د. أسامة أبو الرب خلال تصفُّحي للمواقع الإخباريَّة الأردنيَّة صادفني تقرير يتحدَّث عن تحضيرات جماعة الإخوان المسلمين للمشاركة في الانتخابات البرلمانيَّة القادمة. ما أذهلني أنَّ غالبيَّة الأسماء التي عرضها التقرير هي لأسماء إخوانيَّة تقود الجماعة منذ عشرين عامًا أو أكثر! في علم الاجتماع والسياسة، هناك مصطلح معروف اسمه “دوران النخبة”، وهو يعني أنَّ النخبة السياسيَّة والاجتماعيَّة التي تقود تنظيمًا أو جماعة أو دولة، تتغيَّر، ممَّا يمنع أو يقلِّل خطر الفساد الناجم عن تحكُّم فرد معيَّن أو أفراد بالمنظومة لسنوات طوال، كما يضخُّ دماءً شابة في القيادة، ويعطي أملًا للجيل الأصغر بأنَّ لديه فرصة للدخول في الحلبة السياسيَّة والاجتماعيَّة.

جزء من الخطاب الإخواني الناقد للسلطة -داخل الأردن وخارجه- كان مبنيًّا على انتقاد عدم سماحها بدوران النخبة، وهو أمر -لسخريَّة الأقدار- طبقته جماعة الإخوان أيضًا في الأردن وخارجه، ونحن نرى أنَّ القيادات المتحكِّمة في التنظيم هي نفسها منذ عشرين عامًا وأكثر، أو من سلالتها من داخل نفس العائلة، أي ابن القيادي أو نسيبه. فالقيادي الإخواني ينجب قياديًّا، ولا عزاء لأفراد التنظيم المساكين الذين عليهم السمع والطاعة ودفع الاشتراكات. هناك الكثير من الحقائق التي يمكن سردها حول تجربة الإخوان المسلمين خارج الأردن قبل داخله، والتي لا متَّسع للحديث عنها في هذا المقال. ولكن الحقيقة الأهم هي الفشل. ففي كل بلد تصدَّر فيه التنظيم، كان حصاده حربًا أهليَّة كما في السودان، أو انقسامًا كما في فلسطين، أو اضطرابات شعبيَّة حادَّة كما حصل في مصر وتونس. إحدى أبرز مشاكل الإخوان هو أنَّ التنظيم لا يعترف أنه تنظيم سياسي، هدفه السلطة، والنتيجة إحاطة نفسه بهالة، وكأنَّ من ينتقده ويواجهه يواجه الإسلام. الحقيقة هي أنَّ الإخوان المسلمين -ككل الأحزاب- طلاب سلطة، وهذا ليس عيبًا، العيب هو التدليس على الناس وإيهامهم بعكس ذلك. في الأردن شهد التنظيم انشقاقات حادَّة، بين ما يسمَّى بتياري الصقور والحمائم، تطوَّر لإشهار جمعيَّة جماعة الإخوان المسلمين، وصراعها مع الجماعة الأقدم. هذه الصراعات وصلت حدّ التخوين، فالحمائم اتَّهموا الصقور بالعمالة لحماس وإيران، والصقور اتَّهموا الحمائم