف العشوائي للميليشيا على أحياء سكنية. وقد أعلنت قوات الدعم السريع لاحقًا سيطرتها على ستة أحياء داخل الفاشر، موجّهة نداءً إلى عناصر الجيش لإلقاء السلاح ومغادرة المدينة، متعهدة بضمان سلامة من يستجيب. غير أن مصادر ميدانية أكدت تراجع المهاجمين تحت ضربات الجيش والمقاومة الشعبية، في حين أشار حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، إلى أن الهجوم قاده عبد الرحيم دقلو، وانتهى بانسحاب القوات المهاجمة بعد تصدي القوات المشتركة لها.
ويرى خبراء أن التحوّل في تكتيكات الدعم السريع، عبر استهداف منشآت البنية التحتية الحيوية، بهدف إثارة السخط الشعبي وتشتيت تركيز الجيش عن تقدّمه في دارفور. يعكس حالة يأس ميداني للميليشيا بعد خسائر بشرية كبيرة وفقدان كميات كبيرة من العتاد العسكري.
وفي هذا السياق، قصفت الميليشيا بطائرات مسيّرة مصفاة الجيلي شمال الخرطوم، ومحطة بربر التحويلية للكهرباء، ومحطة عطبرة للمرة الرابعة خلال أسبوع، ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي في مناطق واسعة، وزاد من معاناة المدنيين في ظل وضع إنساني متدهور.
وعلى صعيد الانتهاكات، طالب المرصد السوداني لحقوق الإنسان بفتح تحقيق دولي في مجزرة مروعة وقعت بمنطقة الصالحة جنوب أم درمان، حيث تم إعدام 31 مدنيًا ميدانيًا، بينهم أطفال. وأكد المرصد أن الضحايا كانوا مدنيين عُزّل، وأن قوات الدعم السريع نفذت الجريمة بدافع “الانتقام”. وقد اعترف بذلك قادة في الميليشيا بمقاطع مصوّرة، ما يُشكّل جريمة حرب مكتملة الأركان بموجب القانون الدولي الإنساني.
وفي السياق، قال رئيس مجلس السيادة، القائد العام للجيش، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، إن قتل ميليشيا الدعم السريع للمواطنين في منطقة صالحة جنوبي أم درمان ينم عن كراهيتهم للشعب السوداني، وأضاف في كلمة أمس الثلاثاء أن الحرب الدائرة حاليا ضد ميليشيا الدعم السريع وليست ضد قبيلة، مشيرا إلى أن المرجفين يروجون أن الحرب ضد أعراق محددة، بهدف تحشيد الناس وجرهم للقتل، وتابع بأن “حربنا ضد كل من يحمل السلاح ضد الدولة، وتمرد رئيس القبيلة لا يعني تمرد كل القبيلة، مؤكدًا أنه “لا تفاهم مع هؤلاء المرتزقة بعد كل ما فعلوه وسيذهبون في هذه المعركة حتى الانتصار”.
ويُثبِت المشهد الميداني أن الميليشيات لم تجلب للسودان والمنطقة سوى الدمار والدم، فيما يتجدد الأمل مع صمود الجيش السوداني في التأسيس لمستقبل تستقر فيه البلاد على قاعدة الدولة الوطنية والجيش الواحد.