وقّعت الكاتبة السورية نادين باخص مؤخراً في معرض الشارقة الدولي للكتاب سلسلة قصص متميزة للأطفال، حملت عنوان "ألوان الذاكرة"، وتضم "في رأسي نغم"، و"طاحونة جدّي"، و"ناي جبران"، و"أقرب إلى السماء"، وتحمل الرسوم توقيع الفنانة التشكيلية ضحى الخطيب، وصدرت السلسلة عن "شركة المطبوعات للتوزيع والنشر" في بيروت.

تستلهم نادين  قصة "طاحونة جدي" من المشهد الأخير من مسرحية الأخوين رحباني الشهيرة "لولو"، من دون أن يكون هناك أي تشابه مباشر، مازجة احتفاء لولو -التي تؤدي دورها فيروز- بجدّها، باحتفائها هي نفسها بجدها الذي كان له أثر كبير في تكوين شخصيتها، ولا تزال ذكرياتها معه حية على الرغم من مرور سنين عديدة على رحيله.

وهي بذلك تتناول موضوعاً  يمس كل طفل يعيش دفء العلاقة مع جده، ولكن في وقت تكاد علاقة الطفل تكون منقطعة بهذه المنطقة من التراث الموسيقي الغنائي المتواجد بكثافة في جيل الكاتبة وحياته اليومية، فيما ينحو جيل الهواتف المحمولة و"التابليت"، إلى مكان مختلف تماماً.

وتستلهم باخص في قصة "في رأسي نغم" من طفولة زياد الرحباني ملتقطة فكرة الأرق الذي يقول في إحدى حواراته بأنه كان يعيشه، حيث كان يشعر بأن نغمات تدندن في رأسه وتريد أن تخرج، وتدمج الكاتبة هذا الموضوع بالأرق الذي لطالما عاشته في طفولتها، لأن رأسها كان مترعاً بالأفكار التي تريد الانسكاب على الورق، وهي هنا تطرح موضوع أرق الإبداع عند الطفل، متناولة منطقة غير مطروقة في أدب الطفل، إذ لطالما حملت كتب الأطفال كمية من الوعظ، والتعليم، والوصاية ما لا طاقة لطفل مبدع بتحمّله، بعكس ما جرت عليه العادة من توصية الأهل للطفل بالنوم باكراً، وفي هذه القصة تناص مع أغنية "عودك رنان" وهي من أولى ألحان زياد التي غنتها فيروز لاحقاً.

وتمزج باخص في "ناي جبران" عشقها لأغنية "أعطني الناي وغنِّ" لجبران خليل جبران، لتضيء على حب طفلة تحمل اسم ناي لأغنيات فيروز، والتي يستغرب أصدقاؤها محبتها لهذه المغنية التي تغني للكبار على حد قولهم، إلا أنها تستعين بشادي، ويارا، وريما، أسماء أصدقائها الذين تغني لهم فيروز في أغنياتها، لتدحض مزاعمهم تبني الكاتبة من خلال هذه القصة جسراً يصل بين جيل محدود بالاختباء خلف الشاشة فقط، فيما لو قدّر له أن يكون مرتبطاً بإبداع مثل إبداع الأخوين رحباني، وفيروز وجبران خليل جبران، فلا بدّ أنّه سيثمر بما يُدهش.

وعن العلاقة بالمكان كتبت قصّتها "أقرب إلى السماء"، وكيف للطابق الثلاثين الذي تعيش فيه بطلة القصّة أن يكون ذا تأثير ساحر على ذاكرتها البصرية، بعيداً عن ضيق أفق ما تبثه الشاشات، وضعف البصر الذي يسببه الالتصاق الطويل بها، تلك الفتاة التي تحاول أمها إقناعها بأنها (جارة القمر) لذا فيجب عليها الاستفادة من هذا القرب والنظر إلى السماء لتمنح عينيها قسطاً من الراحة.

الكتابة للطفل ليست جديدة على باخص فقد صدرت لها قصّتان من قبل وهما"لستُ بيضةُ مسلوقة" عن دار أصالة ببيروت2017، و"عقلي يقول لي" عن دار سما بالإمارات 2018، في حين أنّها بدأت حياتها الأدبية كاتبة للرواية والشعر والنقد ولها كتب عدّة منشورة كان أولها رواية "وانتهت بنقطة" صادرة عن دار الآداب ببيروت عام 2009، وآخرها مجموعة "بالإذن من أمي" المجموعة الشعرية التي صدرت عن دار نينوى (2017)، وبينهما كتابا شعر هما (أخفي الأنوثة) و(حمص ويستمرّ)، ودراسة نقدية بعنوان (الدوائر المتحدة المركز).

