اتجاه الرحلات الخالية من الهواتف الذكية يحظى بإقبال كبير.. ما السبب؟
تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- هل ستبقى على قيد الحياة إذا ذهبت بإجازة من دون هاتفك المحمول، وقاومت رغبتك بالاطلاع على رسائل بريدك الإلكتروني، أو إجراء مكالمة، أو نشر تغريدة، أو الاعتماد على قوة الإنترنت للتجول في بلد أجنبي؟
وقد يكون الأمر بالنسبة لكثيرين أشبه بالجحيم. لكن بالنسبة لإحدى شركات السفر في الولايات المتحدة، "FTLO Travel" التي أطلقت مشروعًا يستهدف المسافرين المنفردين من جيل الألفية، فإن الجدول يتضمن رحلات خالية من الهاتف في فبراير/ شباط 2024.
وقالت تارا كابيل، المؤسسة والرئيسة التنفيذية لشركة "FTLO Travel": "نأمل أن يتقبل الناس التحدي المتمثّل بالسفر من دون هاتف، وأن تؤدي الرحلة من دون جهاز إلى تجارب أكثر ثراءً وتواصل أعمق".
وتابعت: "في العصر الرقمي اليوم، بتنا نعتمد بشكل متزايد على هواتفنا الذكية، ما أثر سلبًا على صحتنا العقلية وقدرتنا على التفاعل مع محيطنا. ومن خلال إزالة هذا الإلهاء، يمكن للمسافرين التفاعل بشكل كامل مع الوجهة التي يزورونها، وأن يكونوا أكثر حضوراً".
وجهات خالية من الرقمية تشهد إجازات التخلص من السموم الرقمية إقبالًا في الآونة الأخيرة.Credit: wanderluster/iStock Unreleased/Getty Imagesفي عصر أصبحت الشاشات الصغيرة فيه تشكّل مصدر إلهاء، باتت عمليات الهروب الرقمية جذابة بشكل متزايد.
وفي وقت سابق من هذا العام، أعلنت أولكو تاميو بفنلندا أنها أول جزيرة سياحية خالية من الهواتف في العالم، وحثت الزوار على الانغماس بالطبيعة المحيطة.
وتُعتبر العديد من الفنادق أو أماكن الإقامة الأخرى، مثل فندق "رانشو لا بويرتا" الراقي في المكسيك، بأنها وجهات للتخلص من السموم الرقمية، حيث ينصبّ التركيز على الاسترخاء غير المرتبط بالهواتف وأجهزة الكمبيوتر.
تبدأ رحلات "FTLO Travel" الخالية من الهاتف للمجموعات التي تتكونّ من 14 شخصًا بسعر 1,999 دولارًا، وستُنظم في إيطاليا (روما وفلورنسا)، وكوبا (هافانا) والبرتغال، والمكسيك، وكوستاريكا، وأيسلندا. أما الرحلات الأطول التي تستغرق سبعة أيام فتبلغ كلفتها 3200 دولار.
وقالت كابيل إن ترك الهواتف الذكية هو القاعدة الأساسية. ويُنصح المشاركين الذين يحضرونها معهم في الرحلة بتركها في أمتعتهم أو حفظها بخزانة الفندق.
ويُحتمل أن يُطلب ممّن يستسلمون للإغراءات الرقمية مغادرة المجموعة، إذا كان لفعلهم أي تأثير على تجارب زملائهم المسافرين.
يتم تشجيع الضيوف على إحضار الكاميرات الرقمية لتوثيق ذكرياتهم.
خلال رحلتهم الخالية من الهاتف، سيحصل المشاركون على مسارات وخرائط مطبوعة، مع تفاصيل خاصة بأي تغييرات طرأت في اللحظة الأخيرة تُنشر في الردهة. ويحمل مشرف الرحلة جهازًا محمولًا للخدمات اللوجستية، ولإتاحته للمشاركين في حالات الطوارئ.
وفقاً لما قالته ميس خورشيد، عالمة نفسية مقيمة في ولاية كاليفورنيا الأمريكية ومتخصصة بذروة الأداء والسعادة والعلاقات، فإن فوائد السفر من دون استخدام الهاتف المحمول لا حصر لها.
