رأي اليوم:
2025-04-24@21:07:40 GMT

إنحدار جامعات الأردن وتفوّق جامعات أمريكا

تاريخ النشر: 9th, July 2023 GMT

إنحدار جامعات الأردن وتفوّق جامعات أمريكا

 

الدكتور هيثم عبدالكريم احمد الربابعة يعتقد أغلب المسؤولين والنخب السياسية في الأردن أن العمل الأكاديمي والبحث العلمي مجرّد ترف أو من قبيل الكماليات الأكاديمية فوق نشاط الجامعة، أو أنه إنفاق إضافي عبثي، لأن رجل السياسة والوزير والنائب في البرلمان ليسوا بحاجة لهؤلاء “المتفلسفين” أو الذين لا يفقهون السياسة ولا صنعة الحكم حسب تصوّرهم.

قبل أعوام، قرّر أستاذ الفلسفة السياسية مايكل ساندل في جامعة هارفارد تقديم محاضراته في مادة “العدالة” مجانًا عبر الأنترنت وشاشات التلفزيون، ليتابعها الطلاب في الهند والصين واليابان وجنوب أفريقيا وبقية دول العالم. فأصبح “الشخصية الأجنبية الأكثر تأثيرا في الصين” حسب تصنيف مجلة “تشاينا نيوزيوك” قبل عامين. هكذا تتداخل المعرفة عضويا مع القوة، ويتحرك البحث العلمي في تكريسها عبر الأجيال والجغرافيات وفي ثنايا العلاقات بين الدول، مما يزكّي مقولة الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو حول جدلية المعرفة والقوة. نعود إلى رحاب الجامعات الأردنية حيث تكثر المفارقات بين خليط غريب من الأساتذة الذين يتمسك بعضهم بإستقلال ورصانة البحث العلمي، وبعضهم الآخر يستخدم المنصب وما ينطوي عليه للتقرب زلفى من دوائر معينة في العاصمة عمان. في المقابل، إذا ركزنا على مبدأ صيانة الصرامة العلمية لمعرفة سر تفوق الجامعات الأمريكية، يقول سيتفن بْرِيتْ أستاذ السوسيولوجيا والسياسات العامة في جامعة كاليفورنيا – الأمريكية إن “نجاح التعليم العالي في الولايات المتحدة يتجاوز نجاح عشرين جامعة أمريكية تهيمن على تصنيف أفضل الجامعات في العالم، بل “أصبحت الغالبية العظمى من مؤسساته من أفضل 200 جامعة تتولى البحث العلمي أقوى من أي وقت مضى، وقد أظهر النظام الأمريكي برمّته مرونة مذهلة بين مراحل الركود ومراحل التوسع على حد سواء،” كما يقول في كتابه بعنوان Two Cheers for Higher Education: Why American Universities Are Stronger than Ever — And How to Meet the Challenges They Face “هُتافان للتعليم العالي: لماذا أصبحت الجامعات الأمريكية أقوى من أي وقت مضى، وكيف تواجه تحدّياتها؟” حول عن تقييم نظام التعليم الجامعي الأمريكي منذ عام 1980. إنّ البنيات والغايات التقليدية لدى الجامعات الأمريكية تهدف إلى إحراز نتيجتين: أوّلهما، توسيع المعرفة بشكل أساسي ليس في التخصصات المتداولة فحسب، بل في التقاطعات بينها. وثانيهما، تطوير القدرات المعرفية للطلاب وتعميق معرفتهم بموضوع الدراسة. وشهدت الجامعات حركتيْ تغيير إجتاحتاها بقوة كبيرة، تمثلت إحداهما في دفع الأبحاث الجامعية نحو تعزيز التنمية الإقتصادية من خلال إختراع تقنيات جديدة ذات إمكانات تجارية. أما الحركة الثانية فاستهدفت دفع الجامعات للعمل كأدوات للإدماج الإجتماعي، وتوفير الفرص للمجموعات المهمشة، بما في ذلك النساء والأقليات العرقية. كان هذا التوجه بإيعاز من قبل أطراف خارجية مثل منتدى التعليم العالي للأعمال، والمؤسسات الخيرية الكبرى، ودوائر الحرم الجامعي التي استفادت من تكريس تلك القضايا الاجتماعية. يستدعي تفكيك تراجع الجامعات الأردنية كمثال على بقية الجامعات العربية إعادة التركيب، أو الفصل والوصل، بمقومات إصلاح تجريبية ومقارنات موضوعية من أجل توجيه مآلها في السنوات والعقود المقبلة. فتعفّنُ السّمكة من الرأس بسبب خطايا سماسرة المعرفة وبيروقراطية الوزارة يؤدي لا محالة إلى مضاعفات المرض في بقية الجسم الفكري والتربوي والسياسي الأردني. ومما يزيد في الطين بلة، وقوف جلّ المثقفين الأردنيين موقف المتفرج أمام تردّي الجامعة وهزالة البحث العلمي الوطني، بل إنقسموا إلى فريقين: فريق دخل مرحلة الغياب الإختياري كمن يدفن رأسه في الرمل إسوة بإستراتيجية النعامة. هم يفضلون الإنزواء على أنفسهم ولا يحركون المياه الراكدة التي تسترخي لهجمة العفن الثقافي، فأصبحوا دعاة العقل المستقيل. وفريق آخر يغازل الدولة وكبار المخزنيين في حقبة الإسترزاق والرقص على الإيقاع المطلوب وموّال السلطوية وتعبئة الجماهير. إن ” التقرّب زلفى من العاصمة عمان هو سبب إنحدار الجامعات الأردنية.” “إذا تسيّس البحث العلمي، خسر البحث العلمي وخسرت السياسة أيضا..!” وينبغي أن تستعيد الجامعة ماهيتها وغايتها بأن تكون فوق السياسة وتحيد عن هوى كل المؤسسات والتيارات والأحزاب والمصالح الضيقة. ولا يمكن لفلسفة الجامعة أن تحقّق إلاّ مؤسسةَ نقدٍ وتقييمٍ وتقويمٍ وإبتكارٍ، تسائل الوضع القائم من أجل تركيب رؤى جديدة. ولا ينبغي أن تكون فلسفة الجامعة معيارية أو قومية تُجاري الخطاب السياسي في أي مجتمع. وهذه مسألة تستحضر طبيعة العلاقة بين الأردنيين والعلم والتفكير النقدي، وحرية التفكير، والمسؤولية الروحية لقيم المجتمع.