بالعمالة للاستخبارات الغربيَّة! في الحقيقة لم يكن هناك يوما شيء اسمه تيَّارات في الإخوان، والحمائم والصقور كانت تجمُّعات مصلحيَّة. في كل التنظيمات السياسيَّة فإنَّ الصقور تركِّز على المبادئ، و”تجرح” في سبيل ذلك. أمَّا الحمائم فتركِّز على المكاسب ، أي “الحصول على البيض”! ولكن في جماعة الإخوان المسلمين، فإنَّ الصقور لم “تجرح” يومًا، والحمائم لم “تبِض”! كل ما في الأمر توزيع للمكاسب والنفوذ، مع الهرب الدائم إلى موضوع القضيَّة الفلسطينيَّة واستخدامها وسيلة للمزايدة المجانيَّة والشعبويَّة، أمَّا ملفَّات مثل الاقتصاد والأمن، فهو أمر خارج نطاق الجماعة وإمكانيّاتها. الخلافات التي عصفت بجماعة الإخوان بعد 2013 كان مردّها -وفقا للعديد من المراقبين والشواهد- ازدياد طبقة المنتفعين، فكل قيادي أنجب قيادات، ما بين أبناء وبنات وأصهار، وكعكة المكاسب لم تعد تكفي الجميع، وأصبحت تتوزَّع على عدد أكبر. ولذلك فإنَّ الجانب الأساسي في الصراع بين الجماعة والجمعيَّة كان السيطرة على أصول الجماعة وممتلكاتها. للإخوان المسلمين في أردننا الحبيب فضائل كثيرة، وهم كانوا ركيزة استقرار، وقفوا في صفِّ الدولة الأردنيَّة، وفي عام 1970 رفضوا أن يتمَّ الزجّ بهم ضدّ بلدهم وكانوا الأوفياء للقيادة والوطن. أضف على ذلك دورهم الإيجابي في تنشئة الشباب الأردني. هذه كلُّها فضائل، نريد أن نتذكَّر الإخوان المسلمين بها. إكرام الميِّت دفنه، وهذا فيه رحمة بمحبِّيه، الذين أن أصرُّوا على إبقاء بدنه في الهواء الطلق، فسوف يتغيَّر لونه، ويتشقَّق جلده، وتنبعث الرائحة الكريهة منه، ثمَّ يخرج من عينيه الدود. بالمقابل دفن الميِّت هو ستر له، وحتى تبقى آخر صورة له في أعين محبِّيه، هي صورته وهو في أجمل حالة. لأنَّنا نحبّ جماعة الإخوان المسلمين، نطلب منها ومن القائمين عليها إعلان موتها ودفنها. فكل ما رأيناه من تراشقات واتِّهامات بأقذع الألفاظ بين أفراد التنظيم ومن انشقَّ عنهم هي إرهاصات ما بعد الموت، التي تشوِّه صورة جماعة الإخوان، وتؤذي ذكراها. إن كنتم أوفياء لجماعة الإخوان فأعلنوا موتها وادفنوها، أمَّا إذا أردتم التنفُّع بها وإبقاءها وسيلة للتكسُّب، عندها فلتستمرُّوا في صلبها تحت الشمس الحارقة، حتى يتفسَّخ منها الجسَد ويخرج الدود.!

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

حسن نافعة لـعربي21: الدولة العميقة في مصر سرقت 30 يونيو.. ولو كنت أعرف لما شاركت

في حوار خاص مع أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور حسن نافعة، تناول الأسباب الكامنة وراء تفكك تحالف 30 حزيران/ يونيو من وجهة نظره، وحقيقة انحراف مسارها، والنتائج المترتبة على الإطاحة بأول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا في مصر عام 2012، بعد انقلاب عبد الفتاح السيسي عليه في 2013.

يرى الدكتور نافعة أن هذا التحالف الذي تشكل في 30 يونيو 2013 كان يجمع كل القوى المعارضة لحكم جماعة الإخوان المسلمين. تلك القوى، التي اتسعت وتزايدت بعد وصول مرسي للحكم، كانت تأمل في أن يكون رئيساً لكل المصريين وليس ممثلاً فقط لجماعة الإخوان المسلمين. ومع مرور الوقت، اتسع نطاق التيارات المعارضة لحكم الإخوان المسلمين، مما أدى إلى تفكك التحالف بعد تحقيق هدفه المتمثل في إسقاط حكم الإخوان.

لم يتمكن التحالف، بحسب نافعة، من الاتفاق على رؤية مشتركة لمستقبل مصر بعد الإخوان. شعرت بعض القوى المدنية والحزبية بأنها تعرضت للخيانة من قبل "الدولة العميقة" التي استغلت 30 يونيو لتحقيق مصالحها الخاصة.

وتطرق الحوار إلى كيفية تعاون القوى المدنية والأحزاب مع الدولة العميقة لإفشال التجربة الديمقراطية. أكد الدكتور نافعة أن الهدف لم يكن أبداً التحالف مع الدولة العميقة، بل كان الهدف الوصول إلى حكم ديمقراطي يمثل كل الشعب المصري. وأشار إلى أن الإخوان المسلمين لم ينتهزوا الفرصة لتحقيق هذا الهدف، مما أدى إلى تفكك التحالف بعد أن نجحت 30 يونيو في إسقاط حكم الإخوان.


وعند سؤاله عن رأيه في الوضع السياسي في مصر بعد مرور 11 سنة على 3 يوليو 2013، قال الدكتور نافعة إنه لا توجد حياة سياسية حقيقية في مصر حالياً. وأضاف أن السلطة الحالية تسيطر عليها الأجهزة الأمنية، وأن الإعلام لا يتيح للرأي الآخر التعبير عن نفسه.

يرى نافعة أن التغيير لن يكون من داخل النظام بل سيأتي من خارجه، حيث لا توجد قوى داخل النظام قادرة على تعديل المسار أو تقديم النصائح الضرورية. وأعرب نافعة عن أسفه العميق، موضحاً أنه لو كان يعلم أن الأمور ستؤول إلى هذا الوضع، لما شارك في ثورة 30 يونيو، حيث لم يكن هذا المصير هو ما كان يتمناه لمصر.

في حديثه عن موقف مصر من الحرب على غزة، أشار الدكتور نافعة إلى أن إسرائيل انتهكت معاهدة السلام واتفاقية المعابر الموقعة مع مصر، ويرى أن مصر كان يجب عليها اتخاذ موقف أكثر صلابة، مثل سحب السفير المصري من تل أبيب أو قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل.



تاليا نص الحوار:
ما هي أسباب تفكك تحالف 30 يونيو من وجهة نظرك؟

التحالف الذي تشكل في 30 يونيو 2013 كان تحالفًا يجمع كل القوى المعارضة لحكم جماعة الإخوان المسلمين. هذه القوى اتسعت وتزايدت بعد وصول الدكتور مرسي للحكم وانتخابه بشكل ديمقراطي. كانت هناك قوى كثيرة تتصور أنه سيكون رئيسًا لكل المصريين وليس معبرًا فقط عن جماعة الإخوان المسلمين. تتذكر مجموعة "فيرمنت" (اسم فندق) التي التقت بالدكتور مرسي قبل إعلان نتائج الانتخابات ووقعت معه اتفاقًا على أن يكون رئيسًا لكل المصريين وكانت هناك عدة بنود التي لم تنفذها جماعة الإخوان المسلمين. وبمرور الوقت اتسع نطاق التيارات المعارضة لحكم الإخوان المسلمين.

الذين صنعوا ثورة 30 يونيو أوسع بكثير من التحالف الذي كان قائمًا قبل هذه الثورة لأنه دخل على الخط القوى التي تعترض على حكم الإخوان المسلمين سواء فلول النظام القديم أو الدولة العميقة (أجهزة الأمن) التي كانت قد دخلت في صراع مع الإخوان المسلمين. وبالتالي تحالف 30 يونيو كان يجمعه هدف واحد هو إسقاط حكم الإخوان المسلمين أو بمعنى أدق دفع الرئيس مرسي لإعلان انتخابات مبكرة. فهي كانت جماعات لها مشارب شتى وأهداف مختلفة وبعد أن نجحت 30 يونيو تفكك هذا التحالف ولم يعد قائمًا لأن الأهداف كانت مختلفة ولم يكن هناك شيء يجمعهم سوى معارضة حكم الدكتور مرسي.

كيف سمحت القوى المدنية والأحزاب لنفسها بوضع يدها في أيدي الدولة العميقة لإفشال التجربة الديمقراطية الوليدة؟ هل الدولة العميقة هي التي ساعدت على نجاح 30 يونيو بسبب معاداتها للإخوان؟

لم يكن الهدف إطلاقًا التعاون مع الدولة العميقة. كل ما كنا نطمح إليه أن نصل إلى حكم ديمقراطي يمثل كل الشعب المصري بكل تياراته. ولكن كما قلت، لم يتحقق هذا الهدف ولم تتحقق الأهداف التي قامت من أجلها ثورة 25 يناير. كنا نتصور أن جماعة الإخوان المسلمين ستنتهز هذه اللحظة التاريخية لكي تنفرد بالسلطة وتحاول الدخول في إقامة مشروعها الخاص للدولة المصرية. لذلك لم يكن الموضوع التحالف مع الدولة العميقة ولم نكن نتصور أن الدولة العميقة ستسرق ثورة 30 يونيو كما سرقت ثورة 25 يناير من قبل.

لماذا لم تحاول القوى المدنية والحزبية وضع حلول تساعد على نجاح التجربة بدلاً من إفشالها دون أن تدري؟

كيف يمكن لهذه القوى أن تضع الحلول؟ جماعة الإخوان كانت تسيطر على كل مفاصل السلطة. حاولنا تقديم النصيحة وإذا تتبعت كتاباتي رحبت به كرئيس مدني منتخب ولكن بمرور الوقت بدأ يتضح رويدًا رويدًا أن جماعة الإخوان المسلمين تريد أن تنفرد بالسلطة وتهمش كل القوى السياسية. كثير من تلك القوى أبدت لهم النصح بل أنني أتذكر أني حذرت الرئيس مرسي في عدد من المقالات أن الدولة العميقة تتآمر عليه وربما تؤدي إلى إسقاطه وعليه أن يدعم تحالفاته مع القوى التي صنعت 25 يناير. للأسف الشديد لم يستمع إلى تلك النصائح. وأنا لا أعرف كيف كان يمكن للقوى خارج السلطة أن تغير من سياسات الإخوان.

كيف ترى 3 يوليو 2013 بعد مرور 11 سنة على حدوثها؟

لم أنتظر مرور 11 عامًا على 3 يوليو حتى أكوّن فكرة عن ما حدث في واقع الأمر. في واقع الأمر فإن ما سمي حينها بخارطة الطريق للمرحلة الانتقالية أعلنت مجموعة من الخطوات لم تنفذ بالكامل وفي مقدمتها إجراء مصالحة وطنية. هذا ما كنت أتوقعه وأتصوره، حيث نبدأ بعد هذا التاريخ استهداف مسيرة الديمقراطية في مصر حتى بدون جماعة الإخوان وننفذ الشعارات التي طرحتها ثورة 25 يناير.

كنا نتصور أن 30 يونيو و3 يوليو ستكون عودة لتصحيح مسار ثورة 25 يناير وبالتالي إقامة نظام ديمقراطي. ولكن عندما وجدنا أن الإخوان لديهم رغبة في الانفراد بالسلطة وتهميش كل القوى التي تحالفت معها بدأنا ننتقد الإخوان ونطالب بانتخابات رئاسية مبكرة. لم نكن نعلم أن الدولة العميقة سوف تنتهي بركوب موجة هذه الثورة وسرقتها كما سرقت ثورة 25 يناير.

كيف يرى الدكتور حسن نافعة الوضع السياسي في مصر حاليًا؟

لا أستطيع أن أقول أن هناك حياة سياسية قائمة في مصر حاليًا. هناك رجل واحد يسيطر على مقاليد السلطة. هناك إعلام لا يتيح للرأي الآخر أن يعبر عن نفسه. هناك دولة محكومة بالأجهزة الأمنية. كل من يتولون المناصب التنفيذية على جميع المستويات هم من اختيارات تلك الأجهزة. بل أقول أكثر من هذا، أن السلطة التشريعية هي أفراد منتقون من جانب أجهزة الأمن. لا توجد سياسة حزبية في مصر، توجد تجربة مختلفة تمامًا عن التجربة التي أرساها عبد الناصر ثم السادات ثم مبارك. نحن في مرحلة مختلفة تمامًا لم يحدث أن حكمت مصر بهذه القبضة الحديدية كما تحكم الآن.

هل هناك فرصة لتعديل المسار من داخل النظام نفسه؟

تعديل المسار من داخل النظام نفسه يتطلب أن يكون هناك قوى داخل النظام تستطيع ترشيد سياسات النظام أو أن يكون هناك صناع قرار يستمعون لآراء الخبراء والمعنيين. ولكن في حقيقة الأمر، لا يوجد هذا الوضع. هناك رئيس يسيطر على كل مقاليد السلطة يعتقد أنه قادر على دراية بكل شيء وبالتالي فإنه ليس في حاجة إلى نصيحة الآخرين. لذلك ليس واضحًا أمامي إذا ما كانت هناك قوى داخل النظام تستطيع أن تغير أو تقدم النصيحة وترشد سياساته. أظن التغيير سيأتي من خارج النظام وليس من داخله.


هل الوضع الحالي هو ما كان يتمناه الدكتور حسن نافعة لمصر؟

الوضع الحالي هو كان كان حلمي أن تحقق ثورة 25 يناير أهدافها التي كانت تطالب بالعيش والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية وكل هذه الأمور ما زالت غائبة حتى هذه اللحظة. إذا تناولنا الشق المتعلق بالحريات على سبيل المثال، فهي ليست قائمة. لا توجد قدرة للأحزاب السياسية على الحركة في الشارع. لا يمكن أن نقول هناك أحزاب سياسية تمارس نشاطها بشكل طبيعي. لا يمكن القول أن هناك أحزاب سياسية تمارس نشاطها. لا يوجد مجتمع مدني. لا يوجد رأي ولا رأي آخر. الأجهزة الأمنية هي المسيطرة. الحياة السياسية غائبة تمامًا. كنت أتمنى أن نتمكن من تحقيق نظام ديمقراطي.

لو عاد بك الزمن للوراء هل كنت تشارك في 30 يونيو؟

من الصعب التفكير بأثر رجعي. لو كنت أعلم أن ثورة 30 يونيو سوف تختطف بمثل هذه الطريقة ولو كنت أدرك أننا سنعيش في وضع تغيب فيه الحريات وتغيب فيه العدالة الاجتماعية ويغيب المشروع الوطني الحقيقي وتغيب فيه الديمقراطية لم أكن أوافق على حركة 30 يونيو.

ولكن في ظل المعطيات التي كانت قائمة آنذاك لم يكن هناك أي مجال للندم. كل ما كنا نطالب به انتخابات رئاسية مبكرة وأن يعطى الشعب المصري الفرصة لاختيار رئيسه بحرية وكنا مستعدين لقبول قرار الشعب لو قرر إعادة انتخاب مرسي. ولكننا قدرنا أن السياسات التي مارسها الدكتور خلال الفترة القصيرة كانت تؤشر على نوايا جماعة الإخوان المسلمين برغبتها في الهيمنة على كل مقدرات السلطة. لذلك التغيير كان ضرورياً، لكن ليس هناك جدوى من البكاء على اللبن المسكوب.