وأوضحت لـCNN أنّ "غياب أصوات رنين الهاتف يقلّل من عناصر التشتيت، ويسمح بمزيد من الاهتمام في البيئة المحيطة".
وتابعت"نحن نميل أكثر إلى العفوية التي يمكن أن تشمل محادثات عشوائية مع الغرباء، ولقاءات الصدفة، والمفاجآت غير المتوقعة".
"إعادة تشغيل التحكم الذاتي" Credit: Anna_Om/iStockphoto/Getty Imagesولفتت إلى أن وقف تشغيل الهواتف يؤثر على العقل، "لأن العقل يمكن أن يعمل في كثير من الأحيان على التحكم الذاتي، ويكون أكثر حضورا، واستخدام أمور أخرى مثل الخرائط الورقية يسمح للدماغ بأن يصبح قيد التشغيل".
وأوضحت خورشيد، أن عدم امتلاك هاتف قد يسمح لك بالاسترخاء لأن الآخرين لا يستطيعون الوصول إليك بشكل مباشر، مشيرة إلى أن هذا الأمر "قد يساعدك على الاستفادة من تجربتك من دون الحاجة إلى الشعور بالمسؤولية تجاه شخص ما أو أي أمر آخر".
قامت كيم بارون، مديرة التحليلات الرقمية البالغة من العمر 40 عامًا من مدينة كليفلاند الأمريكية، بست رحلات مع "FTLO Travel" حتى الآن، ورغم أنها لم تختبر بعد رحلة من دون هاتف، إلا أنها تقول إنها ستحجز رحلة إلى أيسلندا وهافانا. .
وقالت: "من المهم جدًا أن تكون حاضرًا حقًا أثناء السفر وأن تتأكد من أنك تستمتع بتجربة الطعام، والثقافة، والمناظر الطبيعية، والناس".
الضياع! كوبا مدرجة على قائمة الوجهات التي تنظمها شركة FTLO Travel الخالية من الهواتف الذكية. Credit: julianpetersphotography/iStock Editorial/Getty Imagesورغم أن الفكرة قد لا تروق للجميع، إلا أن الهدف يتمثل بالعودة إلى ما قبل العصر الرقمي لأولئك الذين يعرفون كيف كان الأمر عليه، بحسب ما ذكرته كابيل.
وتابعت أن المسافر المثالي هو الشخص الذي يريد التغلب على التحديات وإعادة اكتشاف تقنيات السفر التقليدية.
وأوضحت أن "السفر معقد من دون هاتف، ومعرفة مكان الحصول على المعلومات، وكيفية الوصول من النقطة A إلى النقطة B عن طريق سؤال الأشخاص عن الاتجاهات. هذا الأمر يخرجك من منطقة الراحة الخاصة بك. إذا كنت تعتمد على الهواتف المحمولة، فإنك تتعامل مع الهاتف. يجب عليك الابتعاد عنه للاستكشاف".
وأكدّت كابيل أنها ذهبت برحلة إلى براغ من دون استخدام الهاتف، مع فريقها لمدة ثلاثة أيام، واصفة التجربة بالمذهلة والجذابة.
أمريكاتجاربرحلاتمغامراتهواتف ذكيةنشر الأربعاء، 15 نوفمبر / تشرين الثاني 2023تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتكوبونز CNN بالعربيةCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2023 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: تجارب رحلات مغامرات هواتف ذكية الخالیة من
إقرأ أيضاً:
أدب الرحلات: فهم أعمق للشعوب
أدب الرحلات، ذلك الفن الذي يفتح للقارئ آفاقاً جديدة، تحمله بعيداً عن حدود عالمه المألوف إلى مجاهل لم تطأها قدماه، ويعرض عليه صوراً لم يسبق لخياله أن رسمها. إنه فنٌ يأخذ بيد قارئه، يسير به بين أودية الحضارات وشعاب العادات والتقاليد، لينثر بين يديه حكايات الشعوب وذكريات المسافرين، ويجعله كأنه يعايش تلك العوالم بأبصار قلبه لا بأعينه.