 

أستاذ اللسانيات الحديثة المقارنة والتخطيط اللغوي

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

أيمن عاشور يُلقي الكلمة الختامية لقمة كيو إس للتعليم العالي بالكويت

ألقى الدكتور محمد أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، الكلمة الختامية لقمة "كيو إس للتعليم العالي: الشرق الأوسط ٢٠٢٥"، والتي استضافتها جامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا بدولة الكويت، ونظمتها مؤسسة كيو إس العالمية، المزوّد الرائد عالميًا للخدمات والتحليلات والتصنيفات في قطاع التعليم العالي.

شارك في القمة الدكتور عمرو عزت سلامة، أمين عام اتحاد الجامعات العربية، وممثلو وزارات التعليم العالي بالدول العربية، ورئيس وممثلو مؤسسة كيو إس الدولية، وعدد من رؤساء الجامعات المصرية والعربية، والدكتورة جينا الفقي، القائم بأعمال رئيس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا والمشرف العام على بنك المعرفة المصري، والمهندس ماجد الصادق، القائم بأعمال رئيس الشبكة القومية للمعلومات العلمية والتكنولوجية وأمين عام بنك المعرفة المصري، إلى جانب نخبة من الخبراء الدوليين والمعنيين بتطوير منظومة التعليم العالي.

وتناولت القمة دور الجامعات في تشكيل وتطوير "مجتمع 5.0"، الذي يضع الإنسان في قلب التحول التكنولوجي، ويرتكز على بيئات تعليمية تُعزز التفكير النقدي، والإبداع، والمسؤولية المجتمعية، فضلًا عن مواءمة مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل المستقبلي.

وفي كلمته، أكد الدكتور أيمن عاشور أن نجاح منظومات التعليم العالي والبحث العلمي أصبح مرهونًا بقدرتها على الاستجابة السريعة والمبتكرة للتغيرات العالمية، مشددًا على أن تحقيق التوازن بين المعرفة والتكنولوجيا والقيم الإنسانية هو التحدي الحقيقي للجامعات الحديثة.

وأضاف الوزير: "الجامعات لم تعد كيانات تعليمية تقليدية، بل تحولت إلى منصات متكاملة للإبداع، وبناء الإنسان، وصناعة المستقبل. وقد تبنت الدولة المصرية رؤية واضحة ترتكز على دعم التحول الرقمي في التعليم، وتوسيع الشراكات الدولية، والاستثمار في الموارد البشرية".

كما أشار الوزير إلى أهمية الدور الإقليمي لمصر في قيادة جهود تطوير التعليم العالي، قائلًا: "نحن ملتزمون بمواصلة دورنا القيادي في تعزيز التكامل الأكاديمي العربي، وتقديم نماذج ناجحة للتعاون من خلال منصات معرفية مثل بنك المعرفة المصري، الذي بات تجربة يُحتذى بها إقليميًا".

وأكد الوزير أن تقدم الجامعات المصرية في التصنيفات العالمية ليس هدفًا في حد ذاته، بل هو انعكاس لجهود متكاملة تتضمن تحسين جودة التعليم، وزيادة فرص البحث العلمي التطبيقي، وتعزيز الابتكار وريادة الأعمال في مؤسساتنا الأكاديمية.

وأوضح الوزير أن التصنيفات الدولية لعام ٢٠٢٥ أظهرت إدراج ١٩ جامعة مصرية في تصنيفات "كيو إس" العالمية، في ٤٤ تخصصًا أكاديميًا مختلفًا. كما دخلت خمس جامعات مصرية التصنيف لأول مرة، وهي: جامعة قناة السويس، جامعة بنها، جامعة المنوفية، جامعة الزقازيق، وجامعة دمنهور.

وأشار إلى أن جامعة القاهرة تقدمت في ٢٠ تخصصًا، وجامعة الإسكندرية في ٢١ تخصصًا، والجامعة الأمريكية بالقاهرة في ٢٠ تخصصًا، مما يعكس اتساع نطاق الجودة الأكاديمية في مؤسسات التعليم العالي المصرية.

وقال الوزير: "مصر وضعت المعرفة في قلب استراتيجيتها للتنمية المستدامة، وعملت على ربط الجامعات بقطاعات الإنتاج والخدمات من خلال بناء جسور تعاون فعّالة".

كما أضاف: "أصبحنا نحرص على أن تكون جامعاتنا منصات ذكية للإبداع وخدمة المجتمع، من خلال دمج مفاهيم الاستدامة في المناهج الدراسية وتطوير مشروعات الطلاب لتقديم حلول واقعية للتحديات المجتمعية".

وأكد الوزير أن "بنك المعرفة المصري لم يعد فقط بوابة للموارد الرقمية، بل أصبح نموذجًا إقليميًا يُعزز الشمول المعرفي، ويخدم منظومة البحث العلمي، ويُسهم في إعداد أجيال قادرة على التنافس عالميًا".

ونوّه الوزير إلى الشراكة مع مؤسسة Elsevier لتأسيس تصنيف عربي لمراكز البحوث، قائلًا: "أطلقت مصر أول تصنيف عربي لمراكز البحوث بالشراكة مع السيفير، مما يتيح لمؤسساتنا البحثية موضعًا واضحًا في المشهد البحثي الإقليمي والدولي".

جدير بالذكر أنه من المقرر  أن يشارك الدكتور أيمن عاشور كذلك في فعاليات المؤتمر العام السابع والخمسين لاتحاد الجامعات العربية، والذي يُعقد في رحاب الجامعة الدولية للعلوم والتكنولوجيا بدولة الكويت يومي ٢٣ و٢٤ أبريل، تحت شعار: "التعليم العالي العربي في ظل التحول الرقمي وتعزيز التكامل الإقليمي".

وسوف يُلقى الوزير خلال المؤتمر كلمة افتتاحية حول "بنك المعرفة المصري – الدولي"، ويشارك في جلسة حوارية حول التوسع الإقليمي في تطبيقاته، بمشاركة ممثلي أكثر من ٢٥٠ جامعة عربية، وذلك في إطار دعم التكامل الأكاديمي العربي وتبادل الخبرات في مجالات التعليم والبحث العلمي.

مقالات مشابهة

  • جامعة إقليم سبأ بمأرب تختتم فعاليات المؤتمر العلمي الثاني للطلبة
  • وزير التعليم العالي يشارك في جلسة حوارية عن "بنك المعرفة المصري – الدولي" بالكويت
  • عاشور: يشيد بتجربة بنك المعرفة المصري في مؤتمر اتحاد الجامعات العربية
  • أيمن عاشور يُلقي الكلمة الختامية لقمة كيو إس للتعليم العالي بالكويت
  • وزير التعليم العالي يُلقي الكلمة الختامية لقمة كيو إس بالكويت
  • نائب رئيس جامعة عين شمس: تعزيز البحث العلمي والتكامل الأكاديمي على رأس الأولويات
  • رئيس جامعة بنها يستقبل لجنة من أكاديمية البحث العلمي
  • الحكومة تخصص مليار درهم لتشجيع البحث العلمي والميداوي يبشر بتحول في الجامعات بسبب الذكاء الإصطناعي
  • جامعة هارفارد تقاضي ترامب
  • مدير إدارة شؤون الجامعات يبحث مع رئيس جامعة بنغازي دعم البحث العلمي والعملية التعليمية