هل 30  يونيو كانت ثورة شعبية خالصة بعد الأمور التي تكشفت؟

أنا أعتقد أن 30 يونيو كانت ثورة شعبية، شاركت فيها تيارات شعبية حقيقية. ولكن اتضح بعد ذلك أن أجهزة الدولة العميقة لعبت دوراً كبيراً جداً ومهماً جداً في تحريك الشارع. وبالتالي اختلطت الأمور في واقع الأمر، وتمكنت من سرقة 30 يونيو مثلما تمكنت جماعة الإخوان المسلمين من سرقة ثورة 25 يناير. من وجهة نظري، ثورة 25 يناير أخفقت بسبب استحواذ الإخوان عليها وثورة 30 يونيو أجهضت. من قواعد الديمقراطية من حق الشعب المطالبة بانتخابات مبكرة إذا ظن أن السياسات سارت في طريق مختلف عن الذي كان يتوقعه.

كيف ترى موقف مصر من تجاوزات إسرائيل للخطوط الحمراء باقتحام رفح واحتلال محور فيلادلفيا وحرق معبر رفح على الجانب الفلسطيني؟

إسرائيل اقترفت انتهاكات لقواعد القانون الدولي وانتهكت الاتفاقيات المعمول بها مع مصر سواء معاهدة السلام معها التي كانت تضع تلك المنطقة منزوعة السلاح على الجانبين. وبالتالي، إسرائيل انتهكت معاهدة السلام واتفاقية المعابر التي وقعت معها في 2005. أعتقد أن هذه الانتهاكات لم تواجه بالرد الحاسم من جانب مصر. إقدام مصر على هذه الانتهاكات السافرة هو استهتار بمصر، ومصر دولة كبيرة وما كان يجوز أن تتسامح مع هذه الانتهاكات. كان يجب أن تتخذ مصر موقفاً أكثر صلابة لأن القضية ليست قضية حماس، على الرغم من أنها من قامت بعملية طوفان الأقصى وهو – في نظري – عمل بطولي رداً على ما تقترفه إسرائيل من انتهاكات بحق الشعب الفلسطيني منذ أكثر من 70 عاماً.
كنت أتمنى أن تنتهز مصر الفرصة لكي تتخلص من بعض القيود التي كبلتها بها بمعاهدة السلام.

ما الذي كان يفترض أن تقوم به مصر ولم تفعله في هذه الحرب؟

لا نطالب مصر أن تدخل في حرب، ولكن هناك خطوات وإجراءات كثيرة جداً كان يمكن فعلها مثل التضامن مع حكومة جنوب أفريقيا في إقامة الدعوى ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، أن تسحب السفير المصري من تل أبيب، أن تقطع العلاقات الدبلوماسية معها لأن إسرائيل انتهكت كل الاتفاقيات الموقعة بين البلدين والقانون الدولي بشكل عام.

مقالات مشابهة

  • حسن نافعة لـعربي21: الدولة العميقة سرقت 30 يونيو.. ولو كنت أعرف لما شاركت
  • حسن نافعة لـعربي21: الدولة العميقة في مصر سرقت 30 يونيو.. ولو كنت أعرف لما شاركت
  • أبرز التحديات التي واجهت دار الوثائق القومية المصرية في حكم الإخوان
  • الكتاتني: الإخوان استغلوا أحداث يناير للوصول إلى الحكم
  • دراسات دولية لـ«مكافحة الإرهاب» تؤكد: التنظيم خطر محدق على دول الاتحاد الأوروبي
  • أستاذ علوم سياسية: خطاب جماعة الإخوان لم يعد مقبولا في الداخل والخارج
  • روسيا والنمسا وكندا تحظر أنشطة جماعة الإخوان.. والخليج يضع قادتها على «القائمة السوداء»
  • مساعد وزير الخارجية الأسبق: الرئيس السيسي أعاد لمصر مكانتها وقوتها مرة أخرى (حوار)
  • الانقسامات والفضائح تلاحق جماعة الإخوان.. والقيادات تتبادل الاتهامات
  • عمرو فاروق يكتب: أبناء «البنا» ونبوءة الشتات