فورين بوليسي: لا تتوقعوا الكثير من قمة بايدن - شي
تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT
لفتت المحللة البارزة للاقتصادات الجغرافية في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أغاث دوماريه، إلى أن سحب الصين لدببة الباندا من الحدائق الأمريكية ما هو إلا مثل واحد على مدى تدهور العلاقات بين واشنطن وبكين، منذ أطلق دونالد ترامب حربه التجارية سنة 2018.
مجرد التحدث بين الجانبين هو النتيجة الرئيسية للاجتماع
وأضافت أنه ثمة في الأساس أمل ضئيل في أن يؤدي الاجتماع بين الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس الصيني شي جينبينغ، على هامش قمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ إلى تغيير ديناميات العلاقة.
بدأت الانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 تهيمن فعلاً على الأجندة السياسية للولايات المتحدة.. ربما تكون الحاجة المتصورة لتبني موقف صارم تجاه الصين هي الموضوع الوحيد الذي لا يزال يجتذب دعماً واسع النطاق من الحزبين.. لذلك، سيسعى بايدن إلى استغلال اجتماعه مع شي لإظهار العزم في محاولة لتسجيل نقاط انتخابية بين الديموقراطيين والجمهوريين على حد سواء.
Ahead of the Biden-Xi meeting, here is a preview of both sides’ perspectives, potential deliverables, and the meeting’s likely impact on future U.S.-China relations: https://t.co/ztFZvvQixi
— Foreign Policy (@ForeignPolicy) November 14, 2023لكن إرضاء طرفي الطيف السياسي الأمريكي لن يكون سهلاً.. من ناحية، تظهر بيانات استطلاعات الرأي الأخيرة أن 73 في المئة من الأمريكيين، يريدون أن تواصل حكومتهم حواراً دبلوماسياً رفيع المستوى مع الصين.. ومن ناحية أخرى، يضغط المشرّعون الجمهوريون على بايدن للذهاب إلى الاجتماع بقائمة مكونة من عشر رغبات متشددة، يعرفون أنها ستكون غير مقبولة لدى الجانب الصيني، ومن شأن هذه الخطوة أن تقتل الحوار الدبلوماسي الذي يرفضه الجمهوريون باعتباره "ذي فوائد ضئيلة" و"كلفة غير مقبولة".
بكين تركز على البصريات لجمهورها المحلييمر الاقتصاد الصيني بمرحلة صعبة.. ربما يكون الوضع أقل كآبة مما يود العديد من الصقور أن يتصوروا، لكن المزاج قاتم بين رجال الأعمال والمستهلكين الصينيين، وأثبت الانتعاش الاقتصادي في الصين في مرحلة ما بعد كوفيد-19 أنه مخيب للآمال، فأكثر من 20 في المئة من الشباب الصينيين عاطلون عن العمل، وأصبح سوق العقارات المثقل بالديون في حال يرثى لها.. كما تبدو أعباء ديون الحكومات المحلية مرتفعة إلى حد غير مستدام.. وما يزيد الطين بلة أن تباطؤ النمو العالمي يلقي بثقله على شركات التصنيع الصينية الموجهة نحو التصدير.
وسط هذه التوقعات الاقتصادية القاتمة، ستركز بكين على البصريات في الاجتماع، وسوف يرغب شي باستغلال الاجتماع ليُظهر للمواطنين الصينيين أن الجانب الأمريكي يحترم ويقدر وجهات نظر الصين، حتى لو كانت تختلف عن وجهات نظر واشنطن.. وسوف يشكل هذا أهمية خاصة في ما يتعلق بتايوان، ومن المحتمل أن يسعى شي للحصول على تطمينات بأن الولايات المتحدة لن تفضل أي مرشح مناهض للصين قبل الانتخابات الرئاسية في الجزيرة شهر يناير (كانون الثاني) 2024، ناهيكم عن دعم استقلال تايوان.
تلاقي الأهداف.. إبقاء قنوات الاتصال مفتوحةتفترض كل من واشنطن وبكين أنه ليس لديهما ما تكسبانه من تصعيد التوترات مع الجانب الآخر، إذ تضر هذه الخطوة بالاقتصاد الأمريكي، وهو الموضوع الأكثر أهمية بالنسبة إلى العديد من الناخبين الأمريكيين، وبالتالي هو محدد رئيسي لفرص إعادة انتخاب بايدن.. من وجهة نظر الصين، ستزيد التوترات ذعر الشركات المتعددة الجنسيات وتسرّع خططها لتحويل الإنتاج بعيداً عن الأراضي الصينية، ما يضر بالنمو الاقتصادي ويغذي البطالة.. بنتيجة ذلك، فإن كلا الجانبين حريص على استقرار العلاقة: تعترف بكين وواشنطن بأن الأمور لا تسير على ما يرام، ولكنهما لا تريدان لها أن تتفاقم.
