قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء إن من وصايا سيدنا النبي ﷺ أن نكون كالجسد الواحد ؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، ويجب علينا أن نقوم بواجبنا الاجتماعي في وطنا وناسنا وأهلنا، ويجب علينا أن نأمر بالمعروف، وأن ننهى عن المنكر، وأن نؤمن بالله، حتى نكون من العباد الربانيين في محل نظر الله سبحانه وتعالى.

 

وترك لنا سيدنا رسول الله ﷺ حديثًا أسماه العلماء بـ"حديث السفينة"، قال سيدنا رسول الله ﷺ: « مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا ، فَكَانَ الَّذِينَ فِى أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ فَقَالُوا لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِى نَصِيبِنَا خَرْقًا ، وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا . فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا ، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا » . صدق سيدنا رسول الله ﷺ ففي عنق كل واحدٍ منا مسئولية اجتماعية ننكر فيها المنكر، ولا نسكت عن الحق، نأمر فيها بالمعروف، نؤمن فيها بالله، نتغيّا فيها الخير لنا ولغيرنا.

وضرب سيدنا رسول الله ﷺ هذا المثال وفيه ثلاث طوائف : الطائفة الأولى: تفعل المنكر، قد يكون عن حسن قصد، وقد يكون عن جهالة، وقد يكون عن سوء قصدٍ وغلٍ وحقد، ولكن سيدنا رسول الله ﷺ ضرب لنا المثل عن أولئك الذين يكونون عن حسن قصد، وبالرغم من ذلك لو تركناهم لهلكوا ولأهلكوا مع حسن قصدهم، وأنهم لا يريدون أن يؤذوا إخوانهم، ولكن ذلك بحمقٍ، وليس بحكمة.

الطائفة الثانية: تسكت عن الحق، لا تنكر منكرًا ولا تأمر بمعروف، وهي في حال السكوت، وهي طائفةٌ تُفهم من الحديث.

وطائفةٌ ثالثة: تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وتأخذ على يد الظالم، وعلى يد المنحرف، وعلى يد الأحمق.

الناجي من الفرق الثلاث هي الفرقة التي تقوم بواجبها من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أما الفرقة التي فعلت الشر، وهذه التي سكتت عن الشر فكلاهما ظالم.

إذن هذه السفينة استهم عليها أقوام؛ ولذلك نرى الإمام البخاري يخرجها في صحيحه في كتاب «الشركة»؛ لأن القوم يشتركون في السفينة، «واستهموا فأصاب بعضهم أعلاها» في الهواء الطلق «وبعضهم أسفلها؛ فقال الذين في أسفلها: لو أنّا نخرق خرقًا في نصيبنا» هذا صحيح نصيبهم من السفينة، كانوا يخرجون يستقون فيؤذون أصحابهم بشيءٍ من رشاش الماء، ومن رقة قلوبهم وحسن نياتهم أرادوا ألا يؤذوا إخوانهم في العلو من هذا الماء، ومن مضايقتهم، نيةٌ حسنة وقلبٌ سليم وفعلٌ أحمق؛ ولذلك ليس كل من يرتكب الخطأ لابد أن يكون سيء النية، قد يكون حسن النية، لكنه يفعل الشيء الذي يكر عليه وعلى جماعة من حوله ومواطنيه بالسوء وبالبطلان، «فلو أنهم أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا» فهؤلاء الحمقى سينجون إذا أخذوا على أيديهم ؛ ولذلك هنا يُقر النظام، ويجعلنا كما قال في الصلاة: «لينوا في أيدي إخوانكم»، ويجعلنا جميعًا على قلب رجلٍ واحد، ويجعلنا جميعًا نتوخى الخير لكل الناس، ويجعلنا جميعًا في قاربٍ واحد؛ ولذلك لابد من وضوح الهدف، ومن الأمر بالمعروف، ومن النهي عن المنكر، وأن يحب بعضنا بعضا؛ فإن الكراهية من أمراض القلوب، وإن الحب من طاعات هذه القلوب.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: سیدنا رسول الله ﷺ عن المنکر

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: كل الطرق تُوصل إلى الله عندما تكون مقيدة بالكتاب والسنة

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ان كُلُّ الطرق تُوَصِّلُ إلى الله عندما تكون مقيدة بالكتاب والسُنَّة، فإن انحرفت فبقدر انحرافها عن الكتاب والسُنَّة تنحرف عن الوصولِ إلى الله.

واضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، انه لذلك يقول الْجُنِيد رحمه الله: طريقُنَا هذا مُقَيَّدٌ بالكتاب والسنة.فما الفرق بين عُبَّاد المسلمين وعباد الهندوك، فالكل يقوم بعبادة؟! الفرق هو الكتاب والسُنَّة.

فلو أردت أن تعبُدَ الله على هواك فهى نزعة إبليسية، كما قال إبليس -لعنه الله- سوف أسجد لك أنت فقط - مخاطبا المولى عز وجل - ولا أسجد لآدم.

يروى فى الأثر أن إبليس جاء موسى عليه السلام فقال له: يا موسى أنا أريد أن أتوب فهل لك أن تسأل الله أن يتوب علىّ؟ وهو كذاب، لكن سيدنا موسى لأنه نبى من أولى العزم قام بدعاء ربنا وقال له: يا رب إن إبليس مخلوق وهو يريد أن يتوب، فجاء رد المولى أن قبر آدم فى مكان كذا فليسجد إليه، فقال سيدنا موسى لإبليس اذهب للسجود فى مكان كذا - لقبر آدم - وسوف يتوب الله عليك. فجاء رد إبليس مستنكراً رافضاً: إذا كنت لم أسجد له حيّاً أفأسجد له ميتاً ! هذا هو إبليس.

إذن فالأمر ليس تلبيس الطُّرُق عليك وإنما الهوى؛ فإبليس عنده هوى فاتخذ إلهه هواه، فالقضية ليست كثرة الطرق الموصلة إلى الله .. إنها رحمة، ولكن القضية هى قضية هواك.

فاحذر من اتباع هواك إلا أن يكون تبعاً لما جاء به المصطفى صلى الله عليه وآله سلم كما ورد فى الحديث (لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُم حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ) أى تتحول إلى عبداً نبوياً محمدياً .. تحب ما أحب، وتكره ما يكره. وهذا عندما تخلط السنة بعظمك وعصبك.

مقالات مشابهة

  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • تعرف على ورثة الأنبياء
  • عاجل - دعاء المطر للشيخ الشعراوي
  • كيف نفعل الخير ويقبله الله؟.. علي جمعة يجيب
  • حكم الإقامة للصلاة بصيغة الأذان.. دار الإفتاء تجيب
  • حكم إطلاق أسماء بعض الأشخاص على المساجد
  • كيفية رد الدين إذا كان ذهبا .. دار الإفتاء توضح
  • علي جمعة: الفتن سببها العبد عن مراد الله في التلاعب بالألفاظ
  • علي جمعة: كل الطرق تُوصل إلى الله عندما تكون مقيدة بالكتاب والسنة
  • الشيخ ياسر السيد مدين يكتب: الشهادتان