لقد حوّلت الكاتبة تفاعلات الأمومة مع طفليها اللذين تستلهم منهما الكثير من الأفكار، من كاتبة لا تخلو كتابتها من السوداوية أحياناً فيما قدمت من كتب للبالغين، إلى راوية حكايات تضجّ بالألوان، نادين باخص كاتبة تبدع بوعي وجمالية، مستندة إلى لغة راقية وأسلوب مشوق، وقد استطاعت بما تقدمه من أعمال أدبية جميلة أن تنال مكانة رفيعة لدى القراء.

يذكر  أن سلسلة (ألوان الذاكرة) ليست جديدة كلياً، فقد صدرت على دفعتين عام 2022، لكن الجديد هو لقاء الكاتبة بها وتوقيعها لها بعد أن كانت قد صدرت أثناء إقامتها في كندا، علماً أن نادين باخص، تحمل شهادة ماجستير في النقد الأدبي، وتُرجمت بعضُ أعمالِها من قصائدَ ودراسات إلى اللغتين الإنجليزية والفرنسية.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الشارقة الدولي للكتاب سوريا عن دار

إقرأ أيضاً:

دار الأوبرا تحتفي بالفنان محمد فوزي على المسرح الكبير

تحتفى دار الأوبرا المصرية، برئاسة الدكتور علاء عبد السلام، بالموسيقار محمد فوزى، بحفل لفرقة عبد الحليم نويرة للموسيقى العربية، بقيادة المايسترو أحمد عامر، فى الثامنة مساء اليوم الأحد ٦ أبريل على المسرح الكبير .

ضمن برنامج الحفل مجموعة من أعمال الفنان الراحل الشهيرة التى ارتبطت بوجدان الشعب المصرى والعربى يؤديها كل من وليد حيدر، مصطفى النجدى، إسلام رفعت، أميرة أحمد، نهاد فتحى وأجفان طه.

يذكر أن محمد فوزي أحد أشهر الفنانين المصريين، عمل كملحن وممثل ومنتج ، تعلم أصول الموسيقى على يد أحد أصدقاء والده، تأثر بأعمال محمد عبد الوهاب وأم كلثوم، إلتحق بمعهد فؤاد الأول للموسيقي، ثم حقق نجاحاً غنائيًا ساعده على تأسيس شركته السينمائية التي حملت اسمه ونجح فى التربع على عرش السينما الغنائية والإستعراضية طوال فترة الأربعينيات والخمسينيات، أسس شركة مصرفون لإنتاج الإسطوانات والتى أنتجت أغاني كبار المطربين في ذلك العصر، رحل عن عالمنا فى 20 أكتوبر 1966 تاركًا رصيدًا فنيًا تجاوز 400 أغنية إلى جانب 36 فيلمًا سينمائيا.

فيلم وثائقي عن حياة فضل شاكر.. 20 إبريلنضال الشافعي يُوجّه رسالة مؤثرة لكل من واساه فى وفاة زوجتهكارمن سليمان تهنئ زوجها بعيد ميلاده.. شاهدفرح الزاهد تكشف كواليس تجسيدها لشخصية الشيطان في أهل الخطايامحمد فوزي 

على المستوى الشخصي، كان محمد فوزي معروفاً بالتزامه تجاه عائلته وأصدقائه، وقد واجه في حياته العديد من الصعوبات الشخصية، بما في ذلك مشاكل صحية أدت في النهاية إلى وفاته المبكرة عن عمر يناهز 48 عامًا. كما عانى في آخر أيامه من أزمة مالية بعد أن تم تأميم شركته في الستينيات.

قال محمد فوزي -في حوار صحفي- بعد تأميم شركته، إنه لم يكن يمانع في أن يتم تأميم الشركة من أجل خدمة بلده، لكنه تأثر بشدة على الصعيد الشخصي والمهني نتيجة لهذا القرار.

وفي تصريحات أخرى، أكد محمد فوزي، أن حبه للفن والموسيقى كان دائماً هو المحرك الأساسي لكل ما فعله في حياته، وأنه كان يسعى دائمًا لتقديم أعمال تبقى في ذاكرة الأجيال.

مقالات مشابهة

  • المنصات تحتفي بصواريخ القسام العشرة التي ضربت أسدود وعسقلان
  • أم كلثوم الحاضر الغائب بمهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
  • لمحبي الجيمز.. إليك أفضل شاشة ألعاب في الأسواق
  • بين استحضار الذاكرة الثورية وإلهام الحاضر المقاوم.. دراسات في الثورة الجزائرية
  • اللهم نصرك الذي وعدت ورحمتك التي بها اتصفت
  • دار الأوبرا تحتفي بالفنان محمد فوزي على المسرح الكبير
  • الإمارات تحتفي غداً بـ يوم الصحة العالمي
  • «ملف الذاكرة».. هل ينجح في تحريك المياه الراكدة بين فرنسا والجزائر؟
  • الفيليّـة بين الذاكرة والحيف: في ذكرى الهجرة والإبادة
  • اربيل تحتفي بالذكرى الـ94 على أصدار أول عملة عراقية (صور)