Xi Jinping arrived in San Francisco to attend the APEC summit and talks with Biden. pic.twitter.com/kV4Kc1WEdc
— MARIA (@its_maria012) November 15, 2023بالتالي، تريد الولايات المتحدة والصين ضمان بقاء قنوات الاتصال مفتوحة السنة المقبلة في محاولة لتجنب سوء الفهم حول نواياهما.. و "لا مفاجآت" هو شعار مسار العمل المفضل. وعلى المستوى الفني، بذل الجانبان جهوداً حثيثة منذ يونيو (حزيران) لشرح مواقفهما (واتفقا على عدم الاتفاق حول العديد من القضايا، مثل الضوابط الأمريكية على صادرات التكنولوجيا وإعانات الدعم الصينية للشركات المملوكة للدولة والتي تشوه المنافسة)، ستشكل مثل هذه المحادثات التي تجري من وراء الكواليس العمود الفقري للتواصل بين الولايات المتحدة والصين سنة 2024، خصوصاً أنه من غير المرجح أن يلتقي بايدن مع شي خلال عام انتخابي.
لا إنجازات رئيسية في الأفق.. ولكنفي الوقت الحالي، الحوار المتبادل هو الهدف.. إن مجرد التحدث بين الجانبين هو النتيجة الرئيسية للاجتماع، مع عدم توقع الجانبين أي اختراقات، ومع ذلك، ثمة أربعة مجالات يجب مراقبتها حيث يمكن لواشنطن وبكين تحقيق بعض التقدم فيها:
1- الصادرات الصينية من مركّبات الفنتانيل: تقوم شركات صينية بشحن المواد الكيميائية المستخدمة لتصنيع الفنتانيل، وهو عقار اصطناعي أقوى بمئة مرة من المورفين، إلى عصابات المخدرات المكسيكية التي تقوم فيما بعد بتهريب المخدرات إلى الولايات المتحدة.. إذ أصبحت جرعة زائدة من الفنتانيل الآن السبب الرئيسي لوفاة الأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و45، وسيكون الاتفاق مع بكين لتضييق الخناق على مثل هذه الشحنات بمثابة فوز للحزبين الجمهوري والديموقراطي لواشنطن.
2- تطمينات أمريكية بأن نزع المخاطر لا يهدف إلى منع الصعود الاقتصادي للصين: بذل المسؤولون الأمريكيون جهوداً كبيرة في الأشهر الأخيرة لتغيير التصورات الصينية بأن خطط واشنطن للحد من المخاطر تهدف إلى كبح الصعود الاقتصادي للصين.. في الحقيقة، لدى بكين وجهة نظر حسب الكاتبة: من الصعب تصور أن تفرض الولايات المتحدة ضوابط على الصادرات من التكنولوجيا المتقدمة من دون أن يؤثر ذلك على النمو الصيني، إن الرسائل الواضحة من بايدن والتي تسلط الضوء على حق الصين في النمو ستنظر بكين إليها على أنها لفتة إيجابية.
3- بدء حوار حول الذكاء الاصطناعي: يمكن للجانبين أن يتعهدا بحظر استخدام الذكاء الاصطناعي في الأسلحة المستقلة، مثل الطائرات من دون طيار.. وسيكون مثل هذا الاتفاق رمزياً في الغالب، بالنظر إلى اهتمام الجانبين الطويل الأمد بتطوير أنظمة أسلحة تعمل بالذكاء الاصطناعي، مثل الروبوتات القاتلة لتحل محل أو تكمّل المشاة البشرية.. مع ذلك، حتى تعهد زائف بشأن الذكاء الاصطناعي سيتمتع ببعض القيمة، لأنه يمكن أن يمهد الطريق لمزيد من التعاون بين الجانبين بشأن تنظيم التكنولوجيا.
4- الحفاظ على الوضع الراهن في تايوان: أشار كبير المستشارين العسكريين لبايدن إلى رغبة الولايات المتحدة في إعادة تأسيس قنوات الاتصال العسكرية التي أغلقتها الصين بعد زيارة رئيسة مجلس النواب آنذاك نانسي بيلوسي إلى تايوان في أغسطس (آب) 2022، وقد تظل مثل هذه الخطة مفرطة الطموح في هذه المرحلة، لكن الاجتماع سيمثل فرصة للولايات المتحدة لتأكيد عزمها على الدفاع عن الجزيرة وسط تصاعد الحديث عن الحرب في بكين.. ومن المرجح أن يتم إيصال هذه الرسالة بهدوء، بالنظر إلى مناشدات تايبيه الخاصة لواشنطن، كي تخفف حدة الخطاب حول غزو صيني محتمل.
في الختام، أكدت دوماريه مجدداً أن اجتماع بايدن - شي المقبل لن يغير اتجاه العلاقات الأمريكية الصينية، ولن يرفع الجانب الأمريكي القيود المفروضة على صادرات التكنولوجيا المتقدمة إلى الصين، ولن يختفي خطاب بكين المناهض للغرب في أي وقت قريب.. وبالنسبة إلى كلا الجانبين، إن النتيجة المفضلة للاجتماع هي أنه لن يكون هناك ما يستحق الكتابة عنه، إن الواقع البسيط المتمثل في أن رئيسي أكبر اقتصادين في العالم يتحدثان مع بعضهما البعض مرة أخرى، على الرغم من التوترات الشديدة، هو في حد ذاته النتيجة الرئيسية للاجتماع.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الصين أمريكا الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
بايدن يشيد باتفاقية كوب 29 للمناخ والمجموعة الأفريقية تنتقدها
أشاد الرئيس الأميركي جو بايدن أمس السبت باتفاق كوب 29 باعتباره "خطوة مهمة" في مكافحة الاحترار المناخي، في وقت انتقدت فيه المجموعة الأفريقية الالتزام المالي في هذا الاتفاق ووصفته بـ"الضعيف جدا والمتأخر جدا".
واتفقت دول العالم اليوم الأحد في قمة مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالمناخ (كوب 29) في باكو عاصمة أذربيجان، على هدف تمويل سنوي بقيمة 300 مليار دولار لمساعدة الدول الأكثر فقرا على مواجهة آثار تغير المناخ.
ويهدف الاتفاق، الذي جاء بعد أسبوعين من المفاوضات الشاقة، إلى توفير قوة دافعة للجهود الدولية الرامية إلى الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري في عام من المتوقع أن يكون الأكثر حرارة على الإطلاق.
وقد أشاد الرئيس الأميركي بالاتفاق باعتباره "خطوة مهمة" في مكافحة الاحترار المناخي، متعهدا بأن تواصل بلاده عملها رغم موقف خلفه دونالد ترامب المشكك بتغيّر المناخ.
وقال بايدن "قد يسعى البعض إلى إنكار ثورة الطاقة النظيفة الجارية في أميركا وحول العالم أو إلى تأخيرها" لكنّ "لا أحد يستطيع أن يعكس" هذا المسار.
وأشاد أيضا المفوض المسؤول عن مفاوضات المناخ فوبكه هوكسترا بـ"بداية حقبة جديدة" للتمويل المناخي. وقال "عملنا بجدّ معكم جميعا لضمان توفير مزيد من الأموال على الطاولة. نحن نضاعف هدف الـ100 مليار دولار 3 مرات، ونعتقد أن هذا الهدف طموح. وإنه ضروري وواقعي وقابل للتحقيق".
كما أشاد سيمون ستيل، الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، بالنتيجة باعتبارها بوليصة تأمين للإنسانية رغم المفاوضات الشاقة. وقال "كانت رحلة صعبة، لكننا توصلنا إلى اتفاق. وسوف يعمل هذا الاتفاق على استمرار نمو طفرة الطاقة النظيفة وحماية مليارات الأرواح".
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قال إن الاتفاق يشكل أساسا يمكن البناء عليه (الأناضول) أساس للبناء عليهمن ناحيته اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن الاتفاق يشكل "أساسا" يمكن البناء عليه. وقال في بيان "كنت آمل في التوصل إلى نتيجة أكثر طموحا.. من أجل مواجهة التحدي الكبير الذي نواجهه"، داعيا "الحكومات إلى اعتبار هذا الاتفاق أساسا لمواصلة البناء" عليه.
ورحب وزير الطاقة البريطاني إد ميليباند بدوره بالاتفاق واصفا إياه بأنه "اتفاق حاسم في اللحظة الأخيرة من أجل المناخ"، وقال "ليس هذا كل ما أردناه نحن أو الآخرون، لكنها خطوة إلى الأمام لنا جميعا".
أما وزيرة الانتقال البيئي الفرنسية أنييس بانييه روناشيه، فقد أعربت عن أسفها لأن الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأحد في أذربيجان "مخيب للآمال" و"ليس على مستوى التحديات".
الدول النامية تنتقدفي المقابل، أثار الاتفاق حالة من الإحباط لدى الدول النامية المستفيدة من الاتفاق، ووصفته بأنه غير كاف على الإطلاق.
فقد أعرب رئيس مفاوضي المجموعة الأفريقية علي محمد عن أسفه على الالتزام المالي "الضعيف جدا والمتأخر جدا" في هذا الاتفاق، وقال إن "الالتزام بحشد مزيد من التمويل بحلول عام 2035 ضعيف جدا ومتأخر جدا وغامض جدا لناحية تنفيذه".
وأضاف "نغادر باكو ونحن نعلم أننا أحرزنا تقدما في بعض المجالات، ولكن ما حققناه بعيد عما كنا نأمله".
كما قال إيفانز نجيوا من ملاوي -الذي يرأس مجموعات البلدان الأقل نموا الأحد- إن الاتفاق بشأن تمويل المناخ في باكو (كوب 29) "ليس طموحا بما فيه الكفاية". وأضاف في الجلسة العامة "هذا الهدف ليس ما كنا نأمله بعد سنوات من المناقشات".
وقالت ممثلة الوفد الهندي شاندني راينا في الجلسة الختامية للقمة بعد دقائق من التوقيع على الاتفاق "يؤسفني أن أقول إن هذه الوثيقة ليست أكثر من مجرد خداع بصري. وفي رأينا لن تعالج ضخامة التحدي الذي نواجهه جميعا".