ولقد كان الرحالة، منذ أقدم العصور، يغامرون بأنفسهم ويتحدّون المجهول، يسجلون في دفاترهم ما تبصره أعينهم وما تهمس به لهم أرواح تلك الأماكن. لم تكن تلك الرحلات مجرد سردٍ لوصف مشاهد أو رصد مناظر، بل كانت مرآةً تنعكس فيها حياة شعوبٍ وحكايات أممٍ، يسردها الرحالة بأسلوب المحبّ المتأمل. وكأن كل رحلة كانت جسراً يصل بين قلوب البشر في مختلف أرجاء الأرض، ينقل إليهم عبق تلك الشعوب ونبض أرواحهم، فيشعر القارئ كأنه يجول بين الناس، يتأمل طقوسهم، ويعيش لحظاتهم.
ولا نستطيع ذكر أدب الرحلات دون الوقوف إجلالاً أمام أسماء سطرت تاريخاً خالداً، من بينهم ابن بطوطة، الذي قطع الصحارى والمحيطات، ودوّن رحلته بأسلوب يأخذ بمجامع القلوب، فغدا كتابه زاداً للعشاق والأدباء، أو ماركو بولو الذي شقّ طريقه من الغرب إلى الشرق، وجاء بحكايات لم يسمعها الغرب من قبل، فكانت رحلاته جسراً ثقافياً بين الشرق والغرب، وقصةً تختزن في طياتها مغامرات لا تُنسى.
وفي القرنين التاسع عشر والعشرين، اتجه العديد من الرحالة الغربيين نحو العالم العربي والإسلامي، سعياً للمعرفة واكتشاف الحقيقة وراء الرمال والجبال. فكان منهم محمد أسد، الذي آثر الدخول إلى روح هذا العالم، فاعتنق الإسلام وصار جزءاً من نسيج الثقافة العربية الإسلامية، لم يكن يكتفي بالمراقبة، بل عاش التجربة بعمق، وحاول أن يفهم أسرار تلك القيم الروحية والأخلاقية التي تحكم حياة العرب والمسلمين. وكانت كتاباته نافذةً أطلّ منها القارئ الغربي على عوالم منسية، وتجلت من خلالها أصالة العرب وصفاء روحهم.
وكذلك كان تشارلز داوتي، الذي ترك حياة الرفاه ليعيش بين القبائل العربية في عمق الصحراء، يتعلم لغتهم ويشاركهم حياتهم، وينقل للغرب صورةً ناصعةً عن كرم البدو وعزتهم، حتى أضحى كأنه واحد منهم، يسرد عنهم بعين الحب وصدق الصديق. ثم كانت الليدي آن بلنت، التي أخذها شغفها بالشرق إلى قلب الجزيرة العربية، لم يكن اهتمامها بالصحراء محض مغامرة، بل كانت تبحث عن سر جمال هذا المكان وجلاله، وعن الخيول العربية التي تراها رمزاً لأصالة العرب وشرفهم. لم تكتفِ بوصف الطبيعة والناس، بل أضافت بُعداً إنسانياً وروحياً جعل القارئ يشعر بدفء الحياة العربية ونبض الصحراء.
لقد أضاف هؤلاء الرحالة بكتاباتهم بُعداً ثقافياً يُغني عقول القراء ويفتح لهم أبواباً لفهم الحضارات الأخرى بعمق وإدراك. لم يقتصر دورهم على وصف المناظر الطبيعية فحسب، بل نفذوا إلى أعماق الحياة الاجتماعية، ففسّروا عادات الشعوب وتقاليدهم، وبثوا في كتاباتهم روحاً إنسانيةً تجعل القارئ يشعر وكأنه يعايش تلك التجارب، ويتحسس بروحه جمال تلك الشعوب وسحر ثقافاتهم.
وهكذا يبقى أدب الرحلات فناً خالداً، يحمل في ثناياه عبق الحضارات وحكايات الأمم، يُقرب بين البشر، ويذكرهم بأنهم، على اختلاف ثقافاتهم، يتشاركون ذات الرغبة في المغامرة والاكتشاف، وأن العالم بأسره ما هو إلا بيت كبير، يجمع الناس تحت سقفه ليعرفوا بعضهم، ويؤنسوا وحدتهم، ويكتشفوا أسرار أنفسهم من خلال الآخر مصداقاً لقوله تعالى: "وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا".